28 تموز 2025 | 07:55

أخبار لبنان

فلا تدركنا التجارب!

مازن_عبّود

تعتبر Hannah Arendt (من أبرز مفكري القرن العشرين) بانّه "من دون عالم مشترك... لا إمكانية للموضوعية، وبالتالي لا إمكانية جدية للإنسانية" (1958). "فتفكك القيم التقليدية وانهيار المعايير المشتركة، وفقدان الشعور بالانتماء، تمهّد الطريق لظهور الأنظمة الشمولية". فحين "تتفكك الروابط الاجتماعية وتفقد المجتمعات الإطار المرجعي القيمي، يصبح الأفراد أكثر عرضة للإيديولوجيات المتطرفة." الازمة انّ فضاء الثقة والقيم المشتركة والحوار ينهار. الأيدولوجيات المتطرفة وتداعي القيم تضعفا قدرتنا على الحكم الأخلاقي. شعب غزة يباد جوعا ونارا جراء اعتداءات حماس على مدنيين إسرائيليين. والنتيجة إبادة الشعب وبقاء حماس فكرا.

ضاعت شرعة الحق الإنساني، وتزايدت الأنظمة الاستبدادية.

ما عاد أحد يستحي من ارتكاب الفظائع!

التعاون الدولي القائم حاليا على المصالح حصرا ينتج هشاشة ترخي بظلالها على اوضاعنا. مسكين من ليس له شيء لتقديمه، فسيباد ان اقتضى الامر دون ان تتكبد أي دولة مشقة التدخل او الاستنكار. عقيدة الرئيس ترامب ترتكز على دبلوماسية الصفقات، وعلى استعمال الاكراه والتدخلات التكتيكية العسكرية لفرض الشروط على طاولة المفاوضات.

أمست الصفقات تبرم والرشاوى تحصل والمجازر ترتكب بشفافية تامة وبدون ارتدادات او محاسبة. امين عام الأمم المتحدة نسي اسمه، وادواره تداعت بغض النظر عن قدراته وكفاءته. سوريا امست ارض صراع بين القوتين النوويتين في المنطقة تركيا وإسرائيل. إسرائيل تدفع الى فدرلتها لعدم تحولها قاعدة تركية. وتركيا تحرص على وحدتها مخافة نشوء دولة كردية في الشمال. الأكيد بانها ستكون إسلامية وليس مدنية، لكن بأي نسخة من الإسلام؟ النتيجة إبادة الأقليات. الأرثوذكس يواجهون محنتهم بمسلسل خطابات "فشات خلق". والدروز ينخرطون في الحرب.

بالانتظار، لبنان مرتعب وبرّاك يقدم الغموض طبقا. الكل خائف. والحزب يرفض تسليم السلاح. ما يطمئن وجود لبنانيين نافذين في الإدارة الامريكية الحالية.

محكومون بالتعاطي مع واقعنا الجيوسياسي بواقعية. ملزمون بالحكمة والحياد. سائر المشرق يزول بعد ان زالت انطاكية بعيد الحرب العالمية الأولى، فمن يفتش عنه؟

لم يبقى لنا الا صيانة لبنان كمقلع أخير، فلا تدركنا التجارب في غياب الإطار المرجعي القيمي. المطلوب ان لا نصير عرضة لدبلوماسية الاكراه والصفقات.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

28 تموز 2025 07:55