9 تموز 2025 | 17:38

أخبار لبنان

عون يعود الى بيروت بعد زيارة رسمية الى قبرص تعزيزاً للروابط بين البلدين

 عاد رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون في الرابعة من بعد ظهر اليوم الى بيروت آتيا من لارنكا، على متن طوافة عسكرية للجيش، يرافقه وزير الخارجية والمغتربين يوسف رجي والوفد المرافق، بعد أن اختتم زيارته الرسمية الى قبرص التي أتت تلبية لدعوة من نظيره القبرصي نيكوس خريسودوليدس، والتي أكدت على ترسيخ العلاقات القائمة بين البلدين وتعزيزها على الصعد كافة، وشملت محادثات تناولت كيفية مواجهات التحديات والمشاكل التي تعترض المنطقة ككل.

وكان الرئيس عون قد اكد ان لبنان يتطلع "الى قبرص كونها البلد الذي لطالما كان الداعم له وسيبقى". وقال: تحوّلنا معاً مستقراً لكل من يسعى إلى السلام والحرية، "وهذا هو أكثر ما يجمعنا اليوم وأعمقُ ما نريده لبلدينا وشعبينا ومنطقتنا والعالم. السلام العادل، عبر الحوار، لتبادل كل الحقوق، والحرية المسؤولة، الحاضنة لكل ازدهار وإبداع، وتطور لحياة البشر وخيرهم".

فيما اكد الرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس أن رخاء لبنان وإستقراره هما ذات أهمية إستراتيجية بالنسبة لقبرص والإتحاد الأوروبي. وحيا الجهود التي يقوم بها الرئيس عون للتنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن الدولي 1701، وأيضا إتفاق وقف الاعمال العدائية بتاريخ 27 تشرين الثاني 2024.

وشدد الرئيس القبرصي على ان لبنان الذي يتمتع بالإستقرار والسلام والقوة، من الممكن ان يقود منطقة شرق المتوسط كي تكون اقوى واكثر سلاما. وكشف ان الدعم المادي الذي اقرته المفوضية الأوروبية للبنان، بقيمة مليار يورو، بات اليوم في المرحلة الأخيرة لإتاحته، من أجل دعم قطاعات عدة فيه.

مواقف الرئيسين عون وخريستودوليدس جاءت خلال مؤتمر صحافي مشترك اعقب لقاء القمة بينهما في قبرص قبل ظهر اليوم التي وصلها رئيس الجمهورية تلبية لدعوة رسمية من نظيره القبرصي، والتي تلتها محادثات موسعة.

وقائع المحادثات: وكان الرئيس عون انتقل الى القصر الرئاسي القبرصي من لارنكا التي وصلها على متن طوافة عسكرية للجيش اللبناني، يرافقه وزير الخارجية والمغتربين يوسف رجي وعدد من المستشارين، وكان في استقباله في المطار وزير الدفاع القبرصي Vasilis PALMAS الذي رحب به بإسم الرئيس القبرصي، وسفيرة لبنان في قبرص كلود الحجل، والقنصل زياد كوسا، ومدير المراسم في قبرص وعدد من الدبلوماسيين.

وفور وصوله الى القصر الرئاسي في نيقوسيا، كان في استقباله الرئيس خريستودوليدس، وأقيمت له مراسم التشريفات الرسمية، وعرض الرئيسان ثلة من حرس الشرف، وعُزف النشيدان اللبناني والقبرصي، ووضع الرئيس عون إكليلا من الزهر امام تمثال مكاريوس الثالث رئيس أساقفة الكنيسة القبرصية الأرثوذكسية وأول رئيس لجمهورية قبرص. ثم صافح الرئيس اللبناني أعضاء الوفد القبرصي، ليصافح بعد ذلك الرئيس القبرصي أعضاء الوفد اللبناني، قبل ان يتوجها الى مدخل القصر لالتقاط الصور التذكارية.

ثم انتقل الرئيسان عون وخريستودوليدس الى مكتب الرئيس القبرصي حيث عقدا لقاء ثنائياً، رحب في مستهله الرئيس خريستودوليدس بالرئيس عون، مثمناً المحادثات التي عقدها معه خلال زيارته الى بيروت في اعقاب انتخابه رئيسا للجمهورية اللبنانية، وفي لقائهما في باريس.

واعرب عن حرصه على تعزيز التعاون المشترك بين البلدين في مجال الدفاع، والامن، والطاقة، والتجارة والسياحة.

وإذ لفت الى ان قبرص ستترأس مجلس الاتحاد الأوروبي في النصف الثاني من العام 2026، فإنه اوضح انها ستعمل ما في وسعها من اجل تأكيد أهمية لبنان والمنطقة بالنسبة للاتحاد الأوروبي، مشيرا في هذا السياق، الى الاجتماع المزمع عقده العام المقبل بين قادة الاتحاد ودول المنطقة. وأعاد التأكيد على موقف بلاده لجهة احترام سيادة لبنان ووحدة اراضيه.

ورد الرئيس عون معبّراً عن تقديره العميق لحفاوة الاستقبال، لافتاً الى ان اللبنانيين تطلعوا الى قبرص لا كبلدهم الثاني بل كبلدهم الاخر، لا سيما وان البلدين لا تفصلهما الا الجغرافيا ولهما مصالح مشتركة في ظل مواجهتهما العديد من التحديات، مثمناً وقوف قبرص الدائم الى جانب لبنان الذي يتطلع اليها كونها البلد الذي لطالما كان الداعم له وسيبقى.

وبعد اللقاء الثنائي، انتقل الرئيسان اللبناني والقبرصي الى قاعة المناسبات حيث عقدت محادثات موسعة حضرها عن الجانب اللبناني الوزير رجي، والسفيرة الحجل، ومستشارا الرئيس العميد اندريه رحال وجان عزيز.

اما عن الجانب القبرصي فحضر المحادثات وزير الدفاع Vasilis Palmas والمتحدث باسم الحكومة Konstantinos Letymbiotis، ومستشار الامن القومي Tasos Tzionis، ومدير المكتب الديبلوماسي في مكتب الرئيس Doros Venezis.

مؤتمر صحافي مشترك: وبعد المحادثات الموسعة، عقد الرئيسان عون وخريستودوليدس مؤتمرا صحافيا استهله الرئيس القبرصي بكلمة رحب فيها بالرئيس عون والوفد المرافق، منوها بالعلاقات بين قبرص ولبنان وما يربطهما من جذور تاريخية، مشددا على "ان البحث تناول كيفية تعزيز التعاون في مجالات التجارة، والسياحة، والدفاع، والامن والطاقة، وغيرها. وتحدثنا عن التطورات في المنطقة التي تؤثِّر بشكل مباشر على بلادنا، وعن مواقفنا تجاه القضايا التي ترتبط بالمنطقة."

وتابع: "تحدثنا أيضا عن العلاقات بين الاتحاد الأوروبي ولبنان، واستطيع القول بكل تأكيد ان قبرص قولا وفعلا لاعب متحمس لتوطيدها. وعلاقاتنا حتما تتأثر بالتحديات المشتركة التي علينا ان نواجهها في منطقتنا، حيث تختار قبرص بكل إدراك الوقوف الى جانب لبنان، لأنه جزء لا يتجزأ من منطقة شرق البحر المتوسط، كما وأن رخاء لبنان وإستقراره هما ذات أهمية إستراتيجية بالنسبة اليها. وهذه هي الرسالة التي نرسلها الى بروكسل. وطبعا إٍستقرار لبنان ليس لمصلحة قبرص فقط لكن أيضا لمصلحة الإتحاد الأوروبي."

أضاف: "عندما زرت بيروت بتاريخ العاشر من كانون الثاني 2025، أي بعد يوم من توليكم منصب الرئاسة، اردت التأكيد على ان قبرص ما زالت الصديق الثابت للبنان، واكثر صديق يتميز بالمصداقية، وانكم تستطيعون ان تجدوا كل الدعم منها. وبعد التحديات التي مر بها لبنان، من أحداث العام 2020، والوضع بعد تشرين الأول 2023 ، أؤكد لكم ان موقفنا واضح، وهو اننا ندعم إٍستقلال لبنان وسيادته ووحدة أراضيه. كما أننا نحيي وندعم جهودكم التي تقومون بها شخصيا للتنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن الدولي 1701، وأيضا إتفاق وقف الاعمال العدائية بتاريخ 27 تشرين الثاني 2024."

وقال الرئيس القبرصي: "انني على يقين بالغ ان لبنان الذي يتمتع بالإستقرار والسلام والقوة، من الممكن ان يقود منطقة شرق المتوسط لكي تكون اقوى واكثر سلاما. واغتنم اليوم هذه الفرصة لأعبِّر عن بالغ دعمي لجهودكم الشخصية التي تبذلونها في سبيل تحقيق هذا الهدف. إن قبرص في نطاق هذه الجهود ليست فقط مجرد رفيق درب بل هي أكثر داعم متحمس لذلك."

وتابع: "في ما يتعلق بالعلاقات بين الإتحاد الأوروبي ولبنان، فإن قبرص تقوم بدور رائد ليس فقط من خلال دعم العلاقات بين الاتحاد الأوروبي ولبنان، وانما ايضاً كقناة للتواصل والتعاون. ونحن نُعَدُّ سفير لبنان لدى الإتحاد الأوروبي ممَّا يسهِّل ضرورة التعاون والحوار الاستراتيجي بين لبنان والإتحاد. وفي هذا النطاق، وعندما نتولى رئاسة الاتحاد الأوروبي سوف نقوم بمبادرات محددة لدعم العلاقات بين الاتحاد ولبنان. وقد اتيحت لنا الفرصة لمناقشة هذا الامر معكم فخامة الرئيس، الى جانب دور الجمهورية القبرصية في هذا الاطار. وانني اذكر زيارتي الى بيروت بمبادرة منا، برفقة رئيسة المفوضية الأوروبية، وكانت اول زيارة لرئيس للمفوضية للبنان الدولة المجاورة لأوروبا. وأقر في ذلك الوقت دعم مادي يصل الى مليار يورو، ونحن في المرحلة الأخيرة لإتاحة هذا الدعم، ونعترف بالجهود التي تبذلها حكومتكم، وندعمها بشكل ثابت، كما نؤيد تقديم هذه الموارد المادية، لدعم قطاعات عدة في لبنان".

وقال:"أود ان أؤكد لكم، ان قبرص تدعم مقترح مشاركتكم في اجتماع قمة المجالس الأوروبية، حيث ستتاح لكم الفرصة لعرض رؤيتكم للبنان. وفي هذا النطاق تدعم قبرص هذه المبادرة، ويسعدني أن استقبلكم في مجلس قمة غير عادي للاتحاد الأوروبي سيعقد في العام 2026، خلال رئاسة قبرص للاتحاد ".

وأضاف الرئيس القبرصي: " بالنسبة للتطورات التي تحدث في المنطقة، فان قبرص، وهي اقرب دولة عضو في الاتحاد الأوروبي من المنطقة، تريد تقليل حدة التوتر فيها، ونحن نعي التزامنا ونقوم بما يتسنى لنا من مساع حتى نكون بمثابة شريك ثابت. وأود الاشارة الى الاجتماع الخماسي الذي عقد في باريس في شهر آذار الماضي، بمشاركة الرئيس الفرنسي ورئيس وزراء اليونان والرئيس السوري، وكانت فرصة عظيمة لنا كي نناقش مستقبل منطقتنا، ونتبادل الآراء حول الجهود التي من الممكن ان نتشارك فيها.

واغتنم هذه الفرصة لأعبر عن الامل بوجود تقدم بالنسبة لموضوع قطاع غزة، ونؤكد التزامنا بالقانون الدولي وكل الجهود المبذولة لوقف اطلاق النار وتحرير الرهائن، وفي الوقت نفسه، فان موقفنا واضح ويتعلق بتوفير المساعدات الإنسانية بدون انقطاع الى المواطنين العزل، ونحن في دولة قبرص نساهم بشكل فعال في هذا الموقف".

وختم الرئيس خريستودوليديس: "اود ان اعبر عن امتناننا للدعم الذي قدمه لبنان على مر الزمن في ما يتعلق بحل القضية القبرصية على أساس قرارات مجلس الامن والأمم المتحدة والقانون الدولي، وهو دعم ثابت وملتزم في كافة المحافل الدولية والإقليمية. كما اعبر لكم عن امتناننا وبالغ شكرنا وتقديرنا لزيارتكم الى قبرص، وأؤكد ان الصداقة بين قبرص ولبنان هي اقوى من كل التحديات. وانا على يقين بان الثقة المتبادلة التي تتسم بها هذه الصداقة تصب في مصلحة شعبينا والمنطقة بأسرها".

الرئيس عون: ثم القى الرئيس عون كلمة هنا نصها: "بعد أحد عشر يوماً بالتمام، تحتفلون بالذكرى الواحدة والخمسين لولادة دولة قبرص الحديثة، لكنّ العلاقات بين بلدينا وشعبينا عمرُها قرون طويلة ،لأننا كنا منذ نحو ألف سنة، شبه توأمين يجمعنا - ولا يفصلنا - هذا الأبيض المتوسط...

منذُ القرون الوسطى جمعتنا سياقات الجغرافيا والتاريخ، لأننا كنا معاً، ممراً لزحفِ الإمبراطوريات للتوسّع والنفوذ، ووُجدنا معاً على طرق التجارة العالمية في كل الأزمنة، فصرنا معاً، محطّ مصالح وحساباتِ سيطرة ونفوذ.

وفي المقابل، تحوّلنا معاً، مستقراً لكل من يسعى إلى السلام والحرية، وهذا هو أكثر ما يجمعنا اليوم، وهذا هو أعمقُ ما نريده لبلدينا ولشعبينا ولمنطقتنا وللعالم. السلام العادل، عبر الحوار، لتبادل كل الحقوق، والحرية المسؤولة، الحاضنة لكل ازدهار وإبداع، وتطور لحياة البشر وخيرهم ...

السيد الرئيس، نحن نؤمنُ أنّ ما يجمعه التاريخ والجغرافيا، لا تفرّقه الأرقام والأعداد والحسابات، من أي نوع كانت، وهذا ما أثبتته هجراتنا المتبادلة منذ قرون. فكلما هبّت لدى أي منا عاصفة، وجد كل منا ملجأ كريماً لدى الآخر، حتى صرنا بلدين وشعبين كل ما بينهما، قضايا مشتركة. البحرُ ومسألة حدوده، قضية مشتركة، مأساة هجرات البائسين من منطقتنا، قضية مشتركة، حتى أحرام الجامعات اللبنانية هنا، وكابلات الإنترنت بيننا والتي تؤمّن تواصل العلم والمعلومة بيننا، قضايا مشتركة. وتجمعنا خصوصاً عشرات آلاف اللبنانيين المقيمين هنا، في أرض بوابتنا إلى أوروبا والغرب والمجندين ليفتحوا لقبرص بوابة لبنان صوب الشمس.

السيد الرئيس، يعودُ اسمُ قبرص لغوياً، إلى معدن النحاس الصلب الثمين، ويعودُ اسمُ لبنان إلى البخور الزكي المقدّس، والاثنان معاً أعطيا العالم الأداة لنشر عطر الرجاء ،وهذا ما نعملُ له معاً، كل يوم".

جولة على الخط الاخضر: ثم انتقل الرئيسان عون و خريستودوليدس الى مبنى بلدية نيقوسيا حيث كان في استقبالهما رئيس البلدية Charalambos Prountzos الذي رحب بالرئيس عون في قبرص قبل ان يرافقه والرئيس القبرصي في جولة على الخط الاخضر الذي يشكل منطقة عازلة تفصل بين القسمين الشمالي والجنوبي من الجزيرة، ويمتد عبر العاصمة نيقوسيا.

مأدبة غداء: بعد ذلك، عاد الرئيس عون والرئيس خريستودوليدس الى القصر الرئاسي حيث اقام الرئيس القبرصي مأدبة غداء على شرف نظيره اللبناني في القاعة الوزارية، استكملت في خلالها المحادثات حول القضايا الثنائية ذات الاهتمام المشترك. 

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

9 تموز 2025 17:38