وزير الداخلية والبلديات أحمد الحجَّار في حديث شامل لـ"الأمن":اكد
الانتخابات البلدية والاختيارية جرت بشكل ممتاز وبحياد تام
نجري عملية تقييم شاملة للافادة منها في الانتخابات النيابية
وضعنا خطة أمنية لحماية السياح والناس
نسعى لتعزيز التعاون بين كل الأجهزة الأمنية
لا نرغب في دخول لبنان في مشاكل تفوق قدراته
الانتخابات النيابية في موعدها والتحضيرات جارية
قوى الأمن هي ضمانة أمن المواطن
أعتز أنني ابن قوى الأمن وأفتخر أنني تخرجت من هذه المؤسسة
قاعة سجن رومية لتسريع المحاكمات وتخفيف الاكتظاظ
في زمنٍ يتطلّع فيه اللبنانيون إلى بريق أملٍ في مؤسساتهم، وإلى نبضٍ صادقٍ في أداء دولتهم، يبرز اسم وزير الداخلية والبلديات أحمد الحجّار كعنوانٍ للجدّية والمسؤولية والنجاح.
نجح في خوض التحدي وإجراء الانتخابات البلدية والاختيارية رغم الصعوبات، مُثبتًا أنّ الإدارة بالإرادة، وأنّ الشفافية لا تحتاج إلى شعارات بل إلى أفعال. هو الوزير الذي أدار العملية الانتخابية بروح رجل الدولة، وحرصٍ على الحياد والنزاهة والشفافية...
في هذه المقابلة، يُحدّثنا عن الاستحقاق النيابي الآتي، ويَعِد بإجراء انتخابات نيابية نزيهة وشفّافة في موعدها، تكون مرآةً حقيقية لإرادة الناس وتجديد الحياة السياسية في لبنان.
كما وجّه كلمة وجدانية في مناسبة عيد قوى الأمن الداخلي١٦٤، متحدثًا عن المؤسسة التي نشأ فيها، وعرفها من الداخل، ويفتخر بأنه ابنها ويتشرف بالانتماء اليها... مؤكدًا أن قوى الأمن هي ضمانة المواطن.
وشرح ماذا يعني إعادة العمل بقاعة محكمة سجن رومية، عارضًا لبعض الحلول لمشكلة اكتظاظ السجون، ومقترحًا إعادة إدارة السجون إلى مصلحة السجون بوزارة العدل حسب القانون...
وإليكم أبرز ما جاء في نص الحوار...
* كيف تقيّمون سير العملية الانتخابية البلدية والاختيارية التي حصلت؟
- سارت بشكل ممتاز بالرغم من كل الصعوبات والتحديات التي كانت موجودة، علمًا أن التحضير لها جرى في فترة قصيرة بعد تشكيل الحكومة. لكن الإصرار والجهد اللذين بُذلا جعلا الانتخابات تُنجز وتسير بشكل جيد، بل ممتاز.
* هل هناك دروس مستخلصة من هذه التجربة سيتم اعتمادها في الاستحقاق النيابي المقبل؟
- طبعًا، بالنسبة إلي كانت تجربة جديدة. لقد كانت أول انتخابات يتم التحضير لها في فترة قصيرة وأشرفتُ عليها شخصيًا وتحملتُ المسؤولية كاملة مع فريق العمل في الوزارة بدءًا من التحضيرات إلى مواكبة العملية الانتخابية بالكامل. كنا نجري جلسة تقييم أسبوعية لتلافي الثغرات والاستفادة من الأمور الإيجابية ونطوّرها. ونحن نجري الآن عملية تقييم شاملة للاستفادة منها في الانتخابات النيابية المقبلة إن شاء الله.
* هل تعتقدون أن نتائج الانتخابات تعكس فعلًا إرادة الناس؟
- وضعنا شعار “الحياد التام” ونفّذناه منذ بداية الانتخابات. الحياد كان بتوجيهات من رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون ورئيس الحكومة نواف سلام، ومن وزارة الداخلية والبلديات، كما اعتمدنا مبدأ الشفافية وكانت كل الإجراءات واضحة أمام الرأي العام. تابعَنا الإعلاميون مباشرة، وفتحت لهم أبواب الوزارة لتزويدهم بكل ما يريدون من معلومات عبر الشاشات التي وضعت في غرفة العمليات المركزية وفي الباحة الداخلية. عملية الفرز، إصدار النتائج، كل الأمور جرت وفق أعلى معايير الشفافية. بذلنا جهدًا كبيرًا لملاحقة المال الانتخابي وكل المخالفات، وسعينا للمحافظة على النزاهة الكاملة. كل هذه الأمور ساهمت في إنجاح العملية الانتخابية، وجاءت النتائج لتعكس فعليًا إرادة الناس الذين عبروا عن رأيهم بحرية تامة.
* إذا لم تحصل تطورات أمنية إقليمية أو محلية، نحن على أبواب صيف واعد. هل اتخذتم تدابير لتأمين الأجواء الأمنية للسياح؟
- رغم الظروف التي تتحدث عنها، وضعنا خطة أمنية قبل أسابيع لحماية السياح، سواء من اللبنانيين القادمين من الخارج ومن الدول العربية أم الغربية، عبر خلق أجواء مريحة. بدأنا هذه التدابير في مطار رفيق الحريري الدولي - بيروت عبر زيادة عدد الكونتوارات وتسهيل المعاملات دخولًا وخروجًا، بالإضافة إلى مشروع تأهيل وتحسين طريق المطار، إنارتها وتجميلها وتخطيطها بتوجيه وإشراف رئيس الحكومة وعدد من الوزراء، وأنا من بينهم، بالإضافة إلى إجراءات أمنية ظاهرة ومستترة على طول الطريق وصولًا إلى وسط بيروت، كما تشديد التدابير الأمنية في كل لبنان وبصورة خاصة في الاماكن التي يرتادها السياح في العاصمة بيروت والخط الساحلي والجبل.
* ما أسباب ارتفاع معدل السرقات والجريمة؟
- أحيانًا نلاحظ، حسب الإحصاءات، ارتفاعًا في بعض أنواع الجرائم مثل النشل والسرقات في بعض المناطق، وخصوصًا في بيروت، لكن في المقابل نلاحظ تراجعًا في سرقات السيارات. وارتفاع السرقات قابله ارتفاع بنسبة التوقيفات بحدود 25%، ما يدل على فعالية قوى الأمن الداخلي في مكافحة هذه الظواهر، والتي تعود لأسباب متعددة، من بينها الأزمة الاقتصادية، الحرب التي مرت على لبنان، النزوح السوري واللبناني، والتراكمات من السنوات الماضية قبل انتخاب فخامة رئيس الجمهورية أو تشكيل الحكومة. نحن الآن نعمل بشكل جدي وفعّال على مكافحة هذه الظواهر في بيروت والمدن الكبرى وكل المناطق.
* هل تنسّقون مع الأجهزة الأمنية الأخرى؟
- طبعًا. كما تعلم، يرأس وزير الداخلية مجلس الأمن الداخلي المركزي، ومنذ استلامي مهامي عملت على عقد اجتماعات متتالية لهذا المجلس، وهو الإطار الأمثل للتنسيق بين جميع الأجهزة الأمنية من جيش وأمن داخلي وأمن عام وأمن دولة وغيرها. وحرصت على أن يكون المجلس هو منصة للعمل الأمني المشترك، وقد أعطينا توجيهات للتنسيق الكامل بين القادة الأمنيين، وهذا أعطى نتائج إيجابية في الانتخابات البلدية وسنراها في المرحلة المقبلة، سواء في التحضير لموسم الاصطياف أو في الإجراءات الأمنية الأخرى.
* معالي الوزير، ماذا تقول للمواطن اللبناني وللسائح الذي يزور لبنان؟
- أقول لهم إن لبنان ينتظرهم، والشعب اللبناني يفتح قلبه لكل سائح أو مغترب. لبنان بلد فريد يتمتع بطقس جميل، وضيافة مميزة، وعلاقات طيبة مع الجميع، وأمن جيّد بفضل الإجراءات التي بدأناها من المطار.
لا أنكر أن الوضع الأمني في المنطقة ضاغط، لكن اللبناني يمتلك إرادة الحياة. فرغم وجود الاحتلال الإسرائيلي، أجرينا الانتخابات في الجنوب وسار لبنان بأجندة الدولة، ونجحنا في الجنوب وفي كل لبنان، بفضل إرادة الحياة والبقاء التي نملكها.
* لعل موقف الحكومة الأخير بضرورة حياد لبنان يبعده عن المخاطر؟
- أكيد. نحن لا نرغب بأن يدخل لبنان في مشاكل أكبر منه. نريده بمنأى عن تداعيات الأحداث في المنطقة.
* هل يمكن أن نطمئن الشعب اللبناني أن الانتخابات النيابية ستجري في موعدها؟
- كما أجرينا الانتخابات البلدية والاختيارية في موعدها، بعد التأجيل الذي حصل لثلاث مرات متتالية، أرى أنه لا يوجد أي سبب يمنع إجراء الانتخابات النيابية في موعدها. إنه استحقاق مهم لتجديد الحياة السياسية. وزارة الداخلية منكبة على التحضيرات، والحكومة ستواكب ذلك. وهذا قرار متخذ على أعلى المستويات.
* ما أبرز التحديات التي تواجهكم في التحضير لهذه الانتخابات؟
- أشارك في اجتماعات اللجان النيابية لمناقشة التعديلات المقترحة على قانون الانتخابات، كتصويت المغتربين والبطاقة الممغنطة. وقد شُكلت لجنة وزارية برئاستي مع عدد من الوزراء المعنيين للنظر في هذه التعديلات. كل هذه الأمور تهدف إلى ضمان إجراء الانتخابات في وقتها رغم التحديات الأمنية والإدارية.
* ما موقف الوزارة من الانتخاب الإلكتروني أو البطاقة الممغنطة؟
- طموحنا هو إجراء الانتخابات إلكترونيًّا بكبسة زر، لكن ذلك يتطلب تحضيرات وبنية تحتية، ونحن نعمل على ذلك، ولكن قد لا تكون جاهزة للانتخابات المقبلة. نحن بصدد العمل على بطاقة هوية إلكترونية (Digital ID) ونعمل على تأمين التمويل اللازم. أما البطاقة الممغنطة، فالموضوع قيد الدراسة وكل ذلك مرتبط بالتعديلات على قانون الانتخاب، ونحن نواكبها.
* الجميع يُجمع على أنكم أنجزتم انتخابات بلدية نزيهة. هل تعدون الناس بانتخابات نيابية نزيهة أيضًا؟
- الجميع شهد على نزاهة وشفافية الانتخابات البلدية والاختيارية، والدولة كانت على الحياد التام، ونفتخر بذلك. الفضل ليس لي وحدي، بل لكل فريق العمل، من المدراء العامين إلى الموظفين والضباط والإعلاميين. كان عملاً جماعيًّا، وقوى الأمن الداخلي أدت واجبها بالكامل. أعدكم بأن تكون الانتخابات النيابية المقبلة نزيهة وشفافة، وأن تعكس صناديق الاقتراع تطلعات الناس، وأن تجدد الحياة السياسية لمستقبل أفضل للبنان.
* كيف تقيّمون وضع مؤسسة قوى الأمن الداخلي في ظل الأوضاع الاقتصادية الضاغطة؟
- عانت قوى الأمن الداخلي كما غيرها من المؤسسات من الظروف الصعبة التي شهدتها البلاد. ومع ذلك، أثبتت أنها ضمانة أمن المواطنين. لم تتأخر يومًا عن تأدية مهامها، وأنا واكبت عملها حتى بعد تقاعدي وحاليًّا كوزير للداخلية. هذه المؤسسة تستحق كل دعم. نعمل حاليًا على تحسين رواتب الضباط والعناصر والموظفين المدنيين، وكلهم لهم حقوق يجب على الدولة أن تلبيها.أنا أعرف مشاكل وهموم المؤسسة قيادة وضباطًا وعناصر وسأبقى صوتهم بهدف تحقيق مطالبهم المحقة.
* معروف أنكم رجل رؤية وحداثة. هل تملكون خطة لتطوير قوى الأمن الداخلي؟
- قوى الأمن الداخلي لم تتوقف يومًا عن التطور. كنت في قيادة معهد قوى الأمن الداخلي، وأعددت الخطة الاستراتيجية 2018–2022 التي ساهمت بنقلة نوعية. حاليًا، أعمل على خطة استراتيجية لوزارة الداخلية، وطلبت من قوى الأمن الداخلي إعداد خطة خاصة بها. وسأتابع ذلك مع اللواء المدير العام للبناء على ما تحقق، واستكمال تطوير المؤسسة.
* بمناسبة عيد قوى الأمن، ما الكلمة التي توجهها للضباط والعناصر؟
- أعتز أنني ابن قوى الأمن الداخلي، وأفتخر أنني خرجت من هذه المؤسسة. أقول لرفاقي من كل الرتب: يجب أن تكونوا قدوة في مواجهة الأزمات والصعاب. حقوقكم أمانة، وسأسعى دائمًا لتحقيقها. كونوا كما عرفتكم دائمًا على قدر تطلعات المواطنين.
* ماذا يعني فعليًّا إعادة العمل بقاعه محكمة سجن رومية؟
- شاركت بوضع الحجر الأساس لهذه القاعة يوم كنت قائدًا لمعهد قوى الأمن. وتم تشييدها، لكنها لم تعمل لفترة طويلة، ومؤخرًا بعد التنسيق مع وزير العدل مشكورًا والذي أوجه له تحية، عملنا على إعادة العمل في القاعة وبالفعل تم إنجاز عدد كبير من المحاكمات وهي ما زالت مستمرة بهدف تخفيف الاكتظاظ في سجن روميه المركزي والاسراع في الاحكام.
* سبق أن قلتم إن السجن يجب أن يكون إصلاحيًّا لا عقابيًّا. ماذا يعني ذلك في لبنان؟
- السجن يجب أن يؤهل السجين لا أن يعاقبه فقط. سجن رومية بني كمؤسسة إصلاحية، وكان فيه مشاغل تعليمية، لكنها تحولت إلى غرف بسبب الاكتظاظ. نعمل الآن على إعادة تأهيل المساجين للانخراط في المجتمع، وقد بدأنا بذلك في سجن الأحداث في الوروار بدعم من الاتحاد الأوروبي وأصدقاء من لبنان. نريد أن تكون هذه التجربة نموذجًا. فالسجين هو مواطن جنح لكن لا يمكن حذفه من المجتمع.
* نفهم منكم أنكم بدأتم بحل مشكلة السجون عبر حل مشكلة الاكتظاظ مع المقاربة الاصلاحية؟
- نعم، نعمل على تخفيف الاكتظاظ، ونأمل في إعادة إدارة السجون إلى وزارة العدل كما ينص القانون، بحيث تبقى قوى الأمن مسؤولة عن الحماية الخارجية فقط، وهذا يعني التحول إلى ادارة سجون متخصصة من قبل إدارة متخصصة.
* هذا يدل على أنكم تملكون رؤية شاملة لإصلاح السجون؟
- نعم. نحتاج إلى بناء سجون جديدة، وإدارة حديثة تحت إشراف وزارة العدل. هناك خطة لم تُنفّذ سابقًا لأسباب متعددة، ونأمل تنفيذها قريبًا.
* كلمة أخيرة للناس الذين يشعرون أن وزير الداخلية يفهم لغتهم؟
- أتمنى أن أكون وزير الناس. دائمًا كان يقال بأن وزير الداخلية والبلديات هو الحاكم الإداري للجمهورية، إلا أنني أقول بأن طموحي هو أن أكون خادمها الإداري. هذه هي السياسة كما أفهمها: التضحية والعمل ونذر النفس والشفافية والابتعاد عن الطموحات الشخصية والمصالح... والعمل من أجل الناس. سأبقى أتابع شكواهم وأتفاعل معهم مباشرة.
الأمن، السير، الدراجات، وكل الملفات ستكون أولويتنا، وسيكون الهم الأمني للناس هو الشغل الشاغل بالنسبة إلي، وسنُطلق قريبًا خدمة الشكاوى المباشرة للمواطنين. أنا حاليًّا اتلقى الشكاوى وأعالجها لكن في القريب سنطلق هذه الخدمة لأنه من حق المواطن أن يحصل على حقه عند أي تقصير أو خلل في المرافق التابعة لوزارة الداخلية.
وختم الوزير الحجَّار هذا الحوار معايدًا كل الزملاء في قوى الأمن الداخلي، قيادة وضباطًا ورتباءَ وأفرادًا، بمن فيهم المتقاعدون، مؤكدًا أنه لن يدخر جهدًا مع الحكومة للعمل على إعطائهم حقوقهم، وأن كل الجهود تهدف إلى تقديم أفضل خدمة وضبط الأمن في كل لبنان.
حاوره: رئيس التحرير العميد الركن شربل فرام ونائب رئيس التحرير نبيل حرب
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.