مازن عبّود-النهار
اسمك يعني المرتفع. وهذا ما كنت عليه. لذا، فاني انعيك في سطور.
عرفتك قصة أولا. فقد كنا طلابا، والمدرسون كان من روح أيضا في تلك الازمنة. وكانوا يطعموننا في مدارس تلك الجبال طموحا وخيالا، يتخطى الحوائط والواقع والمدرسة التي تنطرها دوما كنيسة. كانوا يحرصون ان يصنعوا لنا اجنحة فنعبر ما وراء الجبال. لذلك، فقد بلغتني قصة لابن شاويش خدم في بلدتي وتمكن من حفر الجبل بالإبرة، كما كانت تقول جدتي. وقصص المدارس والامهات كان محورها اناس شابهتنا اجتماعيا، وصارت في الضوء، وفي الحدث. تعلمت في مدرستي انّ العلم سلم الارتقاء والتحرر لأولاد الجبال وأبناء الموظفين والمزارعين. درسنا قصة د. نايف معلوف - محافظ بيروت الاسبق واخوته مادة للارتقاء. فأما تكون أولا تكون في هذه الدنيا، وفق وليم شكسبير. فالتحدي ان نكون ملئ قامة ما اريد لنا ان نكون، لا فقط بالمواقع التي تشغل وتتقلب عليها الناس بل بمن يدمغ المواقع، فيدوم ذكره الى الابد. يرحل د. نايف ابن شاويش مغفر دوما اليوم الذي من شليفا بعد ان صار خبزا يؤكل وقصة ترضع مع الحليب. أهميته انه كان عنوان عز. نعم هو من عناوين ايام عزنا في زمن نخب الأرثوذكس في البلد بإمامة البطريرك هزيم وبركة غسان تويني وفواد بطرس والياس سابا وغيرهم. كان من معجن البطريرك هزيم لإنه خبز بملح الألم وببركة الرجاء وبحنطة الكفاح وبقداسة مياه الغطاس التي تطرد الشياطين. نودع رجلا اليوم لم يفتش عن طريق، بل صنع الطريق. نودع رجلا لم يسعى ان يعرف مستقبله بل صنعه. رجل سيّج قامته بالمبادئ، وصان حديقة بيته بالعائلة التي حرص على رعايتها فردا، فردا. فامسوا كلهم قصص نجاح.
تنقل من التربية الى المحافظة، فإلى القصر قبل ان يعود الى الجامعة. فكانّ كل شيء يبدأ وينتهي في التربية. قال لي صديق ما عدّت تجد مثل أولئك الرجال اليوم، لانّ العصر تغيّر. فما عادت الأيام ولا الارحام والعائلات تنتج هذا النوع من النساء والرجال. تحدينا د. نايف ان نجعل الأيام غير عقيمة، فتعود تنتج قامات من أمثال غسّان تويني وفواد بطرس ونايف معلوف والبطريرك هزيم فيعود البلد. فالبلد رجال وليس نصوص. البلد مبادئ وقامات وليس اقزاما وكراس.
د. نايف لا نريد ان تكون ذكرى الرجال انتقاص لنا ولعصر البلاستيك. نرفع الصلاة في وداعك ونسألك ان تصلي معنا كي تبقى للأجيال نماذج، وكي يبقى من هم في المواقع قدوة، وكي يبقى العلم سلما والمدرسة الرسمية مصنعا والمبادئ والعائلات والجماعات واحات حب في عالم ينقصه الكثير من الحب والوفاء.
وداعا د. نايف معلوف!
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.