19 أيار 2025 | 08:10

أخبار لبنان

كسر الحلقة النفسية للجمود الاقتصادي

كسر الحلقة النفسية للجمود الاقتصادي

مازن عبّود - النهار

"عندما يطول الحزن، يصبح مرساة تشدّ الناس إلى الماضي، وتمنعهم من قبول الواقع الجديد والانخراط في المستقبل."

كوبلر-روس(1969)

رأس مالنا الاجتماعي يتداعى جراء أزمات بدأت قبل انفجار المرفأ والانهيار المالي وحرب المساندة. مما حوّل السياسة من التفاوض إلى التقاتل والشكوك. والنتيجة انحسار الخير العام لصالح المصالح الفئوية.

زينا دكّاش التي تعالج بالمسرح تعتبر بانّ لبنان يعيش نموذج الحزن الذي ابتكرته إليزابيث كوبلر-روس (1969). نعم، فنحن عالقون في الإنكار، والغضب، والمساومة، والاكتئاب.

نقيم في مثلث الدراما. نلعب أدوار الضحية والمنقذ والمضطهِد التي لكارتمان (1968) على المستويات العائلية وصولا الى الوطنية. نتأرجح بين العجز، واللوم، وأوهام الخلاص. تأرجح يعيق الحوار ويجعل من رأس المال الاجتماعي القائم على الروابط الداخلية انعزالياً ودفاعياً.

يتدهور رأس المال الاجتماعي الجسري اللازم لعمل المؤسسات الديمقراطية، وتتداعى الثقة بين المكونات. والنتيجة ارتفاع تكاليف المعاملات، ونمو الريعية الاقتصادية على حساب الخير العام. فتتقوّض كفاءة السوق.

نعم نحن عالقون في مثلث كاربمان (1968) نتبادل أدوار الضحية، والمنقذ، والمضطهِد. وهذا يفعل الصراع والاعتمادية، واللوم. فتتعطل الثقة أكثر. نفتش عن كبش فداء (المودعين، الدولة، المصارف). نبحث عن منقذ (رئيس أجنبي، شخصية وطنية ام مبعوث دولي) لنمجده، ونبرر عدواننا على هذا او ذاك. فيفتت التماسك الاجتماعي والثقة. الناس تصنع الاقتصاد والاقتصاد يسطر هوياتها. عالقون نحن في دورات الازمات التي تكبل اقتصادنا. متمسكون بهوياتنا الضيقة القاتلة التي تهدم الجسور وتقوّض التعاون والنمو. حتى أمسى الاستمرار في العيش في بلد واحد مستحيلا. أترى من يكشف حقيقة انفجار البور وكل الجرائم والأزمات التي حصلت ليس للانتقام بل للخروج من هذه اللعنة، أترى من يقنع ساستنا انّ العدالة تضمن السلم ولا تتعارض معه؟

التعافي الاقتصادي يتطلب كشف الحقيقة لكسر الحزن الذي يمهد لتخلينا كأفراد وجماعات عن العاب المظلومية والبطولة. المطلوب قفزة نفسية جماعية، تنقلنا من الانكار الى القبول، ومن الضحية إلى الفعل، ومن انتظار المنقذ إلى تمكين المجتمعات، ومن اللوم إلى المواجهة. لن يستقيم الاقتصاد الا بكسر لعنة الفخ النفسي الجماعية.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

19 أيار 2025 08:10