وجّه المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان رسالة، لمناسبة تولي البابا لاون الرابع عشر سدة البابوية جاء فيها:
"مع تولّي البابا لاون الرابع عشر لسدة البابوية وخلافة القديس بطرس كخادم لله فإننا نبارك للأخوة المسيحيين الكاثوليك وكافة المؤمنين في لبنان والعالم الدور الجديد الداعي إلى توثيق الأخلاقيات واعتبارها الركيزة الأكبر في عالم الإنسان وكياناته وواقع وجوده، ونؤكد معه ضرورة الإنفتاح على الإنسان بعيداً عن اللغة والعرق والملة والهوية السياسية والضغط باتجاه تكريس عالم آمن للخلاص من أسوأ وحشية دولية لا تشبع من القتل والإبادة والعدوان العسكري والتقني والإقتصادي والمعرفي، وكأساس لذلك لا بد من الإلتزام بإصلاح المجتمع والعالم سيما الأمم المتحدة التي تحوّلت إلى غرفة قتل بيد القوى الكبرى، وما نريده ثورة أخلاقية جديدة تنتصر للإنسان وفلسفة كرامته وحقيقة وظيفته التي تليق بمخلوق السماء، وكأساس للدولية الجديدة لا بد من تأكيد الحوار والوحدة الإنسانية والثقافة الأخلاقية كملاذ مرجعي في عالم السلطة العالمية وواقع علاقات الأمم والدول والأفراد فيما بينها، وتلك أُمنية بعيدة وسط عالم مجنون وأمم تتناحر وقوى تتسابق على قتل الإنسان واحتكار موارده وأسواقه وكياناته وحاجاته الرئيسية وتتلاعب بمصير الخلائق والفقراء والمهمّشين وبحر هائل من المهاجرين والنازحين والهاربين من نار الظلم والفساد والإضطهاد الذي ينهش بنية العالم، فيما التكنولوجيا الحديثة تكاد تبتلع دنيا الإنسان لصالح قلة تحتكر أكبر قوة تقنية خارقة على الإطلاق وتتعامل معها كسلاح ثوري جديد، ودون صرخة أممية شاملة تنتصر للإنسان وتدفع نحو عدالة أخلاقية وجودية وإصلاح سياسي عالمي هائل، ودون صوت يهبّ للدفاع عن الإبادة التي تطال أهل غزة ويندد بإسرائيل وإرهابها ويَحُول دون الطغيان الدولي والفساد الهرمي للقوى السياسية والمالية والتقنية بالعالم فإن العالم يتجه نحو كارثة وجودية ونكبة أخلاقية لا سابق لها على الإطلاق، ونحن في لبنان معنيون جداً ببناء دولة مواطنة متماسكة بعيداً عن السواطير الطائفية والمزارع المالية والنزعات الإنتقامية وسط نار تأكل البلد وتنهش الشعب وتزيد من سرطان تطويب لبنان لذئاب الخارج، وللتاريخ أقول: التربية على المواطنة تبدأ بالأنسنة وقيمتها الحقوقية العالمية، ولبنانياً تبدأ عبر انتزاع الطائفية السياسية من مفهوم النظام السياسي في لبنان، ودون ذلك لبنان من مزرعة إلى مزرعة وسط نكبة حقوقية تطال صميم القيمة الأخلاقية للكيان الوطن المذبوح بسيف الطغيان السياسي، وبهذا السياق لا يمكن السكوت عن الكارثة التي تنهش بنية المواطن اللبناني والوظيفة الإفتراضية للدولة اللبنانية كضامن حقوقي وسيادي للشعب اللبناني الذي يعاني من فقدان المرجعية الحقوقية للنظام السياسي الذي ينتمي إليه".
وتابع: "الكارثة أنّ المواطن اللبناني غير موجود لا كقيمة قانونية ولا كواقع مضمون فضلاً عن الدولة كقوة سيادية نديّة، كل ذلك وسط مزارع سياسية مالية وكارتيلات نفوذية وعصابات اقتصادية تنهش أرضية لبنان وتعيد استثمار الفساد والنفوذ بالدولة على حساب الشعب اللبناني وما يلزم له من حقوق مواطنة، وبهذا السياق لا بد من استئصال سرطان الطائفية السياسية وتأكيد التمثيل الوطني وحماية ما أمكن من حقوق الطبقة الاجتماعية والعمالية، وهذا يمر بإصلاح نظام التصويت السياسي والتقاعد والحماية الاجتماعية والنظرة الوطنية للشعب اللبناني بهدف كسر سطوة الطائفية والمال والفساد السياسي وأباطرة المخدرات والولاءات العابرة وعصابات الجريمة وممتهني بيع البلد والناس بسوق الإرتزاق الدولي، والخطير أن الدولة عاجزة وخدماتها معدومة وقدرتها السيادية تعيش على المواقف الفارغة في بلد يعاني من كارثة حقوقية واقتصادية ومالية ومجتمعية وبلا ماء وكهرباء فيما الفساد السياسي وفشل التعليم وانهيار سوق العمل وهجرة الكوادر تبتلع الأجيال الأساسية للبلد، وبهذا السياق لا بد من عدالة سياسية وحقوق مواطنة أولاً للخروج من المزرعة السياسية والدولة المالية السرطانية التي تأكل ما تبقى من لبنان".
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.