لمناسبة يوم المؤسسين، والذكرى السادسة والأربعين بعد المئة على تأسيس جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية في صيدا، توجه رئيس الجمعية محمد فايز البزري بكلمة الى المقاصديين جاء فيها:"فِي الثَّامِنِ عَشَرَ مِنْ نَيْسَانَ عَامَ ١٨٧٩م، وَفِي زَمَنٍ كَانَ فِيهِ الْجَهْلُ سَائِدًا، وَطَلَبُ الْعِلْمِ حِكْرًا عَلَى الْقِلَّةِ مِمَّنْ سَمَحَتْ لَهُمْ ظُرُوفُهُمْ الْمَادِّيَّةُ وَالِاجْتِمَاعِيَّةُ بِذَلِكَ، نَهَضَتْ ثُلَّةٌ مِنْ شَبَابِ صَيْدَا الْأَبْرَارِ، مُسْتَشْعِرِينَ مَسْؤُولِيَّتَهُمْ تِجَاهَ مُجْتَمَعِهِمْ، وَمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ الْعِلْمَ هُوَ السَّبِيلُ الْأَوْحَدُ لِنَهْضَةِ الشُّعُوبِ وَتَقَدُّمِهَا، فَقَرَّرُوا أَنْ يَضَعُوا حَجَرَ الْأَسَاسِ لِأَوَّلِ صَرْحٍ تَرْبَوِيٍّ فِي مَدِينَتِهِمْ.
فَكَانَ تَأْسِيسُ جَمْعِيَّةِ الْمَقَاصِدِ الْخَيْرِيَّةِ الْإِسْلَامِيَّةِ فِي صَيْدَا، اِنْطِلَاقًا مِنْ قَنَاعَةٍ رَاسِخَةٍ بِوُجُوبِ تَوْفِيرِ التَّعْلِيمِ لِأَبْنَاءِ الْمَدِينَةِ. لَا سِيَّمَا لِذوي الَّدَخُّلِ الْمَحْدُودِ، وَلِمُوَاجَهَةِ الْمَدِّ الثَّقَافِيِّ لِلْإِرْسَالِيَّاتِ الْأَجْنَبِيَّةِ. وَقَدْ سَعَى الْمُؤَسِّسُونَ إِلَى إِنْشَاءِ مَدْرَسَةٍ رَائِدَةٍ، وَبِنْيَةٍ جَامِعَةٍ تَحْتَضِنُ أَبْنَاءَ الْمَدِينَةِ كَافَّةً.
وَمُنْذُ ذَلِكَ التَّارِيخِ، بَاتَتْ جَمْعِيَّةُ الْمَقَاصِدِ حِصْنًا مَنِيعًا فِي الدِّفَاعِ عَنِ التَّعْلِيمِ الْعَرَبِيِّ الْإِسْلَامِيِّ، وَمَنَارَةً مُشِعَّةً تَنْشُرُ الْقِيَمَ الْوَطَنِيَّةَ وَالثَّقَافِيَّةَ فِي أَرْجَاءِ صَيْدَا الْحَبِيبَةِ. وَمِنْ عَلَى مَقَاعِدِهَا، تَخَرَّجَتْ أَجْيَالٌ تَوَلَّتْ أَرْفَعَ الْمَرَاتِبِ وَالْمَنَاصِبِ فِي مُخْتَلِفِ الْمَيَادِينِ، وَكَانَ لَهُمْ الْأَثَرُ الْبَالِغُ فِي نَهْضَةِ هَذَا الْوَطَنِ.
سِتَّةٌ وَأَرْبَعُونَ عَامًا بَعْدَ المائة، وَمَا تَزَالُ الْمَقَاصِدُ شَاهِدَةً قَوِيَّةَ الْبَيَانِ، تَرْوِيهَا الْأَيَّامُ تَأَلُّقًا وَثَبَاتًا، حَتَّى غَدَتْ صَرْحًا ساطع الْإِشْرَاقِ، بِفَضْلِ تَضْحِيَاتِ آبَائِهَا الْمُؤَسِّسِينَ الْأَوَائِلِ، وَحُبِّهِمْ المتجذر لَهَا عطاءً بلا حدود.
وَالْيَوْمَ، يُوَاصِلُ خَلَفُهُمْ مِنْ أَبْنَاءِ هَذِهِ الْمَدِينَةِ الْأَوْفِيَاءِ، مَسِيرَةَ الْعَطَاءِ. يَسِيرُونَ بِثَبَاتٍ، عَلَى نَهْجِ الْمُؤَسِّسِينَ، عَبْرَ التَّضَامُنِ وَالتَّكَافُلِ وَالْعَمَلِ الْجَمَاعِيِّ، لِتَنْطَلِقَ الْمَقَاصِدُ فِي طَلِيعَةِ الْمُؤَسَّسَاتِ التَّرْبَوِيَّةِ، وَاسْمُهَا مَرْفُوعًا فِي سَمَاءِ صَيْدَا وَلُبْنَانَ وَالْعَالَمِ.
كُلَّ عَامٍ وَأَنْتُمْ، أَهْلَ الْمَقَاصِدِ، بِخَيْرٍ وَرِفْعَةٍ وَازْدِهَارٍ.
رأفت نعيم
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.