31 آذار 2025 | 08:46

أخبار لبنان

قبلان: اللعب بنار منع الاعمار يضع البلد في قلب معادلة لا سابق لها

قبلان: اللعب بنار منع الاعمار يضع البلد في قلب معادلة لا سابق لها

ألقى المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان خطبة العيد من على منبر مسجد الإمام الحسين، في برج البراجنة بعد تأدية صلاة العيد، وهذا نصها: "مباركٌ لكم صيام وقيام شهر رمضان الأكرم، بكل ما يعنيه شهر الله من كفاح وصبر وصمود وثبات وتأكيد لهويتنا وانتمائنا لله سبحانه وتعالى.

بهذه الروح المسلِّمة نطلّ على عيد الفطر بكل ما يعنيه من منحة الهية، وجائزة ربّانية، مأخوذ فيها تأييد الله وحضوره في ساحات صبرنا ووجعنا وآلامنا، لتقوية تصميمنا ودعم ثباتنا في قضايا الوطن والمظلوميات، ومنه الانخراط المكلِف للغاية بدعم المظلومين الغرباء في غزة وغيرهم، الذين ضيّعهم أغلب العرب والمسلمين للأسف، فضلاً عن تواطئ العالم كله عليهم، ومعيارنا هنا قول الله تعالى (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً).

ولذا، من صميم روح هذا العيد المبارك، ومن نفحات شهر الله تعالى، نتعلّم الكفاح والإصرار والتضحية والبذل والعناد بالحقّ، لنطلّ على واقعنا الأليم بهذا البلد، خاصة أن هناك من يحاول معاقبتنا لأننا مقاومة، ويصرّ على تركعينا لأننا في مواجهة الصهاينة، ويُجلب علينا لأننا أسيادٌ بوطننا، ويعمل على خنقنا لأن مشروعنا السيادي لا يقبل بتطويب البلد للصهاينة وحلفائهم.

وفي هذا السياق هناك من يصرّ على تركنا فوق الرُكام، كل هذا فقط لأننا يوماً حرّرنا لبنان، وهزمنا إسرائيل، وما زلنا ضمانة هذا البلد المظلوم؛ ولكنّ الخطير أن هناك من يريد أن يثأر لهزيمة إسرائيل عند تخوم الخيام. واللحظة مُرّة، وواقع البلد كارثي، والمشكلة بالنوايا، وفتيل الفتنة عند من يصرّ على محاصرتنا ومعاقبتنا وقطع الهواء عنا، ولو تمكّن من دفننا أحياء لفعل.

وبصراحة أكثر: هناك من يريد اذلالنا وتدفيعنا ثمن تحرير لبنان وقتال أسوأ كيان إرهابي في المنطقة والعالم، ولكننا أمةٌ لا تركع، وطائفة لا تعرف الذل، وكيف نعرفه وإمامنا الحسين، فالحسين إباءٌ مطلق وتضحية مطلقة ونخوة مطلقة، وما تركنا الحسين ولن نترك الحسين. واللحظة للتاريخ، ولسنا ممن يخون لبنان، ولا ممن يقبل بمذلة أو حصار أو عقاب أو خرائط إنهاك وانقضاض، ولذلك أقول للقوى السياسية ومن يعنيه أمر هذا البلد: قوة لبنان من قوة شعبه وتضامن طوائفه وقدرة هذه الطوائف على ضمان مصالحها المشتركة بعيداً عن النزق السياسي، والدولة دستورية بمقدار دستورية مكوّناتها ووظيفتها الوطنية، لا خنق بعضها ونصب الكمائن للنيل من صميم مكوّناتها".

وتابع: "للبعض أقول: الخارج وحش ومجرم، ولعنة الخارج ما زالت تلازم لبنان، ولا مكان للعواطف بخرائط الخارج وغرفه السوداء، بما في ذلك أخوة يوسف. وما نريده دولة تشبه شعبها، دولة تعكس تمثيلها الوطني بقضايا ناسها، خاصةً الجنوب الذي خاض ملحمة التضحيات التاريخية ليستعيد لبنان وقد استعاده. وفي هذا المجال نريد دولة تدعم ناسها، لا دولة تتعاون مع الخارج لخنقهم، والدولة دولة بمقدار مصالح شعبها، لا دولة تبتز نصف شعبها لدعم الخارج، ولا دولة تدوس على ركام شعبها وتصر على تركهم بالعراء من أجل عين أميركا وأخواتها، لا دولة تتمرّد على حقوق ناسها الذين قدّموا نصف قرن تضحيات وما زالوا، لا دولة تدّعي أنها مستقلة فيما هي لا تملك قدرة أخذ قرار بهبوط طائرة إيرانية في المطار، لا دولة تتبرأ من قضية شعبها وتفتش بعض ناسها علّ بيده حقيبة مال من شأنها إعانة مَن بهم حرّر وبقيَ وطن اسمه لبنان، لا دولة لا تستطيع إخراج الإسرائيلي من خمس نقاط حدودية، لا دولة تعيش عقدة الوصاية الخارجية والانتداب الأميركي، لا دولة تنخرط بكل أساليب خنق بيئة مقاومتها، فقط لأن مقاومتها استعادت لبنان ودعمت غزة ونصرت فلسطين. ولمن يفهم وجع أهل المظلومية والإباء أقول: نحن جماعة هيهات منا الذلة، ولا نصبر على المزيد من مشاريع الإذلال والإنهاك. ولمن يهمه الأمر: فليعرف أننا لن نكون صهيونيين، ولبنان لن يكون مُطبّعاً، ولن نسمح بتطويب لبنان لأي أحد لا لأميركا ولا لغيرها؛ وخياراتنا مدروسة، ونحن طائفة قدّمت كل ما لديها وما زالت تقدم أجيالها الأكابر، فيما البعض الآخر يتصيّدها ويدوس على صبرها وآلامها أمام أعين الخلائق. ولكن للصبر في النهاية حدود، واللعب بالنار يضع مصير كل لبنان بالنار".

وقال: "للسلطة كعنوان للدولة التمثيلية الميثاقية أقول: حماية الدولة والسلم الأهلي من مشروع فتنة دولية ضرورة ماسّة لبقاء لبنان، نعم الدولة دولة بمقدار وقوفها بقلب أنقاض الجنوب والضاحية والبقاع وفوقها في وجه العالم. والمطلوب سيادة وطن لا تسوّل وطن، وقصة سيادة وقرار وهيبة دولة (اسمحوا لنا فيها) لأن الدولة بعنادها السيادي وبوقوفها في قلب الجنوب والضاحية والبقاع، دولة بتحديها العالم من أجل السلاح السيادي الذي حرّر لبنان، (مش دولة بنص موقف وبنص لون وبنص حقيقة وبنص صراحة وبنص سيادة وبنص بيان وبنص وطن)، وموقفنا المحسوم والأبدي أننا لن نترك لبنان. وللتاريخ وللحالِمين ولجماعة بيع الأوطان: إنّ السلاح الذي استعاد لبنان هو أقدس سلاح على الاطلاق، وشطبُه سيضعنا في مواجهة أخطر حدث يطال لبنان وصيغته السياسية ووجوده، ومن لا يسمع فليسمع: نحن أبناء الامام الحسين، ونحن الطائفة التي حرّرت لبنان ودفعت أغلى ما لديها في تاريخ هذا البلد، ونحن الطائفة التي قدّمت لغيرها ولهذا البلد أعظم أجيالها طيلة نصف قرن وتجد نفسها الآن على ركام، فحذارِ اللعب بالنار، فالخطأ بموضوع سلاح المقاومة أكبر من لبنان والمنطقة، لأننا - واللحظة للتاريخ - لم يعد لدينا شيء نخسره. تحت هذا العنوان المُرّ أقول: من يمنع الإعمار ومن يخنقنا ومن يُجيّر البلد لتركنا بالعراء يساهم في أخطر حرب علينا، ونصيحة للعقلاء في هذا البلد: لا تخذلوا لبنان".

أضاف: "لطائفة وبيئة المقاومة في هذا البلد أقول: نحن بلحظة تاريخ ومصير، والانتخابات النيابية على الأبواب، والمطبخ الدولي افتتح الموسم الانتخابي، والغرف المعتِمة لا تكلّ ولا تملّ في هذا المجال، ولذلك الانتخابات النيابية خيار سياسي وثقافي وتمثيلي. وهنا في لبنان خيار وجود ودفاع عن الذات ومنع اقتلاع ودرع مقاومة وسيادة للبنان الذي نعرفه، ويجب أن ندافع عن وجودنا وعن ميثاقيتنا وثقلنا وسيادتنا وتضحياتنا التاريخية. ومع احترامنا الشديد لكل الأهليات في طائفتنا العزيزة أقول: المعركة معركة كتل نيابية، لا معركة أفراد، واللحظة استثنائية جداً ومصيرية جداً، وفي هذا المجال إذا أردنا البقاء والتأثير ومنع سحقنا وخنقنا والدفاع عن أنفسنا ووطنيتنا والحؤول دون تمزيقنا وتطويقنا والنهوض بما لمقاومتنا وشعبنا وسيادتنا، فإنه من أوجب واجباتنا الوطنية والأخلاقية بل والشرعية انتخاب حركة أمل وحزب الله بكل قوة وتماسك وانضباط، واحسبوها كيفما شئتم، تزاحم بين الحسن والأحسن، أو بين الشرّين، أو خير الشرّين، أو ما يلزم من دفع مفسدة أكبر أو ضياع لمصلحة أكبر، أو حفظ مصلحة نوعية قبالة مفسدة نوعية، فكلها تصبّ بضرورة حفظ وتأييد ودعم وانتخاب الثنائي الوطني الشيعي خاصة في الموسم النيابي. إن الانتخابات النيابية مفصل مصيري، ولا يجوز اضعاف هذا الخيار أو توهينه، بل يجب تقويته وحفظه ودعمه وتأييده ومساندته وأي استهتار أو تراخ أو خصومة سيصبّ بمصلحة إسرائيل وصهينتها وإرهابها، وستكون النتائج كارثية على هذا البلد وناسه. ودولة الرئيس نبيه بري في هذا المجال قوة وطنية عليا، ومجد وطنيّ في عالم التحرير والتمثيل والعيش المشترك والسلم الأهلي، واللحظة تاريخية لتأكيد وجودنا الوطني والميثاقي دون تردد أو اشتباه".

وختم قبلان: "أخيرا وللآتي من الأيام: اللعب بالتمثيل الميثاقي لعب بمصير لبنان، ولن نتجرّع كأس الانتداب مرة أخرى، ومقياس وجود الحكومة اللبنانية يكون بمقدار وجودها فوق ركام الجنوب والبقاع والضاحية، وبقدرتها الندّية في وجه إسرائيل، والجيش اللبناني الوطني ضرورة، وحماية وظيفته الوطنية أكبر ضرورة على الاطلاق، ولا عار أكبر من أن تخون وطنك، ولا عار أكبر من أن تسترزق بخيانة أبناء بلدك، ولا عار أكبر من أن تتشارك الغرف المعتِمة للخلاص من نصف شعبك وأصل شرعيتك، ولسنا ممن يموت بصمت، ولسنا ممن يسكت عن ضيم، ولسنا ممن يخاف العواقب، ولن ننتظر طويلاً أمام مشاريع خنقنا ومحاصرتنا، واللعب بنار منع الاعمار يضع البلد في قلب معادلة لا سابق لها بتاريخ لبنان".

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

31 آذار 2025 08:46