28 آذار 2025 | 13:27

أخبار لبنان

دريان في رسالة الفطر من مكة: لا سلام وسلامة لجنوب لبنان إلا بإنفاذ القرارات الدولية

دريان في رسالة الفطر من مكة: لا سلام وسلامة لجنوب لبنان إلا بإنفاذ القرارات الدولية

وجه مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان رسالة من مكة المكرمة إلى اللبنانيين بحلول عيد الفطر السعيد وقال: "مع نهاية شهر رمضان المبارك ، ونحن شديد الفرحة والسعادة والاعتزاز بفريضة الصوم التي أدينا ، امتثالا للأمر الإلهي في قوله تعالى : ﴿يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون﴾ ، وقوله تعالى : ﴿شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان﴾ ، ونحن نعرف الأجر الكبير لمن صام رمضان ، وقام لياليه ، كما أننا نعرف بالتجربة ، أن شهر رمضان بعباداته وأخلاقه ، يصبح ميزانا ومقياسا للإنسان الصالح على مدى العام كله ، في الانضباط والأخلاقيات، وفي حفظ اليد واللسان، وفي التفكير والتدبير للجميع ، وفي الإحساس بمسؤوليات الإيمان، وأعباء التكليف بالعبادة والعمل الصالح ، مهما كانت الصعوبات والمشقات".

أضاف:"أيها المسلمون، ينقضي رمضان ولا تنقضي فضائله وعجائبه وبركاته، فقد خيمت في معظمه أجواء السلام على بلداننا المضطربة في لبنان وسورية وفلسطين. وعشنا مشاهد من الورع والتقوى والعبادات، وأدى العمرة إلى البيت الحرام زهاء الثلاثة والعشرين مليونا. بيد أن ما شهدناه في بدايات الشهر الكريم وأواسطه ما استمر حتى بزوغ العيد. فنحن نشهد من جديد عدوانا متصاعدا على غزة والضفة، وعدوانا متصاعدا على سورية، وعدوانا على لبنان. هناك مخطط ينبغي أن نكون على حذر منه، وهو يتجاوز التهجير على فظاعته إلى إبعاد الأخطار المحتملة من حول فلسطين المحتلة، حتى إذا أذنت الولايات المتحدة، فهناك مساع لتفكيك الدول والمجتمعات وادعاء حماية الأقليات. في خمسينيات القرن العشرين، كانوا يريدون حماية الأقليات في لبنان، والآن يريدون حمايتها في سورية. وكيف يكون حاميا ذلك الذي يشن حروب إبادة على الناس في كل مكان؟. إنها غطرسة القوة التي نادرا ما شهدت مناطق العالم الأخرى مثيلا لها. فالحذر يعني تثبيت الوحدات الوطنية، وتجنب شهر السلاح بدون داع، والالتفاف من حول إداراتنا الوطنية والعربية والإسلامية".

تابع:" أيها المسلمون أيها اللبنانيون، يقول الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم: "إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر". وهذا هو الارتباط الذي يريدنا سبحانه وتعالى أن نفهمه، أي الترابط بين العبادات والأخلاق والوطنية ووحدة الأوطان، وكل ذلك من العمل الصالح الذي يريدنا الله سبحانه وتعالى أن نصير إليه، لنأمن في أبداننا وأوطاننا وحاضرنا ومستقبلنا. عندما تكون الصلاة ناهية عن الفحشاء والمنكر، أي عن الشر والضرر، فلأنها دعاء من العبد لله عز وجل أن يقي أفرادنا وجماعتنا وأوطاننا شرور المطامع، وشرور العدو، وشرور المغامرات والأهواء".

وقال:" أيها المسلمون أيها اللبنانيون، أريدكم أن تستعيدوا الثقة بوطنكم وبسلطاتكم. وإنما ينال الذئب من الغنم القاصية. لقد استعدنا الرشد بعد الإعاقات والانتكاسات لأعوام وأعوام. والمرجو وقد شهد رمضان مشاهد تضامن كبرى، أن نتجاوز الماضي بحروبه وانتكاساته، وأن نقف وراء السلطات المنتخبة، التي تعد بثلاثة أمور كبرى: إنهاء الحروب بالجنوب، والإصلاح الكبير المالي والاقتصادي، واستعادة العلائق الوثيقة بالعرب وبالمجتمع الدولي. والذي نعرفه جميعا أن هذه الأمور مترابطة، فلا سلام وسلامة لجنوب لبنان إلا بإنفاذ القرارات الدولية، ولا قدرة على الإصلاح واجتراح تقاليد معيشة جديدة وآمنة إلا بتجاوز مراحل الشد والجذب والمراوحة، ولا وقف للحروب والأزمات إلا باستعادة الثقة مع المحيط والعالم. نريد بالفعل الخروج من الطائفية القاتلة، ومن المحاصة التي تهدم قوام الوظيفة العامة. ونريد قبل ذلك وبعده أن تستعيد العدالة القضائية استقلالها ونزاهتها وكفاءتها. لا نريد أبدا العودة إلى التجاذب بشأن الصلاحيات، وبشأن الطائف والدستور. فنحن مؤمنون بأن هذا العقد الذي جرى الإجماع عليه، هو لمصلحة المجموع اللبناني الواحد، ولا تفرقة فيه ولا محاباة، وإنما هو السلام الاجتماعي والسياسي الذي لا يقبل التحزب، ولا الاستهداف ولا الانشقاق. نعم لقد عدنا للحديث وبدون خوف أو وجل في الأولويات، والإجماعات، والمصالح العمومية، والوضع الاقتصادي سيء، لكن التفرقة الطائفية تجعل من التعرقل الاقتصادي داء لا دواء له. إن سلطاتنا الواثقة من نفسها، ومن وقوف الشعب من ورائها، ماضية في هذه السبل الإسلامية والتحريرية. وهي محتاجة إلى دعمنا الفعال، والعلني وليس السري. نستطيع بعد أن انتظرنا سنوات وسنوات، أن نضع عباداتنا في خدمة أوطاننا. نعم ينبغي أن نخرج من التطيف والطائفية، وأن يكون الدين مدعاة للوحدة والتضامن بين الجميع. لقد قضينا زمانا ونحن ننتظر ونترقب عند كل تعيين أو توظيف، فنحوله إلى مصالح طائفية لا تسمن ولا تغني من جوع. إذا خرجنا من الطائفية، نستطيع أن نوقف تحريض الطائف واستخداماته غير الوطنية، كما نستطيع أن نكمل الطائف بدلا من تعطيله. في طليعة التفكير الآن إنهاء مشكلة السلاح التي يلح عليها الدوليون بالتوافق على انفراد الدولة بالسلطة والسلاح، ونستطيع السير نحو تجاوز الطائفية السياسية. نعم، نستطيع ذلك كله بالثقة التي نضعها في العهد، وهي الثقة التي لا يبقى في ظلها غير سلاح واحد لدولة واحدة، ونظام سياسي واحد لدولة قوية وعادلة".

أضاف:"هناك حديث كثير اليوم حول الانتخابات البلدية والاختيارية وانتخابات النيابية العام ٢٠٢٦. ولا بأس بذلك، لكن القرآن يقول: " إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم". فلتكن الثقة بالنظام وبالوطن داعية للعبور إلى النظام الذي انتظرناه طويلا ، الذي خرج من أجله شبابنا وكبارنا في العام ٢٠٠٥ و ٢٠١٩. أنتم تشهدون ما يجري بفلسطين وسورية، ويكون علينا أن نخرج من هذا المخاض إلى رحاب الوطن المنشود. رحاب الوطن الدستوري والمستقل والمحفوظ الكرامة، والقائم على المواطنة الجامعة".

ختم: "أيها المسلمون، لقد كان رمضان هذا العام فريدا من حيث الإقبال على العبادات، وعلى أفعال الخير، والبر، والقسط، وحفظ الحقوق، والأخلاق الكريمة. وما انحلت الأزمة المعيشية بعد، ولا هدأت النزاعات الصغيرة، ولا توقفت تجاوزات العدو واعتداءاته وانتهاكاته، لكننا نخرج من رمضان بروح الثقة والتضامن، والأمل في أن يتحقق بالتعاون والتشارك ما تعذر تحقيقه من قبل، بسبب التفرق والخصام وأوهام الاستئثار والغلبة. فليكن العيد مناسبة للفرح ونشر الخير بين الناس. وكل عيد فطر سعيد وانتم بخير أيها المسلمون وأيها اللبنانيون ولبنان ان شاء الله الى مزيد من الأمن والاستقرار والسلام".

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

28 آذار 2025 13:27