رأي منير - تعليق على الأحداث مع الاعلامي منير الحافي
بدأ شهرُ رمضان هذا العام، في الأول من آذار الميلادي، وتصادف مع بداية زمن الصوم لدى إخواننا المسيحيين، كاثوليكاً وأورثوذكساً، والذي يستمر أربعين يوماً.
يا للمصادفة التقويمية الجميلة، أن يصوم الجميعُ في زمن واحد وفي مكان واحد.
المهم، أن الهدف من الصوم واحد، فهو فريضة أمرنا الله بها.
وأسُّ إقرارها كما يقول المنطق وعلماء الدين، أن نشعر مع الفقير، ذلك الشخص الذي لا يستطيع أن يحصل على الطعام والشراب بسبب قلة حيلته.
وهكذا يكون المسلم والمسيحي في صيامهما، يستشعران حاجة المسكين والضعيف، فيهبان إلى مساندته والعطف عليه، والتصدق إليه.
أصدقائي المستمعين، فكرتُ وأنا أكتب هذه الحلقة، هل نحن نراعي الأصول في كيفية صيامنا وإفطارنا؟
وهل نحن نحقق الهدف من صيامنا؟
لا شك كما قلتُ، الصيام فرض.
وكما يقول الحديث الشريف:«قال الله عزّ وجلّ: كل عمل ابنِ آدم له، إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به».
ومعنى ذلك أن للصيام قيمة كبرى عند الله سبحانه وتعالى، لدرجة لا يعرفها الإنسان، والله تعالى هو الذي يعطي الجزاء للصائم سواء في الدنيا أم في الآخرة.
تبقى الطقوس الدنيوية المترافقة مع الصيام.
فهل الإفطار المبالغ فيه بعد صوم طويل، هو جزء من هذا الصيام؟
أليس المطلوب أن يتماشى الإفطار مع فكرة الصوم المثالية، وأن يتم الإفطار على شيء من طعام وشراب، تنفيذاً لفكرة تعويد النفس على القليل، ومنعها عن كثرة المأكل والمشرب؟
أنا أرى أن الاعتدال الشديد في الطعام عند الإفطار، واجب وخير من التخمة والإفراط في الطعام الدسم والحلويات وكل ما هو غير صحي سواء عند الإفطار أو عند السحور قبل صيام اليوم التالي.
أمر آخر أشاهده في رمضان.
كثرة الإفطارات التي تقيمها الجمعيات والأندية ناهيك عن المؤسسات.
لا شكّ أنه يحق لهذه المؤسسات أن تقيم إفطاراتها الريعية التي تعتمد على تبرعات أهل الخير لإدارة مشاريعها الخيرية أو التنموية وغير ذلك.
لكن ما يلفت هو وجود الأشخاص أنفسهم في كل الإفطارات.
وهذا الأمر يجب إيجاد حل له.
أقترح أن يكون هناك إفطار واحد موحد تقيمه جهة واحدة في وقت واحد وفي مكان كبير، تعود مداخيله إلى مؤسسات خيرية مشاركة في إقامة الإفطار.
وإن لم يكن إفطار واحد، فلا بأس بعدة إفطارات تقيمها جهاتٌ متعاونة.
والجماعة خير من الفرد.
أما الإفطارات التي لا يكون هدفها جمعَ المساعدات المالية، فيمكن إقامتها على شرف الأصدقاء والمحبين، على أن يكون معظم المدعويين من المساكين والفقراء، الذين لا يملكون مالاً لشراء الطعام الذي يسدّ جوعهم.
أرى أن الأهم من إقامة الإفطارات الباذخة، هو إرسال أموال الزكاة والفطرة إلى مستحقيها الفقراء في بيوتهم، من غير ضوضاء ولا إعلان.
هكذا الكل يستفيد.
المستفيد الأول هو العاطي الذي يكسب ثواب عطائه عند ربه.
وجزاؤه عند الله سبحانه وتعالى.
والأفضل أيضاً، رصدُ المال لمساعدة الناس على دخول المستشفيات أو الطبابة.
أشاهد وأسمع عن مئات الحالات لأشخاص عاديين متوسطي الحال، لا يستطيعون إدخال أنفسهم أو مرضاهم إلى المستشفيات، وهذا أمر محزن جداً في غياب الدولة والإدارات المعنية.
الأفضل من صرف المال على غير المحتاجين، هو صرفه على المحتاجين من طلاب الجامعات الذين لا يستطيعون الدخول إلى الجامعات الخاصة حتى الرسمية.
البعض يدخل في سنة أولى ثم يتوقف لعدم قدرة أهله على دفع الأقساط.
رمضان كريم وعظيم.
ليتنا نرصد ما نريد صرفه على الطعام والشراب واللهو، على الغاية الأساس التي أوجده الله، لأجلها.
وهو مساعدة النفس على الصحة من خلال الصيام إذ يقول الرسول العربي صلى الله عليه وسلّم: «صوموا تصحوا»، كما على مساعدة غيرنا من الفقراء والمحتاجين.
دعونا نطبّق هذه القاعدة: «رمضان شهر الصيام، لا شهر الطعام».
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.