تشهد الحدود الشمالية للبنان منذ أيام حركة نزوح كثيفة باتجاه الأراضي اللبنانية، وبالتحديد باتجاه منطقة عكار الحدودية، إذ يهرب مئات السكان من مناطق الساحل السوري بعد المواجهات الأمنية التي حصلت بين القوات الحكومية السورية ومناصرين للنظام السابق، ويلجأ الفارون إلى قرى في شمال لبنان.
وكان النائب اللبناني سجيع عطية أول مَن رفع الصوت للتنبيه مما يحصل، متحدثاً عن «موجات كبيرة جداً» من النزوح عند الحدود الشمالية بين سوريا ولبنان، وتحديداً في عكار. وأشار عطية في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الآلاف يصلون إلى 5 أو 6 قرى علوية في عكار، بحيث بات المنزل الواحد يعيش فيه العشرات»، لافتاً إلى أن «عدد الوافدين في يوم واحد بلغ 10 آلاف، بحيث إن النازحين من الساحل السوري يصلون وفوداً عبر الحدود غير الشرعية». وأضاف: «حالياً لا معابر شرعية بيننا وبين سوريا في شمال لبنان. فإسرائيل قصفت المعابر الثلاثة (الشرعية) وهي العريضة والعبودية والبقيعة، ومن ثم لا أمن عام لضبط حركة النزوح. كما أن الجيش اللبناني لا يتصدى لهذه الموجات».
وشدد عطية على وجوب قيام الدولة اللبنانية بواجباتها واتخاذ الإجراءات المناسبة لجهة إحصاء الداخلين وتنظيم دخولهم، مستهجناً عدم التعلم من تجربة النزوح السابقة. وقال: «إذا استمر الوضع على ما هو عليه، فإن مليون نازح سوري جديد سيضافون إلى مليونين وصلوا قبل سنوات».
وأشار إلى أن «عكار، التي تكاد تكون منطقة نازحة في لبنان، أصبحت تستضيف آلاف النازحين، كما أن نحو ألفي نازح وصلوا مؤخراً إلى منطقة جبل محسن في طرابلس (عاصمة الشمال اللبناني)»، موضحاً أنه أطلع نائب رئيس الحكومة طارق متري على هذه المعطيات ليقوم بدوره بإبلاغ رئيس الحكومة نواف سلام بها «لاتخاذ الإجراءات اللازمة».
ووفق المعلومات، لا تقوم مفوضية اللاجئين بأي دور في مجال إحصاء الداخلين حديثاً من المعابر الشمالية أو تقديم المساعدات لهم.
ويستهجن العميد المتقاعد ابن منطقة عكار الحدودية، جورج نادر، تحويل لبنان إلى بلد لجوء، قائلاً: «كلما اهتز الاستقرار في سوريا توافد مئات الآلاف إلى لبنان». وتساءل: «هل نستطيع استيعاب مليون سوري جديد ينزحون من الساحل السوري لينضموا إلى مليوني سوري كانوا قد نزحوا منذ 2011 وحتى قبل ذلك في إطار النزوح الاقتصادي إلى لبنان؟ عندها وبالإضافة إلى اللاجئين الفلسطينيين الموجودين لدينا سيصبح عدد كل هؤلاء أكثر من عدد اللبنانيين! هل يقبل أي بلد في العالم واقعاً مثل هذا؟».
ويُشدد نادر -في تصريح لـ«الشرق الأوسط»- على وجوب أن «تتحمل الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية مسؤولياتهما في هذا المجال. فلا اقتصادياً يمكن أن نتحمل تبعات ما يحصل ولا ديموغرافياً ولا اجتماعياً ولا البنية التحتية قادرة على استيعاب المزيد».
ووفق البيانات الرسمية اللبنانية، يتجاوز عدد النازحين السوريين المليونين، علماً بأنه تم تسجيل عودة نحو 300 ألف منهم بعد سقوط نظام بشار الأسد في سوريا. إلا أن الآلاف عادوا مجدداً إلى لبنان نتيجة الأوضاع الاقتصادية الصعبة في سوريا.
وحاول رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي، خلال زيارة قام بها إلى دمشق في يناير (كانون الثاني) الماضي، التقى خلالها الرئيس السوري أحمد الشرع، الدفع قدماً بملف العودة، إلا أنه منذ ذلك الوقت لم يتم تحقيق أي خرق في هذا المجال. وكذلك بحث رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون بهذا الملف مع الشرع، على هامش اجتماع جامعة الدول العربية في مصر. وتم الاتفاق على التنسيق عبر لجان مشتركة تُشكَّل بعد تأليف الحكومة السورية الجديدة، كما تم «تأكيد ضرورة ضبط الحدود بين البلدين لمنع كل أنواع التجاوزات».
المصدر - الشرق الأوسط
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.