8 آذار 2025 | 08:15

عرب وعالم

إعدامات ميدانية في الساحل السوري وتحذير من "دوامة عنف"!

إعدامات ميدانية في الساحل السوري وتحذير من

على وقع تقرير لـ"المرصد السوري لحقوق الإنسان" يُفيد بـ"إعدام 162 مدنيّاً علويّاً على الأقل في شمال غرب سوريا"، على يد قوات الأمن، مع تزايد عمليات الإعدام الميدانية والاشتباكات المسلّحة، حضّ الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع، مساء الجمعة، المقاتلين العلويين على تسليم سلاحهم وأنفسهم "قبل فوات الأوان".

وقال الشرع: "قد اعتديتم على كل السوريين وإنّكم بهذا قد اقترفتم ذنباً عظيماً لا يغتفر، وقد جاءكم الرد الذي لا صبر لكم عليه فبادروا إلى تسليم سلاحكم وأنفسكم قبل فوات الأوان"، وذلك في خطاب بثّته قناة الرئاسة السورية على منصة "تليغرام".

وتابع الرئيس الانتقالي بالقول: "سنستمر بحصر السلاح بيد الدولة ولن يبقى سلاح منفلت".
وأشار "المرصد السوري" إلى وقوع "خمس مجازر منفصلة أودت بحياة 162 مدنيّاً في المنطقة الساحلية السورية، الجمعة، بينهم نساء وأطفال"، موضحاً أنّ "الغالبية العظمى من الضحايا تم إعدامهم بإجراءات موجزة على يد عناصر تابعين لوزارتي الدفاع والداخلية".

وبذلك ترتفع الحصيلة الإجمالية للقتلى منذ اندلاع أعمال العنف الخميس إلى أكثر من 250 شخصاً.

وأعلنت السلطات السورية، الجمعة، تمديد حظر التجوال في مدينتَي طرطوس واللاذقية في ظل اشتباكات اندلعت الخميس وتعدّ "الأعنف" منذ إطاحة الأسد في الثامن من كانون الأول/ديسمبر. وتُشكّل المعارك مؤشّراً على حجم التحديات التي تواجه الشرع لناحية بسط الأمن في عموم سوريا، مع وجود فصائل ومجموعات مسلحة ذات مرجعيات مختلفة بعد 13 عاماً من نزاع مدمر.

وأعلنت السلطات في سوريا الجمعة، إطلاق عملية أمنية في مسقط عائلة الأسد. ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) عن مصدر في وزارة الدفاع قوله: "تقوم قواتنا الآن بتنفيذ عمليات نوعية دقيقة بالتنسيق مع قوى الأمن العام ضد فلول النظام البائد التي غدرت بقواتنا وأهلنا في مدينة القرداحة".

ووصلت تباعاً تعزيزات عسكرية الى المنطقة الساحلية، وبدأت "عمليات تمشيط واسعة في مراكز المدن والقرى والبلدات والجبال المحيطة" في محافظتي طرطوس واللاذقية، تستهدف "فلول ميليشيات الأسد ومن قام بمساندتهم ودعمهم"، وفق ما نقلت سانا عن مصدر قيادي في إدارة الأمن العام.

وشمل التمشيط مدينة جبلة ومحيطها، حيث هاجم مسلحون موالون للأسد ليل الخميس رتلاً لقوات الأمن، موقعين قتلى، قبل أن تندلع اشتباكات عنيفة، تم إثرها فرض حظر تجوال.

"الجميع خائفون"

وقال علي، أحد سكان مدينة جبلة متحفّظاً عن ذكر شهرته لوكالة "فرانس برس": "سمعنا خلال الليل دوي إطلاق رصاص وانفجارات (..) الأمر أشبه بحرب شوارع"، مشيراً إلى أنّ "لا شيء يُطمئن" مع وصول تعزيزات عسكرية "كبيرة جدّاً". 

وأوضح أنّه "يلزم الناس منازلهم والجميع خائفون".

وأعلن "المرصد" أنّ أفراداً من قوى الأمن، بينهم أجانب، اقتحموا المنازل وأعدموا مدنيين بإجراءات موجزة، لا سيّما في مدينة بانياس.

كما نشر ناشطون و"المرصد السوري" مقاطع فيديو تظهر عشرات الجثث بثياب مدنية مكدسة قرب بعضها بعضا في باحة أمام منزل، وقرب عدد منها بقع من الدماء، بينما كانت نسوة يولولن في المكان. 

وفي مقطع آخر، يظهر عناصر بلباس عسكري وهم يأمرون ثلاثة أشخاص بالزحف على الأرض، واحدا تلو الآخر، قبل أن يطلقوا الرصاص عليهم من رشاشاتهم من مسافة قريبة. ويظهر في مقطع ثالث مقاتل بلباس عسكري وهو يطلق الرصاص تباعا من مسافة قريبة على شاب بثياب مدنية في مدخل مبنى قبل أن يريده قتيلاً.

وقال مصدر أمني في وزارة الداخلية، وفق ما نقلت عنه وكالة الأنباء الرسمية "سانا"، إنّه "بعد قيام فلول النظام البائد باغتيال العديد من عناصر الشرطة والأمن، توجهت حشود شعبية كبيرة غير منظمة للساحل، مما أدى لبعض الانتهاكات الفردية".

 وتابع "نعمل على إيقاف هذه التجاوزات التي لا تمثل عموم الشعب السوري"، من دون شرح ماهية الانتهاكات.

 

"قنبلة موقوتة"

بدوره، يرى الباحث في مؤسسة "سنتشوري انترناشونال" آرون لوند أنّ "المسلحين العلويين لا يشكّلون تهديداً لسلطة الشرع، لكنهم يمثّلون تحدّياً محليّاً خطيراً"، مبدياً خشيته من أن يطلق التصعيد الأخير "العنان لتوترات من شأنها أن تزعزع الاستقرار بشكل كبير".

ويضيف: "يشعر الطرفان بأنهما تحت الهجوم، وكلاهما تعرض لفظائع مروعة على يد الآخر"، في وقت لا تملك حكومة الشرع للتعامل مع المسلحين العلويين، إلّا "سلطة القمع، وجزء كبير من هذه السلطة يتكون من متشددين جهاديين يعتبرون العلويين أعداء الله".

ويتابع قائلاً: "لذا عندما تقع هجمات، تنطلق هذه الجماعات لتجوب القرى العلوية. لكن تلك القرى مليئة بالمدنيين الضعفاء، وبالعسكريين السابقين المسلحين" منبها "إنها قنبلة موقوتة".

وتشهد محافظة اللاذقية توترات أمنية منذ أيام، لكنها اشتدت الخميس في قرية بيت عانا، حيث خاضت قوات الأمن اشتباكات مع مسلحين تابعين للعقيد السابق في الجيش خلال حقبة الأسد سهيل الحسن، الملقب بـ"النمر" والذي كان يعد من أبرز القادة العسكريين.

واتهمت الاستخبارات السورية الجمعة "قيادات عسكرية وأمنية سابقة تتبع للنظام البائد" بالوقوف خلف الهجمات في الساحل.

وأعرب المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسن عن قلقه إزاء "التقارير المثيرة للقلق الشديد عن سقوط ضحايا من المدنيين" تستدعي "بشكل واضح ضرورة ضبط النفس من جانب جميع الأطراف".

إلى ذلك، دعت روسيا الى "التهدئة" ووضع حد لـ"سفك الدماء" في سوريا. وأكّدت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا استعداد بلادها "لتنسيق الجهود بشكل وثيق مع الشركاء الأجانب لتهدئة الوضع".

ليلاً، حضّت وزارة الخارجية الألمانية كل الأطراف في سوريا على تجنّب "دوامة العنف". وأعربت الخارجية الألمانية في بيان عن "صدمتها إزاء العدد الكبير للضحايا في المناطق الغربية في سوريا. ندعو كل الأطراف إلى السعي... لحلول سلمية والوحدة الوطنية والحوار السياسي الشامل والعدالة الانتقالية لتخطي دوامة العنف والكراهية".

من جهتها، أعربت الخارجية الإيرانية عن معارضتها الشديدة "قتل سوريين أبرياء وإلحاق الأذى بهم"، معتبرة ذلك "بمثابة تمهيد للطريق لنشر انعدام الاستقرار في المنطقة".

ودان الأردن كل محاولة "تستهدف أمن سوريا". وكتب وزير خارجية الأردن أيمن الصفدي على إكس "ندين كل المحاولات والمجموعات والتدخلات الخارجية التي تستهدف أمن سوريا الشقيقة وسيادتها وسلمها".

وأكدت السعودية الجمعة وقوفها الى جانب السلطات السورية في مواجهة "مجموعات خارجة عن القانون"، مؤكدة وقوفها "الى جانب الحكومة السورية في ما تقوم به من جهود لحفظ الأمن والاستقرار والحفاظ على السلم الأهلي". وأكدت مصر وتركيا دعمهما للسلطات الجديدة. كما دانت الإمارات العربية المتحدة أعمال العنف.

ومنذ الخميس، أسفرت أعمال العنف عن مقتل 45 مقاتلاً موالين للأسد و50 من عناصر قوات الأمن، وفق "المرصد".

ويُشكّل العلويون نحو تسعة في المئة من سكان سوريا ذات الغالبية السنية. وشاركوا خلال حكم عائلة الأسد لأكثر من خمسة عقود، خصوصا في المؤسسات العسكرية والأمنية التي لطالما اعتمدت الاعتقال والتعذيب لقمع أي معارضة.

وشهدت مدينة اللاذقية في الأيام الأولى بعد إطاحة الأسد، توترات أمنية تراجعت حدتها في الآونة الأخيرة. لكن ما زالت تسجل هجمات عند حواجز تابعة للقوى الأمنية من وقت إلى آخر، ينفذها أحيانا مسلحون موالون للأسد أو عناصر سابقون في الجيش السوري، وفق "المرصد" أيضاً.

ويُفيد سكان ومنظمات بين حين وآخر بحصول انتهاكات خلال عمليات تنفذها قوات الأمن، تشمل مصادرة منازل أو تنفيذ إعدامات ميدانية وحوادث خطف، تضعها السلطات في إطار "حوادث فردية" وتتعهد ملاحقة المسؤولين عنها.

والجمعة، أعادت منظمة التعاون الإسلامي عضوية سوريا التي تم تعليقها عام 2012 في وقت مبكر من الحرب الأهلية إبّان حكم بشار الأسد.

وقالت وزارة الخارجية السورية في بيان "يمثّل هذا القرار خطوة هامة نحو عودة سوريا إلى المجتمعين الإقليمي والدولي كدولة حرة وعادلة".

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2025 08:15