ارتبط اسمه بشهر رمضان المبارك.. يلازم لياليه، متنقلاً بين حي وآخر وشارع وآخر ، منبهاً النائمين الى السحور .
هو نجم رمضان الذي لا يأفل مهما زاحمته التكنولوجيا من هواتف ذكية ووسائل تنبيه وايقاظ الكترونية، فحتى بوجودها يبقى للمسحراتي دور ومهمة ومكانة في رمضان ..
على الرغم من تراجع عدد المسحراتية الذين توارثوا المهنة أباً عن جد أو تماهوا معها حتى باتت تلازم أسماءهم او أسماء عائلاتهم ، لا يزال المسحراتي في مدينة صيدا (جنوب لبنان) جزءاً من المشهد الرمضاني الليلي خاصة في المدينة القديمة التي بقيت تحتفظ بروحية وتراث الشهر المبارك الذي تتألق فيه مساجدها وساحاتها ومعالمها التراثية ومقاهيها وحاراتها وبيوتاتها ، بزينة وأضواء وبهجة الشهر الكريم .
مرتدياً زيّه التقليدي ، ممسكاً بطبلة صغيرة ينقر عليها بأداة حديدية أو خشبية ، ليتردد صوتها في فراغات الأزقة والزواريب المقنطرة ، يواظب المسحراتي عباس قطيش على مهنة المسحراتي التي عرفها منذ ربيع عمره. على إيقاع طبلته مردداً عباراته الشهيرة "إصح يا نايم وحّد الدايم رمضان كريم " ، تبدأ فترة السحور.. يوقظ النائمين ، يواكب الساهرين في الأحياء والساحات والمقاهي ، يحترمه ويمازحه الكبار ويحبه الصغار فيرافقونه حيثما تنقل.
هو واحد ممن تبقوا او اكملوا مسيرة الرعيل الأول من مسحراتية صيدا.. اول عهده بهذه المهنة حين كان في العقد الثاني من عمره، حيث كان يرافق من سبقه اليها ، وبقي يواظب عليها سنة تلو سنة ، حتى ذاع صيته واصبح يُطلب في المناسبات الرمضانية ( احتفاليات استقبال شهر رمضان وحفلات الإفطار والسحور ) الى جانب جولته اليومية في كل ليلة من ليالي الشهر المبارك. لا يثنيه برد ومطر الشتاء ولا حر الصيف (اذا صودف رمضان في أي منهما ) عن اكمال مهمته سيراً على الأقدام !.
يقول عباس : اعمل بهذه المهنة منذ 35 عاماً . وأنطلق بجولتي كل يوم الساعة الواحدة من بعد منتصف الليل، اتنقل داخل أزقة وحارات صيدا القديمة اوقظ النائمين الى السحور، اناديهم إما بأسمائهم – وانا صرت اعرف معظمهم ويعرفونني – او بأسماء عائلاتهم او بمناداتهم بشكل عام :" يا مؤمنين وحدوا الله .. يا صائمين وحدو الله ، قوموا الى طاعة الله ، يرحمنا ويرحمكم الله ، رمضان كريم .. اصح يا نايم وحد الدايم ، رمضن كريم .." .
وعن مدى تفاعل الناس معه ، يقول قطيش : لا يزال الناس يقدرون مهنة المسحراتي ودوره والدليل انهم يتجاوبون معي عند ايقاظهم للسحور، وبعض الساهرين، يرددون ما أقوله انسجاماً وتفاعلاً، وخاصة في المقاهي والساحات التراثية ، وبعضهم ولا سيما الأطفال يحبونني ويسارعون لمرافقتي والتقاط الصور معي .
ويضيف : رغم تطور الحياة ودخول التكنولوجيا الى كل شيء فيها، لا يزال للمسحراتي حضوره ودوره في شهر رمضان ، لأنه جزء من تراث وذاكرة المدينة فيه.
ويشير قطيش الى أنه قد يُدعى او يطلب منه تقديم فقرة المسحر في نشاط تراثي او رمضاني هنا او هناك قبل أن يحين موعد " جولته الليلية!.
رأفت نعيم
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.