زياد سامي عيتاني*
كان نجوم الزمن الجميل يحملون لشهر رمضان المبارك العديد من الذكريات والمواقف التي حدثت لهم فى حياتهم ولا ينسوها ويتحدثون عنها كلما كلنوا يسترجعون مشوار حياتهم.
فمثلما كان محمد عبد الوهاب ملتزماً في مجال الفن وفي تقديم كل ماهو جديد للموسيقى العربية، كانت له نوادر وحكايات فريدة وطقوس مميزة خلال شهر رمضان المبارك، الذي كانت له في نفسه مكانة عزيزة.
مع قدوم شهر رمضان كل عام كان محمد عبد الوهاب يلتزم بتنفيذ وصية والده والعودة إلى مسقط رأسه في باب الشعرية، ويؤذن لصلاة المغرب من فوق مأذنة مسجد سيدي الشعراني، وهي العادة التي كان يواظب عليها والده.
**
•مؤذن في جامع "سيد الشعراوي":
فمثلما كان محمد عبد الوهاب ملتزما في مجال الفن وفي تقديم كل ماهو جديد للموسيقى العربية، كانت له نوادر وحكايات فريدة وطقوس مميزة خلال شهر رمضان المبارك، الذي كانت له في نفسه مكانة عزيزة.
مع قدوم شهر رمضان كل عام كان محمد عبد الوهاب يلتزم بتنفيذ وصية والده والعودة إلى مسقط رأسه في باب الشعرية، ويؤذن لصلاة المغرب من فوق مأذنة مسجد سيدي الشعراني، وهي العادة التي كان يواظب عليها والده.
وفقاً لتقرير نشرته مجلة "الكواكب" في 15 مارس 1960، إن من أبرز العادات التي لم يكن يفوتها عبد الوهاب خلال شهر رمضان المبارك منذ طفولته، إنه كان يؤذن من على مئذنة مسجد "سيد الشعراني" ويدعو الناس إلى الصلاة طوال الشهر المبارك، مستفيداً من جمال صوته الذي كان يلقى صداً إيجابياً بين سامعيه، نظراً لتقيده بأحكام المقامات دون أي خطأ، رغم صغر سنه.
وبقي عبد الوهاب مواظباً على رفع الآذان عن إيمان راسخ طيلة حياته في رمضان، لا سيماً آذان الفجر، حيث كان يواظب على تأدية صلاتها في هذا المسجد خلال شهر الصيام.
يذكر أن عبد الوهاب أُلتحق بكتّاب جامع سيدى الشعراني بناءً على رغبة والده الذي أراده أن يلتحق بالأزهر ليخلفه بعد ذلك في وظيفته وحفظ عدة أجزاء من القرآن قبل أن يهمل تعليمه ويتعلق بالطرب والغناء، حيث شغف بالاستماع إلى شيوخ الغناء في ذلك العصر مثل الشيخ سلامة حجازي وعبد الحي حلمي وصالح عبد الحي، وكان يذهب إلى أماكن الموالد والأفراح التي يغني فيها هؤلاء الشيوخ للاستماع لغنائهم وحفظه، ولم ترض الأسرة عن هذه الأفعال فكانت تعاقبه على ذلك...
**
•أدعية دينية مغناة:
الموسيقار محمد عبد الوهاب لم يغن أغانى صريحة لشهر رمضان الكريم ولكنه وبحكم نشاته الدينية غنى عدد من الأدعية الدينية الشهيرة التى كانت تذاع خلال الشهر المعظم وربما أشهرها دعاء " أغثنا ادركنا يا رسول الله"من تاليف حسين السيد عام 68، "لبيك اللهم لبيك" كلمات احمد شفيق كامل عام 88.
**
•خادم بين يدي الشيخ محمد رفعت:
علاقة مميزة وجيدة، جمعت الشيخ محمد رفعت برموز المجتمع الذين عاصروه، ومنهم موسيقار الأجيال محمد رفعت، وسيدة الغناء العربي أم كلثوم، والشيخ محمد متولي الشعراوي، والفنان نجيب الريحاني، وآخرون، حسب حفيدة رفعت، التي أكدت أنّ عبدالوهاب كان صديقا لجدها، وكانا حريصان على أن يحضرا معاً ليالي الإنشاد الديني، وقال عنه عبدالوهاب: "أنا والشيخ رفعت أصدقاء حتى يبدأ قراءة القرآن، أتحول إلى خادم بين يديه".
**
•الإنشاد الديني ينقذه في إحدى السهرات:
كان شهر رمضان قديما موسما يزداد فيه عمل الفنانين والفنانات، ولاسيما فى الحفلات التى كانت تقام في عواصم المحافظات، وقد حدث أن نظم أحد متعهدي الحفلات رحلة فنية كان بطلها الموسيقار محمد عبدالوهاب مع فرقته الى بعض بلاد الوجه القبلي، وفي إحدي المدن التي خلت من المسارح الغنائية أعد المتعهد سرادقًا ضخمًا يتسع لأكثر من 3 آلاف شخص، وباع المتعهد جميع تذاكر الحفل.
كان أغلب من إشتروا التذاكر من أعيان وأثرياء هذه البلدة القبلية، وقد حضروا جميعًا وعلى رأسهم الشخصيات الرسمية التي تمثل المحافظة والعمد وكبار الموظفين.
وشرع عبدالوهاب في الغناء داخل السرادق وما إن إستهل في الغناء حتى اعترضه أحد الحاضرين الذي هب واقفا وصاح "إيه الحكاية إحنا في رمضان وده شهر كريم وعايزين نسمع تواشيح مش حب وكلام فارغ".
وحاول المتعهد حل هذه المشكلة وذلك بالاستعانة ببعض الأعيان لإقناع الرجل أن عبد الوهاب مطرب وليس مبتهلا وأن التواشيح من اختصاص المقرئين والمبتهلين.
ولكن الرجل لم يقتنع، والتفت إلى حاشيته التي كانت تحيطه من كل جانب، فشرعوا في إشهار بنادقهم وأطلقوا عدة أعيرة نارية في الهواء إظهارًا لاحتجاجهم بعد رفض طلب كبيرهم.
وما أن سمع عبد الوهاب صوت الطلقات، وعرف السبب حتى أسرع مع بعض أفراد تخته ينشدون بعض القصائد على الطريقة المتبعة في حفلات الذكر.
وانقلبت الحفلة الغنائية الي حفلة ذكر اشترك فيها جمهور المستمعين، ونجح محمد عبدالوهاب في إنقاذ الموقف بفضل الإنشاد الديني.
**
*إعلامي وباحث في التراث الشعبي.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.