9 آذار 2022 | 12:28

ثقافة

كلاسيرا تبادر في إنشاء الإطار الوطني للمؤهلات الرقميّة

كلاسيرا تبادر في إنشاء الإطار الوطني للمؤهلات الرقميّة

عقدت نقابة تكنولوجيا المعلومات في لبنان، ورشة عملها، في مسرح جامعة الروح القدس، الكسليك. وفي مداخلة الخبير الأوروبي اللبناني في تحديث وتطوير التعليم الدكتور بيار جدعون تحت عنوان التعلم الجزئي والتطوير الوظيفي (Micro-learning and Career Development) ركّز على أهميّة علاقة المؤسسات التربويّة وبالأخص الجامعيّة والمهنيّة مع سوق العمل، والضرورة لإنشاء الإطار الوطني للمؤهلات الرقميّة الذي يمثّل الركيزة الأساس في تمهين التعليم. ولقد نقل تهنئة شركة كلاسيرا إلى النقيب، وأعضاء النقابة ومنظمي ورشة العمل على الجهود التي يبذلوها لنشر الوعي الرقمي في عصر التحوّل الرقمي الذي نعيش فيه جميعا. واعتبر الدكتور جدعون بأن التكنولوجيا الرقميّة أصبحت متداخلة في نسيج حياتنا اليوميّة الإقتصاديّة، والإجتماعيّة، والتعليميّة، والصحيّة، والماليّة، والحقول كافة .

وبعدما استعرض الدكتور جدعون المفاهيم التربويّة الحديثة حول الكفايات والمهارات والفرق بينهما (نستعرضها أدناه) ، شرح مفهوم وأهميّة التعلّم الجزئي (Micro-learning)، والمؤهلات الجزئية (Micro-credentials)، وتأثيرها على التجدّد التربوي وجهوزيّة الطالبات والطلاّب لسوق العمل. واستند في خلال مداخلته، على أرقام دراسات حديثة من مؤسسات كلاسيرا (Classera)، وكورسيرا (Coursera)، وفيوتشرلرن (FutureLearn)، و يودمي (Udemy)، ومنظمة العمل الدوليّة (ILO)، ومنظمة اليونسكو العالميّة (UNESCO) التي شاركت مؤخرا في دراسة الإستراتيجية الجديدة للتعليم العالي في لبنان، والوكالة الجامعيّة الفرنكوفونيّة (AUF) التي نظّمت مع الوزارة اليوم الإستشاري الوطني حول إستراتيجيّة التعليم العالي.

وتأتي مبادرة كلاسيرا وتوصية الدكتور جدعون في ورشة العمل ، تعزيزا للجهود التي يبذلها وزير التربية والتعليم العالي الدكتور عباس الحلبي ،الذي يعمل من أجل بناء التعليم في لبنان بقطاعاته كافة، ولأن الوزارة تفتقد إلى الموارد الماليّة والبشرّية. فعلى سبيل المثال كان، في العام الماضي، في مديريّة التعليم العالي، نحو250 ملفا في أدراج الوزارة، وقد أصبحت اليوم بحسب الإعلان الرسمي على موقع الوزارة 381 ملفا بإنتظار "تفعيل عمل اللجنة الفنيّة الأكاديمية المشكّلة حديثاً". وعلّق جدعون قائلا لا نستطيع إنتظار دراسة الــ381 ملف ترخيص، أو مباشرة تدريس، أو اعتراف بشهادات ودراسات جامعية، فنحن في حاجة إلى الإطار الوطني للمؤهلات منذ أكثر من عشر سنوات.

لذلك دعونا نبدأ بالعمل على الإطار الوطني للمؤهلات الرقميّة ونتعاون مع بقيّة النقابات على مساعدتهم في إنشاء الإطار الوطني لحقل إختصاصهم، وعندما تصبح الوزارة جاهزة للعمل عليه، نقدّم لها نتيجة أعمالنا ونكون هكذا قد أسهمنا في البناء والعمل الوطني إنطلاقا من خبراتنا على أرض الواقع.

التعلّم الجزئي والمؤهلات الجزئية

يعتبر الدكتور جدعون بأننا نعيش في عصر رقمي وتكنولوجي يتطّور بسرعة، ومن لا يواكب التطوّر يفوته القطار ! ولذلك علينا أن نتطوّر معه بسرعة لكي نواكب استخدام الإبتكارات الحديثة ونستفيد من منافعها من أجل صمود ونجاح مؤسساتنا والمجتمع أمام المنافسة العالميّة المفترسة. وهذا ما يتطلّب منا التعلّم مدى الحياة. فنحن في حاجة إلى طريقة حديثة لنتعلّم مدى الحياة لأننا لا نستطيع ترك مؤسساتنا وعملنا كل يوم لكي نتعلّم مدى الحياة. ولقد أثبتت جائحة كورونا بنجاح العمل من بعد للمؤسسات التي كانت جاهزة رقميا. وهذا يعني أيضا من بين ما يعني بأن الموظفين والكوادر في الشركات وحتى في المؤسسات الفردية قد نجحوا، من جهة، في العمل من بعد ولم يتأثروا بالجائحة، ومن جهة ثانية، قد تابعوا تحصيل الكفايات والمعلومات وتطوير مؤهلاتهم ولو جزئيا بهدف تطوير ذاتهم من بعد. والأرقام أدناه تثبت ذلك. وأكّد بأن هذا التحوّل في عمليتي التعليم والتعلّم قد بدأ، ونجح، ولن يتوقّف.

يعرّف الدكتور جدعون الكفاية بالمعرفة والمهارة والسلوكيّات معا. ومنهم من يعتبر السلوكيات "صفات شخصيّة" أو "مهارات اجتماعيّة".

أما عن التعلّم الجزئي فيقول : إذا كان هدف التعليم أوالتعلّم الوصول إلى معرفة أو مهارة أو كفاية تشبه سنبلة القمح، فالتعلّم الجزئي هو تعليم أو تعلّم المعارف أوالمهارت أو الكفاية بما مقداره حبّة أو حبيبة قمح بفترة زمنية قصيرة بهدف تراكم المعارف أو المهارات أو الإثنين معا مع السلوكيّات للوصول إلى تكوين سنبلة المعرفة أو المهارة أو الكفاية الهدف.

أرقام تثبت أهميّة التعلّم الجزئي

في تقريرها الأخيرعن المهارات، أعلنت كورسيرا بأن منظومتها التعليميّة قد شملت العام الماضي أكثر من 77 مليون متعلّم في جميع أنحاء العالم بينهم 17 مليون في شمالي أميركا، و4.2 مليون في الشرق الأوسط وأفريقيا، و 4000 حرم جامعي، و 2000 شركة، وأكثر من 100 حكومة للكشف عن المسارات الوظيفية للمبتدئين، تتيح فرص عمل للعمال النازحين، والخرّيجين الجدد، وأي شخص يأمل في التقدّم في حياته المهنيّة.

وعن المهارات الرائجة في الشرق الأوسط وشمال افريقا أعلنت كورسيرا بأن الإستراتيجيات والعمليات، وميكروسوفت إكسل، والتسويق الرقمي، والتسويق، وإدارة المشروعات يأتون في أول المقررات في حقل الأعمال. وعلم الحاسب النظري، وبرمجة لغة سي، ومبادىء البرمجة، والتصميم والمنتجات يأتون في أول المقررات في حقل التكنولوجيا. أما برمجة لغة بايثون، والتعلّم الآلي الإحصائي، والتعلّم الآلي، وعلم الإحتمالات والإحصائيات، وخوارزميات التعلّم الآلي فيأتون في أول المقررات في حقل البيانات. ويعلّق جدعون قائلا : مهما كان الفاصل في تحديد الحقول فهذا يعني أن على مؤسساتنا الجامعيّة والتعليميّة في شكل عام أخذ العبر لتطوير برامجها ومواكبة تطوّر سوق العمل من جهة، والتأكيد على أهمية التعلّم الجزئي والتعليم الرقمي عبر الإنترنت من جهة ثانية.

جائحة كورونا والتحوّل الرقمي

ذكّر جدعون واستنادا إلى أرقام المفوضيّة الأوروبيّة أنه "في عام 2015 ، كان 44٪ من الأوروبيين ما زالوا يفتقرون إلى المهارات الرقميّة الأساسية بينما يتصل 79٪ من الأوروبيين بالإنترنت بانتظام (مرة واحدة على الأقل في الأسبوع) وتشير كل التوقعات إلى أن غالبية أشكال العمل ستتطلب مهارات رقميّة في المستقبل القريب". وعلّق قائلا: لسنا متأخرين كثيرا بالنسبة للشعوب ولكننا متأخرون لما يجب أن نكون عليه.

وذكّر استنادا إلى منظمة العمل الدوليّة أنه "في عام 2020 ، تسببت الجائحة في خسائر تعادل 255 مليون وظيفة بدوام كامل و 3.7 تريليون دولار من الدخل ، مما يجعله أخطر ركود منذ الكساد الكبير في الثلاثينيات". وعلّق قائلا: إن الملايين من العمال والموظفين غير مهيئين لمواكبة العصر الرقمي والإقتصاد العالمي الجديد. وهذه هي فرصة لكل متخصص في تكنولوجيا المعلومات. فالعالم اليوم في تحدّ جديد من أجل إعادة بناء القدرات وصقل المهارات.

الإطار الوطني للمؤهلات

ثم طرح جدعون ثلاثة أسئلة في ظلّ الإقتصاد الجديد والتنمية المستدامة وهي :

السؤال الأول حول بناء الكفايات المبنيّة على المعارف والمهارات ( Skilling)، وإعادة الصقل (Reskilling)، وتحسين المهارات (Reskilling).

السؤال الثاني الذي يعتمد على الأول هو: هل نحتاج للإعتراف بمؤهلاتنا ، وإذا كان جوابنا نعم،

السؤال الثالث هو: من هي السلطة التي ستعترف بمهاراتنا ومؤهلاتنا (هل هي هيئة وطنيّة معيّنة؟ أم النقابة؟ أم المؤسسة التي ستشغّل صاحب المؤهلات؟)

لذلك علينا جميعا العمل من أجل إنشاء إطار وطني للمؤهلات يترجم ما نتعلّمه بين عالمي التربية والتعليم من جهة وسوق العمل من جهة ثانية ، يساعد بوضوح بمعرفة مستوى أي معرفة ومؤهلات بين دولة وأخرى ويسهم في هذه القرية الكونيّة بعدالة الإعتراف بالمعارف والمؤهلات وجدول الرواتب عالميا.

فعلى سبيل المثال، إن شركة كلاسيرا تقدّم منظومتها للحكومات بالتعاون مع المحتوى التعليمي الخاص لشركة يودمي (Udemy) بغض النظر عما إذا كانت خطط تطوير الموظف تركز على:

المهارات التقنيّة : الحوسبة السحابية، الأمن السيبراني، علوم البيانات، عمليات تكنولوجيا المعلومات، تطوير البرمجيات

المهارات التكتيكية : ذكاء الأعمال ، التصميم وتجربة المستخدم، المالية والمحاسبة، الموارد البشرية وتنمية المواهب، التسويق، إدارة المشاريع، والمبيعات وتجربة العملاء.

أو مهارات القوّة (المعروفة سابقًا باسم Soft skills) ، فإن ثقافة التعلّم الداخلية هي ميزة تنافسيّة.

فمن يقيّم ويعترف بمهارات الموظف الجديدة المكتسبة بعد وجوده في سوق العمل؟ وهنا نصل إلى أهميّة الإطار الوطني للمؤهلات وأهميّة المؤهلات الجزئيّة (Micro-credentials) في عالم يكتشف فيه الموظفون فجوات في الكفايات المطلوبة في عملهم واكتسابها؟ فإن تعلّم معارف جديدة وتطبيق مهارات جديدة تساعد المؤسسات كافة تجاريّة كانت أو غير تجاريّة الى البقاء في المنافسة والتكيّف مع تطوّر واحتياجات السوق.

لذلك نؤمن بالأهميّة الإستراتيجيّة للإطار الوطني للمؤهلات (NQF) كأداة للشفافية ووضوح المؤهلات وبنائها عليه. ثم أعطى أمثلة من الأطر الوطنيّة للمؤهلات من إرلندا إلى استراليا وعرّج على أمثلة للإطارين للمؤهلات الرقميّة في أوروبا وكندا مذكرا بأن الحكومة في كندا أعلنت إطارها بنيسان 2019 وعلّق قائلا : يشدّد الإطار الكندي للمؤهلات الرقميّة أنه يجب أن تضمن الكفاية الرقميّة قدرة الأفراد على التكيّف مع الابتكارات التكنولوجية في السنوات القادمة، بما في ذلك التطورات في الذكاء الاصطناعي: لتقييم هذه التقنيات الجديدة في شكل نقدي، واعتماد وتنفيذ أي شيء يراه مفيدًا. فالإطار الوطني للمؤهلات لا يسهم فقط بالشفافية والوضوح للمؤهلات إنما يقود البلاد إلى التطوير. فالإطار الوطني للمؤهلات الكنديّة يقول على سبيل المثال في أحد بنوده بالنسبة للذكاء الإصطناعي: "تطوير وفهم عام (كل مواطن) للذكاء الإصطناعي وتأثيره على : التربية والتعليم، والمجتمع، والثقافة، والسياسة".

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

9 آذار 2022 12:28