21 آب 2021 | 13:10

منوعات

مسابح عين المريسة..ريف بحري على طرف العاصمة! (٢/١)


زياد سامي عيتاني*

لم ينشأ في بيروت حي بحري بالشكل الذي نشأ فيه حي عين المريسة، إذ لم تذع شهرة حي بيروتي على أنه حي بحري وعلى علاقة وطيدة ويومية بالبحر أكثر من شهرة عين المريسة.

فقد إختار الحي المذكور وساكنوه، منذ بداية تكوينه، أواخر القرن التاسع عشر، تلك الوجهة من الحياة المتصلة بموقعه عند الطرف البحري لبيروت.

وعليه، بدا الحي البحري الوحيد في المدينة الذي يضم بيوتاً بحرية وميناءاً للصيادين، عبارة عن خليج صغير موغلاً بين بيوته، لدرجة أنه كان يطلق على ذلك الحي "قرية الصيادين"، إذا كان على تماس كامل مع البحر، قبل يفصل بينهما الكورنيش، حتى أن جامعه التاريخي كان مبنياً على الصخور فوق المياه مباشرة.

كل هذه العوامل، جعل من عين المريسة بجغرافيتها وسكانها أشبه بريف بحري على طرف المدينة، وخير شاهد على ذلك البيوت والعمائر ذات الواجهات البحرية، وذلك للفوز بمنظر البحر، بإعتباره فسحة إستجمامية بإمتياز...

هذه المميزات الخاصة بعين المريسة، دفع العديد من المستثمرين المحليين والأجانب للإستفادة منها، من خلال إنشاء الفنادق والمسابح والأندية البحرية على إمتداد الواجهة البحرية لعين المريسة، فشيدت العديد من المسابح وأرقاها، التي صارت مقصداً لكل البيروتيين صيفاً للتمتع بالبحر والشمس والسباحة ومختلف الرياضات والألعاب البحرية.

وسوف نتناول تباعاً من خلال هذه المعالجة التوثيقية، تلك المسابح التي نشأت على إمتداد شاطئ عين المريسة:

**

*مسبح "النجمة":

يعتبر مسبح "النجمة" ذات الطابع الشعبي من أقدم مسابح منطقة عين المريسة، التي صار يعرف جزء منها بمنطقة الفنادق، بسبب إقدام المستثمرين إلى بناء وتشييد أكبر وأرقى فنادق العاصمة على الطراز الأوروبي الحديث في تلك المساحة الجغرافية، بعدما كانت إقامة الوافدين إلى بيروت تكون أما في "البونسيونات" أو "الخانات" أو "النزول" في وسط "البلد".

وقد أنشأت عائلة الرفاعي البيروتية مسبح "النجمة" في نفس مكان الخليج الذي صار يعرف لاحقاً بإسم خليج "السان جورج"، بعد تشييد فندق يحمل نفس الإسم (سنخصص جزءاً خاصاً به)، وإقفال مسبح "النجمة" مطلع الخمسنات، لتنتقل عائلة الرفاعي إلى شاطئ رأس بيروت وإفتتاح مسبح "اللونغ بيتش".

وكان هذا مسبح "النجمة" عبارة عن شاطئ رملي مغطى بالبحص الصغير، وعليه أكواخ خشبية في الصيف للسباحين، وباقي فصول السنة للصيادين.

**

*مسبح "عجرم":

كان في بداياته عبارة عن مجرد مقهى خشبي صغير مجاور لصخور الشاطئ، التي يرسو على جانبها قاربي صيد وأربع "حسكات" مخصصة للإيجار.

وقد بقي على هذا الحال إلى أن تمكن الأخوين جورج وميشال عجرم بحكم علاقتهما المميزة مع الرئيس سامي الصلح (كان من رواد وزبائن المقهى لتدخين "الأركيلة") من الحصول على ترخيص بتحويل المقهى إلى مسبح راق، لا بل واحد من أبرز مسبح المدينة، شيد فيه لاحقاً حوض سباحة كبير، وأتبع بآخر خاص للأطفال، إضافة إلى مطعم ومقهى.

وكان مسبح "عجرم" يستقبل العائلات والطبقة المخملية من كل أرجاء العاصمة، إلى أن توقف عام ١٩٧٥ مع إنطلاق "حرب الفنادق"، وبقي مقفلاً إلى أن أعيد تشغيله سنة ١٩٩٠، ولكن هذه المرة خصص حصراً للنساء، بعدما درجت عدة مسابح على هذه العادة، إلى توقف نهائياً منذ بضع سنوات.

**

*المسبح الفرنسي:

خصصت السلطات الفرنسي خلال إنتدابها للبنان في منطقة عين المريسة مسبحاً خاصاً وحصرياً مختلطاً للرعاية الفرنسيين في لبنان، وذلك مع إزدياد أعدادهم من جراء توسع نشاطاتها التجارية والتعليمية والطبية والثقافية، ليكونوا متميزين عن السكان المحليين من اللبنانيين، تبعاً للإختلاف في العادات والتقاليد الإجتماعية والثقافية.

وسمي المسبح "بالحمام الفرنسي" (Bain Français).

وبعد جلاء الفرنسيين، تحولت ملكية المسبح إلى السفارة الفرنسية في بيروت، التي دورها أبرمت عقد إستثمار له مع "الأميرال" لويس باز في العام ١٩٥١، مشترطة عليه الإبقاء على الإسم الأصلي للمسبح، أي "الحمام الفرنسي"، حيث عرف المسبح في عهد باز الذي كان رئيساً للإتحاد اللبناني للسباحة، شهرة واسعة، لا سيما من خلال تنظيم بطولات لبنان للسباحة- فئة المسافات القصيرة.

وعلى غرار كل مسابح المنطقة، توقف المسبح مع إندلاع الحرب، ولحقت بمنشآته أضراراً جسيمة، وما زال متوقفاً حتى يومنا هذا.

**

-يتبع: مسابح الجمل والنورماندي والجامعة الأميركية.

*باحث في التراث الشعبي.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

21 آب 2021 13:10