خاص - "مستقبل ويب"
عشية الذكرى السادسة عشرة لجريمة 14 شباط 2005 ، يستذكر كل من مفتي صيدا واقضيتها الشيخ سليم سوسان وراعي ابرشية صيدا ودير القمر للروم الملكيين الكاثوليك المطران ايلي حداد ، ابن صيدا وشهيد لبنان الرئيس رفيق الحريري مستحضرين ابرز مواقفه وانجازاته خلال مسيرته الإنسانية والوطنية.
المفتي سوسان: رفيق الحريري الغائب الحاضر
يقول المفتي الشيخ سليم سوسان لـ" مستقبل ويب": " رفيق الحريري انسان كبير مر في تاريخ لبنان وبقي في الذاكرة غائباً حاضراً ، في الأيام الصعبة نذكره وفي ايام الخير نشكره . انجازاته بحجم احلامه كان يحققها ويسعد ويفرح بها .. الشهيد رفيق الحريري سيبقى جزءا من تاريخ لبنان وحاضره ومستقبله ، من خلال نهجه ومسلكه ، واسلوبه في التعاطي مع المكونات اللبنانية . انه ابن صيدا البار ، بل ابن كل لبنان الذي اراده وحلم به موطنا وملاذا للجمال والاستقرار والازدهار في كل المجالات الحياتية والسياسية والمعيشية والثقافية والتربوية والصحية والاقتصادية" .
ويعتبر المفتي سوسان ان" لبنان خسر باغتيال الرئيس رفيق الحريري زعيماً وطنياً تخطى بتأثيره حدود الوطن لما كان له رحمه الله من حضور عربي ودولي . بنى لبنان السيادي الاستقلالي بحرية قراره وفعالية المؤسسات فيه واحترامها ، واكد وحدة الصف والتوجه من خلال اتفاق الطائف . ما احوجنا اليوم الى التأكيد والعمل بالثوابت التي سعى لإرسائها والحفاظ عليها وفي مقدمها وحدة لبنان وحريته واستقلاله وانمائه وازدهاره وتهيئة فرص العلم والعمل لأبنائه . مهما مرت السنون ، لا يمكن ان ننسى من بذل حياته لأجل الوطن والانسان فيه ومن استشهد في سبيل العيش المشترك والاعتدال والعلم والعمل في هذا البلد" .
ويرى المفتي سوسان ان" بعض الناس يحلون بحضورهم نصف المشكلة ، ويحلون النصف الحاضر بالحكمة والعقلانية والتضحية .. كان رفيق الحريري من هؤلاء الناس .. الأشخاص يذهبون ويموتون ويستشهدون ويبقى النهج والانجاز والمشروع والخطة ، لتحكي قصة شاب من ابناء صيدا اكد على ان لبنان هو بلد الحريات والكرامة لكل اهله وسيبقى رسالة بطوائفه وعيشه المشترك، لا امتياز فيه الا للحق والعدل والحرية والقانون " .
رجل الثقة والصدق والمصداقية
ويرى المفتي سوسان ان" رفيق الحريري التصق ببيئته ومجتمعه، فكان يشعر بالأرملة واليتيم والمسكين ويساعد المحتاجين وكان يسأل عن الكبير والصغير وعن اصدقائه وزملائه في المدرسة وفي غير المدرسة ويتابع اخبارهم ويفتح لهم افاقا جديدة للحياة الكريمة والعيش الرغيد ". ويقول" احبه الناس ووثقوا به لصدقه ومصداقيته ووطنيته . كان دائماً يتطلع الى لبنان الغد بكل التفاؤل والأمل ويراهن على الشباب بأنهم المستقبل الواعد وهم الحقيقة الآتية بعد كل الفتن والحروب التي خاضها لبنان ".
ويذكر المفتي سوسان ان "فلسطين لم تغب يوماً عن ذهن رفيق الحريري وان القدس بقيت راسخة في وجدانه ولطالما كانت القضية العربية والاسلامية ومجتمعاتها تسكن في فكره ولبنان كنز الشرق ورسالة الحضارة كان قضيته وهمه" .
ويختم المفتي سوسان بالقول " هناك في بيروت ، في ظل مسجد وكنيسة، ترقد قامة وطنية وانسانية كبيرة استشهدت من اجل لبنان ووحدته وعروبته وعيشه المشترك ومن من اجل القيم والثوابت والأصالة الوطنية . في هذه المناسبة الأليمة ، نؤكد ان دولة الرئيس الشهيد رفيق الحريري باق في قلوبنا وضمائرنا ووجداننا.. رحمك الله ايها الشهيد الكبير ".
المطران حداد : الكبار لا يموتون
ومن جهته يقول المطران ايلي حداد لـ" مستقبل ويب" ان " رفيق الحريري رجل من الطراز الكبير ألخّصه بـ"العطاء المُبدع".. هو إبن صيدا الذي ترعرع في مدينته وتشرّب منها القيم والّلبننة وذهب بعيداً في أنشطته، بعيداً عنها في الجغرافيا دون نسيان التأصّل والحميمية العائلية والتربوية. مهما بعُد وتغرّب وشمخ وازدهر، بقيت صيدا هي الملاذ الحنون تربطه بها العائلة والأصدقاء والذكريات في كلّ موقع وكلّ إنسان".
ويضيف" هنا في بوابة الجنوب نشأ رفيق الحريري وجعل من المدينة محوراً هاماً اختلط بإسمه واختلط إسمه فيها حتى قال الناس: هذا رفيق الصيداوي والصيداويين، أمين للتاريخ، للبيئة البحرية، لحجم صيدا المتواضعة. هو الذي لمع إسمه في أفق الأعمال والإدارة والسياسة ولمعت معه بيئته الصيداوية الحاضنة". هو إبن الوطن إبن لبنان. من صيدا عبر إلى كل أرجاء الوطن. ما من قائد أو سياسي عاش في روح لبنان كما أحبه وعاشه رفيق الحريري. شعاراته تحكي للتاريخ "لبنان أولاً" و"لبنان وطن لجميع أبنائه" و"وقّفنا العدّ" ألخ.. أبهرني عندما حمل العلم اللبناني كما حمله الرؤساء الكبار. ولأنه كبير في حكمته عرف أن علم وطنه إنما هو فخر بيته الداخلي ومن البيت ينطلق إلى كل مكان".
ويشير المطران حداد الى ان "الشهيد رفيق الحريري لم يطق أن يبقى هناك تباينٌ بين أبناء الوطن الواحد. فكان جسر التلاقي والحوار وكان يفكّك العقبات لئلا تتحول إلى ألغام. ولطالما دفع ثمن الحلول من جيبه متخطيا كل مذهبية وطائفية وفئوية. إنه رجل لكل لبنان ولمستقبل لبنان".
ويعتبر حداد ان "يد الحريري في نهضة بيروت بنوع خاص جعلت من السواح ورجال الأعمال يقصدون لبنان ليستثمروا فيه ويقضوا على شواطئه وجباله وقتاً ممتعاً. هو الذي حرّك الديناميكية المصرفية في ما بعد الحرب ونجح فيما صنع. لكنه يتألم في قبره اليوم مما يحدث من انهيارات لكل ما حلم به وما حققه".
إذا ظلم البشر رفيق الحريري فالتاريخ سينصفه!
وعن" رفيق الحريري المسلم المتدين المنفتح" يقول المطران حداد " في وطن الأديان لبنان ترى أشكالاً من المتدينين لا يمكنك التحدث إليهم إذ يكفّروك أو يعبسون بوجهك ولا يلقون التحية وكأنك منجّس. هذا الواقع نراه في كافة الأديان وتبّاعها. لكن والحمد لله هناك فئة أخرى مستنيرة على غرار الرئيس الشهيد. عرف كيف يقتبس من الأديان ما يكرّم الإنسان. وانعكاساً لإيمانه آمن بالإنسان وكلّ إنسان".
ويعتبر المطران حداد أن "الرئيس الشهيد كان يهتم بالمهارات وكانت هوسه الأول" . ويقول" كم من دعمٍ قدّمه إلى أصحاب هذه المهارات من مختلف الإنتماءات والطوائف والمذاهب. اليوم إذا ما تلاقينا بالعديد من أصحاب الشأن في الإدارة والمصارف والإقتصاد والمعلوماتية والتخطيط وسواها، فهم يشهدون أن وراء كل نجاحاتهم رجل شهيد إسمه رفيق الحريري. يعتبرونه مؤسس الدولة الحديثة على الفكر النيّر وقيمة التحفيز من أجل البنيان. لامعٌ أمر هذا الرجل الذي تألّق بروح التطور والبناء وسينصفه التاريخ إذا ظلمه البشر".
ويضيف" في أخطر لحظات الدمار والموت يوم كانت إسرائيل تدمّر لبنان، جال وتواصل وأقنع العالم بأن لبنان قيمة أكثر مما هو جغرافيا. فتوقف الدمار في لحظة".
ويخلص المطران حداد للقول " شكراً رفيق الحريري أمس واليوم وغداً. وأخيرا أقول :رحل الشهيد الحريري وذكراه باقية طويلا. إن الكبار لا يموتون. وعسى أن يتحلى أبناؤه بل وجميع اللبنانيين بصفات هذا الكبير. لأنناعلى خطى الكبار إذا مشينا لا نموت ولا يفنى لبنان" .
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.