29 كانون الأول 2020 | 18:20

منوعات

كورونا 2020.. كيف غيّر وجه العالم؟

في هذا الوقت من العام الماضي، كانت مصطلحات مثل "الإغلاق" و"التعقيم" ‏و"التباعد الاجتماعي" وارتداء الكمامة، من الأمور غير المعروفة لدى معظم ‏الناس.‏

اليوم باتت جزءا من لغة العالم اليومية ككل، حيث تستمر جائحة كورونا في التأثير ‏على مختلف جوانب الحياة: صحيا، واقتصاديا، اجتماعيا، وحتى في قطاعات ‏التعليم والثقافة والسياحة.‏

وعلى مدار الـ12 شهرا الماضية، حضر هذا الوباء في كل الدول دون استثناء؛ ‏الفقيرة والغنية منها على حد سواء. وتمثل الجانب المظلم في عدد الضحايا، وجلّهم ‏ممن حرموا الرعاية الصحية، أو المرضى والضعفاء، ككبار السن.‏

لكن لنعد إلى الوراء.. تحديدا إلى شهر كانون الاول/ديسمبر 2019، فبعد أقل من ‏شهر على تواتر الأنباء لأول مرة عن التهاب تنفسي غامض يصيب الناس في ‏مدينة ووهان الصينية، حدد الباحثون هناك فيروس كورونا المستجد سببا لهذه ‏الحالات من ضيق التنفس والالتهاب الرئوي الحاد المؤدي للوفاة.‏

مرض أطلقوا عليه لاحقا اسمه العلمي "سارس كوف اثنان" (‏SARS COV 2‎‏) أو ‏‏"كوفيد-19"، وسرعان ما نشر بعدها فريق صيني أسترالي تركيب التسلسل ‏الوراثي للفيروس على الإنترنت.‏

بعد ذلك بوقت قصير، كانت الصدمة، وهي أن الفيروس كان ينتشر بسرعة بين ‏الناس ويؤدي إلى الوفاة.‏

وبحلول شباط/فبراير 2020، توصل الباحثون إلى أن الفيروس يلتصق بمستقبل ‏يدعى ‏ACE22‎، وهو بروتين موجود على أسطح الخلايا في العديد من أعضاء ‏جسم الإنسان، بما في ذلك الرئتين والأمعاء، مما يفسر النطاق المدمر لأعراض ‏كوفيد-19، التي تبدأ بارتفاع كبير في درجة حرارة الجسم مترافق مع الالتهاب ‏الرئوي، والإسهال، وأحيانا السكتة الدماغية.‏

وفي آذار/مارس 2020، رأى علماء أن الهباء الجوي الدقيق في أجواء الأمكنة ‏المغلقة المليء بالفيروسات، الذي يمكن أن يظل في الهواء فترات طويلة، له دور ‏في انتقال العدوى.‏

لكن بعض الباحثين شككوا في هذه النتيجة، واستغرق الأمر شهورا من بعض ‏الحكومات ومنظمات الصحة العالمية للتكيّف مع الأدلة، على أن الهواء هو أحد ‏طرق انتشار الفيروس والعدوى.‏

كما وجد الباحثون أن المرضى يمكن أن ينشروا العدوى حتى قبل ظهور الأعراض ‏ومن غير ضوابط لها.‏

وربما يكون أكبر لغز علمي محيط بتركيب هذا الفيروس بيولوجيا وبيئته، هو ‏مصدره: من أين بدأ؟ وكيف وصل للإنسان؟.‏

هناك أدلة قوية تشير إلى أنه نشأ من الخفافيش، وربما انتقل من حيوان وسيط إلى ‏البشر، فهناك عدد من الحيوانات معرضة للإصابة بسارس ‏COV 2‎‏ ونقلها أيضا ‏للبشر، كما يقول باحثون.‏

وبعدها شكلت منظمة الصحة العالمية فريقا خاصا للتحقق من الأصل الحيواني ‏للوباء. وبدأ البحث من الصين ثم انطلق لأماكن أخرى من العالم، لكن من دون أدلة ‏جوهرية على أن "مختبرا" صينيا هو من أطلق هذا الفيروس من محبسه، وفق ما ‏راج من نظريات "مؤامرة"، وحتى كما روج قلة من المسؤولين الأميركيين.‏

ومنذ اليوم الأول، سارع العلماء لتطوير نماذج حاسوبية للتنبؤ بانتشار الفيروس، ‏واقتراح تدابير صحية وقائية للحد من انتشاره. كما عملوا على تطبيق وسائل غير ‏دوائية كالإغلاق، وارتداء الأقنعة الطبية، وإجراءات التعقيم، والنظافة الشخصية، ‏وقيود السفر والتنقل، في غياب العلاجات واللقاحات .‏

‏ التأثير الاقتصادي لهذا الإغلاق كان سريعا وشديدا، مما دفع العديد من البلدان ‏لإعادة الفتح قبل السيطرة على الفيروس، وهذا ما أدى للأسف إلى استمرار حالة ‏من الشك بين سكان كثير من الدول بمدى خطورة هذا الفيروس الفعلية؛ وإلى جعل ‏الإجراءات الوقائية للحد منه كارتداء الأقنعة الطبية قضايا مسيسة، كما هو الحال ‏في الولايات المتحدة، مع ظهور نظريات "المؤامرة" والمعلومات الخاطئة التي ‏اكتسحت مواقع التواصل الاجتماعي، فوقعت بعض المواقع الطبية على الإنترنت ‏في فخ الأخطاء.‏

علماء الأوبئة نصحوا بأن الاختبارات الجماعية لـ"كوفيد 19" كانت السبيل ‏للخروج من الأزمة، غير أن النقص في معدات الكشف عن الفيروس، والاختبارات ‏القياسية للكشف عنه (مثل تفاعل البوليميرز المتسلسل أو بي سي آر)، أدى إلى ‏ازدحام في المختبرات، مما عطل الاختبارات الطبية الأخرى التي يحتاجها الناس ‏والمرضى الذين يشتكون أمراضا مزمنة مختلفة.‏

وقد حفز هذا مجموعة من الباحثين على ابتكار اختبارات سريعة بما في ذلك أداة ‏‏"كريسبر"، واختبار "الأجسام المضادة" لتشخيص المرض، وغيره من الأمراض ‏التي قد تظهر مستقبلا.‏

‏ البلدان التي احتوت انتشار الفيروس بسرعة مثل سنغافورة وتايوان وآيسلندا ‏ونيوزيلندا، عمدت إلى إجراءات أكثر صرامة من غيرها، تمثلت في إغلاق كامل، ‏وتتبع من يخل بإجراءات العزل والوقاية ومحاسبته، بالإضافة لاختبارات وجود ‏الفيروس وحصره تماما. وقد مكّن هذا عودة تلك البلدان تدريجيا للحياة الطبيعية.‏

قصص النجاح التي رافقت هذا العام، تمثلت باستعدادات الدول للتصدي للوباء ‏والعمل بسرعة وحسم، مثل دولة الإمارات العربية المتحدة، التي وفرت نظم ‏الرعاية الصحية، وأجهزة الكشف، والاختبارات على مدار الساعة دون تباطؤ، ‏جنبا إلى جنب مع فرض إجراءات صارمة ووقائية.‏

وساهمت تلك الإجراءات في احتواء انتشار المرض، يضاف إلى ذلك نجاح ‏الإمارات في توفير اللقاح للجميع، ومساهمتها في أبحاث محلية وعالمية كان لها ‏دور كبير في التصدي لموجة الفيروس الثانية، وحتى في منع انتشار ونقل العدوى.‏

وفي أبريل 2020، أعلن الباحثون أن عقارا مضادا للفيروسات يدعى ‏‏"ريميدسيفير" يقلل من مدة الإقامة في المستشفى للأشخاص المصابين بكورونا.‏

لكن دراسات لاحقة وجدت أن هذا الدواء لم تكن له الآثار الإيجابية المرجوة، لذلك ‏نصحت منظمة الصحة العالمية بعدم استخدامه.‏

‏ ويبدو أن السياسة تتدخل في علاجات كورونا المحتملة، وهذا ما ظهر مع ترويج ‏قادة في الولايات المتحدة والصين والهند وأميركا اللاتنينية لعلاجات غير مثبتة ‏علميا، بما في ذلك دواء "هيدروكسي كلوروكين".‏

‏ وفي حزيران/يونيو 2020، بدأ الأمل يظهر، مع ظهور علاجات أخرى حققت ‏نجاحا أكبر، مثل مضاد الالتهاب الستيرويدي المثبط للمناعة "ديكساميثازون"، ‏الذي بدا أنه يقلل الوفاة بنحو الثلث عند إعطائه لمصابي كوفيد 19 الذين يحتاجون ‏لأكسجين إضافي.‏

عقار آخر يسمى "توسيليزوماب" يستهدف الجهاز المناعي، ظهرت له نتائج واعدة ‏في حالات الإصابة الشديدة بالفيروس.‏

وهكذا، تتالت الدراسات والعلاجات التي وضعت تحت التجارب السريرية. حتى ‏‏"الأسبرين" كان موضع بحث في تجارب بريطانية للمساعدة في منع التجلطات ‏الدموية التي ترافق الحالات الشديدة من المرض.‏

وبحلول آب/أغسطس 2020، بدأت العديد من الجامعات في أوروبا والولايات ‏المتحدة إعادة فتح أبوابها، على الرغم من ارتفاع معدلات الإصابة، التي غالبا ما ‏كانت بسبب عودة الطلاب للحرم الجامعي.‏

في المقابل، كان الباحثون والأطباء ومقدمو الرعاية الصحية في الجبهة الأمامية في ‏معركة التصدي لكوفيد 19.‏

تطوير أدوية ولقاحات قد يكون مهما في حسم هذه المعركة، كما نرى مع بلازما ‏الدم المأخوذة من مرضى كورونا الذين تعافوا، والأجسام المضادة وحيدة النسيلة، ‏التي تصنعها شركة "ريجينيرون" التي استخدمها الرئيس الأميركي دونالد ترامب ‏خلال تلقيه العلاج من المرض، ولقاحات شركات "فايزر بايونتك" و"موديرنا" ‏ولقاح "كورونافاك" من شركة "سينوفاك" الصينية، ولقاح "سانوفي جي-إس-كي" ‏الفرنسي، ولقاح "أكسفورد" البريطاني، و"سبوتنيك في" الروسي.‏

كل هذه اللقاحات والعلاجات طبقت على عشرات الآلاف من الناس في ‏المستشفيات، من بينهم كثير من المتطوعين.‏

وكانت النتيجة اعتماد بعض تلك اللقاحات بشكل طارئ، وهي في مراحل تجاربها ‏السريرية الثالثة، بانتظار نتائج نهائية على بقية تلك اللقاحات في الجزء الأول من ‏عام 2021، أملا في احتواء الجائحة والوصول إلى تطعيم ما نسبته 70 بالمئة ‏على الأقل من سكان العالم، بما يفضي إلى عودة الحياة إلى طبيعتها تقريبا بحلول ‏خريف 2021. ‏


سكاي نيوز عربية ‏

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

29 كانون الأول 2020 18:20