31 تشرين الأول 2020 | 15:29

منوعات

هبوط "غامض" في حرارة جسم الإنسان.. لغز يُحيّر الباحثين

قبل مدة تقارب العقدين، قام الطبيب الألماني، كارل وندلريش، بتحديد حرارة ‏الجسم الطبيعية عند 37 درجة مئوية، وظل هذا المستوى بمثابة مقياس موثوق في ‏تقييم صحة المريض، لاسيما أن الحمى من الأعراض المشتركة بين عدة ‏اضطرابات‎.‎

لكن باحثين في شؤون الطب، رصدوا درجات حرارة أدنى وسط الأشخاص ‏البالغين، وفي سنة 2017، كشفت دراسة أجريت في بريطانيا وشملت عينة ضخمة ‏من 35 ألف مشارك، أن متوسط حرارة الجسم كانت أقل من 36.6 مئوية‎.‎

أما في الولايات المتحدة، فأظهر دراسة طبية أخرى أن حرارة الجسم وسط جماعة ‏من الناس في ولاية كاليفورنيا ومناطق أخرى تقارب 36.3 درجة مئوية‎.‎

وفي المنحى نفسه، قام باحثون في شؤون الطب والأنثروبولوجيا بدراسة حرارة ‏الجسم وسط قبائل "التسيمان" وهم من السكان الأصليين في غابات الأمازون ‏ببوليفيا‎.‎

وبعد 16 سنة من دراسة هؤلاء السكان الأصليين وعاداتهم، تبين أن حرارة ‏أجسامهم ظلت تهبط بنسبة ضئيلة سنويا (0.09 فهرنهايت)، إلى أن وصلت حاليا ‏إلى 36.5 درجة مئوية في المتوسط‎.‎

وقال الباحث في جامعة كاليفورنيا "سانتا بابرا"، مايكل غورفن، "في أقل من ‏عقدين، لاحظنا تراجعا في حرارة الجسم يعادل الانخفاض الذي سُجل في الولايات ‏المتحدة على مدى قرنين من الزمن‎".‎

وتم التوصل إلى هذه النتائج التي وصفت بـ"المدهشة" استنادا إلى بيانات لـ18 ‏آلاف معاينة تخص ما يقارب 5500 شخص في الولايات المتحدة‎.‎

وأوضح غورفن أن الدراسة لم تستطع أن تحدد الأسباب "الدقيقة" التي أدت إلى ‏هذا الهبوط في درجة حرارة الجسم، لكن ما هو مؤكد، بحسب قوله، هو أن جسم ‏الإنسان شهد تغييرا على المستوى الفيزيولوجي‎.‎

ويُرجّح بعض الباحثين أن تكون الحرارة قد انخفضت لأن الجسم صار أقل إصابة ‏بالعدوى، وذلك بفضل تطور النظافة ونقاوة المياه وتوافر اللقاحات والعلاجات ‏الطبي‎.‎

وحينما يكون الإنسان في وضع جيد وسليم من الناحية الصحية، فإن الجسم يعمل ‏بشكل أقل على محاربة العدوى، لاسيما أن المضادات الحيوية لعبت دورا في ‏تقصير مدة المرض‎.‎

لكن هذه الفرضية ليست دقيقة ولا تساعد على تقديم صورة شاملة، بحسب الباحث ‏غورفن، لأن الدراسة التي أجريت حرصت على أن تقيس درجة الحرارة في عدة ‏حالات، لكنها لاحظت "الهبوط" نفسه، بين المرضى والأصحاء على حد سواء‎.‎

ويُقرّ غورفن بأن تحسن الرعاية الطبية ساهم فعلا في انخفاض الحرارة لأن الجسم ‏صار أقل تعاملا مع العدوى، لكن انخفاض حرارة الجسم لوحظ أيضا في مناطق ‏فقيرة من قرى بوليفيا، أي وسط ساكنة لا تحظى بنظام متقدم للرعاية الصحية ولم ‏تحقق تقدما كبيرا في التصدي للأمراض‎.‎

أما الطقس فهو عاملٌ وارد أيضا، بحسب خبراء، لأن جسم الإنسان يتأقلم مع ‏محيطه، سواء في الشتاء أو في الصيف، لكن هذه الفرضية لا تجد ما يؤيدها في ‏حالة قبائل الأمازون، لأن نمط حياة هؤلاء الناس لم يطرأ عليه تغيير كبير‎.‎

ولا يستخدم سكان هذه القبائل أي معدات لأجل التكييف والتدفئة حتى يقال إنها ‏أثرت على الجسم وطريقة ضبطه للحرارة، وهو ما يعني أن الهبوط في حرارة ‏الجسم ما يزال لغزا حقيقيا أمام الباحثين والأطباء‎.‎

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

31 تشرين الأول 2020 15:29