10 تشرين الأول 2020 | 09:30

أخبار لبنان

‏"نيو" سعد الحريري!‏

مساء أمس الأول ولد سياسي ناضج جديد اسمه سعد رفيق الحريري‎!‎

استطاع الحريري، أن يطرح نفسه ويقدّم أفكاره، ويبلور رؤيته في تشخيص دقيق لأزمة لبنان ‏ويقترح تصوّر واقعي وعملي شجاع في حواره المتميّز في برنامج «صار الوقت» بقناة «ام تي ‏ڤي‎».‎

واستطاع الزميل القدير مارسال غانم أن يخرج من رئيس وزراء لبنان الأسبق مجموعة من ‏الأفكار والتصريحات الهامة في ذلك التوقيت المفصلي الذي تقف فيه أحوال لبنان على حافة ‏الإنهيار المالي، والتدهور الاقتصادي، والإفلات الامني في زمن خطر، وتهديدات إقليمية شديدة ‏التقلب والسيولة‎.‎

ما هي أهمية حوار سعد الحريري هذه المرة؟

أهمية الحوار تأتي في خمس عناصر رئيسية‎:‎

‎1- ‎التوقيت الدقيق والحساس الذي يسبق مشاورات سياسية لمحاولة أخيرة لتشكيل حكومة لبنانية‎.‎

‎2-‎انه يأتي كأول حوار مطوّل له منذ فترة، وأول تعقيب وشرح له عن الأوضاع عقب انفجار ‏المرفأ، واستقالة حكومة حسان دياب، واعتذار الدكتور مصطفى أديب‎.‎

‎3- ‎ان الرجل المتحدث هو أكثر لبناني مطلع على «الصندوق الاسود الفرنسي» للملف اللبناني ‏الذي يشرف عليه الرئيس إيمانويل ماكرون شخصياً‎.‎

من هنا يمكن فهم قانون الفعل ورد الفعل الحاكم لفكر ورؤية ورهانات الرئيس ماكرون‎.‎

‎4- ‎ان هذا الحوار يطرح 3 أسئلة جوهرية على عقل سعد الحريري، المرشح الاول الطبيعي ‏لمنصب رئيس الحكومة بوصفه الزعيم السنّي البيروتي الأكثر مقاعد في البرلمان وهي‎:‎

‎1- ‎هل سيدخل هذه المرة في مسألة تشكيل الحكومة كرئيس أو كداعم أو كمعارض؟

‎2- ‎تحت أي شروط يقبل أو لا يقبل المشاركة؟

‎3- ‎رؤيته لحالة الانهيار السياسي بعد انكشاف الوضع الداخلي عقب اعتذار د. مصطفى أديب عن ‏التشكيل‎.‎

هنا كان حرص الزميل مارسال غانم أن يعرف -بمهارة- موقف الحريري من كل من‎:‎

‎1- ‎سمير جعجع‎.‎

‎2- ‎جبران باسيل‎.‎

‎3- ‎ميشال عون‎.‎

‎4- ‎نبيه بري‎.‎

‎5- ‎وليد جنبلاط‎.‎

علاقة الحريري خلال السنوات الأخيرة جرت بصعود وهبوط، وتحالف وانقسامات مخيفة ‏ومتأرجحة‎.‎

ذلك كله يطرح السؤال الكبير هل يمكن لشظايا هذه العلاقات المتطايرة ان تلتئم مرة أخرى أم ان ‏الامر -بالفعل- ميئوس منه، وأن فكرة حكومة يرأسها أو يرعاها سعد الحريري هي مشروع غير ‏قابل للتسويق أو النجاح؟

الامر المؤكد أن الحريري -ببراعة- لم يغلق الباب للتعاون مع كل هؤلاء لكنه وضع شرطاً ‏جوهرياً أساسياً هو: هل كل لاعب من هؤلاء اللاعبين يوافق أساساً على مفهوم ونص وروح ‏المبادرة الفرنسية القائمة على تشكيل حكومة اختصاصيين بعيدة عن القوى التقليدية يكون دورها، ‏ولمدة 6 أشهر فقط، هو تفعيل مشروع وبرنامج التعاون مع شروط صندوق النقد الدولي بجدية ‏وحرفية؟

المسألة لا تتحمل المراوغة كما طرحها سعد الحريري، وهي واضحة وضوح الشمس بشكل ‏يستحيل الإلتفاف عليه: «حكومة إختصاصيين ذات مهمة منع الانهيار عبر تنفيذ برنامج ‏الصندوق‎».‎

مسألة لا تحتاج لعبقرية، ولا للعب السياسي اللبناني المعتاد، ولا صراعات المحاصصة العقيمة ‏المتعارف عليها التي ادت الى ضياع البلاد والعباد‎.‎

الاسبوع المقبل سوف يتضح مدى جدية القوى السياسية في قبول مبادرة ماكرون عبر سعد ‏الحريري‎.‎

إذا قبلوا تحرك الحريري دخلنا نحو اول ضوء في نفق لبنان المظلم‎.‎

الكارثة لو لعبت القوى السياسية اللبنانية لعبتها التقليدية في المناورة او السقوط والشخصانية ‏الطائفية فإنّ ذلك سوف يعني دخول لبنان -نهائياً- في النفق الاسود المخيف ووصول سعد ‏الحريري الى قناعة راسخة ان اعتزال العمل السياسي هو افضل الحلول، والإقامة في باريس ‏هي أفضل العواصم، وأنّ حشد السلاح في المدن اللبنانية هو الطريق الوحيد لحرب أهلية مدمرة‎.‎



الشرق – عماد الدين أديب ‏

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

10 تشرين الأول 2020 09:30