11 آب 2020 | 06:41

أخبار لبنان

‎8" ‎آذار" تقدم دياب فدية..وتفتح البازار؟

‎8



المصدر: " النهار"



 ‎قطعا لا اسف على حكومة حسان دياب ولكن الأهم الان استحقاق التغيير الكبير وصولا الى ‏انتخابات رئاسية ونيابية معجلة وليست فقط مبكرة‎.‎

‎ ‎

كل العوامل والظروف الدراماتيكية المتسارعة التي كانت تتجمع وتتراكم قبل 4 آب أصلا، ‏كانت تشكل ادانة ضخمة لحكومة حسان دياب وداعميها خصوصا لجهة فشلها الهائل في ‏الاستجابة للمطالب الداخلية والخارجية بالإصلاح ممرا الزاميا وملحا لبداية اخراج لبنان من ‏أنفاق الانهيارات المالية والاقتصادية والاجتماعية التي اتخذت خلال ولاية هذه الحكومة ‏أحجاما مضاعفة ومتعاظمة. فكيف الحال بعد كارثة 4 آب التي ظلت الحكومة ورئيسها ‏وتحالف العهد وقوى 8 آذار يتصرفون حيالها طوال الأيام التي فصلت بين يوم الانفجار ‏المزلزل واليومين الماضيين بمنطق المكابرة والمخادعة والمناورة السياسية ظنا منهم ان ‏إلهاء الرأي العام ببعض الإجراءات التي يقوم بها التحقيق سينجي التحالف الحاكم من دفع ‏الثمن السياسي أولا والجنائي ثانيا جراء المسؤولية والتبعات المباشرة التي يتحملها التحالف ‏كلا بكل قواه امام الكارثة غير المسبوقة التي ضربت بيروت.

وإذ اشتعلت البلاد مجددا ‏بانتفاضة شعبية بالغة الخطورة مدفوعة بانفجار الغضب العارم الذي اجتاح البلاد كما هب ‏العالم بأسره لنجدة الشعب اللبناني حصرا مطلقا حكم الإدانة القاطعة على التحالف الحاكم ‏والسلطة والحكومة، انقلبت صفحة المشهد رأسا على عقب ورسمت وقائع قاسية صارمة ‏وجد التحالف الحاكم نفسه امام حتمية اللجوء قسرا الى ما تجنب اللجوء اليه في اللحظة ‏الأولى من الانفجار. قرر التحالف الحاكم التضحية بالحكومة التي وصفت يوم تشكيلها ‏بحكومة العهد الأولى والتي جاءت قبل ثمانية اشهر محمولة بأحادية المحور الذي يضم ‏العهد وقوى 8 آذار، وفجأة بدأت ترتيبات تقديم التضحية السياسية الى الداخل والخارج تحت ‏حجة اندلاع معركة حادة بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة حسان دياب ‏عقب تفرد دياب بإعلانه اعتزامه تقديم مشروع قانون الى مجلس الوزراء حول الانتخابات ‏النيابية المبكرة، الامر الذي اعتبره بري تجاوزا لصلاحيات مجلس النواب وقرر على الأثر ‏معاقبة دياب بتحديد جلسة مساءلة للحكومة الخميس المقبل موحيا بإمكان اسقاط الحكومة ‏فيها.

والحال ان هذه الذريعة بدت حجة شكلية في مسار التأزيم الكبير الذي وجد تحالف ‏العهد والقوى المكونة للحكومة نفسه محاصرا فيه امام تمدد التداعيات النارية لكارثة ‏الانفجار التي فضحت إهمالا هائلا للسلطة بكل مستوياتها لم تشفع في طمسه كل ‏المحاولات اللاهثة التي تولتها أدوات السلطة لتوجيه الاتهامات سلفا ضد خصوم سياسيين ‏او سواهم. كما ان قوى التحالف بدت كأنها قررت التضحية بالموقع الأضعف لديها راهناً ‏تحسباً لاحتمال تكبد خسائر اكبر لاحقاً فقررت تقديم رأس حسان دياب فدية داخلية وخارجية ‏على امل ان تتمسك من خلال رئيس الجمهورية ميشال عون بورقة التحكم باستحقاق ‏التغيير الحكومي البديل وإطلاق المفاوضات الخلفية داخليا وخارجيا حول تسويات مقبلة ‏راج الكلام عليها بقوة أخيرا‎.‎

‎ ‎

واذا كانت الوقائع السياسية المملة والرتيبة التي طبعت الساعات الطويلة امس بين بعبدا ‏والسرايا وعين التينة تمركزت حول التفاصيل التي دفعت دياب الى إطالة امد اعلان ‏استقالته، كما لعب وزراء كثر أدوارا سطحية ومسرحية في التمهيد للاستقالة، فان ‏المعطيات الجدية كشفت بما لا يقبل جدلا ان التحالف الحاكم للعهد وقوى 8 آذار ولا سيما ‏منها الثنائي الشيعي اتخذ قرار"اقالة " حسان دياب وإطلاق الساحة امام الاستحقاق ‏الحكومي المقبل عَل ذلك يؤدي أولا الى فتح التفاوض مع الداخل والخارج حول حكومة ‏يبقى للتحالف يد طولى فيه ولو من ضمن وقائع جديدة تحفزها مبادرة الرئيس الفرنسي ‏ايمانويل ماكرون في العودة بقوة الى الوضع اللبناني بتفويض دولي وتحديداً أميركي. كما ‏ان فتح الاستحقاق الحكومي الطارئ من شأنه ان يشكل قتالا تأخيرياً لمنع تسريع استحقاق ‏الانتخابات النيابية المبكرة التي يرفضها التحالف الحاكم بكل قواه. ولعله يندرج في هذا ‏الإطار الاجتماع الطارئ الذي علمت "النهار" انه عقد مساء امس في عين التينة وضم الى ‏الرئيس نبيه بري الوزير السابق جبران باسيل والوزير السابق علي حسن خليل وعن حزب ‏الله حسين الخليل ووفيق صفا. وأدرجت أوساط 8 آذار الاجتماع في التشاور الأولي حول ‏الرئيس المكلف لتأليف الحكومة الجديدة. وعلى ذمة هذه الأوساط فان حركة "امل" و"حزب ‏الله" ووليد جنبلاط يؤيدون عودة الرئيس سعد الحريري لتولي تأليف حكومة توافقية فيما ‏يؤيد جبران باسيل تكليف السفير السابق نواف سلام. ولكن الوضع لا يزال في بداياته ولا ‏يمكن بلورة صورة المواقف بوضوح من الان. وثمة معطيات تتوقع ضغطا فرنسيا ودوليا ‏لاستعجال تأليف حكومة تتولى الإصلاحات كاولوية برئاسة سعد الحريري‎.‎

‎ ‎

الإطلالة الأخيرة‎!‎

وبعد ساعات طويلة استبعد فيها الاعلام عن مكاتب رئيس الحكومة وقاعة مجلس الوزراء ‏وسادها هرج ومرج اعلامي و"بطولات " وزارية تطايرت مع تصريحات وزيرات وزراء حاولوا ‏تصيد اللحظة الشعبوية الأخيرة اطل دياب في السابعة والنصف على اللبنانيين بكلمة ‏اعلان الاستقالة التي لم تختلف في نمطها اطلاقا عن كل ما دأب على إطلاقه من هجمات ‏على معارضي الحكومة والقوى السياسية المعارضة، فيما لم يتجرأ بالتطرق بكلمة واحدة ‏حيال أي فريق او طرف من أطراف التحالف الحاكم ولا تناول الظروف الحقيقية التي ‏أسقطت حكومته. وشن دياب حملة حادة على "منظومة الفساد المتجذرة التي اكتشفت ‏انها اكبر من الدولة التي لا تستطيع التخلص منها ". وقال "اننا امام مأساة كبرى وكان ‏يفترض بالقوى الحريصة ان تتعاون لمساعدة الناس وبلسمة جراحهم لكن البعض يعيش ‏في عالم آخر ولا يهمه من كل ما حصل الا تسجيل النقاط السياسية ". ومن دون ان يسمي ‏أحدا مضى الى القول "انه يفترض بهؤلاء ان يخجلوا لان فسادهم فجر هذه المصيبة المخبأة ‏منذ سبع سنوات وان المطلوب هو تغييرهم لانهم هم المأساة الحقيقية للشعب اللبناني ". ‏وإذ دافع عن حكومته واعتبر ان "كل وزير فيها أعطى اقصى ما عنده" قال "كنا وحدنا وكانوا ‏مجتمعين ضدنا لانهم يعرفون اننا نشكل تهديدا لهذه الطبقة". واعلن "اننا نتراجع خطوة الى ‏الوراء للوقوف مع الناس ونخوض معركة التغيير معهم ونريد فتح الباب امام الإنقاذ ‏الوطني لذلك اعلن اليوم استقالة هذه الحكومة والله يحمي لبنان‎ ".‎

‎ ‎

وتوجه دياب مساء الى قصر بعبدا وقدم استقالته الخطية الى رئيس الجمهورية ميشال ‏عون ثم صدر مرسوم قبول الاستقالة وتكليف الحكومة بالاستمرار في تصريف الاعمال. ‏ولم تخل الدقائق الأخيرة قبل الاستقالة من خدمات ومحاصصات اذ صدر مرسوم رئاسي ‏بتعيين العميد ماهر الحلبي قائدا للشرطة القضائية، وكان مجلس الوزراء كلف أيضا باسم ‏القيسي بتسيير أمور مرفأ بيروت لستة اشهر كما قرر المجلس إحالة انفجار المرفأ على ‏المجلس العدلي‎.‎

‎ ‎

الاستشارات متى؟

‎ ‎

وإذ تردد ان الأسبوع الحالي لن يشهد تحديد مواعيد الاستشارات النيابية الملزمة لتكليف ‏شخصية بتأليف الحكومة الجديدة سادت مخاوف من ان يعمد رئيس الجمهورية الى تكرار ‏التجربة التي سبقت تكليف دياب عقب استقالة حكومة الرئيس سعد الحريري اذ مضت ‏أسابيع قبل اجراء استشارات التكليف بحجة توفير التوافق على اسم رئيس الحكومة الجديد. ‏ولم تبدد المؤشرات الأولية الصادرة عن بعبدا امس هذه المخاوف اذ قالت مصادر بعبدا ‏ان المشاورات السياسية تعطى وقتا قبل الاستشارات النيابية كما هي العادة الا ان ‏الاستشارات النيابية لن تتأخر كثيرا‎.‎

‎ ‎

في ردود الفعل الداخلية اعتبر رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط استقالة ‏الحكومة "انتصارا سياسيا كبيرا " واكد اننا مع تشكيل حكومة حيادية تشرف على انتخابات ‏نيابية جديدة وفق قانون الطائف‎".‎

‎ ‎

اما في ردود الفعل الخارجية فأعلنت الخارجية الفرنسية ان "الأولوية لتشكيل حكومة جديدة ‏بسرعة" وأكدت انه من دون إصلاحات سيتجه لبنان نحو الانهيار‎.‎

‎ ‎

مجلس الامن

‎ ‎

وسط هذه الأجواء الداخلية انعقدت امس جلسة لمجلس الامن الدولي في شأن لبنان قال ‏خلالها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس "ان التداعيات الاقتصادية لتفجير ‏بيروت كبيرة ونعمل على مساعدة لبنان طبيا وإنسانيا". وأضاف ان الأمم المتحدة تشارك ‏في عمليات الإغاثة في لبنان "كما شدد على ضرورة تحقيق إصلاحات اقتصادية في لبنان ‏منوها بان "لدى لبنان إرادة قوية ولن نترك بيروت وحدها الانفجار جاء في وقت صعب ‏حيث يواجه لبنان صعوبات اقتصادية وتأثيرات جائحة كورونا‎".

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

11 آب 2020 06:41