4 آب 2020 | 07:36

أخبار لبنان

استقالة حتي تعمّق انكشاف الحكومة داخلياً وخارجياً

كتبت صحيفة "النهار" تقول:‏‎ ‎مع أن عامل المفاجأة انتفى عن مبادرة وزير الخارجية والمغتربين ‏السابق ناصيف حتي ‏أمس الى تقديم استقالته، فإن ذلك لم يخفّف إطلاقاً وهج هذه الاستقالة التي ‏بدا وقعها ‏أشبه بسقوط مطرقة ثقيلة على رأس السلطة عهداً وحكومة. وعلى رغم المكابرة ‏القياسية ‏التي قاربت بها السلطة استقالة حتي، يمكن القول إن خطوته الشجاعة التي أثبتت ‏تمسّكه ‏باستقلاليته ورفضه المضي في دور شاهد الزور على حكومة تكاد تتجاوز كلفة ‏سياساتها ‏على لبنان كل الأكلاف المتراكمة لما سبق هذه الحكومة، قد أحدثت دوياً ‏داخلياً ‏وديبلوماسياً يصعب على السلطة وقواها تجاوز تداعياته مهما اصطنعت رموز ‏السلطة ‏أدوار الاستقواء والاستخفاف بهذه الاستقالة. وليس أدلّ على أن الوزير المستقيل ‏ناصيف ‏حتي تمكّن من إحداث زلزال داخلي ضمن صفوف السلطة من السرعة الخاطفة ‏التي ‏طبعت صدور مرسوم تعيين المستشار الديبلوماسي لرئيس الجمهورية العماد ميشال ‏عون ‏السفير شربل وهبه وزيراً جديداً للخارجية والمغتربين مكان حتي وذلك بعد ست ‏ساعات ‏فقط من تقديم الأخير استقالته الى رئيس الوزراء حسان دياب في ما يعدّ سرعة قياسية ‏في ‏إعداد البديل وتعيينه بالتوافق بين رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء بما يكشف أولاً أن ‏البديل ‏قد عيّن سلفاً بكل ما يعنيه تعيين مستشار الرئيس عون من دلالات في مرحلة ما ‏بعد استقالة ‏حتي. كما تكشف سرعة تعيين البديل التهيّب الضمني لدى الرئيسين عون ‏ودياب من الوقع ‏المعنوي والديبلوماسي والسياسي لاستقالة حتي الذي يحظى بصدقية ‏ديبلوماسية كبيرة سرعان ما ‏ترجمت بردود فعل داخلية واسعة مرحبة بالخطوة كما اقترنت ‏بشهادة إيجابية ومعبّرة وذات ‏دلالات بارزة لممثل الأمين العام للأمم المتحدة في لبنان يان ‏كوبيتش الأمر الذي اكتسب بعداً ‏مهما للغاية‎.‎‎

باختصار، يمكن الاستخلاص بسرعة أن استقالة حتي عمقت أزمة الثقة المفقودة ‏بالحكومة ‏وزادتها تفاقماً، كما أن من شأنها أن تعمّق أزمة العزلة الديبلوماسية الخارجية التي ‏تحاصر ‏السلطة عهداً وحكومة بعدما شكّلت استقالة وزير الخارجية والمغتربين السابق إدانة ‏قوية ‏لسياساتهما. وعلى رغم الاقتضاب الشديد الذي حرص حتي على إضفائه على ‏بيان ‏استقالته، فإنه تضمّن ما يكفي من دلالات وإشارات ومواقف كاشفة لواقع السلطة ‏والحكومة. ‏ولفت حتي في بيانه الى أن "لبنان اليوم ليس لبنان الذي أحببناه وأردناه منارة ‏ونموذجاً، لبنان ‏اليوم ينزلق للتحول إلى دولة فاشلة لا سمح الله، وإنني أسائل نفسي كما ‏الكثيرين، كم تلكأنا في ‏حماية هذا الوطن العزيز وفي حماية أمنه المجتمعي وصونه". ‏وقال: "إنني بعد التفكير ‏ومصارحة الذات، ولتعذّر أداء مهماتي في هذه الظروف التاريخية ‏المصيرية، ونظراً الى غياب ‏رؤية للبنان الذي أؤمن به وطنا حراً مستقلاً فاعلاً ومشعاً في ‏بيئته العربية وفي العالم، وفي ‏غياب إرادة فاعلة في تحقيق الإصلاح الهيكلي الشامل ‏المطلوب الذي يطالب به مجتمعنا الوطني ‏ويدعونا المجتمع الدولي الى القيام به، قررت ‏الإستقالة من مهماتي كوزير للخارجية والمغتربين، ‏متمنياً للحكومة وللقيّمين على إدارة ‏الدولة التوفيق وإعادة النظر في العديد من السياسات ‏والممارسات، من أجل إيلاء ‏المواطن والوطن الأولوية على كل الاعتبارات والتباينات ‏والانقسامات والخصوصيات". ‏وأضاف: "لقد شاركت في هذه الحكومة من منطلق العمل عند ‏رب عمل واحد اسمه لبنان، ‏فوجدت في بلدي أرباب عمل ومصالح متناقضة، إن لم يجتمعوا ‏على مصلحة الشعب ‏اللبناني وإنقاذه، فإن المركب لا سمح الله سيغرق بالجميع‎".‎‎

وفي تعداد للأسباب الجوهرية التي دفعت حتي الى الاستقالة، جاء في معلومات مطلعين ‏أن أحد ‏أبرز هذه الأسباب هو ما راكمته الأشهر الستة الاخيرة من سلبيات حيث لم يتحقق اي ‏شيء ولم ‏تصل الامور الى اي نتيجة. ذلك أن الحكومة التي أتت على خلفية انتفاضة شعبية ‏طالبت بحكومة ‏تكنوقراط لم تستفد من الزخم الشعبي والتأييد النسبي من أجل القيام ‏بخطوات انقاذية معينة قبل أن ‏تذهب الأمور الى منطق المحاصصة في التعيينات وتقاسم ‏المواقع. وعوض ذلك ذهبت الأمور ‏الى شعارات تبريرية من مثل شعار "ما خلّوني اشتغل" ‏أو الاتهامات بأن المسؤولية تقع على ‏فلان أو علان من الأشباح، أو تراكمات الأعوام السابقة. ‏فهذه الفرصة أهدرت وضاعت ولم ‏يستفد منها رئيس الوزراء ولا القوى الداعمة لحكومته ‏أيضاً التي سارعت الى تصحيح أوضاعها ‏وتعزيز أوراقها بدلاً من أن تهتم بتصحيح الوضع ‏في البلد. وتالياً فإن ليس هناك سبب محدد دفع ‏حتي الى الاستقالة، استناداً الى معلومات ‏المطلّعين، بل هو مسار تراكمي من قلّة الإدراك جنباً ‏الى جنب مع تهميش دور وزارة ‏الخارجية. فالوزير الذي واجه جموداً في الحركة الديبلوماسية ‏نتيجة تفشّي وباء الكورونا، ‏واجه عقماً في مقاربة الحكومة لملف العلاقات مع الخارج في شكل ‏أساسي. وحين برزت ‏حلحلة في التنقل توجّه الى ايطاليا والأردن لكن مساعيه للتوجّه الى الدول ‏العربية ووجهت ‏بعقبات اساسية‎.‎

تعديل مؤجّل؟

أما الجانب الآخر من تداعيات الاستقالة، فيتمثّل في سقوط ورقة تين أولى عن حكومة ‏اللون ‏الواحد‎.‎

‎‎

ومع استقالة حتي طرح جدياً موضوع التعديل الوزاري، وتقرّر طيّه مرحلياً الى أن يتم ‏الاتفاق ‏على أسماء بديلة تطرح تباعاً بين رئيسي الجمهورية والوزراء وبطريقة لا تحتاج الى ‏تدخّل من ‏مجلس النواب. وتشير معلومات "النهار" الى أن هناك وزراء قبل حتًي عبّروا عن ‏رغبتهم في ‏الاستقالة أمام المرجعيات السياسية التي كانت وراء تسميتهم، ومنهم من لا ‏يزال ينتظر أن يجدوا ‏الشخصية البديلة منه ليعلن هذه الاستقالة. ومن هؤلاء الوزراء ‏الراغبين في الاستقالة من يتم ‏تداول تغييرهم أيضاً بين بعبدا والسرايا ومن يدور في فلك ‏الرئاستين. وعُلم أن من أبرز الاسماء ‏التي جرى تداول تغييرها وزراء التربية والاتصالات ‏والاقتصاد والطاقة الى غيرهم‎.‎

وفِي ظل هذا الانسداد، ينتظر أن تنزع الحكومة الحالية عنها قناع الاستقلالية وأن تتحوّل ‏يوماً ‏بعد آخر الى حكومة المستشارين أو أمناء السرّ لدى القوى السياسية التي انسحبت ‏رغماً عنها من ‏السلطة تحت وطأة الشارع، وبانكفاء الشارع تعود لتستعيد ما تعتبره ‏مكتسبات لها. والدليل أن ‏أبرز الأسماء المطروحة للتعديل بحجة عدم الانتاجية، الوزراء الذين ‏‏"تمرّدوا" على أوامر القوى ‏السياسية التي سمّتهم ولم ينصاعوا لتدخلاتها. ومجرد استعادة ‏شريط التعيينات بمحاصصاتها ‏يكشف كيف يحرّك مجلس الوزراء من بعد على أيدي القوى ‏التي جاءت بالحكومة ووزرائها‎.‎

‎ ‎منع التجول؟‎

وعلى رغم التطورات المتصلة بتداعيات الاستقالة، طغت أزمة التمدّد الوبائي في البلاد، ‏ففي ‏حين انتهت المرحلة الأولى من الاقفال مع فتح البلاد اليوم وغداً على أن تعود ‏الخميس الى ‏الإقفال في مرحلتها الثانية، واصل عدّاد إصابات كورونا ارتفاعه أمس مع ‏تسجيل 177 اصابة ‏جديدة، فتجاوز العدد الإجمالي الـ5000 إصابة، إضافة إلى ثلاثة حالات ‏وفاة جديدة. وهو ما ‏يزيد القلق والمخاوف من استمرار التفشّي المجتمعي على رغم ‏الإجراءات والتدابير الوقائية، مما ‏دفع وزير الصحة حمد حسن إلى تسليط الضوء على عدم ‏الجدية في احترام الاجراءات والتزام ‏معايير التعبئة العامة، حيث طالب الوزارات المختصة ‏بمتابعة الموضوع أكثر في أيام الاقفال ‏المقبلة. وكشف حسن خلال مؤتمر صحافي أن ‏اللجنة العلمية ستوصي بإقفال عام لمدة 15 يوماً ‏اذا كان التقويم سلبياً. وأفاد أن اللجنة ‏ستوصي الحكومة بمنع التجول منعاً شاملاً من السادس

الى ‏العاشر من آب ضمناً‎.‎



النهار

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

4 آب 2020 07:36