30 تموز 2020 | 11:42

منوعات

فريد شوقي في "مئويته".. من ملك الترسو إلى ملك الشاشة!

فريد شوقي في


زياد سامي عيتاني*

الملك فريد شوقي الحاصل على "البكوية" صاحب مسيرة سينمائية طويلة وحافلة بالتنوع ما بين أدوار الشر والفتونة والبطل القوي وإبن البلد والأب وغيرها، ولم يقتصر دوره على التمثيل في السينما او المسرح أو التلفزيون، ولكنه امتد الى كتابة القصة والسيناريو والحوار والانتاج، واستطاع أن يظل متوهجاً لما يقرب من نصف قرن.

ويصادف الثلاثون من يوليو/تموز هذا العام الذكرى المئوية لميلاد "وحش الشاشة" كما يطيب للجميع تسميته، أو "ملك الترسو" كما يسميه جمهوره من البسطاء، أو "بطل الشعب" كما يفضل هو شخصيا تسمية نفسه. 

من الصعب الحديث عنه، فالرحلة تمتد لأكثر من أربعين عاماً حافلة، ولكن المؤكد من خلاصة هذه الرحلة أنها كانت وتبقى منهجاً ودرباً صار ويسير عليه الأجيال في مشوارهم الفني.

فريد شوقي حظى بمحبة الجميع واجتمعت الآراء على موهبته التي كان يطوعها بين كل مرحلة عمرية وأخرى ليخرج علينا بتركيبة أدوار مختلفة وقضايا سابقة للفترات الزمنية التي كان يتناول فيها مثل هذه الموضوعات، ليبقى رمزًا هاماً من رموز زمن العمالقة...

**



•عاشق للتمثيل منذ طفولته:

ولد فريد شوقي في حي "السيدة زينب" بالقاهرة في 30 يوليو عام 1920، من أب تركي وأم مصرية، وعشق التمثيل منذ طفولته، الأمر الذي دفعه للألتحاق بمدرسة الفنون التطبيقية، وبالتالي إنضم لفرقة مسرحية وتتلمذ على يد مخرجها عزيز عيد، في حين بقي يتردد على مسارح شارع عماد الدين مؤدياً أدوار "الكومبارس" في فرق يوسف وهبي ونجيب الريحاني وعلي الكسار وفاطمة رشدي وجورج أبيض.

وحينما حصل على دبلوم الفنون التطبيقية إلتحق موظفاً مع أبيه بمصلحة الأملاك الأميرية، لكن لم تشغله الوظيفة عن نشاطه الفني، فكون مع مجموعة من هواة التمثيل ومنهم عبدالرحيم الزرقاني وعلي الزرقاني وأحمد الجزيري فرقة مسرحية في حجرة، وعقب تخرجه في أول دفعة بالمعهد العالي للتمثيل عام 1945 إستقال من وظيفته الحكومية، ليتفرغ للفن، وشارك في العام التالي لتخرجه في فيلم «ملاك الرحمة» من إخراج يوسف وهبي.

**



•"ملاك الرحمة" فاتحة خير عليه:

وكان الفيلم فاتحة خير على فريد، حيث شارك بعده مباشرة في عدد من الأفلام التي لفتت الإنتباه إليه، ومنها «ملاك في جهنم» أمام زوزو حمدي الحكيم وأمينة رزق وفاتن حمامة وزوزو شكيب وسراج منير، و«الستات عفاريت» أمام ليلى فوزي ومحمود المليجي وعزيز عثمان وثريا حلمي وحسن فايق وزينات صدقي، و«ليالي الأنس» أمام ببا عز الدين وعبدالغني السيد، و«غني حرب» أمام إلهام حسين وبشارة واكيم.

**



•توبيخ من أنور وجدي:

يذكر أنه بعد إنتهاء «ملاك الرحمة» وعرضه تجارياً للجمهور، إعتقد فريد شوقي أنه أصبح نجماً سينمائياً، لدرجة أن الفنان أنور وجدي حين طلبه للمشاركة في عدد من أفلامه، وسأله كم ستتقاضى أجراً عن دورك في الفيلم الواحد؟ فأجابه فريد: 250 جنيهاً، فباغته: 50 جنيهاً كفاية عليك، وحين اعترض فريد أخبره أنور بمزايا عمله معه في أفلام من بطولته وإنتاجه وإخراجه، وقال له: أنت تعمل مع أنور وجدي.

ففهم فريد الرسالة، وأخذ منها العبرة، ليشارك بعدها إلى جانب أنور وجدي في سلسلة أفلام إعتباراً من عام 1947، ومنها: «قلبي دليلي»، «عنبر» و«طلاق سعاد هانم» و«غزل البنات» و«أمير الانتقام»، وإنتهاءاً بـ «النمر» عام 1952.

**

•أدوار الشر جعلته "وحش الشاشة":

وكان في بدايته متخصصاً في أدوار الشر وإعترف بأن أنور وجدي كان يطلب منه رفع الحاجب وتجهم الوجه في ذلك الوقت، وهذا ما جعله يتغير تماماً بعد أن حصل على البطولة وأصبح يحصل على أدوار الشخص الذي يواجه الشر والذي يدافع عن الخير، وهذا ما جعله يحصل على لقب "وحش الشاشة".



**

•التأليف والإنتاج:

بعد ذلك غير فريد شوقي جلده تماماً، حينما قرر كتابة أفلامه، وأصبح البطل الذي يدافع عن الخير في مواجهة الأشرار أمثال محمود المليجي، زكي رستم، وجاءت أفلامه في هذه المرحلة متميزة.

فإلى جانب التمثيل، كان فريد شوقي مؤلفاً ومن ثم منتجاً، ففي بداية الخمسينيات صنع فريد شوقي شخصيته الجديدة بيده، حينما قرر أن يؤلف سيناريوهات أفلامه بنفسه، ليبدأ به الأمر مع فيلم "جعلوني مجرما" من إخراج عاطف سالم، وفيه ينتقل فريد شوقي لأول مرة إلى جانب الخير، ثم"سوق السلاح" و"عنتر بن شداد" و"بطل للنهاية"، وإستمر شوقي في تأليف سيناريوهات أفلامه في تلك الفترة الذهبية من بداية الخمسينيات وحتى منتصف السبعينيات، ونذكر منها أيضا فيلمه الشهير "الفتوة" الذي جسد فيه دور وحش الشاشة بشكله الأكثر واقعية، وذلك من خلال قيامه بدور رجل صعيدي يتم الاستهزاء به حينما يدخل السوق لأول مرة، ثم تمر الأيام حتى يصبح هو نفسه فتوة السوق الأول.

كما شارك في إنتاج العديد من الأفلام التي قام ببطولتها أيضاً.

**

•فيلمان له يغيران القانون المصري:

يُعتبر فريد شوقي هو النحم المصري الوحيد، الذي إستطاع بأفلامه تغيير القانون المصري، ففي فيلم "جعلوني مجرماً" وهي القصة التي كتبها بنفسه وعن قصة حقيقية لفتى خرج من إصلاحية وواجه ظروفاً صعبة بعد خروجه، وبعد عرض الفيلم صدر قانون مصري للإعفاء من السابقة الأولى، لكي يتمكن المخطئ من أن يعيش حياته بشكل جديد.

أما فيلمه الثاني "كلمة شرف" فقد غيّر قانوناً خاصاً بالسجون، فبعد عرضه تم تعديل أحد قوانين السجون بالسماح للسجين بزيارة أهله، والخروج ولكن بشروط معينة.

**



•نجومية وبطولات وطلاق في تركيا:

بعد نكسة 67، سافر فريد شوقي إلى تركيا وأصبح نجمها الأول، حيث قدّم العديد من الأعمال مع ممثلين مصريين وأتراك.

وخلال فترة إقامته في تركيا، بدأت تظهر بعض الشائعات عليه عن علاقاته الغرامية، الأمر التي لم تتقبله زوجته الفنانة هدى سلطان، وطلبت منه السفر معه لتركيا، لكنه رفض، فسافرت رغماً عنه وهناك وجدته محاطاً بالمعجبات، فدبت الغيرة في قلبها وطلبت منه النزول لمصر ولكنه رفض. فعادت هي وطلبت منه الطلاق، حاول فريد أن يرجعها عن طلبها، لكنها أصرت علي ذلك، وإنتهت قصة حبهم بعد زواج دام خمسة عشر عاماً. 

**

•الأسد العجوز:

في منتصف الثمانينيات وأول التسعينيات كان الملك قد وصل لمرحلة أصبح من غير المعقول معها أن يستمر في أدواره التي تتطلب تفوقاً بدنياً على منافسيه، لكنه وبذكاء شديد إستطاع أن يصل بسهولة إلى التركيبة التي تضمن له الاستمرار، وذلك من خلال الإكتفاء بالبطولة الجماعية في السينما، من خلال أدوار ذات تأثير بالغ حتى لو لم تكن أكثر الأدوار ظهورا على الشاشة، ونذكر منها: دوريه في فيلمي "إعدام ميت"، و"خرج ولم يعد"، بالإضافة إلى البطولة المطلقة من خلال الدراما التلفزيونية التي تفرغ لكتابتها أيضا، ومنها: مسلسل "صابر يا عم صابر" و"البخيل وأنا".

**



رحل الملك فريق شوقي الذي بقي وحشاً للشاشة بموهبته وأدائه وفي رصيده 300 فيلماً، تنوعت بين البوليسية والإجتماعية والكوميدية والفروسية والتاريخية والسياسية والوطنية والفلسفية، إضافة إلى نحو ٢٠ مسرحية، و١٢ مسلسلاً تلفزيونياً، حاصداً العديد من الجوائز التقديرية، أبرزها: وسام الفنون وجائزة الامتياز الأولى في عيد العلم، والتفاحة الذهبية من مهرجان «أنيتاليا» التركي، وأفضل ممثل من جمعية كتاب ونقاد السينما المصرية عن فيلم «هكذا الأيام».

**

إعلامي وباحث في التراث الشعبي.



يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

30 تموز 2020 11:42