8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

مرأب التلّ في بازار الانتخابات البلدية

دخلت مسألة تعطيل مشروع تأهيل منطقة التل ومرأبها في طرابلس، بازار الانتخابات البلدية المقبلة، مع موجة تصريحات سياسية غير مسبوقة بهذا الخصوص، ترافق مع اعتصام هزيل لمعارضي المشروع. فيما اعلن رئيس بلدية طرابلس عامر طيب الرافعي لـالمستقبل، ان مشروع مرأب التل لن يكون من دون مخطط توجيهي، وان كلاماً عن عدم وجود هذا المخطط عار من الصحة.
فأقل من 80 شخصاً، لبّوا دعوة هيئة الطوارئ في طرابلس، للاعتصام في ساحة جمال عبدالناصر، تحضيراً للمواجهة مع بدء تنفيذ الأعمال الذي كان مقرراً صباح امس في هذه المنطقة، رغم اكتمال خارطة التحرك، وزعم الهيئة المذكورة أن 90 في المئة من أهالي المدينة تعارض إقامة مرأب التل بحجة عدم وجود مخطط توجيهي وانمائي شامل، ومهّدت لها تصريحات محسوبة على جهة سياسية، واصفةً المشروع المذكور بأنه خنفشاري.
وقال كثيرون ممن شاركوا في الاعتصام الهزيل، أنهم كانوا سابقاً ضد المرأب، إلا أنهم بدلوا قناعتهم وأصبحوا في خانة المؤيدين، بعدما تبين أن التحرك هو لمصالح انتخابية وحب الظهور على حساب مصلحة المدينة، وأن ثمة أكثر من رأي في التحرك، وكل رأي لديه مأرب معين، وأشار البعض الى أنَّ جزءاً من الشباب الذي شارك تم وعده بـوظيفة، وهي محاولة استغلال تفضح المعارضين.
ويأتي ذلك في وقت فند متابعون مغالطات حملات الترويج ضد المشروع، بالاتي:
- ان مشروع المرأب الذي تم اقتراحه والموافقة عليه من مجالس بلدية متعاقبة عدة، كما وافقت على تنفيذه كافة الفعاليات التمثيلية للمدينة بمن فيهم الجهة المعنية مباشرة به اي جمعية تجار التل.
- استمعت بلدية طرابلس الى كافة الملاحظات التي سجلتها منظمات المجتمع المدني اثر سلسلة اجتماعات عقدت معها، وتم الأخذ بعدد كبير منها.
- سيرافق تنفيذ مشروع المرآب مع تنفيذ مخطط تجميلي لمنطقة التل بأكملها على حساب البلدية. يتضمن اعادة تأهيل واجهات الأبنية والمحال. كما يشمل لاحقاً منع دخول السيارات الى الشوارع الرئيسية وتحويلها الى منطقة للمشاة فقط.
إذاً، الحضور الذي أعدت لهُ ماكينات إعلامية خلال الساعات الـ48 الماضية، بدا هزيلاً مدعوماً من جهات سياسية معروفة. فيما غاب المعنيون اي أصحاب مواقف السيارات العمومية ونقباء السائقين وتجار التل والهيئات الاقتصادية والجمعيات التجارية. والأهم كان عدم حضور اي شخصية سياسية وازنة سابقة او حالية.
والمواجهة التي أُريدَ لها أن تكون حامية، كانت باردة جداً، باستثناء الخطابات عالية النبرة والحامية سياسياً، في محاولة مكشوفة لاستخدام مشروع المرأب في الحملات الانتخابية البلدية. وهذا ما كان واضحاً في التصريح الذي ادلى به خلدون الشريف، المحسوب على رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي، اذ قال: أود تقديم اقتراح مخرج للجميع: سياسيون ومجلس بلدي ومجتمع أهلي. فليتوقف السجال على المرأب والعمل فيه لما بعد الانتخابات البلدية، وليكن المرأب، واحداً من العناوين الاستفتائية في الانتخابات إذ لا يجوز خوض المعارك البلدية من دون خطط إنمائية او على الأقل توجهات. ولا يمكن أن تخاض المعارك حصراً تحت شعار التوافق، والبيت الداخلي والبيت الخارجي. المرأب أحد عناوين الانتخابات الصغرى وأنا شخصياً ضد هذا المشروع الخنفشاري، ولم يستطع أحد أن يقنعني بجدواه.
من جهته، قال رئيس لقاء الاعتدال المدني النائب السابق مصباح الاحدب، قد تكون الانتخابات البلدية فرصة حقيقية لتحديد بوصلة إرادة أهل طرابلس ليس في المرأب فحسب بل في موضوع المحاصصة السياسية وفرض أعضاء ورؤساء مجلس بلدية وتكبيلهم بالتزامهم السياسي.
وفيما تكرر الخطاب التعبوي في الاعتصام، وبدا نسخةً طبق الأصل عن الاعتصامات السابقة، برز موقف لافت للوزير السابق فيصل كرامي، إذ قال في تصريح: المرأب لن يمر الا من ضمن مشروع إنمائي متكامل، يشمل تأهيل وسط المدينة كما وعدنا.
وعلى خط بلدية طرابلس، قال رئيسها عامر الطيب الرافعي، إن المجلس البلدي حريص على الأهالي، ونحن لا نتمنى أن تحصل ضربة كف حول مشروع انمائي للمدينة، ولذلك مرَّ الاعتصام بسلام. فهؤلاء أهلنا ونحن لا نقف في مواجهة أحد، بل ننفذ مشروعاً تم التوافق عليه في المجالس البلدية المتعاقبة وكذلك تم تمويله من قبل الحكومة اللبنانية.
ولفت في اتصالٍ مع المستقبل، الى ان كلام الوزير السابق فيصل كرامي، ليس بعيداً من الروحية التي تعمل عليها البلدية، ونحن من الأساس قلنا إن مرأب التل هو من ضمن مخطط توجيهي وانمائي ومن ضمن مشروع تأهيل منطقة التل، وطبعاً نتمنى أن يحصل الأمر سريعاً لجهة اعداد الخرائط التنفيذية لنبدأ، ولكن هذه تحتاج مدة زمنية ونأمل أن يسير كلا المشروعين مع بعضهما، ونحن منذ مدة نعد لأمر المخطط التوجيهي، الذي هو حجة لبعض المعترضين. اضاف نعم مرأب التل سيكون من ضمن مخطط توجيهي، والمسألة فقط تتعلق بانجاز الخرائط التوجيهية وانجاز الموازنة الخاصة للمشروع. واوضح إن الاجتماع البلدي الشهير مع الرئيس نجيب ميقاتي في شباط العام 2015 أكد هذا الأمر، وقلنا إن مخططاً توجيهياً شاملاً، سيكون موجوداً.
ونفى الرافعي حدوث خلافات بسبب المرأب، بين أعضاء المجلس البلدي في آخر جلسة عقدها، فهذا الامر محسوم، ولكن الخلاف كان محصوراً بمسألة أفضلية الكلام. واعتبر أن باب البلدية مفتوح أمام الجميع لا سيما الذين يريدون الاستفسار عن المشروع، ونحن لم نقفل الباب بوجه أحد، ولكن ما نفعل للذين يعارضون فكرة المرأب من أساسها، بالطبع الحوار ليس معنا.
وقال عضو لجنة تجار التل، خضر مصري الشعراني، لـالمستقبل، نحن كتجار في وسط المدينة، عقدنا اجتماعاً واتخذنا قراراً بعدم المواجهة أو الاحتكاك مع المحتشدين، فهناك غرباء وطبعاً تابعنا الأمر مع الأجهزة الأمنية. ولفت الى أن تأييد مشروع المرأب، هو بسبب الخسارات التي تتراكم من جراء عدم وجود مرأب للسيارات التي تريد الدخول الى المنطقة، والتسوق. وطبعاً هذا الأمر أدى الى شلل كبير في الحركة التجارية لأهم منطقة في المدينة. فنسبة التراجع باتت نحو 90 في المئة، عدا عن الافلاسات والديون المتراكمة على المؤسسات والمحال التجارية. فالانهيار يطال ما لا يقل عن 700 مؤسسة تجارية، فيما هناك نحو 4500 عائلة تضررت من جراء هذه الأزمة (أصحاب المؤسسات والعاملون فيها).
وأشار الى أن السير والاختناق المروري في منطقة التل، يعود الى نحو عشر سنوات مضت، وهناك عشوائية في مواقف السيارات، وهذا ما أسهم في تجنب زبائننا الدخول الى المنطقة، ومشروع المرأب سيعيد النشاط التجاري الى وسط المدينة. واتهم الشعراني، بعضاً من قادة التحرك بـالفساد، معربا عن امله في أن يكون التحرك هو لمصلحة المدينة وتأمين المشاريع لها بدلاً من رفضها.
ورغم عدم مباشرة أعمال المرأب التي كان مقررة صباح امس، ومع عدم الإعلان عن تأجيل أو وقف للأعمال أو مباشرة، يبدو أنَّ ثمة اتصالات لتذليل العقد إن وجدت، ليعاود المشروع انطلاقته. بيد أن التصريحات السياسية أمس، تشي بأنَّ تحويلَ المرأب الانمائي الى مرأبٍ انتخابي لركن الأصوات، هو الذي ستبدأ المباشرة بأعماله...

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00