8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

بيروت تبلغ واشنطن رفضها حلاً وسطياً في النقطة 23

أعاد الموفد الأميركي آموس هوشتاين، المعني بملف النفط ولا سيما موضوع ترسيم الحدود بين لبنان واسرائيل، في المناطق الاقتصادية الخالصة، تظهير موقف لبنان الموحد تجاه التمسك برسم الحدود البحرية مع كل من قبرص واسرائيل، تحت مظلة الأمم المتحدة ووفقاً للقوانين الدولية في هذا المضمار.
ويأتي تحريك الملف مجدداً، إنطلاقاً من الضغوط الإسرائيلية المتسارعة والهادفة الى حرمان لبنان من حقوقه النفطية، ولا سيما الاقتراب من حقل كاريش. فبحسب بيانات اميركيةـ فان المخزونات المفترضة في الحوض المشرقي كله من غزة الى قبرص تقدر بـ 122 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي، والمخزون المكتشف في فلسطين المحتلة يقدر بـ 25 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي، وهو ما يكفي الاحتلال الاسرائيلي نحو 5 عقود مقبلة لانتاج 11 ألف ميغاوات من الطاقة الكهربائية. ما يعني أن القسم المتبقي من الحوض المشرقي للبحر الأبيض، والذي يقع لبنان ضمنه، يختزن نحو 100 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي.
ويشكل ملف ترسيم الحدود البحرية في لبنان عائقاً كبيراً امام بدء أعمال التنقيب. فاسرائيل رسّمت حدود منطقتها الاقتصادية الخالصة انفراديا، وهو امر رفضه لبنان عبر الرسائل والاعتراضات التي وجهها الى الأمم المتحدة. والمشكلة تكمن في أن اسرائيل قامت برسم خط عمودي في الناقورة على الخط الذي يجمع بيروت بحيفا، فكان اعتراض لبنان على الآلية المعتمدة في الترسيم والتي تحرم لبنان من حصص في الحقول المكتشفة. وعام 2007، قام لبنان بتوقيع معاهدة مع قبرص لتقسيم الحدود البحرية، ما أعطى اسرائيل الحجة لقضم 800 كيلومتر مربعة من المنطقة الاقتصادية الخاصة التابعة له، خاصة بعد أن وقعت قبرص معها اتفاقية تنقض وتخالف اتفاقيتها مع لبنان.
وفي هذا الاطار، كشف الخبير النفطي ربيع ياغي، أنَّ زيارة الموفدين الأميركيين الى لبنان لم تنقطع ولا سيما تلك المتعلقة بالموضوع النفطي، خصوصاً وان واشنطن لديها مصالح في المنطقة، كما أنّها تستشعر من أنَّ تمادي اسرائيل الأخير في حقل كاريش من شأنهِ أن يثير نزاعات مسلحة. ولفت الى أنَّ هوشتاين يحاول التوصل الى حلٍ وسطي بين لبنان واسرائيل، ولا سيما في ما يتعلق بالنقطة 23 التي تشكل للبنان نقطة احداثيات بالنسبة للمناطق الاقتصادية الخالصة، وهي قبرص ولبنان واسرائيل. وقال ياغي: في مثل هذه الحالات، لا حلول وسطية، بل هناك حق لن يتنازل عنهُ لبنان أبداً، والكل يعرف أن اسرائيل هي من تعدت على المنطقة الاقتصادية الخالصة. في السابق، عرض الموفد الاميركي فريدريك هوف، امكان تراجع اسرائيل عن ثلثي المساحة عند هذه النقطة وابقاء مساحة الثلث كمنطقة محايدة، طبعاً لبنان لا يقبل بمثل هذا ابداً، وهذا بمثابة تنازل عن سيادة لبنان عن مياهه. لكن لبنان رفض طبعاً هذا الحل لأن من حقنا مساحة 865 كيلومترا مربعا قرصنتها إسرائيل نتيجة الإتفاق الغامض الخاطئ غير المبرم بين لبنان وقبرص عام 2007 القاضي بتقاسم المياه الدولية مناصفة بين الدولتين، ورُسم في حينه ما يسمى خطاً وسطياً لفصل المنطقة الإقتصادية الخالصة لكل من لبنان وقبرص، لكن هذا الإتفاق لم يحدّد نقاط البداية والنهاية لهذا الخط، بل كان ضبابياً، وهو امر استغلته إسرائيل في مفاوضاتها مع قبرص في العام 2010 فحاولت أن تقرصن نحو 865 كليومترا مربعا من المياه الدولية العائدة إلى لبنان.
وأكد ياغي أنَّ الموفد الأميركي لا يحمل الى الآن أي اقتراح، لكن يحاول أن يسمع عن النقطة الخلافية ولا سيما بين لبنان واسرائيل، وطبعاً لبنان لا يمكنهُ أن يتنازل عن حقهِ أبداً، ولا عن سيادته، بل هناك موقفٌ موحد لدى كل الأطراف السياسية، وبالتالي لا حل عند لبنان سوى أن تتقيد اسرائيل بالقوانين والمعاهدات الدولية، وأن تتراجع عن المياه الاقليمية الخالصة العائدة للبنان.
ورأى ياغي أن الحل الوحيد للنقطة 23، يكمن في إعادة التفاوض مع قبرص، والتفاوض مع إسرائيل عبر وسيط دولي أو من خلال الأمم المتحدة، لافتاً الى أن اهتمام الولايات المتحدة بملف النفط اللبناني، يعود لسببين، الاول هو أنَّ هناك شركات أميركية تعمل في حقول النفط والغاز الاسرائيلية ومنها نوبل اينرجي، وبالتالي من الممكن أن يكون للشركات الأميركية مصالح أيضاً مع لبنان، والثاني هو ان هذا جزء من اهتمام الادارة بالملفات في المنطقة ومن ضمنها هذا الملف.
ورغم حرص لبنان على رسم الحدود البحرية مع قبرص، إلا أنَّ القبارصة يريدون توقيع اتفاقية اطار مع لبنان، وهي تشمل المناطق المحاذية لخط الوسط الممتد من لبنان الى قبرص، ثم في المرحلة التوقيع بين المشغلين، إلا أنَّ لبنان لا يمكنه توقيع اتفاقية اطار قبل ترسيم الحدود حول النقطة 23، المشتركة بين لبنان وفلسطين وقبرص.
يذكر ان هوشتاين التقى صباح امس رئيس الحكومة تمام سلام في السرايا، في حضور السفير الأميركي في لبنان دايفيد هيل والوفد المرافق، ومستشار رئيس الحكومة للشؤون الإقتصادية شادي كرم، وتناول البحث ملف إنتاج الغاز والنفط.
كذلك زار هوشتاين وزير الطاقة والمياه أرتور نظريان، يرافقه هيل والوفد المرافق.
وتم البحث في مواضيع تتعلق بالطاقة وشؤون نفطية والمسعى الأميركي في هذا الإطار.
ومن المقرر أن يلتقي هوشتاين رئيس مجلس النواب نبيه بري صباح اليوم في عين التينة، ثم يزور قصر بسترس للقاء وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، على أن يغادر لبنان ظهراً عبر مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00