رغم أنَّ لبنان سجّل نمواً سياحياً بلغ 21 في المئة في الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري مقارنة بالفترة ذاتها من العام 2014، إلا أن نقباء القطاع السياحي يتوجّسون من ألا يكون موسم الصيف واعداً في ظل المناخ الاقليمي الساخن، والذي تلفح ناره الاقتصاد اللبناني عموماً وقطاع السياحة خصوصاً. على أنَّ الوضع السياسي الداخلي هو الأخير ليس واعداً مع مرور سنة على شغور سدة الرئاسة الأولى، وفي ظل انحسار مساحة التفاؤل مع استمرار العمليات القتالية التي يقودها حزب الله في القلمون، وهو ما يمثلُ قلقاً مشروعاً للسياحِ الى لبنان. كل ذلك يعني ان الموسم السياحي أمام استحقاقات ساخنة، قد تنعكسُ سلباً على مداخيل القطاع. ورغم ان نسبة الأشغال الفندقي اليوم تعادل الفترة الممثالة من العام الماضي، وهي متوقفة عند حاجز الـ53 في المئة كما قال نقيب أصحاب المؤسسات السياحية في لبنان جان بيروتي لـالمستقبل - ، إلا أنَّ أسئلة كثيرة تطرح للموسم الصيفي، ويدور فلكها حول ما اذا كنا سنكتفي بهذه النسبة أم أنها قابلة للصعود أو التراجع.. طبعاً هذه النسبة غير كافية لنقول إنَّ الموسم سينجح، في ظل الشغور الئاسي وعدم الاستقرار السياسي.
في السادس من أيار الجاري، أصدر المنتدى الاقتصادي العالمي تقريره حول التنافسية للسفر والسياحة للعام 2015، والذي يقوم من خلاله بتقويم مفصّل حول بيئة السفر والسياحة في 141 دولة حول العالم من خلال مؤشر التنافسية للسفر والسياحة، وسجّل لبنان نتيجة 3,35 في مؤشر التنافسية للسفر والسياحة للعام 2015 ليحتل المركز الـ11 إقليمياً والـ94 عالمياً.
يقول بيروتي إنَّ السياحة المتوقعة هي للمغتربين اللبنانيين الذين حجزوا الى لبنان، إلا أنَّ بقية السياح من المناطق الأخرى في العالم.. فهم بلا شك سيتجهون نحو بلدان أكثر أمناً واستقراراً، إلا إذا حدثت مفاجآت على الصعيد الداخلي. ولفت الى أن المؤسسات السياحية في لبنان تدفع ثمن اللااستقرار، فنحنُ لم نتقدم خلال الأشهر الثلاثة الأولى إلا بنمو هو بحدود 11 في المئة، إلا أنه يبقى متراجعاً إذا ما تمت مقارنته مع العام 2010.
وأوضح بيروتي ان الإيرادات المالية لم تصل سوى الى 800 مليون دولار، أي المبالغ نفسها التي حصّلها لبنان خلال الفترة نفسها من العام الماضي، علماً أن الايرادات تراجعت خلال العام الماضي نحو 3،5 مليارات دولار.
وإذ رحب بيروتي بشهر رمضان الذي يأتي خلال منتصف الشهر القادم، إلا أنه يقول إن الشهر المبارك سيحرمنا من نحو 60 في المئة من السياح، وطبعاً هذا سيؤثر في نسبة الإشغال الفندقي.
ويقول تقرير لجنة منظمة السياحة العالمية للشرق الأوسط، أن لبنان شهد موسم تزلج ممتازاً هذا الشتاء حيث ارتفع عدد الزوار القادمين من الأسواق التقليدية، في الوقت الذي عانت منه الأردن تراجعاً في الأشهر الأولى من العام 2015، كما شهد كل من المغرب وتونس نكسة مماثلة، ما أثر سلباً على قطاع السياحة والسفر. وأفاد التقرير أن الأسواق الثلاثة التي أفادت عن نمو ثنائي الأرقام في مؤشرات الأداء الثلاثة كانت ابو ظبي، والدوحة وبيروت، وشهدت الفنادق في بيروت انتعاشاً قوياً في مستويات الأداء خلال الجزء الأخير من عام 2014، فانتهت السنة بنمو بلغ 5 في المئة في هوامش الربح.
وسجّل قطاع السياحة والسفر في لبنان نتيجة أفضل عام 2014 حيث شهدت السياحة انتعاشاً في النصف الأخير من السنة، في البتراء، الأردن، استمر هذا القطاع يعاني من تراجع في عدد الزوار السنويين الذي انخفض بنسبة 50 في المئة منذ عام 2010 فاضطر اصحاب الفنادق على إغلاق ابوابهم أو تسريح الموظفين في ظل انخفاض عدد زوار المبيت، وبالتالي فقدت 1500 وظيفة في قطاع السياحة.
وكان تقرير منظمة السياحة العالمية، قد أفاد ان الاستقرار النسبي الذي تلا تشكيل الحكومة السلامية، وما استتبعها من إطلاق حملات ترويجية ورفع الحظر على السفر من جانب بلدان مجلس التعاون الخليجي قبل موسم الصيف، ساعد في إعادة إحياء السياحة الترفيهية. وأوضح ان العوامل الأهم التي أثرت على السفر الى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الأشهر الأولى من عام 2015 تمثلت في المخاوف من تنظيم داعش وغيرها من الأعمال الإرهابية، وهبوط قيمة اليورو والروبل، ما رفع تكلفة السفر الى حد كبير بالنسبة الى الوافدين من هذه الأسواق المصدرة للسياح.
وذكر التقرير التدابير الرئيسية التي اتخدتها وزارة السياحة اللبنانية لجذب السائح وهي:
- إطلاق حملة عش وحب لبنان والاعتماد على المواطنين اللبنانيين للترويج لها ونشرها على شبكات التواصل الاجتماعي وعلى المنصات الإلكترونية.
- إطلاق برنامج الترويج للسياحة الموجّه الى المغتربين اللبنانيين، الذي يستهدف 14 مليون لبناني يعيشون في الخارج، ويشجعهم على زيارة لبنان مرة على الأقل في حياتهم.
- إطلاق مبادرة طريق الفينيقيين التي ترمي الى وضع مسارات سياحية ثقافية والترويج لها عبر 18 بلداً شرق أوسطياً وأكثر من 80 بلدة يعود منشأها وثقافتها الى العهد الفينيقي.
- إطلاق استراتيجية السياحة الريفية التي تمتد على 5 سنوات وترمي الى تعزيز الفرص الاقتصادية في المناطق الريفية اللبنانية من خلال تحسين تنافسية سلاسل قيمة محددة، بما في ذلك السياحة الريفية ومجموعة أخرى من القطاعات الزراعية والمنتجات الغذائية.
لكن رغم كل المحاولات التي تقوم بها وزارة السياحة اللبنانية، يبقى عامل الاستقرار هو الأهم، ويقول نقيب الشقق المفروشة زياد اللبّان إن الوضع السياحي مرهون بالوضع السياسي، وهذا يتطلب استقراراً وانتخاباً لرئيس الجمهورية.
وتوجد نحو 200 مؤسسة مرخصة من وزارة السياحة، فضلاً عن عشرات المؤسسات غير المرخصة والتي تعمل في الأرياف وتضم مئات العاملين، إلا أنها الآن لا تزال في حالة ركود نتيجة الأوضاع القلقة التي يمر بها لبنان.
ويقول اللبَّان: رغم كل شيء الوضع مقبول، لكن نحن نريد السياح الخليجيين والأوروبيين، الآن معظم من يأتون هم من العراقيين الذين يأتون الى لبنان للمعالجة، أو من السوريين الزائرين، حتى الخليجيين الذين يملكون منازل في لبنان، لم يعودوا الى السياحة.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.