8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

الكازينو يخلط الأوراق

أرخى قرار مجلس إدارة كازينو لبنان، صرفَ 191 موظفاً، تحت وطأة اضطرارها إلى اتخاذ تدابير إدارية إنقاذية جذرية، قضت باعتبار عقود الأجَراء المتخلفين عن الحضور أو غير المنضبطين وغير المنتظمين أو غير المنتجين، منتهية حكماً، حالةً من المد والجزر وخلط الأوراق، سرعان ما لاقت مفاعيلها مواقف معلّقة ومعقبة على الحدث من أعلى المستويات، بدءاً من رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي أكدت مصادره مساءً أنه لن يتدخل في قضية كازينو لبنان وأنه يترك الأمر لمصرف لبنان وشركة انترا. فيما رأى الوزير السابق فريد هيكل الخازن في الخطوة مجزرة اجتماعية إنسانية تُرتكب في حق هؤلاء الموظفين، وشدد على أن الإصلاح لا يمر بخراب بيوت الناس وتشريدهم ولا يمر عبر الصرف من الخدمة من دون تدقيق أو تمحيص أو من دون إيجاد صيغ بديلة تجنب الموظفين البطالة، داعياً إلى إعادة النظر بالقرار الذي توعّد بمتابعته حتى النهاية لأنه يتخطى التدبير الإداري في مؤسسة ليصل إلى قرار خطير على المستوى الاجتماعي يجب تجييش كل الوسائل الديموقراطية لوقفه بالشكل الذي يحصل فيه. أما تكتل التغيير والإصلاح فطلب إثر اجتماعه الأسبوعي بعدم اعتماد الثأر السياسي في التعاطي مع هذا الملف وبإعادة النظر بقرار صرف المتعاقدين، ومساءً عقد عضو التكتل النائب سيمون أبي رميا مؤتمراً صحافياً أمام مبنى الكازينو حيث اعتبر أنّ الإصلاح يبدأ باستقالة أو إقالة مجلس إدارة الكازينو، ودعا في الوقت عينه حاكم مصرف لبنان رياض سلامة إلى العودة عن الإجراءات التعسفية.
في الغضون وإذ أكدت إدارة الكازينو أنها لن تتراجع عن إجراءاتها بوصفها ضرورية مهما كانت الاعتبارات والمراجعات في داخل الشركة أو خارجها، برز اتهام وزير السياحة ميشال فرعون في اتصالٍ مع المستقبل

رئيس مجلس إدارة الكازينو حميد كريدي بعرقلة اللجنة التي شكلتها الوزارة للاطلاع على أوضاع الكازينو، رافضاً حتى استقبالها، وهو ما يترك علامات استفهام عندنا. وأعرب فرعون عن استيائه وأسفه لتراجع أداء الكازينو أحد أكبر المعالم السياحية في لبنان إلى هذا المستوى من التراجع المالي، ملمّحاً إلى كونه يشم رائحة صفقات في الكازينو سيعلن عنها بمجرد عودتهِ من مدريد، لمتابعة الوضع عن كثب.
في المقابل، وصفت مصادر في نقابة عمال الكازينو لـالمستقبل، عمليات الصرف بحق الموظفين الذين طالتهم إجراءات الإدارة، بأنَّها تعسفية، وقالت إنَّ جلَّ المصروفين هم من أصحاب الرواتب المتدنية التي تقل عن مليوني ليرة شهرياً، وقد مضى على وجودهم الوظيفي نحو 18 سنة.
وأوضحت هذه المصادر، بأن لا علاقة لحاكم مصرف لبنان المركزي بالموضوع، مستغربةً أن يتم رمي نحو 200 عائلة في الشارع، متهمة الإدارة بارتكاب سوء تقدير كبير، خصوصاً أنَّ الذين شملهم الصرف هم بنسبة 70 في المئة من المنتجين والمواظبين على الحضور. وأعلنت أنّ نقابة العمال برئاسة هادي شهوان، ستبدأ تحركاً على الأرض يشمل تنفيذ الإضراب بالتوازي مع التواصل مع المعنيين لثني الإدارة عن قرارها، خصوصاً أن الإصلاحات التي ينبغي أن تقوم منذ زمنٍ بعيد، لا تبدأ من الطبقة الكادحة.
وإذ ألمحت إلى وجود خلافات قوية داخل مجلس الإدارة نتيجة التدخلات السياسية، أشارت المصادر إلى أنّ أزمة الخلافات يمكن أن تؤدي الى شلل في تطوير المؤسسة أو أن تلقي بتبعاتها على أهم مؤسسة مالية - سياحية في لبنان، بعد أن باتت عرضةً لخطر مالي كبير متمثل في تراجع مداخيلها منذ العام 2010، وهو ما تعكسه التقارير المالية التي يُمنع اطلاع الرأي العام عليها، فتأتي التسريبات لتؤكد أنَ ثمة عجزاً مالياً كبيراً في الأرباح، وتدنياً حاداً في قيمة سهم الكازينو الى مستويات خطرة، وهو مؤشرٌ بالغ الدلالة على أنَ الأمور سائرة نحو مزيد من التأزم خصوصاً أن عوامل خارجية تتدخل لتزيد في تفاقم الأزمة.
وكان سعر سهم كازينو لبنان قد تراجع في نهاية 2012 بنسبة 2.86 في المئة ليسجّل 550 دولاراً، بعدما كان قد بلغ حدّه الأقصى 565 دولاراً في مطلع تشرين الأول 2012. وفي 18 كانون الثاني 2013 أغلق سعر السهم على 545 دولاراً... ثم استمرّ هذا المنحى التراجعي طيلة الأشهر التي تلت، حتى انخفض سعر السهم اليوم إلى أدنى مستوى له 330 دولاراً كمعدل وسطي.
وبعد أن بلغت مداخيل الكازينو في كل من عامي 2011 و2012 نحو 270 مليون دولار، بدأت بالتراجع في العام 2013 لتصل الى 220 مليون دولار. وبينما لم تُفصح عن مداخليها للعام 2014، تُرجِع الإدارة أسباب انخفاض المداخيل إلى تراجع الموسم السياحي نتيجة الأوضاع الإقليمية، علماً أنّ معظم رواد الكازينو هم من اللبنانيين المحليين وليسوا من السياح العرب أو الأجانب، ففي صالة الماكينات البالوعات مثلاً، تراجع المدخول نحو 37 مليون دولار وهذا مرده الى وجود سماسرة داخل الكازينو يشترون الزبائن الدسمين وينقلونهم الى كازينوهات خارج لبنان لقاء عمولات يتقاضونها، وهو ما أدى الى تراجع لدى المساهم الأكبر في الكازينو وهو بنك أنترا الذي يملك 52 في المئة من الأسهم، تليه شركة أبيلا التي تملك نحو 20 في المئة من الأسهم، ويملك بنك عودة 8،8 في المئة، ويملك مساهمون هم عبارة عن أفراد ومؤسسات ما تبقى من الأسهم التي تبلغ في مجموعها 720 ألف سهم. وتروي مصادر المتضررين من قرار إدارة الكازينو في معرض الإشارة إلى سوء أداء الإدارة أنها عمدت على سبيل المثال إلى شراء 346 ماكينةslot machine بلغ ثمنها 7.8 ملايين دولار، من دون المرور بقسم المشتريات داخل الكازينو، وكذلك زيادة رواتب موظفين من المحاسيب على فلان وعلان من السياسيين بنحو 35 مليون دولار في السنة في وقت يسجل كازينو لبنان خسائر بحسب المصادر التي اعتبرت أنّ مشهد المحسوبيات واضح وفاقع، بحيث لا رقابة ولا من يراقبون.. وبعض الصفقات تتم في وضح النهار.
وبموجب العقود الموقعة مع إدارة الكازينو، فإنّ حصة الدولة من المداخيل اليوم هي 40 في المئة على أن ترتفع الى 60 في المئة في العام 2016. وإذا ما استمر التراجع في المداخيل، إما بسبب الظروف الداخلية أو بما يتم استحداثه من مزاريب للهدر داخل الكازينو، فإنّ الدخل المتوقع في 2016 سيكون أقل من 200 مليون دولار، وعندها ستحصل الدولة على أقل من 120 مليون دولار فقط، في حين سترتفع كلفة الرواتب وحدها الى نحو 90 مليون دولار، ولن يكون المتبقي (أقل من 30 مليون دولار) كافياً حتى للصيانة أو التجديد والتطوير.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00