8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

المنطقة الاقتصادية الخاصة حاجة ملحّة للإنماء في عاصمة الشمال

مما لا شك فيه ان انشاء المنطقة الاقتصادية الخاصة هي حاجة ملحة للانماء، وهي تعتبر من المرافق الاساسية التي يجب تفعيلها ليس فقط على صعيد طرابلس فحسب بل على صعيد لبنان والمنطقة. وعليه، فانه يفترض على الحكومة الاسراع في تعيين مجلس ادارة لها ليتسنى له انجاز كل ما يلزم من أعمال ودراسات اضافية مالية واقتصادية بغية تحقيق اهداف هذا المشروع الانمائي، خصوصا اعداد المخطط التوجيهي للمنطقة وتحديد الخطوات اللازمة من اجل جذب رؤوس الاموال والاستثمارات المحلية والعربية والاجنبية، وتشجيع المبادلات التجارية الدولية وتطورها.
ويعول الطرابلسيون كثيرا على هذا المشروع الذي كان موضوع تعيين مجلس ادارة خاص به مدار تسريبات في اواخر العام الماضي. لكن طرابلس دخلت في العام 2015 من دون ان يتبلور اي شيء.
لا شك ان طرابلس تحتاج في هذه المرحلة الراهنة من مسيرة تطورها الإقتصادي والإجتماعي، الى قوة تدفع بها قدماً بإتجاه المستقبل الواعد لتتجاوز الحرمان والتهميش اللذين ألحقا بها منذ سنوات طوال. ذلك أنه رغم وجود العديد من المشاريع التي تطال بناها التحتية والإعمار والاموال التي ترصد لها، الا ان المخصصات المتعلقة بها لا تزال خجولة ولم تتجاوز حصتها في هذا السياق حجم الحصص المرصودة لمجموع حصص المشاريع العائدة لعدد من المحافظات والمناطق اللبنانية الأخرى.
ويقول رئيس تجمع رجال الأعمال في طرابلس، عمر الحلاب، ان قانون المنطقة الاقتصادية الذي يحمل الرقم 18 صدر بتاريخ 5/9/2008. كما تم في العام 2009 اصدار المراسيم التطبيقية المتعلقة به، وهي المرسوم الرقم 2222 (النظام المالي للهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية الخاصة في طرابلس)، والمرسوم الرقم 2223 (النظام الداخلي للهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية الخاصة في طرابلس)، والمرسوم الرقم 2226 (ملاك الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية الخاصة في طرابلس وشروط نعيين المستخدمين والمتعاقدين فيها وسلسلة فئاتهم ورتبهم ورواتبهم ومهام الأجهزة الإدارية لديها)، والمرسوم الرقم 2232 (تحديد شروط إعطاء الأجانب تراخيص العمل في المنطقة الاقتصادية الخاصة في طرابلس)، والمرسوم الرقم 2407 (تحديد تعويض رئيس مجلس الادارة الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية الخاصة في طرابلس وتعويض حضور جلسات مجلس الادارة للرئيس والاعضاء ومفوض الحكومة لديها).
وأشار الحلاب الى ان المنطقة الاقتصادية الخاصة تتميز بتقديم سلة مهمة من الحوافز للمستثمرين داخل المنطقة اهمها:
ـ اعفاء من ضريبة الدخل على الارباح شرط ان يكون حجم الاستثمار للمؤسسة اقله 300000 دولار اميركي.
ـ اعفاء الرواتب وملحقاتها من ضريبة الباب الثاني.
ـ اعفاء المشروع الاستثماري من الرسوم الجمركية، والضريبة على القيمة المضافة، ورسوم الاستيراد و التصدير.
ـ اعفاء الابنية و الانشاءات العقارية من ضريبتي الاملاك المبنية والاراضي.
ـ اعفاء اصدارات الاسهم والاوراق المالية التابعة للمؤسسات من اي رسوم و ضرائب استثناء من أحكام الضمان الاجتماعي المستخدمون والاجراء العاملون في المؤسسات الاستثمارية المنشأة في المنطقة.
وبحسب قانون المنطقة الاقتصادية، سيكون لقطاعات الصناعة والتجارة والخدمات والتكنولوجيا والتخزين، عدا السياحة، الاستثمار والافادة من نظامها. كما، وستساهم هذه الاستثمارات في تحفيز الصناعة والتجارة واقتصاد المعرفة في المدينة. وكذلك ستكون كافية لايجاد فرص عمل تتراوح بين 3 الاف وظيفة و 6 الاف في غضون السنوات العشرة القادمة.
ومن المتوقع الا يكون هناك قطاعات تتطلب الطاقة القصوى ( power-intensive industries ) كمصانع الالمنيوم مثلا. فقطاع الصناعات الثقيلة انتقلت الى بلاد الامارات العربية والمملكة العربية السعودية. لذلك فان القطاعات الصناعية التي يحتمل ان تكون ناشطة في المنطقة الاقتصادية ستكون الصناعات الخفيفة والمتوسطة. وبما ان الاستهلاك المحلي لن يكون كافيا لاستهلاك حجم ملموس من المنتجات الخاصة بالمؤسسات الجديدة في المنطقة الاقتصادية، لذلك فمن المتوقع ان يكون هناك اعتماد من هذه المؤسسات الصناعية على تصدير منتجاتهم بنسبة تتراوح بين 20 في المئة الى 80 في المئة.
لكن أين أصبح موضوع المنطقة الاقتصادية؟ يقول مراقب شمالي إن كل الإهتمام الرسمي الذي تظهره السلطات المركزية المعنية، ما زال شكلياً. وهو من حيث المصطلح ودلالته مفردة تثير الكثير من الإلتباسات، وهي لا تخفى على مختلف الشرائح الإقتصادية والإجتماعية بكل اتجاهاتها وأهوائها التي تتطلع بإستمرار الى تحريك دورة الحياة الإقتصادية والإجتماعية عبر مطالبتها بالإكثار من المشاريع التي من شأنها إعادة تفعيل وظائف مرافقها الإقتصادية، وذلك عبر صيغ للتعاون المشترك يتقاسمها القطاعين العام والخاص. إذ ان السلطات العامة لا تمتلك إلا العمل على بلورة الأطر التشريعية والأنظمة الضابطة لأسس وقواعد إنطلاق المشاريع الإنمائية، وبالتالي إيجاد الحوافز والإعفاءات والتسهيلات التي تصبّ بإتجاه تعزيز دور مؤسسات القطاع الخاص وتشجيعها على تمويل وإدارة المشاريع التي هي حاجة ضرورية لتنمية المدينة بشكل مستدام.
يذكر ان القانون الرقم 18 الصادر تاريخ 5/9/ 2008 المتعلق بالمنطقة الإقتصادية الخاصة في طرابلس، لم يشر بشكل صريح الى الحيّز أو الموقع الجغرافي الذي ستقام ضمن نطاقه، المنطقة الإقتصادية الخاصة وحدودها ومساحتها.
ونصت كذلك المادة العاشرة من الفصل الثالث من القانون بدورها على أن تنشا المنطقة أو تعدل بموجب مرسوم يتخذ في مجلس الوزراء بناءً على إقتراح رئيس مجلس الوزراء وبعد إستطلاع رأي المجلس الأعلى للجمارك يحدد هذا المرسوم موقعها وحدودها ومساحتها. لكن المرسوم الرقم 1791 تاريخ 23 نيسان 2009 تحدث صراحةً بـإشغال قسم من الأملاك العمومية البحرية لإنشاء المنطقة الإقتصادية الخاصة في طرابلس.
وبالعودة الى ما أدلى به رئيس مجلس إدارة مصلحة إستثمار مرفأ طرابلس المغفور له بشارة كرم لصحيفة التمدن الطرابلسية بتاريخ 15/7/2005 ، فان المنطقة الإقتصادية الخاصة في طرابلس ستقام فوق مساحة تبلغ مليون متر مربع كحد أدنى، أنجز منها 350 الف متر مربع عبر ردم البحر وسيتم ردم المساحة المتبقية في وقت سريع، حيث ستقام المنشآت بعد إستئجار المساحات المطلوبة من قبل أصحاب المشاريع والمؤسسات الراغبة بالإستئجار الذي يكون على أساس عقد مدته 15 سنة قابلة للتجديد، وعند إنتهاء العقد تعود ملكية المنشآت للمرفأ.
ويقول المراقب إن المنطقة الإقتصادية في طرابلس اذا تمت إقامتها في منطقة مرفأ طرابلس، على سبيل التحديد، فستكون قد شكلت نوعاً واحداً من أنواع كثيرة من المناطق الإقتصادية التي تحتضنها مدن كثيرة من بلدان العالم، ويشير الى أن نماذجها التطبيقية ومتعددة القطاعات باتت معروفة في دولة الإمارات العربية المتحدة وفي غيرها من بلدان العالم.
وما هو الأهم أن الهيئة العامة للمنطقة الإقتصادية الخاصة في طرابلس تتمتع بالشخصية المعنوية وبالإستقلال الإداري والمالي، ولا تخضع لأحكام المرسوم الرقم 4517 تاريخ 13 كانون 1972 الخاص بالنظام العام للمؤسسات العامة. أي أنها متحررة من كل الأطر التشريعية التقليدية التي كثيراً ما تسبب روتيناً يتم من خلاله تسويف كل المشاريع. ومما يؤسف له أن قسماً كبيراً من المسؤولين لا قدرة لديهم لغاية الآن على التمييز تقنياً بين منطقة حرة ومنطقة إقتصادية خاصة بطرابلس.
إذاً، طرابلس بحاجة ماسة الى مشاريع كبيرة تستعيد المدينة عبرها ريادتها في الاقتصاد والمستوى المعيشي لسكانها. ويبقى أنه على مجلس الوزراء الاسراع في تعيين مجلس الادارة ووضع هذه المنطقة على خارطة التنفيذ. فالوقت يمر والفقر يزيد والبطالة اصبحت مستشرية في المدينة. اذ ان المؤشرات الأخيرة عن الفقر قالت إن 57 في المئة الى 63 في المئة من المدينة فقراء فيما الاستثمارات ما تزال صفرية.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00