أعاد الحراكُ المدنيْ في العاصمة الثانية، تظهير صورة المجتمع الأهليْ الرافضة لكلِ أشكالِ التطرف سواء الداخلي أو ذلك المستورد عبرَ الحدود، رغم كل الدعاية المغرضة التي تحاول إظهار طرابلس وكأنها بؤرة من بؤرِ التطرف والارهاب، التي يحاولُ حزب الله من خلالِ مواقفه العالية في الداخلِ أو من خلالِ مشاركتهِ في الحرب في سوريا، استجرار المناخ العدائي المتطرف الى طرابلس، وإظهار طرابلس داعشيةً، رغم المناخ الاعتدالي الذي تنعمُ بهِ طرابلس وسكانها، ونفي قادتها وتياراتها السياسية المتكررة لكل ما يُشاع، وما يحاولُ بعض الإعلامُ تحريفه للواقعِ الصحيح، بناءَ على الجولات ال20 التي عرفتها المدينة بين منطقتي جبل محسن وباب التبانة، والتي أريد لها أن تَلبسَ لبوُساً مذهبياً، وهو ما كذبتهُ الوقائع من أن تلك الجولات لم تكن إلا جزءاً من مخلفات نظام دمشق وموروثاتهِ، واستطاعت الحكومة السَّلامية انهاءها من خلالِ تفكيك المحاور التقليدية، وإعادة الشرعية الى المنطقتين.
على أيّ حال، فإن المجتمع المدني في طرابلس، ومن خلال الحراك الخجول الذي بدأ قبل 4 سنوات، أعاد تموضعهُ جديَّاً، والخروج من مرحلة الإعلام الى مواكبة الأحداث السياسية والاقتصادية التي تشهدها الساحةُ الطرابلسية، بفضل الجهودِ الحثيثة التي تبذُل على صعيد توحيد أقطاب المجتمع والخروج برؤية موحدة، بهدفِ تكوينِ رأيٍ فاعل ومؤثر، كقيمة مساندة ومساعدة لانماء المدينة والحفاظ على مصالحها واستقرارها.
وعلى الرغمِ من النقد الموجّه الى ضعفِ الفاعلية التي يمكن أن يقوم بها الحّراك المدني الطرابلسي والشمالي، فإنَّ الوقائعَ تثبتُ يوماً بعد يوم الحاجة الى مجتمعٍ مدني فاعل، كلازمةٍ ملِحَّةٍ يمكن أن تصبَّ في الخانة الايجابية للأدوار السياسية التي من شأنها العمل على استقرار المدينة، واستيلادِ مجتمع مدنيْ يقضيْ على المنسوبِ الطائفي والمذهبي، الذيْ بدأ يرتفع على كل الساحة اللبنانية، وليس في طرابلس وحدها، بفضلِ ما يحاول نظام الأسد التلميحِ اليه، والايحاءَ بهِ من لبنان بات بؤرةً للإرهاب الداخلي والمستوردْ، وجاءتْ أحداث عرسالْ والتي كلفتْ الجيش الوطني شهداءً، وحاول إعلام قوى 8 من آذار استخدامها وتوظيفها، كمبررِ لمشاركتهِ في الأعمالِ القتالية العابرة للحدود اللبنانية، سواء في سوريا أو في العراقْ. إلا أنَّ دعم الجيش اللبناني بمليار دولار، كمكرمةٍ من المملكة العربية السعودية، والتي أعلن عنها زعيم كتلة المستقبل الرئيس سعد الحريري، استطاعت الغاء كل مفاعيل هذا التحريض، مع التأكيد أنَّ الطائفة السنية لا يمكنها إلا أن تكون في الخطِّ الاعتداليْ الداعم للشرعية، وضد كل عنفٍ متطرفٍ يستهدفُ وحدة الدولة ومؤسساتها الأمنية، سواء أكانَ هذا العنفُ داخلياً أم مستورداً.
ولم يتخلّف المجتمع المدنيْ في العاصمة الثانية، من تأكيدِ أنَّ طرابلس هي في كنفِ الشرعية وليستْ خارجها، ومن أن كل مظاهرِ التطرف لا يمكن تصنيفهُا في خانة المقدس، بل يجب وضعها في خانةِ المرفوضة في بيئةٍ اعتدالية، وكدليل على هذه البيئة النظيفة تحرك المجتمع المدني في طرابلس، باعتصامٍ صامتْ، دعماً للجيش ورفضاً لـداعش وحالش، مؤكداً رفض المجتمع الأهلي في طرابلس التعرض للمؤسسات الأمنية اللبنانية، وعلى رأسها الجيش باعتباره سياجاً للوطن، ومن أنّه في لبنان يوجدُ جيش واحد لا جيشان، وأنَه على الجيش اغلاقِ المعابر الحدودية أمام المقاتلين ومنعهم من العبور في الاتجاهين، حتّى يسلم لبنان وتسلمَ معهُ مدينةُ طرابلس التي هي مدينة السلام والتعايش، وأنّها مع احترام التنوع وترفض العنف كوسيلة للتفاوض.
كما لم يتأخر الحَراكُ المدني، من التذكير بأنَ طرابلس تريد حصرية السلاح في يد الدولة اللبنانية، وبضرورةِ نزعِ كل سلاحٍ غير شرعيْ من كل الأحزاب والميليشيات المسلحة، والدعوة الى مراجعة النصوص الدستورية التي تحصر بالحكومة وحدها، حق اعلان الحرب والسلم، دون أي طرفٍ آخر، ومنع انتشار السلاح في طرابلس، واعلان هذه المدينة منزوعة السلاح، وضرورة العمل على خطة اقتصادية تنقل الشباب من حالة الفراغ والتفرغ للسلاح الى عملية البناء والمساهمة في نمو العاصمة الثانية.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.