يشهد القطاع العقاري شللاً وجموداً وتراجعاً ملحوظاً للطلب لأكثر من 25 في المئة في العاصمة و14 في المئة في تراخيص البناء كما يشهد مرونة لافتة للانتباه في الأسعار. ويخشى من ازدياد الشلل في المرحلة المقبلة وانخفاض الاسعار في جميع المناطق بفعل ابتعاد المستثمرين المحليين والخارجيين وتزايد المخاطر السياسية والامنية وتقلص القروض المصرفية الممنوحة وتزايد مشكلة السيولة لدى بعض المقاولين، لأن لبنان لم يعد لبنان ملاذاً آمناً للاستثمار.
وقد تراجع القطاع العقاري نحو 18 في المئة خلال الأشهر السبعة من العام الجاري، بحسب الخبير الاقتصادي غازي وزني الذي قال في تصريح لـالمستقبل ان هناك مرونة ملفتة في أسعار الشقق الفخمة والمتوسطة والصغيرة، ولا سيما تلك التي تفوق مساحتها الـ400 متر في بيروت، (والتي تراجعت أسعارها بما نسبته 15 في المئة).
وبالتوازي، تشهد مساحات البناء المرخّصة والتي تعكس توقّعات مستوى العرض في القطاع العقاري، انخفاضاً. اذ اظهرت إحصاءات نقابة المهندسين، ان هذه المساحات انخفضت إلى 844530 متراً مربّعاً خلال تمّوز 2013، مقارنةً مع 866161 متراً مربّعاً في حزيران و 934906متراً مربعاً في تمّوز 2012.
وبحسب وزني، فان الأراضي في بيروت لا تزال على حالها مستقرة مع هامش تفاوضي. أما تلك الواقعة خارج العاصمة، فان اسعارها تراجعت بما بين 10 في المئة الى 25. ويؤكد ان لا استثمارات جديدة في لبنان، بل هناك سير بطيء لتلك المشاريع أو الورش القديمة، رابطاً مجيء هذه الاستتثمارات بجلاء الاوضاع على الساحتين اللبنانية والخارجية. وقال: إن أفق القطاع العقاري ضبابي اليوم وذلك بسبب عدم الاستقرار في المنطقة. وبالتالي فإن وضوح الرؤية أمام هذا القطاع يتطلب انفراجاً أمنياً وسياسياً، لافتاً الى أنّ هناك غياباً للمستثمر العربي بالدرجة الأولى والمستثمر المغترب بالدرجة الثانية، بالاضافة الى تراجع امكانات المستثمر المقيم. اضاف: لا يجب الخلط بتأثير الأوضاع السورية على لبنان فكلا البلدين أصبحا متشابكين بالأزمة. هناك نحو مليوني نازح سوري في لبنان، لذلك من البديهي التأثير بسبب تداخل البلدين الى حدٍ بعيد. واعتبر وزني أن النازحين السوريين ساهموا في تعزيز ايجارات الشقق المفروشة، وساهموا الى حدٍ كبير برفع أسعارها.
ويتفق المدير العام لشركة رامكو العقارية رجا مكارم، مع وزني لجهة الوضع الضبابي لقطاع العقار اليوم، وقال إن احتمال الضربة العسكرية على سوريا تؤثر كثيراً على عمليات البيع ولا سيما في قطاع الشقق، فهناك أولوية بالنسبة للمستثمرين على هذا الصعيد، إلا أن المستثمرين الكبار لا يزالون يقومون بعمليات شراء.
وأشار مكارم في اتصال مع المستقبل الى أن قطاع الشقق منذ أسبوعين يشهد جموداً لافتاً مرده الى الأوضاع السيئة، فيما قطاع الأراضي لا يزال يشهد صحوة على صعيد الأسعار وعمليات البيع.
وأوضح أن من يقوم بعمليات الشراء هم من اللبنانيين، وقال: لا أزمة عقار في لبنان بل هناك أزمة وطنية كبيرة على مستوى الاستقرار والامن وبالطبع فإن العقار أزمته تبدأ من هنا، ولكن لا أزمة فعلياً طالما أن لا اتصالات تقول بيعوا لنا الآن، هناك حالة من الجمود والترقب. وأشار الى أن أسعار الشقق تراجعت بأكثر من 10 في المئة مقارنة مع العام الماضي.
مساحات البناء
الى ذلك، تراجعت مساحات البناء المرخّصة بنسبة 18,14 في المئة على أساسٍ سنويٍّ إلى 5991979 متراً خلال الأشهر السبعة الأولى 2013، مقابل 7320180 متراً خلال الفترة نفسها من العام السابق. أمّا بالنسبة للتوزيع الجغرافي لرخص البناء، فقد احتلّت محافظة جبل لبنان الصدارة لجهة مساحات البناء المرخّصة (3419196 متراً/ 57.06 في المئة) لغاية تمّوز 2013، تلتها محافظة البقاع (802613 متراً/13.39 في المئة) والجنوب (721154 متراً/12.04 في المئة) ومن ثمّ النبطيّة (592772 متراً/9.89 في المئة). يعود ذلك أساساً إلى تحوّل وجهة الاستثمار من قبل المستثمرين العقاريّين ترافقاً مع الزيادة في الطلب على الوحدات السكنيّة في مناطق أقل تكلفة للسكن في ظلّ الارتفاع غير المسبوق في أسعار الشقق في العاصمة بيروت. يجدر الذكر أنّ أرقام محافظة الشمال لا تتضمّن الرخص المعطاة من قبل نقابة المهندسين في الشمال. وقد حظيت محافظة جبل لبنان على أعلى معدّل استثمار للرخصة الواحدة (787 متراً)، تبعتها محافظة بيروت783) متراً) ومحافظة البقاع (722 متراً) ومحافظة الشمال (614 متراً).
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.