في 27 كانون الثاني 2011، نالتْ جمعية المركز اللبناني لحفظِ الطاقة، العلم والخبر (172/أ.د). وإن كانت الجمعية بدأتْ ممارستها هذا الدور قبل هذا التاريخ، لكنّها بعد هذا التاريخ تسلّحت قانونياً، بما يدفعُ عنها الشبهات، حول الصفقات والمصاريف ودورها المختلط. فلا هي جمعية كسائر الجمعيات، ولا هي مؤسسة حكومية كسائرِ المؤسسات. إنّها من النوع المحيّر في التركيبة والدور والهدفْ، ودور وزير الطاقةِ والمياه في جمعيةٍ لا تخضع لرقابة ديوان المحاسبة، بل فقط للرقابة الداخلية من العب الى الجيبة.
وللمرّة الاولى، وكسابقةٍ خطيرةٍ من نوعها، يكون مركز الجمعية، هو مبنى حكومي بيروت-كورنيش النهر-مبنى وزارة الطاقةِ والمياه-غرفة 303-الطابق الأول. والاغرب أنْ يكون الفرقاء المؤسسون في الجمعية ينتمون الى خطٍ سياسي، اسمه تحالف (8 آذار). فمن لم يكنْ عونياً فهو من حركة أمل أو من حزب الله، وهي تركيبة، تمنح الوزير جبران باسيل الكثير من التصرف خصوصاً، وأنّ هذه الجمعية، قد مدّها الوزير المذكور بـ15 مليار ليرة (10 ملايين دولار). وهو سخاء لم تنلهُ جمعية على الأرض اللبنانية من قبلْ.
كيفَ لا وقد، أعطت الجمعية دوراً كبيراً لوزير الطاقة وصنفته في مستوى الآمر الناهي والمرجعية الاولى والاخيرة في اتخاذ القرارات. اذ جاء في نظام الجمعية الداخلي لها (الفصل الثاني-المادة 15): يمارس وزير الطاقة والمياه بالإضافة الى ما ورد من دورٍ سابق ما يلي :رسم السياسة العامة للجمعية، إصدار القرارات المكملة أو المفسرة للنظام الداخلي والتوصيات اللزمة، وهي ملزمة لجميع هيئات ومؤسسات الجمعية وغدارتها. الموافقة على صرف المبالغ التي تزيد عن 50 مليون ليرة. مراقبة أعمال الهيئة الادارية والقرارات الصادرة عنها وتصويبها وفقاً لأحكام النظامين الأساسي والداخلي للجمعية. الاطلاع على مشروع موازنة العام الجاري وعلى قطع حساب ميزانية العام المنصرم، تمهيداً لعرضها على الهيئة العامة ومن ثم المصادقة عليها بعد اقرارها في الهيئة المذكورة. منح عضوية الشرف للأعضاء الذين قدموا خدماتٍ جلّى للجمعية، بناء على اقتراح الهيئة الادارية. يساعد وزير الطاقة والمياه على زيادة الموارد المالية للجمعية، يسهم في إنشاء وتطوير العلاقات مع الفعاليات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والمالية داخلياً وفي المحافل الدولية.
وفي صلاحيات أعضاء الهيئة الادارية (الفصل الخامس)، يبلغ رئيس الجمعية المدير العام التقرير مع ملاحظات الهيئة الادارية الى الوزير والهيئة العامة في أوقاتها. وفي بند الأحكام العامة (الفصل الثامن) حيث تشير المادة 39 الى أنه على الهيئة الادارية وبأكثرية ثلثي أعضائها أن تضع الانظمة المالية والادارية وسواها من الانظمة الداخلية، بما لا يتعارض مع أحكام النظامين الاساسي والداخلي للجمعية ومع نصنص القوانين والانظمة اللبنانية شرط مصادقة وزير الطاقة والمياه عليها.
على أنّه، في المقابل ردّ وزير الطاقة الجميل، لموظفي الجمعية، باعطائهم رواتبَ اضافية الى رواتبهم الاصلية المصروفة من برنامج الام المتحدة الانمائي. علما ان هذه الجمعية هي باب توظيف اضافي امام باسيل ووسيلة جديدة لممارسة المحسوبيات، وهي نموذج يظهر كيف ان الوزير يؤمن معاشات مستشاريه الذين يفوق عددهم الخمسينن كما فعل عندما مرر الرواتب الكبيرة التي يتقاضاها بعض مستشاريه عبر شركة استشارية لزمها بالتراضي للقيانم باعمال خاصة بوزارته.
موازنة الجمعية
ولنرَ موازنة الجمعية المدعومة، للعام 2013، ففي واردات الجمعية، رصيد 2012 نحو 943. ،8 مليون ليرة، واشتراكات الاعضاء 1،5 مليون ليرة، أما مساهمة وزارة الطاقة فهي 13،5 مليار ليرة، مأسسة المركز 1،5 مليار ليرة، وعقد اتفاقية مع مصرف لبنان 93 مليون ليرة، ليصبح مجموع الواردات للمركز 16،335،300،00 ليرة.
أمّا الصادارات، فهي: تقديم كفالات لمشاريع كفاءة الطاقة والطاقات المتجددة ب900 مليون ليرة، مصاريف مكتبية ب18 مليون ليرة، مصاريف إدارية ب72 مليون ليرة، ندوات ومؤتمرات ب60 مليون ليرة، تدريب وبناء قدرات ب40 مليون ليرة، بناء مروحة رياح ب3 مليارات ليرة، يناء محطة شمسية ب3 مليارات ليرة، مناقصة سخانات شمسية ب1،5 مليار ليرة، التعاقد مع استشاريين ب200 مليون ليرة، ايجارات ب18 مليون ليرة، لوزام وتحسينات ب15 مليون ليرة، مناقصات أخرى متوقعة بمليار ليرة، إعلانات ب50 مليون ليرة، ومطبوعات ومنشورات ب50 مليون ليرة، ليصبح المجموع 9،923 مليارات ليرة.
وهو ما يعني أن الوفر الذي قدمتهُ الجمعية المزعومة قدّم وفراً كاذباً لكل كيلوات ساعة، فمثلاً الكيلوات ساعة كان ب320 ليرة قبل الوفر فأصبح مع هذه المصاريف ب7 دولارات، فهل هذا غاية الجمعية كما ورد في بيان تأسيسها: الاهتمام بجميع الأمور المتعلقة بحفظ وكفاءة الطاقة وترشيد استهلاكها واستبدالها والطاقات المتجددة، مساعدة الجهات الرسمية وبالأخص وزارة الطاقة في إعداد التشريعات المتعلقة بحفظ الطاقة وكفاءة استخدامها...نشر الوعي الوطني في جميع قطاعات المجتمع اللبناني باتجاه حفظ الطاقة.... وكان من أول مشاريع الجمعية توزيع السخانات الشمسية وفق استنسابية في التوزيع قررها الوزير شخصيا لاعتبارات انتخابية.
ففي 31/12/2012، أصدر باسيل قراراً حمل الرقم 77/1/أ، أعطى بموجبه الجمعية مساعدة مالية للعام 2012، وجاء في نصّ القرار، المادة الأولى: تعطى جمعية المركز اللبناني لحفظ الطاقة لعام 2012 قدرها 15 مليار ليرة، موزعة كما يلي:
ـ مأسسة المركز اللبناني لحفظ الطاقة 1،5 مليار ليرة.
ـ المبادرة الحكومية لترشيد استهلاك الطاقة 13،5 مليار ليرة. وتحويلها الى الجمعية المذكورة على رقم الحساب في مصرف انتركونتيننتال.
أما المادة الثانية: يؤخذ المبلغ المتوجب بموجب المادة الأولى أعلاه من المبالغ المتوفرة في القرار رقم 734/1 تاريخ 9/8/2012 على التنسيب (مساعدات أخرى لغير القطاع العام).
ويقول العارفون، ان المفارقة هي في كون هذه الجمعية أهلية، لكن مركزها هو داخل الوزارة، في خطوة اولى من نوعها في تاريخ لبنانز كما ان الجمعية أنشأت لها موقعاً على الانترنت بحيث بدأت تتعامل معها الدول وكأنّها مركز أو مؤسسة حكومية، تشارك في المؤتمرات التي تنعقد في الخارج، ما يمنحها دورا يفوق حجمها. كما ان دورها خطر جداً على صعيد الأموال التي تتلقاها، سيما وانها تلقت نحو 13 مليون دولار من الصندوق العالمي للبيئة. فاين تصرف هذه الاموال وفي أي مشاريع؟
نظرة سريعة على بعض المشاريع التي قامت بها الجمعية تشير الى انها على مدى السنوات الثلاث الاخيرة نظمت منتدى عالميا للطاقة المتجددة في لبنان. لكن المفارقة ان المنظم هو دوما شركة يملكها مؤيد للتيار الوطني الحر تفرض مبلغا مقطوعا او ما يعرف بالخوة على الراغبين في المشاركة في الحدث بحيث تحقق ربحا يتراوح بين 250 الف دولار و300 الف.
كما قامت بتوزيع السخانات الشمسية كما سبق ذكره.
لكن الاخطر من كل ذلك هو انشاء جمعيات رديفة. فمثلا فرض وزير الطاقة على كل شركة راغبة في التأهل لمناقصة الطاقة المتجددة على نهر بيروت، ان تكون مسجلة في مجلس الطاقة العالمي في لبنان، علما ان المسؤولين عن هذا المجلس في لبنان هم ثلاثة: باسيل واثنان من مستشاريه. اما قيمة التسجيل فهي 5 الاف دولار اميركي, وهي سابقة خطيرة هي الاولى من نوعها كون المناقصة تابعة للدولة اللبنانية.
والخطورة ايضا ان الجمعية تتلطى وراء برنامج الامم المتحدة الانمائي الذي يلعب دور شاهد ما شفش حاجه، فيما التساؤلات تطرح حول ما اذا كان برنامج الامم المتحدة على دراية بما يحصل، والمطلوب منه موقف واضح وصريح حيال ما تقوم به الجمعية.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.