أثبتت الحكومة اللبنانية، أنها تنأى بنفسها عن تحذيرات المجتمع الدولي في ما يخصّ القرارات الأميركية والأوروبية ضد سوريا، ولا سيما في ما يتعلق بتوريد المشتقات النفطية الى النظام السوري. وعلى الرغم من الفضيحة، فإن إمدادات الحكومة الميقاتية، لا تزال قائمة وبمستوى عالٍ جداً، كما تشير مصادر في القطاع النفطي لالمستقبل.
والمضحك - المبكي، في الأمر أن المكتب الاعلامي لوزير الطاقة جبران باسيل، قال إن الحكومة غير ملتزمة العقوبات على سوريا، موضحاً أن موضوع تصدير كميات من المازوت من الخزانات التابعة لها في مصفاتي طرابلس والزهراني الى سوريا او الى غيرها، هو ضمن صلاحيات منشآت النفط، إلا حتى الآن لم يتم تصدير أي كميات الى سوريا. وهو ما تكذّبه الوقائع اليومية من الدورة مركز التخزين الى كل النقاط الحدودية، فضلاً عما تدحضهُ المصادر النفطية العليمة.
وفي وقتٍ كشفت مصادر نفطية في الجنوب، انه شوهدت قافلة من الصهاريج ليل الجمعة السبت، وهي تتزود من المازوت والبنزين من الزهراني تجاه الأراضي السورية، فإنّ الأبرز في الموضوع كان من الشمال، حيث أوقف أهالي منطقة البداوي شمالاً عدداً من الصهاريج المحملة بالمازوت، ومنعوها من المغادرة باتجاه الأراضي السورية، وهو ما دفعها الى التراجع نحو منطقة الدورة، للانطلاق مجدداً عبر المعابر الحدودية الأخرى.
وقالت المصادر النفطية، ان 25 صهريجاً كبيراً تحمل لوحات سورية مسجلة في حلب وحماه، تزودت بالمازوت والبنزين من منشآت مصفاة الزهراني وشركة الطاقة القريبة منها وانتظرت حتى المساء لتنطلق تحت جنح الظلام، وتشق طريقها عبر اوتوستراد الزهراني ومدينة صيدا ثم تتجه شمالاً. وكشفت ان كل واحد من هذه الصهاريج كان ينقل بين35 و38 ألف ليتر من المازوت أو البنزين، وأن تزويد هذه الصهاريج بالمادتين من منشآت الزهراني جرى بعلم وموافقة وزير الطاقة والمياه باسيل.
وقالت مصادر معنية لـالمستقبل، إنّ ما تقوم به الحكومة هو جرم تتحمّل مسؤوليتهِ، خصوصاً وان العقوبات الأميركية الأوروبية تحظّر توريد المشتقات النفطية الى سوريا.
ففي 18 آب 2011، حُظِّرَ على دمشق إستيراد المُشتقّات النفطيّة وجُمِّدَت أرصدة الدولة السوريّة، وفي 24 أيلول 2011، تمَّ حظر أيّ مشاريع استثمارات جديدة في القطاع النفطي السوري، ليتبع ذلك في الأوّل من كانون الأوّل 2011، حظر تصدير معدّات مُخصّصة لصناعة الغاز والنفط أو برامج معلوماتيّة تُتيح مُراقبة الاتّصالات الهاتفيّة أو تلك التي تتمّ عبر الإنترنت.
وقالت هذه المصادر، إنّ لبنان يورّد يومياً ما بين 600 الى 700 طن من مادة المازوت، بموافقة شخصية من الوزير باسيل، وهو ما يعني أنّ الحكومة تدعم الخطوة التي يقوم بها باسيل، لافتةً الى أن الخزينة اللبنانية لديها نسبة مقطوعة من أرباح المازوت، لكن الأرباح التي يجنيها المهربون الرسميون تعادل ال100 دولار عن كل طن، أي ما بين 60 الى 70 ألف دولار يومياً، أي بمعدل مليونين ومئة ألف دولار شهرياً، ونحو أربعة ملايين و400 دولار منذ بدء عمليات التهريب. علماً أن سعر طن المازوت في الأراضي اللبنانية يبلغ نحو 1000 دولار.
وأبدى خبير نفطي رفض ذكر اسمهِ، أسفهُ إزاء ما يحصل، وقال إنّ ما يحصل اليوم، هو عملية معكوسة لما كان يحصل في الماضي من سوريا الى لبنان، حيث كانت تهرّب هذه المادة التي تدعمها الحكومة السورية مالياً. الآن هناك تهريب معاكس، يحظى بغطاء إداري وحتى لا نقول سياسي، بل هو قبّة باط من الحكومة لهذا التهريب الرسمي.
المكتب الإعلامي في وزارة الطاقة والمياه قال من جهته ان بعض الجهات السياسية والاعلامية دأبت على ترويج معلومات عن تصدير مازوت من مصافي النفط في طرابلس والزهراني الى سوريا عبر صهاريج سورية تمّ رصدها في الايام الماضية في منطقة الزهراني خصوصاً، واضعة الامر في خانة تحدّي العقوبات الدولية على سوريا وذلك لأغراض سياسية معروفة. وحيث ان هذه المعلومات تجافي الحقيقة وتطلق للأسف على لسان مسؤولي المعلومات المغلوطة، لذلك يهمّ وزارة الطاقة والمياه توضيح ما يأتي:
أولاً: ان موضوع تصدير كميات من المازوت من الخزانات التابعة لها في مصفاتي طرابلس والزهراني الى سوريا او الى غيرها، هو ضمن صلاحيات منشآت النفط وضمن اعمالها وهو بالتالي حق لها خاضع للقوانين اللبنانية. إلا أن حتى الآن لم يتم تصدير أي كميات الى سوريا من الخزانات التابعة لها في مصفاتي طرابلس والزهراني خلافاً للمعلومات الموزعة.
ثانياً: ان الصهاريج السورية التي تشاهد في منطقة الزهراني يتم تعبئتها من قبل إحدى شركات القطاع الخاص الموجودة في الزهراني وليس من مصفاة نفط الزهراني.
ثالثاً: ان المازوت المعاد تصديره الى سوريا أو الخارج، هو ما يعرف بالمازوت الاخضر، والذي تستورده الشركات الخاصة حصراً، وبالتالي لا تتواجد هذه المادة ابداً في مصفاتي طرابلس والزهراني.
رابعاً: ان عمليات إعادة التصدير التي تجري تتم وفق الاصول التجارية والادارية المتبعة ومن ضمن روتين اداري لا يستوجب موافقة الوزير او توقيعه، حيث تقوم شركات القطاع الخاص بتسديد رسوم متوجبة الى الدولة في مقابل اعادة تصدير بضائعها الى الخارج.
خامساً: ان ما يُحكى عن خرق للعقوبات النفطية على سوريا غير صحيح اطلاقاً، لأن الحكومة اللبنانية غير ملتزمة العقوبات على سوريا وهي عقوبات غير ملزمة، والدليل على ذلك أرتال الشاحنات المتواجدة على الحدود السورية - اللبنانية والتي تحمل مختلف انواع البضائع.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.