لا تكاد فضيحة أن تخرج من أروقة بعض وزارات حكومة القمصان السود حتى تظهر أخرى. فبعد فضيحة تعطيل مناقصات الكهرباء وفضيحة صفقة الهاتف الخلوي، وقبلها فضائح المازوت الأحمر ولمبات التوفير والتشيبس والأدوية المزورة وغيرها، ها هي بذور رائحة فضيحة جديدة تنبت من وزارة الزراعة هذه المرة.
فالارقام الواردة في القرار الرقم 140/ت1، الخاص باعطاء مساعدات مالية للجمعيات اللبنانية التعاونية في العام 2012 قيمتها الاجمالية ملياران و829 مليون ليرة اي ما يوازي نحو 1،9 مليون دولار، تكشف النقاب عن أزمة وزارة الزراعة مع جمهورها من المزراعين الذين لا ينقصهم أن يتكتل ضدهم الطقس العاصف والأحوال الطبيعية سوى تآمر وزارة الزراعة عليهم.
فأي مطلّع على القرار الذي حصلت عليه المستقبل، يدرك تماما مدى استنسابية وزير الزراعة حسين الحاج حسن في منح المساعدات. فبعض منها تجاوز الـ250 مليون ليرة (الجمعية التعاونية لمزارعي الحمضيات والموز والأشجار الاستوائية في الجنوب)، وهو مبلغ يفوق ما حصلت عليه جمعيات محافظة جبل لبنان مجتمعة، في حين لم تنل التعاونيات أو الجمعيات الزراعية صاحبة الحظوة، مبالغ إلا ما بين 10 ملايين ليرة و20 مليونا.
واللافت ان الجزء الأكبر من المساعدات البالغة قيمتها الاجمالية ملياران و829 مليون ليرة، راح لمحافظات ذات لون مذهبي وطائفي معين. اذ حصلت محافظة البقاع على مليار و25 مليون ليرة (683 ألف دولار) أي اكثر من 36 في المئة من المبلغ الاجمالي، تليها محافظة الجنوب التي حصلت على ما قيمته نحو 573 مليون ليرة (382 ألف دولار) أي ما نسبته 20،25 في المئة من المساعدات. وهذا يعني ان محافظتي البقاع والجنوب حصلتا معا على ما نسبته اكثر من 57 في المئة من المبلغ الاجمالي. في حين حصلت محافظة الشمال وعكار على 491 مليون ليرة أي 17،3 في المئة من المجموع، ومحافظة النبطية على 481 مليون ليرة أي ما نسبته 17 في المئة، ومحافظة جبل لبنان على 204 ملايين ليرة أي 7،6 في المئة من المجموع، ومحافظة بيروت على 45 مليون ليرة أي 1،6 في المئة في المئة.
وبحسب مصدر زراعي، فإن نسبة المزارعين في لبنان تتوزع كالآتي: في جبل لبنان 22 في المئة، في عكار والشمال 29 في المئة، في البقاع وبعلبك الهرمل 18 في المئة، في الجنوب 15 في المئة، وفي النبطية 16 في المئة. واشار المصدر نفسه الى أن معظم وزراء الزراعة الذين تعاقبوا على الوزارة أعطوا الضوء الأخضر لكل قرية في البقاع والجنوب لانشاء جمعيتين زراعيتين، وكلنا يعلم الغرض من الجمعيات الزراعية بجلها، إلا لقليل منها. فإدارة المحاسبة فيها غير شفافة، ما يعني أن الداخل اليها مفقود، والخارج منها مولود.
وتساءل المصدر عن المعيار الذي تعتمده وزارة الزراعة في توزيع المساعدات، وقال مثلا كيف تحصل محافظة الشمال وعكار التي تستحوذ على 29 في المئة من المزارعين، على مساعدات لم تتجاوز الـ 17,3 في المئة، في حين حصلت محافظة البقاع التي تستحوذ على 18 في المئة من المزارعين على 33،3 في المئة من المساعدات، كما حصلت محافظة جبل لبنان (22 في المئة من النسبة الاجمالية للمزارعين) على مساعدات لم تتعد الـ 7،6 في المئة؟. ولفت المصدر الى ان الأمر ليس قطبة مخفية بل تعمّد واضح لمن تؤول إليه مساعدات وزارة الزراعة اليوم وفي عهدة الوزير حسين الحاج حسن.
وبحسب ما جاء في القرار الرقم 140/ت1، يتساءل المصدر لماذا يحصل الاتحاد التعاوني في الجنوب على 50 مليون ليرة، والجمعية التعاونية الزراعية في جباع على 100 مليون ليرة، والاتحاد التعاوني الاقليمي في البقاع على 100 مليون ليرة؟ أما المبلغ الأكبر، وهو 250 مليون ليرة، فكان من نصيب الجمعية التعاونية لمزارعي الحمضيات والموز والأشجار الاستوائية في الجنوب.
واشار الى أنّه للأسف، مال المكلفين يتم توزيعه طائفياً ومناطقياً وسياسياً، فمن ناحية الشكل لا شفافية في معظم الجمعيات التي حصلت على هذه المساعدات، ومن ناحية المضمون يتبين أن البقاع والجنوب هما المستفيدان الرئيسيان لهذه المساعدات، وهذا غير منطقي ونحن نريد المساءلة، لماذا الكلام عن الاصلاح فيما التنفيذ يخالف مضمون القواعد الأساسية للاصلاح وهي العدالة؟.
يبقى أن وزارة الزراعة أقامت قبل يومين احتفالية خاصة بالمساعدة التي حصلت عليها من الاتحاد الأوروبي، وهي بقيمة 3،5 ملايين يورو، من أجل التسليفات والقروض للمزراعين، السؤال ما دام وزارة الزراعة لديها هذا الفائض حتى توزعه على الجمعيات فما الداعي لمساعدات من الاتحاد الأوروبي؟
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.