ليس صعبا على أيّ مواطن أن يقوّم اداء وزارة الطاقة والمياه او يصنف الوعود الرنانة التي اغدقها عليه وزيرها جبران باسيل، هو وتياره، تيار الاصلاح والتغيير. فهذا المواطن سمع من باسيل ومن فريقه السياسي عشرات المرات بان الكهرباء ستتأمن تدريجا وصولا الى 24 ساعة على 24، وبان مياه الشفة ستكون مؤهلة في كل المناطق، الى درجة ان باسيل اطلق على الوزارة التي يتسلمها تسمية وزارة الطاقة وكل الطاقات.
لكن هذه الوزارة، التي تعاقب على تسلمها وزراء من تيار الاصلاح والتغيير منذ منتصف العام 2008 الى اليوم، اي ما يقارب الاربع سنوات ونيف، تشعُّ ظلمةً وتعبق منها روائح الفضائح والصفقات من كل حدب وصوب.
مسلسل فضائح باسيل طويل جدا بحيث يعجز اي تحقيق صحافي عن حصرها في حلقة واحدة. آخر فصولها وليس ختامها، فضيحة مناقصة دير عمار 2 ومطالبته باجراء مناقصة جديدة، وقبلها تمويل سد بلعا الذي اثار لغطا ماليا كبيرا عبر موافقة باسيل على الهبة الايرانية لتمويل انشاء السد وحول كيفية حصول لبنان على الهبة المذكورة في ظل العقوبات الدولية المفروضة على ايران. ناهيك عن مسألة تلزيم مؤسسة كهرباء لبنان اشغال مقدمي الخدمات والتي جاءت بطريقة مخالفة لمضمون الخطة المقترحة من وزارة الطاقة بشأن سياسة الكهرباء في لبنان التي كان وافق عليها مجلس الوزراء في 21 حزيران 2010. وطرحت حينها تساؤلات حول الاسباب التي دفعت بوزير المالية محمد الصفدي الى الموافقة على اجراءات التلزيم بعدما كان رفضها.
اما بعد، فاللبنانيون يرابضون يوميا بالقرب من معمل الزوق على امل ان تطل البواخر التركية التي وعدوا بها، ولما تأتِ.
فضيحة المازوت الاحمر بدورها حيث تمت سرقة مئات الملايين من الليرات كانت مخصصة لدعمه للتدفئة، ذهبت الى بطون محاسيب وازلام بدلا من مساعدة الفقراء من المواطنين.
في أكثر من محطة، يمكن مراجعة أرشيف الأحداث التي طبعت عهد باسيل في وزارة الطاقة، ويمكننا قراءة المئات من التصاريح التي تدين أسلوبه، على صعيد تسعيرة صفيحة البنزين والمازوت وغيرها، ويبقى البارز في هذا المجال، فضيحة المازوت الأحمر، وكليمانتين وسد بلعا.
إنه مسلسل طويل طول المسلسلات التركية، ننشر ابرز ما جاء في ملف الكهرباء الذي يصلح عنواناً كبيراً للهدر. وفي الاتي الوقائع في هذا الملف الحيوي:
عام 2011، قٌدرت الطاقة الإنتاجية للكهرباء بنحو 1450 ميغاوات. لكنها لم تزد على الـ1150 ميغاوات في العام الحالي، فيما الحاجة الفعلية هي 2450 ميغاوات. اي ان الطاقة المنتجة الآن لا تشكل أكثر من 60 في المئة من الحاجة المطلوبة. في حين لا يمكن لمعامل الانتاج أن تنتج المزيد من الطاقة وسط ضآلة اعمال الصيانة. وما زاد في الطين بلة، وفق ما قاله مصدر مطلع، ان دولاً (مصر وسوريا) كانت تمد لبنان بطاقة كهربائية تقدّر بنحو 300 ميغاوات، توقفت بسبب التطورات الامنية، في وقت لا تزال مؤسسة كهرباء لبنان ترزح تحت عجز كبير ما يضطر الدولة الى دعمها.
1،2 مليار دولار..
التعتيم أبرز نتائج إقرارها
وعلى هذا المشهد المأسوي للكهرباء، بدأت سلة المقترحات العونية بقيادة باسيل، تندلق على قطاع الكهرباء، لكن بصيغة مختلفة عمّا طرحته ورقة سياسة القطاع التي وضعت في حزيران 2010، وكان أولها إضافة 700 ميغاوات بتكلفة 1.2 مليار دولار. لكن كانت هناك محاولة كبيرة لوقف ما يريده باسيل منفرداً بالتصرف بمبلغ ال1،2 مليار دولار، خصوصاً وأنّ باسيل لم يعيّن هيئة ناظمة لقطاع الكهرباء، وبذلك سيكون العازف المنفرد في الانفاق. فالهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء هي الاداة التي تمثّل التقنيّات والنزاهة والاستقلال في تنفيذ هذا العمل، وإدارة الإنفاق والتأكد من أنّ دفتر الشروط صحيح وأنّ إنتاج الكهرباء يتم توزيعه بشكل عادل، وهذا هذا ما دفع باسيل للهروب من موضوع انشاء الهيئة المنظمة، ويريد أن يتصرّف على طريقة الكارت بلانش. أما طريقة التمويل فقد وضعت المبلغ بكليته في موازنة العام 2010 وفقاً لقانون برنامج، وهو السيناريو الأسوأ، اي التمويل من خزينة الدولة في حين ان القانون اشار بوضوح الى اللجوء الى الصناديق العربية والأوروبية للحصول على تمويل ميسر. وتمّ الاتفاق مع باسيل حول هذا الأمر، بأن يوضع في الموازنة لكن كاحتمال أسوأ، بشرط البحث عن مصادر تمويل من الصناديق المذكورة بقروض وفوائد ميسرة، وكانت المحادثات ايجابية بحيث ابدى عدد من الصناديق استعداداً للمشاركة في العملية، بمراحل. لكن باسيل أصرّ على التمويل من المصارف المحلية وبفوائد عالية تصل الى 6 و7 في المئة.
وأمرٌ آخر كان مثيراً للجدل، هو التكلفة المرتفعة لانتاج 700 ميغاوات والتي حددت ب850 مليون دولار.
لكن بعد أخذ ورد، أقرت الحكومة في الثلث الأخير من أيلول 2011، وبالإجماع، الحل ـ المخرج لخطة الكهرباء، والذي أفضى إلى إقرار مشروع قانون البرنامج المعجل (القانون 181) وينص على إنتاج 700 ميغاوات ونقل وتوزيع طاقة كهربائية وتخصيص اعتماد عقد إجمالي قدره 1772 مليار ليرة. وتم تأليف لجنة وزاريّة برئاسة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لدرس التعديلات التي سبق أن أرسلها باسيل على القانون 462، إضافة إلى تعهّد باسيل تعيين أعضاء مجلس إدارة شركة كهرباء بيروت خلال شهرين (وهو امر لم يتم الى اليوم).
واشترطت الحكومة يومها على تمويل المشروع من الخزينة والصناديق العربية، وإنشاء معمل للكهرباء بقوة 700 ميغاوات، وحل مجلس ادارة كهرباء لبنان، وإنشاء الهيئة الناظمة للكهرباء، واجراء المناقصات عبر دفتر الشروط الذي تضعه الحكومة وضمن معايير المحاسبة ورفض امر التعاقد مع شركة واحدة ومعينة عبر اقتراح من الوزير.
لكن بعد هذا الاقرار الحكومي اللافت، أين أصبح انتاج الـ700 ميغاوات؟ بالإضافة الى التمييع والمماطلة في تعيين الهيئة الناظمة للقطاع والتلكؤ في تنفيذ مشاريع الطاقة المتجددة، لا سيما الرياح في عكار، وذلك استناداً الى ورقة سياسة قطاع الكهرباء، بإنتاج ما يناهز 1550 ميغاوات من الرياح على مدى 3 سنوات. بل أين أصبحت مقترحات رئيس الحكومة وتعهدات باسيل؟
مقدمي الخدمات..
مؤسسة كهرباء برأسين
من قانون الكهرباء لانتاج 700 ميغاوات بقيمة مليار و200 مليون دولار، الى تلزيم مؤسسة كهرباء لبنان المشروع الذي يعرف بـمقدمي خدمات التوزيع، وهو الذي ألزمت النيابة العامة لدى ديوان المحاسبة، رئيس مجلس إدارة المؤسسة كمال الحايك، التريث في تنفيذه للاطلاع على طريقة التلزيم. العصا السحرية نفسها تم استخدامها والتي تجعل من باسيل المشرف والمراقب والمنفذ مقتبساً لصلاحيا الحكومة ومؤسسات الرقابة.
هذا المشروع دفع بعدد من نواب المستقبل، الى تقديم سؤالين حول قانونية عمل مقدمي الخدمات (قدمه النائب محمد قباني في 12 تشرين الثاني الماضي) وحول تلزيم مؤسسة كهرباء لبنان اشغال مقدمي خدمات التوزيع (قدمه النائب محمد الحجار في 19 تشرين الثاني الماضي). في حين طرحت أسئلة كثيرة حول الاسباب التي دفعت باسيل الى رفع تكلفة هذا المشروع من 300 مليون دولار، كما كان مقدراً في ورقة سياسة قطاع الكهرباء في الطلب الأول الموجه الى وزارة المال في حكومة الرئيس سعد الحريري، الى 780 مليون دولار ومن دون العودة الى مجلس الوزراء. لا بل مخالفته أحكام القانون 462 الخاص بتنظيم قطاع الكهرباء الذي ينص على انشاء الهيئة المنظمة (وأُنيط بها صلاحية اعطاء التراخيص والاذونات)، وحول اسباب تقسيم مناطق الانتاج الى 3 بعدما كانت نصت ورقة سياسة القطاع الى تقسيمها لمجموعات يراوح عددها بين 5 و10 مناطق، وحول تحميل مؤسسة كهرباء لبنان تكلفة تطوير وصيانة شبكة التوزيع وقراءة العدادات آلياً ونظام الفوترة، بعدما كان يفترض ان يكون القطاع الخاص هو مصدر تمويل هذا المشروع. وحول اسباب إبعاد احدى الشركات وتلزيم شركة مقرّبة جدا من باسيل
وقد أعد نواب كتلة المستقبل، ملاحظات بعد دراسة معمقة، أظهرت مخالفات حول تلزيم مؤسسة كهرباء لبنان مقدمي خدمات التوزيع.
بواخر الكهرباء.. تبخّرت
مهازل وزارة الطاقة في العهد الباسيلي، على صعيد الكهرباء لا يمكن تعدادها، وكان آخرها فضيحتان. فبواخر الكهرباء شهدت صولات وجولات بين ميقاتي وباسيل، فعلت فعلها، أذعن بالنهاية رئيس الحكومة لرغبة باسيل. وفي السادس من آب 2012، وقّع باسيل مع صاحب شركة كارادينيز التركية اورهان كارادينيز بحضور ممثلي الشركة في لبنان والسفير التركي ومدير عام مؤسسة كهرباء لبنان وكبار الموظفين، عقد استقدام البواخر الى لبنان التي ستزود لبنان بما يزيد عن 270 ميغاواط كهرباء.
لكن البواخر التركية، التي كان موعد وصولها في 11 تشرين الثاني الماضي لم تصل الى اليوم رغم تسوية وضعها الماي. اذ تم سداد 86 مليون دولار كدفعة أولية، لكنها لن تصل قبل 4 و6 أشهر.
مهزلة مناقصة دير عمّار2
المواطن لا يلمس إلا مزيداً من التقنين، بدليل مناقصة دير عمّار2، التي من المفترض أن تكون قد بدأت، لكنها للأسف فشلت بسبب الرعونة في تحضير دفتر الشروط، وهو ما ستدفع الخزينة ثمنه، خصوصاً وان هناك شركة رابحة رست عليها المناقصة، فمن سيعوّض عليها؟ وفق ما اعلنت مصادر.
الحقيقة في موضوع المناقصة هو ما ذكره، النائب محمد الحجار، الذي قال ان وزيرالطاقة جبران باسيل لم يقل الحقيقة كاملة عن مناقصة دير عمار- 2 لانتاج الكهرباء، والحقيقة هي أنّه طلع علينا الوزير بمؤتمر صحافي عن محطة دير عمار- 2، موضوع المناقصة التي كان أطلقها لتوفير معمل لإنتاج الكهرباء بقدرة 450 ميغاواط بتقنية البراءة المختلطة، يقول فيه يمكن أن (تطير) المناقصة، لأن زيادة طرأت على السعر بحدود 160 مليون دولار، وان مجلس الوزراء عندما عرض الأمر عليه رفض توفير هذه الزيادة، وانه يفاوض مع الشركتين الفائزتين بالمناقصة لخفض أسعاره وتقليص حجم الأعمال. وأشار إلى ان الوزير كعادته لم يذكر كامل الحقيقة حتى لا يفضح نفسه.
الفاتورة المالية ارتفعت.. وأعداد مولدات الكهرباء
لكن، القصة لا تنتهي عند المشاريع، ذلك ان الكهرباء لا تزال تحتل بنداً أولياً في انفاق الخزينة التي تعاني في الاصل من العجز المالي، فقد بلغت تحويلات الخزينة إلى شركة كهرباء لبنان، ثالث أكبر بند إنفاقي في المالية، 272 مليار ليرة. وقد استحوذت تحويلات شركة كهرباء لبنان على 25.1 في المئة من النفقات الأولية للفصل الأول من العام 2012، مقارنة بنسبة 17.1 في المئة في الفترة نفسها من العام المنصرم، وذلك بسبب ارتفاع التحويلات خلال العام الحالي. وسجلت التحويلات إلى شركة كهرباء لبنان في الفصل الأول من العام 2012 ارتفاعاً مقداره 312 مليار ليرة مقارنة مع الفصل الاول من العام 2011 حين بلغت 504 مليار ليرة، وذلك نتيجة لارتفاع مدفوعات مؤسسة البترول الكويتية وسوناطراك الجزائرية بنحو 311 مليار ليرة، في حين سجلت مدفوعات خدمة الدين ارتفاعا طفيفا بما مقداره مليار ليرة خلال هذه الفترة.
ومن المنتظر أن تسجل مؤسسة كهرباء لبنان انطلاقاً من نتائج العام 2011، نموا في العجز خلال العام 2012. وتظهر أرقام المؤسسة للعام 2012 أن نفقاتها ستصل إلى 4881.9 مليار ليرة مقابل 3498,4 مليار ليرة لعام 2011 بزيادة 39,54 %، أما العجز المقدر للعام الجاري فيبلغ نحو 3102,9 مليار ليرة (نحو ملياري دولار)، مقابل عجز في عام 2011 بلغ نحو 2141 مليار ليرة (نحو 1,4 مليار دولار) بزيادة 44,93 في المئة. وتظهر العجوز المتراكمة في الكهرباء خلال عهد باسيل، كارثية من حيث أرقام الهدر والسرقة الحاصلة على شبكة الكهرباء، وحجم الطاقة المنتجة، ونسبة المولدات.
الكل يعلم ان اداء الكهرباء في عهد باسيل، كان الأسوأ بين كل وزراء الطاقة الذين تعاقبوا على سدة هذه الوزارة. وخلال السنتين الماضيتين وصولاً الى المرحلة الراهنة، لم يحصل اي تقدم. فالفاتورة المالية ارتفعت بصرف النظر عن ارتفاع سعر برميل النفط، وقطاع الانتاج تراجع الى مستوياته الدنيا، وساعات التقنين وصلت الى مستوياتها العليا.
.. وفي الطاقة ليلة المازوت الأحمر
أواخر كانون الثاني الماضي، برزت فضيحة تسليم كميات كبيرة من المازوت الأحمر، بسعر مدعوم الى أصحاب الحظوة من التجار وشركات التوزيع، عشية انتهاء مهلة الدعم التي كان مجلس الوزراء حددها بشهر واحد، ما أثار تساؤلات وشبهات حول المحرّض والمستفيد والمرتكب في هذه العملية، لا سيما ان القيمين عليها حققوا، خلال ساعات قليلة، أرباحاً طائلة وغير مشروعة تقدر بـ 15 مليون دولار، هي نتاج الفارق بين السعر المدعوم والسعر غير المدعوم الذي بيع به المازوت الأحمر للناس في اليوم التالي؟ وهو ما دفع بديوان المحاسبة بعد الجدل وموجة التصاريح عقب الفضيحة الباسيلية الجديدة، الى وضع يده على هذا الملف. فباشر الديوان برئاسة رئيسه القاضي عوني رمضان وبحضور المدعي العام القاضي بسام وهبي، باستجواب عدد من المديرين العامين في منشآت النفط في كل من الزهراني وطرابلس، خصوصاً بعد فقدان ما قيمته 15 مليون دولار، وإخفاء المادة المذكورة ومن ثم إغراق السوق بها، خصوصاً في الشمال. واستجواب القاضي رمضان لعدد من المدراء العامين المعنيين في الملف المذكور، جاء بعد تلقيه إخباراً من النائب محمد الحجار.
وهذه الفضيحة التهم أبطالها ملايين الدولارات على حساب ضحايا الصقيع، من دون ان تتكشف حتى الآن كل أسرارها وألغازها. علما ان هناك 200 شركة تستلم المازوت وتوزعه، وبينها شركات غب الطلب، لا تظهر إلا في شهر الدعم لتحقيق أرباح سريعة عبر تخزين المازوت ومن ثم بيعه بعد رفع الدعم عنه، في سيناريو يتكرر منذ عام 2004 وبلغت تكلفته حتى عام 2011 أكثر من 210 مليارات ليرة، ذهب جزء كبير منها الى جيوب المنتفعين على حساب المواطنين!
بتاريخ 5 حزيران، وبعد تحقيقات مطولة، أصدرت هيئة التفتيش المركزي قرارا بالإجماع حول الفضيحة قررت فيه ايداع ملف التحقيق جانب النيابة العامة التمييزية، وديوان المحاسبة. واستكملت النيابة العامة المالية التدابير اللازمة، وقامت بعملها القانوني، وطلبت من الوزير المختصن عملا بأحكام المادة 61 من قانون الموظفين (مرسوم إشتراكي 112) إعطاءها الإذن بالملاحقة الجزائية لهؤلاء المسؤولين.
ولكن ماذا فعل باسيل الى الان؟ رغم الإحالة الواضحة والصريحة من النيابة العامة المالية، لم يستجب باسيل حتى اليوم، لطلبها ملاحقة مسؤولين يعملون حسب توجيهاته.
المضحك في المسألة، أنّ باسيل شكّل لجنة تحقيق للذهاب حتى أقصى الحدود والاحتمالات في عملية التدقيق بتسليم مادة المازوت الأحمر أثناء فترة الدعم والفترات السابقة واللاحقة، مع مفعول رجعي يعود الى عام 2004، امتدادا حتى الفصل الأخير.
وفي هذا الوقت، أنجزت النيابة العامة لدى ديوان المحاسبة، حول فضيحة بيع وتسليم مادة المازوت الأحمر المدعوم، وهو يقع في سبع صفحات فولسكاب، مذيلا بتوقيع المدعي العام لدى ديوان المحاسبة بالإنابة القاضي بسام وهبة.
وجاء في التقرير ان القاضي وهبة استدعى الى التحقيق عددا من الموظفين المعنيين بالأمر، وانه تبين ان آخر قسيمة تعبئة قُطعت عند الثالثة بعد ظهر الاربعاء في 18/1/2012 أما التسليم فتأخر الى نحو الثالثة فجر الخميس في 19/1/2012، أي خارج المهلة التي حددها مجلس الوزراء. وخلص التقرير الى طلب ملاحقة المسؤولين عن المخالفات المرتكبة، وتوصية وزارتي المال، والاقتصاد والتجارة، باتخاذ الإجراءات القانونية الآيلة الى استرداد المبالغ الناجمة عن الأرباح غير المشروعة التي حققتها الشركات والمؤسسات الخاصة التي ثبت احتفاظها بكميات كبيرة من المازوت الأحمر وعدم توزيعها. وباشرت النيابة العامة لدى ديوان المحاسبة التحقيق في القضية، فوجه وهبه كتاباً بهذا المعنى إلى مدير عام منشآت النفط في طرابلس والزهراني واستدعى إلى التحقيق عدداً من الموظفين المعنيين بهذا الأمر، وهم: سركيس حليس، رئيس لجنة الإدارة ـ المدير العام لمنشآت النفط، المهندس معن نجيب حامدي، المدير العام المعاون لمنشآت النفط في طرابلس،المهندس أحمد بلوط، المدير العام المعاون لمنشآت النفط في الزهراني، يوسف عيسى، المدير العام المعاون الرديف في الزهراني، علي يوسف، نائب رئيس لجنة إدارة منشآت النفط في طرابلس والزهراني، فؤاد أحمد فليفل، المدير العام بالإنابة لوزارة الاقتصاد والتجارة ومدير حماية المستهلك. لكن طلب النيابة العامة الى الآن، لم يعرف مآله ولم نسمع بالأحكام التي طالت المخالفين.
الى كليمانتين در
لكن موضوع المازوت لا تكمن فيه الفضائح في هذه الناحية فقط، فقد سبق لباسيل، ممارسة الخطيئة في موضوع المازوت ولمبات التوفير، وهو ما تسبب بضجة كبيرة قامت الدنيا ولم تقعد حينها. اذ رفعت وزارة المال في 27 تشرين ألأول 2010 كتاباً الى باسيل أتبعته بتقرير الى مجلس الوزراء، سجلت فيه مجموعة من المخالفات حول تنفيذ مشروع اللمبات الموفرة للطاقة الذي أقره مجلس الوزراء.
وأوضحت المالية انه تم استعمال الرصيد المتبقي من دعم المازوت خلافاً للقانون، لحملة اعلانية نظمتها شركة كليمانتين وابرام عقود لا تقترن بتأشير مراقب عقد النفقات، أو رقابة ديوان المحاسبة.
وسجلت وزارة المال في الكتاب الذي اتبعته بتقرير الى مجلس الوزراء، مجموعة من المخالفات حول تنفيذ مشروع اللمبات الموفرة للطاقة الذي اقره مجلس الوزراء لاستعمال الرصيد المتبقي من دعم المازوت تتعلق باستخدام جزء من السلفة خلافاً للقانون لحملة اعلانية نظمتها شركة كليمانتين وابرام عقود لا تقترن بتأشير مراقب عقد النفقات او رقابة ديوان المحاسبة فضلا عن مخالفة العقود المشار اليها قانون المحاسبة العمومية لجهة تضمينها دفع نسبة او مبلغ معين من المال عند ابرام العقد وليس بعد تنفيذ الصفقة.
معلوم ان شركة كليمانتين المسجلة تحت الرقم 2017657 في السجل التجاري تعود ملكيتها الى أقرباء لباسيل.
وكان خصص بموجب هذه الخطة مبلغ 7 ملايين دولار لشراء 3 ملايين لمبة موفرة للطاقة، ومبلغ 1,5 مليون دولار لدعم شراء السخانات الشمسية، اضافة الى نصف مليون دولار لصيانة الانارة العامة على الطرق.
واشار كتاب المالية في ما يتعلق بشراء اللمبات، الى ان الصفقة قسمت الى خمس مجموعات وبطريقة ادت الى ارتفاع كلفة شراء اللمبات، رغم وحدة المواصفات الفنية، مما ادى الى الحصول على اسعار اعلى والاضرار بالاموال العامة. واضاف ان لو تم التلزيم بمجموعة واحدة، لتم الحصول على سعر اجمالي قيمته 6 مليارات و699 مليون ليرة، وكان مقدار الوفر الحاصل 126 مليوناً و500 ألف ليرة.
سد بلعا.. الدخول الايراني
الى عاصمة الموارنة
لكن باسيل، الذي يرفض استغلال كل الوقت المتاح له في وزارة الطاقة، وباعتباره واحداً من القيادات المسيحية، التي تتمسك بحلفها مع حزب الله وباعتباره، صاحب الأمر والنهي في الحكومة، أخذ على عاتقه إدخال إيران الى أكثر منطقة تعتبر عاصمة الموارنة بحق. فكان اقتراح مشروع سد بلعا في منطقة تنورين بقضاء البترون.
واخيرا أعاد باسيل، قضية سد بلعا، إلى دائرة الضوء مجدداً، مع توقيعه مع نظيره الإيراني مجيد نمجو، مذكرة تنسيق تهدف إلى تنفيذ مشروع بناء السد وملحقاته في قضاء البترون من خلال هبة بقيمة 40 مليون دولار، ضارباً عرض الحائط بهواجس أهالي المنطقة من جهة، والعقوبات الدولية المفروضة على إيران من جهة ثانية وما يمكن أن ينجم عن تنفيذ المشروع وفق الاتفاق اللبناني ـ الإيراني على لبنان ومخاطره على القطاع المصرفي. ولم يكن الاعتراض لنواب واهالي البترون هو الأول بل سبق أن وجه بهذه الاعتراضات حين وقع المشروع، لكن باسيل منخرط في أجندة اقليمية، بدليل تحديه لكل القرارات الدولية الخاصة بايران، وكأنّما يريد أن يقول إنّه سيهزم المشروع الأميركي من بلعا، بل أراد أيضاً إحراق كل الأوراق التي لا تزال تسمح للبنان بالوقوف على رجليه، وهو القطاع المصرفي، فقرار باسيل تحدٍ سافر لالتزامات لبنان بما يخص العقوبات الأممية الاقتصادية والمالية على ايران. فمصرف لبنان المركزي ومعه كل المصارف اللبنانية لا يمكنها قبول أي تحويل مالي إيراني كما نقل النائب بطرس حرب عن الحاكم رياض سلامة. فيما تؤكد مصادر رفيعة في مجلس الإنماء والإعمار، أن لبنان لم يتمكن من قبول كل القروض الإيرانية التي كانت مقررة لمشاريع الصرف الصحي والمسالخ والكهرباء (في الجنوب) بسبب العقوبات.
ولا تتوقف الشبهات عند هذا الحد، بل إنّه منذ بداية التفكير بالمشروع، أثيرت علامات استفهام حول أسباب رفض باسيل المناقصة التي رست على شركة إده ـ معوض وطلبه هبة من إيران تفوق قيمتها قيمة المناقصة بسبعة ملايين دولار، وصولاً إلى بروز شبهات أخرى مع ظهور فضيحة تلزيم وزير الطاقة شركة تابان الإيرانية عقب التوقيع على الهبة الإيرانية، ومن ثمّ التناقض بينه وبين نظيره الإيراني، حول الجهة التي ستنفذ المشروع. إذ أوضح باسيل أن الحكومة الايرانية هي التي ستقوم عبر جهة تمثلها بعمليات الإشراف والتخطيط، على أن يلزم تنفيذ المشروع الى شركة لبنانية مصنفة في وزارة الطاقة، اي أن تنفيذ السد سيكون وفق الخبرة الايرانية ودفاتر الشروط اللبنانية مع إعطاء أولوية للشركة اللبنانية الفائزة بالمناقصة التي حصلت سابقاً. وهو التباس متعمّد لباسيل، خصوصاً أنّ الشركة الفائزة إده ـ معوّض أثارت في أكثر من كتاب موضوع التلزيم، مستفسرةً عن وضعها وحقوقها بهذا الشأن بعدما كانت إدارة المناقصات قررت في جلسة لها في 6 حزيران 2011 إرساء التلزيم عليها موقتاً، خصوصاً وأنّّها دفعت التأمين الموقت، في دفتر الشروط الادارية الخاصة، العائد للالتزام. ووفق الفقرة الثانية من المادة 12 من دفتر الشروط، فانه تم تحديد مهلة تصديق الالتزام بـ180 يوماً، اعتباراً من تاريخ جلسة إعلان اسم الملتزم الموقت، وانتهت المهلة في 3 كانون الاول 2011 من دون أن تبادر وزارة الطاقة الى إبلاغ الشركة قرارها تصديق التلزيم او عدمه.
في هذا الموضوع كشف النائب بطرس حرب، أنّه راجع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة عمّا إذا كان في إمكان المصارف اللبنانية تلقي تحويلات من إيران بموجب العقوبات المفروضة عليها، مؤكدا أنّ سلامة أبلغني بوضوح لا لبس فيه أنّ أيّ مصرف لبناني لا يمكنه تلقي أي تحويل إيراني بسبب العقوبات الدولية المفروضة على إيران، لأن في ذلك مخالفة للقرارات الدولية، كما أنّه يهدد القطاع المصرفي اللبناني بمخاطر.
أمّا من الناحية الفنية، فيرى هؤلاء، فان مخزون السد مليون متر مكعب بالقدرة القصوى، أي تكلفتها 40 مليون دولار، والغرابة أنّه تمّ تلزيم سد في الجزائر بسعة 60 مليون متر مكعب بقيمة 100 مليون دولار، ولبنانياً لزّم مشروع سد شبروح وسعته 10 ملايين متر مكعب بـ42 مليون دولار، بالاضافة الى تكلفة الاستملاك في الأراضي الخاصة.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.