8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

المحركات العكسية في الزوق والجية شاهدة على إبداع باسيل في المناقصات الكهربائية

يبدو ان اجراء المناقصات في مشروع الـ 700 ميغاوات، ومن ثم الغاؤها أصبح الأسلوب المفضل لوزير الطاقة والمياه جبران باسيل، ما يثير تساؤلات عن الأسباب. فهل هي سياسية ام مالية أو شخصية تتعلق بصفقات ما تجري ما؟، وبالأرقام يتبيّن أنّ حسابات الحقل في كل مناقصة تقوم بها وزارة الطاقة الآن، مختلفة تماماً عن حسابات البيدر، وهذا الفارق وحده كفيلٌ على الأقل، بالسؤال عن حكومةٍ أكدت في أكثر من مناسبة أنها تعمل لصالح الناس، لكن يبدو أنّ آخر همها هو النّاس. ويسألون في هذه الحكومة من أين مصادر تمويل سلسلة الرتب والرواتب، ألم يروا أنّ الهدر والفساد، أصبح متلازمة تقليدية لكل مشاريع تقوم بها وزارة الطاقة؟
فما يحدث الآن في قضية مناقصة بناء معمل جديد في دير عمار، حيث ينوي باسيل اعادة المناقصة، لأنّ نتائجها لم تعجبه، سبق وحصل في مناقصة تزويد معملي الجية والزوق بمحركات عكسية، لزيادة قدرتيهما الانتاجية. وكعادتهِ يحاول باسيل أن يضع الجميع أمام الأمر الواقع، بادعاء الشفافية، من خلال وضع الجميع أمام خيارات، أحلاها مرّ. فقد حاول الغاء مناقصة المحركات... لكنه عاد ومررها كما يتبين في الكتاب الذي رفعه الى مجلس الوزراء في 8 أيلول 2012، (تقرير حول نتائج المناقصة لإضافة وحدات بقدرة 260 ميغاوات تعمل على المحركات العكسية في الزوق والجية). اذ انه وضع خيارات ثلاثة:
1- السير بنتائج المناقصة وفق ما ورد في قرار لجنة المناقصات، وهي التلزيم لشركة (BWSC) الدانماركية.
2- إعادة المناقصة.
3- خيار تلزيم معمل الزوق لتجمع شركة (MAN DISEL AND TURBO) و(BWSC) ومعمل الجية لشركة (CATERPILLAR POWER GENERATION).
ولكن بأيّ ثمن، عاد الوزير
ومرّر مناقصة BWSC؟
فبالنسبة لمناقصة دير عمار، يتذرع باسيل بعدم توافر المال الكافي لتمويل مشروع المعمل، لأن الشركة الاسبانية آبينير فازت بالمناقصة بسعر 662 مليون دولار.
إلا أن الحقيقة غير ذلك، فالمشروع هو جزء من البرنامج المعجل لانتاج 700 ميغاوات من الطاقة الكهربائية، الذي اقرته حكومة الرئيس نجيب ميقاتي واحالته الى المجلس النيابي ليتحول بعد درسه وتعديله من قبل نواب المعارضة الى القانون 181. وقد لحظ القانون مبلغ مليار ومئتي مليون دولار لكل الخطة، ولم يفصل كيفية توزيعها. وبمعنى أوضح لم يحدد 500 مليون دولار لمعمل دير عمار، كما يزعم باسيل، الأمر الذي اوقع مجلس الوزراء في خطأ طلب اعادة التفاوض مع الشركة الفائزة لخفض سعرها. وقد انتقدت كتلةالمستقبل في حينه بشدة هذا القرار، ووصفته بالمتسرع والمخالف للاصول الدولية في اجراء المناقصات.
طلب باسيل اعادة المناقصة غير منطقي بتاتا، لان الاسعار التي افرزتها المناقصة تنسجم مع ورقة سياسة قطاع الكهرباء التي أقرتها حكومة الرئيس سعد الحريري في العام 2010. وقد جاء عرض الشركة الاسبانية اقل من التوقعات، اذ ان الورقة حددت تكلفة الـ 700 ميغاوات اضافية بـ 875 مليون دولار، اي ان تكلفة اضافة الكيلووات الواحد هي 1250 دولارا، وقد وصلت اسعار آبينير الاسبانية بعد التفاوض معها على حذف الاشغال غير الضرورية لتشغيل المعمل الى سعر 1135 دولارا اذا تم تشغيله على الفيول الثقيل، و 1035 دولارا اذا تم التشغيل على الغاز.
بالنسبة لمناقصة المحركات العكسية لمعملي الجية والزوق، فان ما جرى هو العكس. اذ وافق مجلس الوزراء بتاريخ 19 ايلول 2012 على تلزيم شركة BWSC، إضافة وحدات بقدرة 260 ميغاوات تعمل على المحركات العكسية في الزوق والجية وفقا لقرار ادارة المناقصات مع اعتماد اقتراحات وزير الطاقة والمياه المتعلقة بخفض قيمة الالتزام ومدته، على ما جاء حرفيا في القرار.
بداية، فان مجلس الوزراء يتحدث عن الالتزام بقرار ادارة المناقصات بالنسبة للجية والزوق، وهذا لم يفعله في موضوع دير عمار. لأن هذه الادارة أرست الالتزام على الشركة الاسبانية ولم يحترم باسيل والحكومة هذا الارساء.
ومن ناحية ثانية، تجاهل قرار مجلس الوزراء تحديد قيمة التلزيم للشركة المذكورة، وهي دانماركية وكيلها شخص من آل حمود. بل تحدث عن تخفيض قيمة الالتزام ومدته بناء على اقتراحات وزير الطاقة. والسؤال هو اين التخفيض اذا كان السعر المقدم هو 348 مليون دولار لـ 260 ميغاوات، اي بما يساوي 1338 دولارا للكيلووات، بزيادة عن تقديرات ارقام ورقة الكهرباء قدرها 88 الف دولار لكل ميغاوات. فاذا ما تم الالتزام فعليا بخطة حكومة الحريري ينبغي ان تكون كلفة تقوية معملي الجية والزوق 325 مليون دولار حدا اقصى، لا بل ينبغي ان تكون اقل بكثير. وهذا ما بينته تجربة دير عمار. لأن المناقصة المفتوحة والشفافة تجعل الشركات المتنافسة بقوة تخفض الاسعار، وهذا هو الهدف الجوهري من المناقصة: ان تأتي اسعارها اقل من التقديرات الحكومية.
فاذا حصل التلزيم بـ 348 مليون فهناك 28 مليون دولار غير مبررة، ويقال ان السعر النهائي سيكون 360 مليون دولار ليصبح الفارق 35 مليون دولار.
الجدير ذكره، ان مخالفة ارقام خطة حكومة الحريري تكرر أيضا في مناقصة استئجار البواخر، اذ تم التلزيم بسعر 5.9 سنتات للكيلواوت ساعة (تضاف اليها تكلفة المحروقات)، في حين ان ورقة الكهرباء حددت السعر بـ 5.2 سنتات.
لقد تعاطى باسيل مع مناقصتي المشروعين (تقوية الجية والزوق وانشاء معمل دير عمار)، باستنسابية واضحة. فمرة يرفض أسعاراً اقل ومرة اخرى يوافق على اسعار اعلى لانتاج الكهرباء. واكثر من ذلك، فقد نسق خطواته التنفيذية للقانون 181 وفق أجندة خاصة فأربك مجلس الوزراء، وجعله يتخذ قرارات متسرعة.
فالبرنامج المعجل لانتاج 700 ميغاوات، كان يقتضي اعطاء الاولوية لبناء معمل جديد ينتج ما بين 525 و 565 ميغاوات، باسعار متهاودة مقارنة بما تكلفه معامل الانتاج القديمة. فالمقدر لمحطة دير عمار الجديدة ان تنتج الكيلووات ساعة بنحو 13 سنتاً، في حين ان التكلفة اليوم هي بحدود 30 سنتاً. بعد ذلك يمكن النظر في تقوية المعامل القديمة علما ان كلفتها ستكون اعلى، وانتاجيتها الاضافية ستكون اغلى، اذ ستبلغ تكلفة الكيلووات ساعة من المحركات العكسية نحو 15 سنتاً.
وعلى أي حال، يرى النائب محمد الحجّار، أنّ الذهاب الى خيار المحركات العكسية هو خيار خاطئ، لأننا سنأتي بمحركات لانتاج الكهرباء بتكلفة عالية، دون أن نحتسب تكلفة الصيانة وعمر المحركات، فالصيانة المطلوبة هي غير تلك الصيانة التي نشهدها اليوم في معملي دير عمار والزهراني، فهي دون المستوى المطلوب.
ويقول الوزير باسيل كذبَ، على اللبنانيين، عندما قال إن إنتاج الكهرباء عبر المحركات العكسية ذات التكلفة الأعلى من تلك التي تعمل بطريقة الدارة المختلطة الموجودة بمعامل الغاز، لأنه يتبيّن أن الوقت اللازم لوضع المحركات العكسية يستلزم الوقت نفسه الذي يتطلبه وضع لمعامل الغاز، فالأولى تحتاج الى 16 شهرا، فيما الثانية لا تأخذ أكثر من 18 شهراً. هذا في الوقت. أما لجهة الوفر، يقول الحجّار نحن سنخسر في انتاج كل كيلووات ساعة نحو 1،36 سنتاً لكل كيلووات ساعة وهو ما يعني أن الخسارة السنوية ستكون بحدود ال28,5 مليون دولار. فالمحرك العكسي ستكون تكلفة الانتاج عبره نحو 15,02 سنتاً أما على الدارة المختلطة فستكون بـ13,66 سنتاً.
أما ثمن تكلفة إنشاء الميغاوات ما بين المحركات العكسية فهي تقارب 1،338 مليون دولار، بينما تنخفض تكلفة الانشاء للميغاوات لتلك المحركات العاملة على الدارة المختلطة أو المركبة وتصل الى نحو 1،2 مليون دولار، وهذه بحد ذاتها خسارة بملايين الدولارات، فضلاً عن أنّ الصيانة ستكون مرتفعة للمحركات العكسية مقارنة بالمختلطة، أيضاً قطع الغيار ستكون مرتفعة جداً، علماً أنّ العمر الافتراضي للدارة المختلطة هو 4 أضعاف عمر المحركات العكسية، ويشير الى أنّه إزاء كل هذه المعطيات يتبيّن أنه تمت ترسية المناقصة على شركة وكيلها مرتبط بأحد المراجع السياسية ألأساسية، ذات التحالف مع الوزير باسيل.
بواخر KARADANIZ
بعد 4 و6 أشهر
وفي مفصل كهربائي آخر، قالت مصادر تابعة لشركة KARADANIZ في اتصال مع المستقبل، إن الشركة تسلمت الدفعة الأولى من المبلغ، بموجب العقد بين الحكومة والشركة التركية وهو بقيمة 86 مليون دولار، وقال إن التحضيرات باتت جاهزة في معملي الزوق والجية لاستقبال البواخر (تركيب العواميد وكاسر الأمواج وغيره...)، على أن يكون وصول الباخرة الأولى بعد 4 أشهر بدءاً من 15 كانون الأول الحالي الى معمل الزوق (تصل في 15 نيسان 2013)، وأما الثانية فهي بعد 6 أشهر بدءاً من 15 كانون الأول الحالي (تصل في 15 حزيران 2013)، لافتة الى أنّ الأتراك يجهدون لخفض هذه المدة. وأشارت الى أن البواخر العائدة لـKARADANIZ هي غير تلك البواخر الموجودة في باكستان والتي صدرت بحقها أحكام قضائية.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00