يبدو أن حكومة حزب الله برئاسة نجيب ميقاتي التي يشعر وزراؤها يوماً بعد يوم بقرب رحيلهم، تستفحل في التغاضي عن هموم الناس المعيشية وتشغل نفسها في تقاسم محاصصة التعيينات كما حصل في تمرير تعيينات هيئة إدارة قطاع النفط، ضاربة بعرض الحائط التحذير الذي نجحت هيئة التنسيق النقابية في توجيهه إليها أول من أمس عبر الإضراب الذي نفّذته بسبب التمييع والمماطلة الذي تعاملت فيه مع قانون سلسلة الرتب والرواتب.
غير أنه وعلى الرغم من أن العجز الحكومي في ملاقاة هموم الناس الاقتصادية والاجتماعية ليس بجديد على الحكومة، إلا أن الفضيحة المدوية التي تواجهها في قضية بيع الأدوية المغشوشة من قبل شركات مستورِدة غير مرخّص لها, تضيف إلى سجلها في تغطية القتلة والمجرمين، نقطة سوداء جديدة. وعلى الرغم من أن الرئيس ميقاتي شدّد أمس على أن الحكومة لن تغطي أي مخالف مهما بلغت رتبته, إلا أن الإجراءات التي اتخذتها وزارة الصحة العامة وقضت بسحب كل الأدوية التي تم تزوير أوراقها، وحفظها في المستودعات، من أجل إعادة تصديرها على نفقة المستورد، ليست كافية على الإطلاق كما أعلن رئيس لجنة الصحة العامة النائب عاطف مجدلاني والذي أشار إلى أنه في مواجهة قضايا أصغر، أقدمنا على إغلاق صيدليات بالشمع الأحمر، فهل يكفي اليوم أن نسحب الأدوية ونعيد تصديرها؟.
لكن، يضيف مجدلاني، يبدو أن شركات الأدوية المستوردة إلى جانب احتمال وجود جهات متواطئة معها من داخل وزارة الصحة تحظى بحماية أقوى من الحكومة (؟) مشدداً في حديث لتلفزيون إخبارية المستقبل أن هذا الأمر يعد جريمة في حق الشعب اللبناني ولو حصل الأمر ذاته في بلد آخر لاستقالت الحكومة.
وأقرّ وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية محمد فنيش باحتمال تورّط أحد أشقائه في القضية، وأصدر بياناً قال فيه بعدما بلغني أنّ هناك احتمالاً لتورّط أحد أشقائي بقضية تزوير شهادات تحليل مخبرية، وتوقيع الوزير لبعض أصناف الأدوية الطبية، فإنّ ما يهمّني التأكيد عليه، أن هذا الأمر منوط بالإدارة المعنية والقضاء، لاتخاذ كل التدابير الإدارية والقضائية في حال ثبوت التهمة، وإنني لم أغطِ ولن أغطي ولا أغطي أياً مَن يثبت تورّطه في هذا الأمر، وليترك الموضوع للسلطات المعنية في التحقيق والإثبات والعقاب.
وعلى الرغم من مرور شهر ونيّف، على تحويل الملف الى القضاء، التي كشف النقاب عنها مجدلاني، فإن الشركات المعروفة الهوى والانتماء وهي محسوبة على حزب الله لا تزال تسرح وتمرح، متلاعبةً بالصحة والسلامة العامة للمواطنين أما ما قاله وزير الصحة علي حسن خليل من أنّ ملف الأدوية المزورة والتي يبلغ تعدادها نحو المئة وتشمل كل الأمراض، قد أصبح بعهدة القضاء وأنّه وضع يده واتخذ الاجراءات اللازمة، فلا يعدو عن كونه حبّة باندول، لأنّ مستودعات الشركات لم تقفل بالشمع الأحمر، ولا تزال تعمل على عادتها. في حين أن أكثر الاجراءات مدعاةً للسخرية والاستهزاء باللبنانيين، هو أن الأدوية جمّعت في الصيدليات ولم تسحب بعد. وأعيد بعضها الى مستودعات الشركات المزورة تمهيداً لإعادة تصديره بدلاً من إتلافه وحرقه!! وهو ما يدعو الى التساؤل: الى متى تعفي الحكومة نفسها، على طريقة النعامة، فتدفن رأسها بالرمل بدلاً من وضع اليد على ملفٍ يعدُّ من أخطر الملفات كونهُ يتعلق مباشرة بسلامة النّاس، وهي التي قالت عن نفسها يوماً أنها حكومة كلنا للعمل فكيف يترجم كلام وزير الصحة إنّ هذه الأمور لا تصنّف سياسياً ولا أحد في أي موقع كان مغطى، وقد أعدّت الأدوية المزورة لإعادة تصديرها!!.
أسماء الشركات
وتفيد المعلومات المتواردة أنّ مزوّر مستندات الأدوية المزورة هو شقيق الوزير في حزب الله، محمد فنيش والشركات المعنية حسب معلومات المستقبل هي: سيتي فارم (city pharm)، نيو أول فارما (newall pharma)، إنترناشونال فارما غروب (international pharma group)، رويال فارما (royal pharma)، دنيتا فارم (Danita pharm).
وأكّد مجدلاني لـالمستقبل أن الشركات التي قامت بعملية ادخال أدوية الجينريك من دون مراقبتها من المختبرات المعتمدة من قبل وزارة الصحة، وتزويرها، وتوزيعها على السوق المحلية، لم تسحب من الصيدليات، بل هي جمّعت فيها.
والأنكى والأدهى، الذي كشفه مجدلاني، كان عدم إقفال الشركات أو ختم مستودعاتها بالشمع الأحمر، بل إنه يتم تجميع الأدوية فيها لإعادة تصديرها، وهذا كان قراراً خاطئاً لوزير الصحة، في حين أن قراره بسحب الأدوية كان مصيباً، وتحويل الملف الى القضاء. لافتاً الى أن ملف الأدوية المزورة تحوّل الى القضاء منذ نحو شهر (9-10-2012)، لكن برغم ذلك لا تزال الأدوية موجودة في الصيدليات.
وإذ لم يحمّل مجدلاني وزير الصحة المسؤولية، لفت الى أن المسؤولية تقع على عاتق الشركات التي استوردت، وقلة الضمير وعبادة شيطان المال، من خلال بيع أدوية مزورة والإضرار بالسلامة والصحة العامة. وأشار الى أن عضوية نقابة مستوردي الأدوية ليست الزامية، بل إنّه يمكن فتح شركة مستوردة وفقاً للقانون، مؤكداً ضرورة وجود مختبر مركزي يقوم بكل أنواع الفحوصات لمصلحة الدولة بكل مؤسساتها ودوائرها ووزاراتها.
الحماية
وقال نقيب الصيادلة زياد نصور لـالمستقبل، إنّه مع رفع الغطاء السياسي عن أي مخالف أو مرتكب في هذه الجريمة التي تضر بالصحة والسلامة العامة. لافتاً الى أنّه ليس لنقابة الصيادلة أية علاقة من قريب أو من بعيد بهذا الموضوع، خصوصاً وأن من قام بهذا الأمر هم مجموعة من الشركات لديها مستودعات، وإذا حصلت عمليات بيع في الصيدليات، فذلك مرده الى أنّه تمت تغطيته شرعياً من خلال تزوير تواقيع الوزير والمختبر ومركز التحليل، وعندما أبلغنا وزير الصحة بالموضوع، وأرسل الينا لائحة بالأدوية طلبنا من كل الصيدليات سحب هذه الأدوية وسريعاً، وللأسف فإن الأدوية الموزعة تشمل جميع أنواع الأمراض.
ولفت نصور، الى أنّ الأدوية لو كانت ذات جودة أو نظيفة، لما تمّ تزويرها بغية الاستفادة من أرباحها، وبالتالي لا يجب السكوت عن هذا الأمر الخطير، بل علينا الذهاب به الى الآخر.
وقال إنّ لا أرقام حقيقية للكميات المباعة ولا حجمها المالي، ولا تحديد لتاريخ بدء توزيعها. هل تمّ ذلك قبل 6 أشهر أم منذ سنة؟ في الحقيقة كلنا ينتظر جلاء التحقيقات في الموضوع، لكن هناك كارثة وقعت ويجب أن تتم محاسبة من قام بها.
إجرام
واستنكرت نقابة مستوردي الادوية وأصحاب المستودعات عملية تزوير المستندات، التي اكتشفتها وزارة الصحة العامة وسلّط الاضواء عليها رئيس لجنة الصحة النيابية النائب مجدلاني، لانها تعتبر ان أي تزوير في مجال الدواء - ولو كان على مستوى المستندات هو اجرام في حق المجتمع اللبناني ويجب ان يعاقب بأشد العقوبات. وأكدت أن المؤسسات التي ثبت عليها جرم التزوير غير منتمية الى النقابة، وأعربت عن تأييدها الكامل لتحرّك وزير الصحة العامة لاحالة الملف الى الهيئات الامنية والقضائية كي تنزل بالمؤسسات المسؤولة أشد العقوبات، لا سيما أن النقابة مؤمنة إيماناً قاطعاً بواجب كل مستورد أدوية - منتسباً كان الى النقابة او غير منتسب - أن يلتزم القوانين والأنظمة المرعية الإجراء وأن يمنع منعاً باتاً أي عملية تزوير. كما أبدت النقابة ارتياحاً لما أكده وزير الصحة من أن كل الأدوية موضوع المستندات المزوّرة قد تم سحبها من الأسواق، ووضعت تحت الرقابة لغاية إعادتها للجهات التي صدّرتها إلى لبنان.
وذكّرت النقابة، الرأي العام أنها اعتمدت منذ 8 سنوات ملصق هولوغرام النقابة الذي يحمل شعار من المنتج الى المواطن، والذي يضمن شرعية استيراد الدواء، وحسن شحنه مباشرة من المنتج، تخزينه وتوزيعه. كما أنه يضمن ويحدد هذه السلسلة غير المنقطعة من المسؤوليات. لافتة الى أنها مستمرّة في سياستها الحازمة التي تفرض على جميع أعضائها الالتزام بتأمين كل عناصر الأمن الصحي.
سليمان
سياسياً، برز الموقف الذي أطلقه رئيس الجمهورية ميشال سليمان وأعلن من خلاله ان لا مجال لاي تأجيل للانتخابات لان تداول السلطة هو المدماك الأول في الممارسة الديموقراطية وذلك في رد غير مباشر على التسريبات التي روّجها فريق الثامن من آذار حول احتمال تأجيل الانتخابات تقنياً لفترة تتراوح بين ثلاثة وستة أشهر.
الراعي
وفي بكركي، استقبل البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي وفداً من حزب الله برئاسة رئيس المجلس السياسي للحزب إبراهيم السيد وشدّد أمامه انه يؤيد طاولة الحوار لحل المشاكل في لبنان ويدعم رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان في مساعيه لإيجاد الحلول.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.