تعيش أسواق الذهب المحلية حالاً من التراجع، بلغت نحو 60 في المئة، وفقاً لاجماع المعنيين بالقطاع، وترجم الصعود الدائم لارتفاع أونصة الذهب بعدم اقبال المستهلكين على الشراء مترافقاً ذلك مع تراجع القدرة الشرائية للمواطنين، وهو ما يهدد سوق المشغولات والصاغة بشرٍ مستطير. وقال عبد الله الشهال وهو صاحب متجرٍ لبيع المصاغ والحلي الناس من عادتها أن تقبل على شراء الذهب في آخر يومين من رمضان، لكن يبدو أن سوق الفوبيجو هي المرغوبة، مع انعدام القدرة الشرائية لدى المواطنين.
أما نقيب حرفيي المجوهرات والذهب بوغوص كورديان، فقد أعلن تراجع صناعة الذهب في لبنان نحو 60 في المئة،بسبب عدم وجود قانون لحماية هذه الصناعة، ولإيجاد نوع من التوازن الصناعي والتجاري، وقال الآن التجار والصناعيون الكبار هم من يسيطر على السوق المحلية، مستفيدين من الظروف الاقتصادية منذ نحو 4 سنوات وارتفاع أسعار الأونصة، وناشد جميع المسؤولين لحماية لبنان وأرزته وحماية الاقتصاد الذي يئن بفعل الظروف السياسية السيئة. وارتفعت أسعار الذهب يوم الجمعة إلى 1616,45 دولار للأوقية (الأونصة).
وأشار كورديان الذي يملك مشغلاً لصناعة المجوهرات، الى أن الاسواق المحلية لم تفد كثيراً من الربيع العربي، وخصوصاً مع انعدام القدرة على تصدير المجوهرات الى دول الخليج العربي والدول العربية، يضاف الى ذلك التشنجات السياسية في الداخل اللبناني، وتراجع الوضع الاقتصادي للمواطنين.
وانخفضت صادرات اللؤلؤ والأحجار الكريمة والمعادن الثمينة، اذ تراجعت قيمتها من 51,9 مليون دولار خلال أيار 2011 الى 21,9 مليون دولار خلال أيار 2012. كما اعلن عن انخفاض في قيمة صادرات المعادن العادية ومصنوعاتها من 58,2 مليون دولار خلال أيار 2011 الى 30,6 مليون دولار خلال أيار 2012. وكشف كورديان عن تحرك قام به تجاه المسؤولين لانقاذ هذه الصناعة، من خلال منح صناعيي الذهب تسهيلات جمركية، واكد أن عدم وجود تسهيلات سيضاعف الاداء السيء للاسواق، لافتاً الى تناقص معلمي وحرفيي الذهب بنسبة بلغت نحو 45 في المئة. ويوجد في لبنان نحو 5000 حرفيي صغير ومعلم.
وقال إن السوق تعاني على المستوى الصناعي منافسة حادة من الصين وتايلاند وبالطبع السوق الاوروبية، وهو ما يدفع بالكثيرين الى ترك المهنة خصوصاً مع هبوط اجور الصناعيين والحوافز الجاذبة للبقاء في هذه المهنة. وطالب بايجاد قانون لحماية صناعيي وحرفيي الذهب خصوصاً انه في لبنان ما بين 1500 و2000 معمل ومشغل صغير ونحو 15 مصنعاً كبيراً تتركز في مجملها في بيروت وجبل لبنان. وتوقع كورديان أن يتذبذب سعر الاونصة من الآن وحتى نهاية العام الجاري ما بين 1600 الى 1800 دولار، بسبب المناخ السياسي العالمي. وقال إن سعر الاونصة لا يجب ان يكون فوق 900 دولار.
الى ذلك، لفت نقيب الصاغة والمجوهرات عاطف نصولي الى ان قطاع الصاغة يعاني اليوم كما سائر القطاعات الإنتاجية في لبنان، نتيجة ما أصابه من خسائر بفعل الظروف الأمنية المتدهورة والمتنقلة بين منطقة وأخرى وعلى ما نشهد في كل يوم، وطالب الدولة بالمساعدة وتقديم التسهيلات الادارية والمالية لتحويل لبنان من سوق للمجوهرات الى مركز لصناعتها وأعتبر ان إمكانية تحقيق ذلك كبيرة جداً، نظراً لما تتميز به المجوهرات اللبنانية من ذوق وفن عن سواها من عربية وغربية.
ورأى أن المطلوب هو الدعم القوي من الدولة لإيجاد اسواق جديدة قادرة على تأمين ظروف انتشار هذه الصناعة من خلال التسهيلات ودعم التجار والصناعيين، وايجاد معاهد متخصصة على مستوى عالمي تساعد على انتشار هذه الصناعة واعطائها الأولوية، وايجاد واقع سياحي مستقبلي يؤمن عودة المغتربين والسياحة الداخلية والعربية والعالمية وتوفير الأسعار المتدنية على كافة الأصعدة لمصلحة الاقتصاد اللبناني وسرعة التسويق وتطوير كمية الانتاج وتحسين الخدمات، وايجاد مختبرات مختصة لتقييم الألماس والأحجار الكريمة ومعترف فيها عالمياً، ودراسة موضوع تسهيلات لهذه الصناعة وغيرها لتحفيزها ودعمها وتطوير تسويقها وتسهيل المعاملات المتعلقة بالقطاع، وتشجيع وتجميع الحرفيين والفنيين ضمن معامل كبيرة من اجل حماية صناعة الصاغة وجعلها مواكبة للعالمية من خلال الادارات القوية لهذه المعامل وتأمين ظروف أفضل لهم ولتسويق صناعاتهم بطرق أفضل وأقل كلفة ولا ننسى تخفيض الفوائد على القروض وجعلها طويلة الأمد ومريحة، وتطوير مكننة هذه الصناعة وتأمين كافة المعلومات والمعارف لدعمها وتأمين الأخصائيين العالميين بهذا المجال مما يساعد على مواكبة العصر وعلومه. وأضاف لا ننسى اقامة معهد لصهر المعادن Metallurgic المهم جداً. كذلك فإننا نطالب الدول العربية الشقيقة والصديقة وخصوصاً تلك المعنية بإقامة المعارض بالمعاملة بالمثل وتطبيق اتفاقية التيسير التجارية وتستثني المملكة العربية السعودية الملتزمة بالاتفاق ومنح التسهيلات المطلوبة للبنانيين، ونلفت الوزارات المعنية وتحديداً الاقتصاد والتجارة الى المبادرة بدورها لإجراء الاتصالات اللازمة.
ومن جهته، قال عبد الله مرعب وهو صاحب متجر لبيع الذهب إن محلات الجوهرجية تتكل بالمجمل على التوصيات من الزبائن، ولفت الى أن هناك تراجعاً يقدر بنسبة 60 في المئة لجهة إقدام الزبائن على شراء المصوغات والحلي، بفعل ارتفاع أسعار الذهب عالمياً وتراجع القدرة الشرائية للمواطنين في لبنان، لكن في المقابل فإن الزبائن يلجأوون الى بيع مدخراتهم من المصاغ والحلي بفعل تنامي الأزمة الاقتصادية في لبنان، مشيراً الى أن البيع مربح أكثر من عمليات الشراء، لأن الذي يبيع يكون بوضع اقتصداي ضعيف، نحن كجوهرجية نطمح للبيع الذي يحقق لنا أرباحاً بفعل الشغل الذي نقدمه.
وقال مرعب إن لبنان يستورد من ايطاليا الذهب المشغول الى لبنان، لكن بنسبة تقل كثيراً عمّا يصنّع في البلد، وهذا يعود الى التكلفة الباهظة للمصاغ الايطالي مقارنة مع المحلي، الذهب هو ذهب، لكن تختلف قيمة التكلفة للتصنيع، فمثلاً حمالة مفاتيح(porte cle) صناعة ايطالية ثمنها نحو 250 دولاراً، أمّا تلك المصنّعة محلياً فيبلغ ثمنها نحو 150 دولاراً، رغم نظافة التصنيع والجودة المماثلة للمستورد، ومرد ذلك عائد الى الى تغيير بعض المواصفات: الوزن، والحجم...رغم أنّ الزبون سيحصل على نفس الجودة التي يطلبها.
وأشار الى أن لبنان لا يصدّر المجوهرات المصنّعة بشكل كبير بل يعتمد على الزبائن من الخارج، وهؤلاء غالباً ما يطلبون التصنيع اللبناني نظراً للجودة العالية وبوجود مصانع مماثلة لتلك الموجودة في الخارج، وانخفاض تكلفة التصنيع. وقال الزبائن عادة ما تطلب تصنيع الالماس.
وحول لجوء شريحة كبيرة الى الذهب البرازيلي، أعرب مرعب عن امتعاضه من تسمية هذا النوع من الفوبيجو بالذهب البرازيلي، وقال إن الذهب ذهب لكن التسمية أتت من طلي التنك بماء الذهب، وهذا مرده الى تردي الأوضاع الاقتصادية للناس، وهم يلجأون اليه عوضاً عن الذهب الحقيقي، فطاقم الذهب العلامة التي تقدّم اليوم للعروس تقدر بأسعار الذهب اليوم نحو 4700 دولاراً، وهي عبارة عن إسورة وخاتم وعقد (نحو 100 غرام *47 دولاراً للغرام)، والفوبيجو المسمّى بالذهب البرازيلي فثمنه نحو 470 دولاراً وربما أقل، وهو يباع بالقطعة وليس بالغرام كما الذهب، وقال مرعب فرضت هذا النوع من الفوبيجو، لكن بمجرد خروجه من المحل يصبح سعره قروشاً فلا أحد يشتريه لأنه ليس ذهباً وهو يفقد لونه بمجرد وصول أسيد أو أي سائل كيميائي إليه. ويستورد لبنان 15 طناً من سبائك الذهب من سويسرا ويصدر نحو ثلاثة أطنان من الذهب المشغول، أما الباقي فيتم التعامل به في السوق المحلية. وتراجع نسبة المبيعات من الذهب المشغول في السوق المحلية، فيما ارتفع الطلب على السبائك الذهبية كضمانة لقيمة المبالغ الشرائية التي يحملها المواطن. ويعتبر الذهب الأصفر في لبنان الضمانة الأساسية التي يرتكز عليها الاقتصاد المحلي، وما يدلل على ذلك وجود تسعة ملايين و220 ألف أونصة ذهب في مصرف لبنان المركزي.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.