8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

المؤسسات السياحية تئن بعد تراجع إ­يراداتها

دقّ رئيس اتحاد النقابات السياحية ونقيب أصحاب الفنادق بيار الأشقر، ناقوس الخطر حول تردّي الأوضاع المالية في القطاع السياحي، الذي شهد خلال النصف الجاري تراجعاً إن على صعيد الاشغال أو على صعيد عدد الزوار أو الايرادات المالية التي ينتظرها لبنان من خلال هذا القطاع الخدماتي. وبالتالي فإن زيارة الأشقر الى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، جاءت في سياق الطلب من الحاكم التفاوض مع جمعية المصارف في لبنان ومؤسسة كفالات، لتأجيل المستحقات المالية على المؤسسات السياحية.
ومع تراجع عدد السياح نحو 7،7% خلال النصف الأول من العام الجاري، فإن التراجع شمل كل المرافق التي يتشعب منها هذا القطاع وليس القطاع الفندقي فحسب، والأهم في هذا السياق هو تراجع الايرادات المالية على أصحاب المؤسسات السياحية، التي في غالبها تلجأ الى قروض مدعومة من مؤسسة كفالات (المطاعم والمقاهي والأندية الليلية...). أمّا الفنادق فهي في الغالب تلجأ الى القروض من المصارف لتحسين أو تحديث منتجعاتها.
ومع التوقعات المتشائمة حول تراجع الايرادات، مع خسارة نحو 300000 سائح حتى منتصف العام الجاري، فإن ثمّة مشكلة تلوح في الأفق لأصحاب المؤسسات السياحية وهي عدم قدرتها على سداد مستحقاتها المالية والتي تكون في الغالب نهاية كل موسم سياحي.
وكان الأمين العام لاتحاد النقابات السياحية جان بيروتي قد توقّع ألا تتعدى إيرادات القطاع أربعة مليارات ونصف مليار دولار هذه السنة، بتراجع 25 في المئة مقارنة مع العام الماضي، ونحو 36 في المئة مقارنة مع العام 2010. وهو توقع منطقي خصوصاً وأنه يتماشى مع التقارير المالية التي تشير الى تباطؤ واضح في الاقتصاد اللبناني مع تسجيل نسبة تضخم عالية خلال النصف الأول من العام الجاري بلغت 5,3 في المئة.
زيارة الأشقر الى سلامة
فقد دفعت الازمة السورية وتداعياتها على لبنان بجملة استحقاقات سياسية واقتصادية الى واجهة المعالجات في ضوء افرازاتها السلبية ولا سيما على مستوى القطاع السياحي الذي اصيب بالصميم جراء انكفاء السياح العرب والاجانب عن قضاء موسم الصيف في لبنان بعد سلسلة التحذيرات للرعايا بعدم المجيء اليه.
وازاء هذا الواقع، بدأ صوت القطاع السياحي يعلو، بفعل عدم قدرته على مواجهة الاعباء المالية المترتبة على اصحاب المشاريع السياحية الملتزمة بمستحقات مالية مع المصارف او مؤسسات القروض المالية.
ومن باب التحوّط، وقبل الوقوع في مشكلة قد تضطر خلالها المؤسسات السياحية إمّا الى الاقفال أو صرف جزء من العمالة لديها، استقبل حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، صباح امس، رئيس اتحاد المؤسسات السياحية في لبنان رئيس نقابة اصحاب الفنادق بيار الاشقر وعرض معه واقع المؤسسات السياحية.
وقال الاشقر بحثنا في الوضع السياحي الراهن في هذا الموسم حيث ابدى الحاكم تفهما عميقا وكاملا لوضع المؤسسات الاقتصادية كافة، خصوصا انه مطلع في شكل دقيق على اوضاع الشرائح الاقتصادية في لبنان وتحديدا القطاع السياحي.
واضاف يترتب على مؤسسات القطاع السياحي استحقاقات مالية ولا سيما منها المؤسسات الصغيرة التي يستثمر فيها الشباب اللبناني على اساس عقود مبرمة مع مؤسسة كفالات، اضافة الى المؤسسات الكبيرة التي يتوجب عليها استحقاقات المصارف، وطالبنا الحاكم بالعمل على تأجيل هذه الاستحقاقات للمؤسسات التي تملك امكانية الدفع غير انها تعثرت بفعل الاوضاع المحلية والاقليمية الراهنة.
واشار الاشقر الى ان حاكم مصرف لبنان وعد بالتفاوض مع جمعية المصارف و كفالات، حول هذا الموضوع لاتخاذ الاجراءات المناسبة التي تحافظ على المؤسسات السياحية، وتمكنها من الاستمرار الى حين انتهاء الظروف القاهرة التي نشهدها حالياً. واعتبر الاشقر ان القطاع السياحي عانى كثيرا جراء الظروف الداخلية والاقليمية المحيطة.
وقال الأشقر لالمستقبل، نحن قمنا بهذه الزيارة بهدف التحوط قبل وقوع مشكلة تعثّر السداد من قبل المؤسسات السياحية وليس القطاع الفندقي فحسب، بل هناك قسم كبير من فئة الشباب هم من المستثمرين الذين أخذوا قروضاً من كفالات واستثمروا في قطاع المطاهم والمقاهي وغيرها، ومن المؤكد أنه بفعل التراجع الحاصل في القطاع بفعل الأحداث الجارية، فهناك أزمة ولّدتها مسألة التراجع في الايرادات، ولذلك بحثنا إنهاء المعركة قبل البدء بها.
وأضاف طلبنا بعض التدابير من الحاكم، ومنها أن تمديد فترة استحقاق القروض مدة تراوح بين 6 و12 شهراً، على أن يدفع المدينون، الفوائد خلال هذه الفترة ومعاشات الموظفين، ريثما تنجلي الأمور، بالإضافة الى بعض المطالب. وقال الأشقر لا يمكن الآن إعطاء رقم دقيق حول حجم الاستحقاقات المالية للقطاع، لكنه بالطبع كبير.
وأشار الى أن الأشغال الفندقي تراجع الى ما بين 37 و42% في بيروت، وحتى تغطي الفنادق مصاريفها يجب أن يكون الاشغال فوق 55 في المئة، وهنا لا نتكلم عن المناطق الأخرى التي وضعها السياحي أضعف من هذا بكثير.
وأبدى استغراباً من كيفية التعامل مع الأرقام، وقال عندما يحصل تراجعُ بنسبة 2 في المئة تسقط الحكومة في الخارج، نحن الآن نتراجع ما بين 25 الى 30 في المئة، هل من الممكن تصور خسارة 300 ألف سائح ومعها كمية الايرادات المالية؟.
كفالات....
أمّا رئيس مجلس إدارة مؤسسة كفالات خاطر أبو حبيب، فقال في اتصال مع المستقبل إنّ القروض المعطاة للقطاع السياحي تشكل نحو 12،5 في المئة من محفظة القروض عموماً التي تعطيها المؤسسة ، والقطاع السياحي هو بالدرجة الثالثة بعد قطاعي الزراعة والصناعة، وقال إن من الواضح أن زيارة النقيب الأشقر لحاكم مصرف لبنان تأتي من الباب الاحترازي بسبب الأجواء الموجودة والتي أدت الى تراجع مداخيل السياحة بسبب الظروف الراهنة.
وأشار الى أن تحصيل الاستحقاقات المالية من المؤسسات السياحية، ليس آخر الشهر بل هناك دائماً تحصيل استحقاقات وهناك من يقفل القروض وهناك تواريخ معينة ومختلفة لكل مؤسسة، وأوضح أن إعطاء رقم الآن لحجم الاستحقاقات لا يمكن الآن إلا بعد إجراء كشوف دقيقة على هذا الموضوع.
أين عبود؟
وكان وزير السياحة فادي عبود، قد أبدى تفاؤله بأن السياحة اللبنانية ستحقق ايرادات بما يقرب من 7 مليار دولار خلال العام الجاري، وهو بالطبع تفاؤل لا تترجمه الميدانيات اليومية في القطاع السياحي، ويكفي أن يعرف وزير السياحة بأن لبنان لم يفد أبداً ولم يستطع أن يستقطب التدفقات من البلدان المجاورة غير المستقرة بسبب عدم الاستقرار الداخلي في النصف الأول من 2011 الاخطار الناجمة عن الأزمة السورية. فالنمو المتوقع 3 % هذه السنة، مهدد بمخاطر في الامد القريب هي على الجانب السلبي نظراً الى حال عدم الاستقرار في سوريا.
ولاحظت وكالة ستاندرد آند بورز في آخر تقرير لها، أن لبنان لم ينفذ الإصلاحات الملحّة حتى الآن بسبب التوترات السياسية الداخلية والمناخ الخارجي المتدهور. مشيرة الى ان الاضطرابات في سوريا أثرت على النمو الاقتصادي في لبنان في الأشهر الـ15 الماضية، مما أدى إلى انكماش قطاعات أساسية كالسياحة والخدمات المالية والقطاع العقاري، والتي شكّلت مجتمعة أكثر من 50% من الناتج المحلي الإجمالي في الفترة الممتدة بين 2007 والـ2010. ورأت ان لبنان لم يستطع ان يفيد من الاضطرابات الإقليمية في العامين 2011 و2012.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00