8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

التصريف والاستهلاك والأسعار في تراجع.. الوضع السوري جزء من المشكلة

فكأنّما لا يكفي اللبناني أكل العصي بل بات عليه ان يعدّها.. من الكهرباء مروراً بالاتصالات وسواها، وصولا الى الزراعة التي ليست إلا واحدة من جملة الاحباط الاقتصادي الذي تعانيه قطاعات الانتاج والمال.
القطاع الزراعي يعيش اليوم أسوأ حالاته، معبّراً عن أزمة كبيرة نتجت عن السياسات الخاطئة لحكومة الرئيس نجيب ميقاتي.
اذ تأثّرت الزراعة وبخسائر فادحة لا يمكن تقريشها إلا بعد انتهاء المواسم الزراعية. ويقول المزارعون إن الاسعار أيضاً تراجعت وبشكل كبير، فلا تصريف بسبب الاوضاع الأمنية ولا استهلاك بسبب تهشيل السياح من لبنان، والمحصّلة القطاع يعيش أسوأ مراحله.
لكن المشكلات التي يواجهها المزارع اللبناني، لا تقف عند حدود التصدير، بل هناك مشكلات مزمنة، وهي تبدأ من ارتفاع تكلفة الإنتاج بكلّ عناصرها من عمالة وريّ ونقل وتدنّي نسبة استخدام الآلات الحديثة. يضاف إليها مشكلات تتعلّق بالملكيّة العقاريّة وضعف الإرشاد الزراعي والتعاونيات، وغياب الدعم المباشر وغير المباشر. كما تسود القطاع الزراعي فوضى تُسهم في ضعف جودة الإنتاج، يواكبها ضعف بنيوي ينعكس سلباً على التسليف الزراعي، ونقص فادح في الجهاز البشري يصل إلى 75 في المئة. وأيضاً هناك غياب الاستثمارات عن البنية التحتيّة لهذا القطاع.
ومن المشكلات الأخرى التي يعانيها القطاع الحيازات الزراعيّة الصغيرة. فهناك نحو 195 ألف شخص حائزين نحو 248 ألف هكتار، و75 في المئة من المزارعين يستغلّون حيازات زراعيّة مساحتها أقلّ من هكتار واحد. ونسبة الحيازات الزراعيّة التي تتكوّن من أراضٍ تقلّ مساحتها عن 5 دونمات هي 35 في المئة، وهي تمثّل 9 في المئة من المساحة المزروعة.
إلا أنه الآن، هناك مشكلة سياسية، ولعل الحدث السوري، الذي تفجّر في آذار 2011 وما زال مستمراً، يشكل العنوان الابرز لأزمة القطاع. فقد تراجعت الزراعة مع تراجع الصادرات اللبنانية البرية عبر سوريا بنسبة 11 في المئة في الربع الأول من 2012، ورغم تحسن حركة الصادرات الزراعية بنسبة 4,5 في المئة، إلا أن تسليفات القطاع ما زالت تشكل واحداً في المئة فقط من القروض المصرفية للقطاعات الاقتصادية، إذ لا يزال التمويل المحلي للقطاع الزراعي متواضعاً. وبحسب التقارير المالية، فإن القطاع الزراعي تأثر بالأوضاع الأمنية في البلدان المجاورة، لأن القسم الأكبر من نشاط القطاع يتركّز في المناطق الحدودية اللبنانية.
واعترف وزير الزراعة حسين الحاج حسن، قبل أسبوعين، أن هناك أزمة تصدير يعانيها لبنان، وقال إن أسبابها تعود الى الأحداث في سوريا، وأشار الى أن هناك مشكلة بتصريف البطاطا، لكن هناك أزمة في سوريا ومع ذلك شكلنا غرفة طوارئ ومركزا للشكاوى للمعالجة.
وبحسب التقارير المالية، فقد بلغت قيمة الصادرات الزراعية 46 مليون دولار في الفصل الأول من العام الجاري، أي بزيادة نسبتها 4,5 في المئة مقارنة مع الفترة ذاتها من العام 2011، بحسب إحصاءات المجلس الأعلى للجمارك، مقابل زيادة أضعف في الفصل الأول من العام 2011 بلغت نسبتُها 2,3 في المئة.
من جهة أخرى، في الوقت الذي لا يزال لبنان يستورد قسماً كبيراً من حاجاته من المنتجات الزراعية، انخفضت قيمة وارداته الزراعية بنسبة 9,1 في المئة على أساس سنوي لتبلغ 467 مليون دولار في الفصل الأول من العام 2012، وهذا الإنخفاض هو الأول منذ الفصل الأول من العام 2009، حيث كان الإقتصاد العالمي في خضمّ أزمة مالية. إضافة الى ذلك، انعكس تباطؤ الطلب المحلي على المنتجات الزراعية انخفاضاً في عدد الكفالات الممنوحة من شركة كفالات للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، المتخصّصة في الزراعة بنسبة 22 في المئة ليبلغ 87 كفالة في الفصل الأول من العام 2012، معبّراً بذلك عن استمرار المنحى التراجعي المسجّل في هذا المجال منذ السنة الماضية.
وقال رئيس جمعية المزارعين اللبنانيين أنطوان الحويك، إن أزمة القطاع لا يمكن وضعها في الخانة السياسية والامنية وحدها، بل أيضاً هناك قرارات على مستوى وزارة الزراعة وايدال لعبت دوراً مهماً في تثبيط الحركة. أضاف على المستوى الداخلي، وبفعل الأوضاع المأزومة التي دفعت الاقتصاد اللبناني برمته الى التراجع، فإن حركة الاستهلاك تراجعت مع انحسار السياح عن لبنان، وأيضاً الاختلال السعري للمنتجات الزراعية التي لا تجعلها تنافسية وهو ما أزّم وضعية الزراعة.
وأردف الحويك هناك أيضاً مسألة الغاء الروزنامة الزراعية التي تحمي نحو 10 أصناف زراعية، وهو ما يجعل منتجاتنا غير قادرة على الصمود في وجهها، وإحداث خسائر للمنتج والمزارع، فعندما يدخل البطيخ في موسم البطيخ، فهناك فعلاً أزمة، وبالتالي فإن البضاعة الوطنية لا تكون محمية أبداً، وهناك أيضاً تغيّر مفهوم الدعم عند إيدال فبدلاً من أن يقدّم المزيد لدعم التصدير تراجع، وكان عليها أن تزيد من نسبة الدعم لكنها اتبعت ووزارة الزراعة سياسة لا تمكن المزارع والمصدر من المتابعة.
واشار الى أن الوضع السوري أثّر في عملية التصدير وبشكل كبير، إذ إنّ التكلفة زادت نحو الضعفين لعمليات التصدير البري. فالمخاطرة لها ثمن، وهو أيضاً يؤثر في أسعار التكلفة.
ومن جهته، يرى رئيس تجمع المزارعين والفلاحين في البقاع ابراهيم ترشيشي، أنّ الأوضاع في القطاع الزراعي تعبت منذ أيلول الماضي، إلا أنها تحسنت قبل عشرة أيام من اليوم بعد أن دق المزارعون ناقوس الخطر، وأسرعت كل من وزارة الزراعة ومؤسسة إيدال الى استدراك الأوضاع، من خلال مجموعة من القرارات التي من شأنها تسهيل عملية التصدير.
واشار الى ان كل المواسم الزراعية إجمالاً تضررت، ولم تعد المواسم تأتي بأكثر من 50 في المئة من اسعار التكلفة، لافتاً الى أن الوضع الأمني غير المستقر في الداخل مضافاً الى العامل الاقليمي أسهم والى حدٍ كبير في المشكلة. وقال لم يأتِ سياح الى لبنان، وبالتالي فلا استهلاك وأسعار في الحضيض، وألهم أن المواطن اللبناني لم تعد لديه القدرة الشرائية كما كانت في السابق وهو ما يتسبب بركود في القطاع.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00