اجتماع اتحادات ونقابات قطاع النقل البري في لبنان، أمس، عكس صورة المشهد المتناقض والمنقسم لحكومة النأي بالنفس، وذلك رغم دعوته الى الإضراب بدءاً من الخامسة من صباح اليوم وحتى الخامسة مساء يتخللها عند الحادية قبل الظهر تظاهرة للسائقين العموميين الى السرايا الحكومية، التي غادرها رئيسها نجيب ميقاتي الى بروكسل.
وتجلّى هذا الانقسام عبر خروج اتحاد الولاء لنقابات المواصلات (المحسوب على حزب الله) عن اجماع هذه الاتحادات، وكذلك نقابة السائقين العموميين في البقاع (المحسوبة على الحزب السوري القومي الاجتماعي)، وهو ما يفخخ الاضراب المقرر اليوم. إلا أنّ بوادر تعطيله غير ممكنة مع تصميم أكثر من 90% من النقابات على المضي في هذا الاضراب.
ولم يتأخر اجتماع اتحادات ونقابات قطاع النقل البري، في اتهام ميقاتي، بالنأي عن مطالبهم، وكأن اجتماع الاسبوع الماضي الذي أغدق فيه رئيس الحكومة وعوده، كان مجرّد مسكّن، يهدف الى إسكات السائقين العموميين بغية تمرير الجلسة النيابية العامة على خير، وهو ما ترجمه عملياً ميقاتي خلال اجتماعه، بسحب هذه الوعود وكأن شيئاً لم يكن، بالإضافة الى تشكيل لجان لدراسة مطالب سائقي العمومية (موضوع التعويضات منذ 7 أشهر، والغاء زيادات اشتراكات الضمان على السائقين العموميين، إلغاء الرسم المفروض على المعاينة الميكانيكية، قمع السيارات المزورة والخصوصية، والعمل بقانون الاعفاء الجمركي)، ويبقى المطلب الأهم بالنسبة للسائقين العموميين هو تثبيت سعر صفيحة البنزين عند 25000 ليرة، وصفيحة المازوت عند 20000 ليرة.
بداية، تحدث رئيس اتحاد مصالح النقل بسام طليس، فأكد أن تأجيل الاضراب الذي كان مقرراً في 19 الشهر الجاري، أجّل بفعل الوعود التي أعطاها الرئيس ميقاتي، إلا أنّ اجتماع اللجنة الوزارية معنا أعاد الوضع الى نقطة البداية، وهو ما دفعنا لاتخاذ قرار تنفيذ الاضراب. وقال كنّا نتمنى على الرئيس ميقاتي خلال جلسة الحكومة أمس، لو أتى على ذكر ملف السائقين العموميين ولم تقل إنها تطرقت الى هذا الملف، ولم يطلب أيضاً تعليق الاضراب، وكأننا غير موجودين، لذلك قررنا الاضراب (غداً) اليوم.
واتهم رئيس اتحاد النقل البري عبد الامير نجدة، ميقاتي بأنّه هو من أوصل السائقين العموميين الى مرحلة الاضراب، لأنه سد كل الأبواب في وجههم. وقال نحن لسنا طلاب إضراب بل طلاب حقوق، لذلك فإننا سنتظاهر في كل المناطق والمحافظات.
كما أعلن كل من رئيس نقابة اصحاب الشاحنات شفيق القسيس، رئيس نقابة اصحاب الصهاريج ومتعهدي نقل المحروقات في لبنان ابراهيم سرعيني، المستشار فادي ابو شقرا، رئيس نقابة اصحاب الاوتوبيسات والسيارات العمومية فيليب صقر وحشد من السائقين العموميين، نقيب السائقين العموميين في جبل لبنان الجنوبي كمال شميط، والجنوب قاسم شبلي، ونقابة باصات الطلاب في الجامعات والمدارس، تأييدها للاضراب.
أما رئيس اتحاد الولاء للنقابات والمواصلات عبد الله حمادة، فأعلن عدم المشاركة في الاضراب، وقال إن الاجتماع مع الرئيس ميقاتي لم يكن مثمراً لكنه لم يكن سلبياً لدرجة قاطعة، لافتاً الى أنّ كل مطالب السائقين وضعت على سكة الحل وبالتنسيق مع الاتحاد العمالي العام، إذاً لماذا الاضراب وضد من؟ طالما أن الرئيس ميقاتي موجود في بلجيكا، لكنه أشار الى ان اتحاد الولاء سيكون جزءاً من التحرك العمالي المقرر في الثالث من الشهر المقبل، ونحن لا يعنينا إضراب اليوم.
من جهته، رفض رئيس نقابة السائقين العموميين في البقاع محمد الفوعاني، المشاركة في الاضراب، وقال في حديث خاص كيف نشارك هذه الاتحادات الاضراب وهم لم يشركونا في اجتماعاتهم، وثبت أنهم لم يأتوا بأية نتيجة، لمصلحة من تعطيل البلد وليس في البلد من نحاوره اليوم.
وبعدها، ساد هرج ومرج بين مؤيد ومعارض، لكن كانت الحصيلة أنّ 90% من الاتحادات المجتمعة أعلنت الاضراب وقال طليس كنّا نتمنى أن نمشي في الاضراب يداً واحدة، لكن لديهم وجهة نظر لا يستطيعون فرضها علينا. وأعلن أنه لا يمكن تقديم الاضراب للحكومة بعدما أخلفت وعدها، مشيراً الى أن قرار الاجماع ترحب به الاتحادات والنقابات، ومن المعيب أن نقدم خلافاتنا على مطالبنا.
ومن طرابلس، أعلن رئيس نقابة السواقين في الشمال شادي السيد، عن عدم المشاركة في الاضراب وفي قطع الطرقات. وقال إننا مع مطالب السواقين العموميين ولكن في الوقت الحاضر نترك المفاوضات والإجتماعات مفتوحة. وندعو الحكومة لبت سريع لهذه المطالب وفتح النقاش بكل العناصر المرتبطة بمطالب السائقين، داعياً الحكومة لبت سريع لهذه المطالب، لأن اقفال الطرقات ليس الحل، ولن نشارك في الإضراب وفي قطع الطرقات، منعا لإستغلاله من قبل بعض الجماعات المتربصة لأمر طرابلس.
بيان
وأعلنت اتحادات ونقابات قطاع النقل البري تنفيذ الإضراب العام والتظاهر اليوم، ليوم واحد وتصعيد التحرك تباعا وصولا الى الاضراب المفتوح في 14 أيار (مايو) المقبل، في بيان بعد الاجتماع الاستثنائي الذي عقدته في مقر الاتحاد العمالي العام، وجرت مناقشات حادة انسحب على اثرها رئيس اتحاد الولاء للسائقين علي حمادة ورئيس نقابة السائقين العموميين في بعلبك الهرمل محمد فوعاني، وأصدر المجتمعون بيانا جاء فيه في إطار اجتماعاتها المفتوحة لمتابعة تطورات اللقاءات التي تجري مع رئيس الحكومة واللجنة الوزارية لمناقشة مطالب القطاع، وحيث أن لجنة القطاع المكلفة الحوار والتفاوض مع اللجنة الوزارية التي كانت تنتظر أجوبة على المطالب التي عرضتها في اجتماعها مع اللجنة الوزارية الأسبوع الماضي، لم تلق الأجوبة المقنعة والعملية خلافا لما ساد في الاجتماع السابق...
نعلن وبالإجماع ما يلي: تنفيذ الإضراب العام والتظاهر اليوم على جميع الأراضي اللبنانية من الخامسة صباحا وحتى الثالثة بعد الظهر. تنفيذ الإضراب العام والتظاهر يومي الخميس والجمعة المقبلين في 3 و 4 أيار 2012. تنفيذ الإضراب العام والتظاهر أيام الثلاثاء والأربعاء والخميس في 8 و 9 و 10 أيار 2012. الإضراب العام والمفتوح اعتبارا من الاثنين في 14 أيار 2012 وحتى تحقيق المطالب.
ويدعو المجتمعون جميع سائقي السيارات العمومية والفانات والاوتوبيسات والشاحنات والشاحنات المبردة والصهاريج وسيارات نقل الطلاب للمشاركة الكثيفة، في تنفيذ هذا الإضراب والتظاهر والتجمعات، وكذلك شركات النقل الى التوقف عن العمل والمشاركة في الإضراب والتظاهر. كما دعا المجتمعون كل المتضررين من أسعار البنزين والمازوت للمشاركة في الإضراب والتظاهر وصولا إلى تحديد سقف موحد للجميع.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.