لا يملك رئيس تكتل الاصلاح والتغيير النائب ميشال عون، وصهره وزير الطاقة والمياه جبران باسيل، سوى الكلام العنكبوتي الحاقد على مرحلة الرئيس الشهيد رفيق الحريري، للتعمية على الفشل اللاحق بقطاع الكهرباء، منذ تولي الوزراء العونيون حقيبة وزارة الطاقة والمياه.
والكل يعلم ان اداء الكهرباء في عهد باسيل، كان الأسوأ بين كل وزراء الطاقة الذين تعاقبوا على سدة هذه الوزارة. فخلال السنتين الماضيتين ووصولاً الى المرحلة الراهنة، لم يحصل اي تقدم.. الفاتورة المالية ارتفعت بصرف النظر عن ارتفاع سعر برميل النفط، وقطاع الانتاج تراجع الى مستوياته الدنيا، وساعات التقنين وصلت الى مستوياتها العليا. اما التحويلات الى مؤسسة كهرباء لبنان في 2011، فقد ارتفعت 46 في المئة الى 1,750 مليار دولار. كما ارتفع استهلاك المؤسسة من مادتي الفيول اويل والغاز اويل 9 في المئة و28 في المئة على التوالي مقارنة مع 2010. ويتوقع ان يشهد هذا العجز المزيد من الارتفاع هذا العام ليسجل نحو ملياري دولار على وقع استمرار ارتفاع اسعار النفط. وهو شكل النسبة الاكبر من موازنة 2011.
وبالأرقام يمكن دحض كلام عون وصهره باسيل، اللذين لم يتورعا عن اتهام حقبة الرئيس الشهيد رفيق الحريري، بل استلحقا القنص المنظم على حقبتي الرئيسين فؤاد السنيورة وسعد الحريري.
وكان عون قال ان كهرباء لبنان خسرت 17 مليار دولار مع العهد الحريري ولا أحد يسأل عنها. فيما تحدث باسيل عن مخطط حريري لتفريغ الوزارات.
لكن الافتراءات التي قدماها كل من عون وباسيل تدحضها الأرقام والوقائع، كما ان معظم من تولوا ملف الوزارة العتيدة من حلفاء الجنرال وصهره. فليسألهم كيف تمت عرقلة مشروع الشهيد رفيق الحريري؟ وكيف تبددت الأموال؟ وليسأل صهره عن تبديد الأموال في وزارة الطاقة منذ سنتين الى اليوم.
باسيل وعون...يدخلان الكرة في مرميهما
وزير سابق للطاقة رأى أن تصريحات عون، فيها الكثير من الكلام السياسي المبالغ فيه، لإظهار أهمية الدور الخدمي الذي يقوم به باسيل. وقال لدينا الكثير من المستندات التي تكشف جزءاً مهماً مما فعلناه على صعيد الكهرباء.
على أنّ الحقائق، التي لم يوردها عون وباسيل، تظهر فداحة ذرّ الرماد في العيون، وأنّ ما يجري تعميمه في الإعلام، في إطار البروباغندا العونية لا يرقى الى مستوى الحقيقة أبداً، وهو ما يرفضه الوزير السابق للطاقة والمياه محمد عبد الحميد بيضون، الذي استهجن فداحة الخسارات المالية للكهرباء في عهد التكتل العوني، الذي تولّى الوزارة قبل 4 سنوات لتبلغ خلال الحقبة المذكورة نحو 5 مليارات دولار.
وسأل بيضون لماذا هذه الخسارة؟ وهي أعلى خسارة في تاريخ لبنان على مستوى قطاع الكهرباء، وقال لديهما خطة للكهرباء لكنها ليست لخفض الخسائر المتتالية. فمن الآن وحتى السنوات الخمس المقبلة، تتطلب الخطة 5 مليارات دولار، مضافاً اليها 8 مليارات دولار خسائر، يعني هذا أن لبنان أمام فاجعة مالية تصل الى 13 مليار دولار بموجب الخطة، وإذا احتسب الأمر مع الفوائد فنحن نكون أمام مبلغ يصل الى نحو 20 مليار دولار فقط على الكهرباء، وهذه جميعاً من الخزينة التي تستنزف.
واشار الى أنّ الحقبة السابقة التي تحدث عنها كل من عون وباسيل، لا تلغي حقيقة المشاريع الجبّارة التي قام بها الرئيس الشهيد رفيق الحريري، إذ أن الرئيس الشهيد استطاع بعد تعرض قطاع الكهرباء للتدمير خلال الاجتياح الاسرائيلي العام 1982، ان ينشئ معملي الزهراني ودير عمّار، وبالتالي العودة بالقطاع أفضل مما كان. أمّا المشروع الآخر، والأهم، فهو اقتراح الرئيس الشهيد، تخصيص الكهرباء لجهتي التوزيع والانتاج.
اضاف بيضون ان المضحك الآن أن باسيل يسير بنصف تخصيص، فهو يريد أن يخصص التوزيع لكنه سيبقي الانتاج على عاتق الدولة، وهنا الطامة الكبرى، فهو يأخذ الآن 1،2 مليار دولار سنوياً من أجل الانتاج. السؤال هو لماذا يأخذ من الدولة في حين أن القطاع الخاص بامكانه أن يقوم بهذه المهمة ويدفع من جيبه، وبالتالي فإن الربح هو تحصيل حاصل للخزينة، ما يقوم به باسيل وتكتل الاصلاح والتغيير هو تركيب خسائر وديون على الدولة من خلال اعتماد سياسة الانفاق الكبيرة على القطاع.
قباني
وفي السياق ذاته، قال رئيس لجنة الأشغال العامة والطاقة النيابية النائب محمد قباني، إن آخر من يحق له الكلام عن تفريغ الوزارات هو باسيل، الذي فرغ وزارة الطاقة من جهازها كله، باستثناء موظف من الفئة الثالثة. أما في المديرية العامة للمياه فقد أفرغها من قسم كبير من الموظفين، معمماً في الوقت نفسه الشلل على من تبقى فيها، ملغياً فعاليتهم. أضاف الأنكى من ذلك، فهو أنه استبدل جيشاً من المستشارين لم يعرف له لبنان من قبل مثيلا، 45 الى 48 مستشاراً في وزارة الطاقة والمياه، برواتب مهولة تبدأ من 5000 دولار شهرياً لتتصاعد الى مبالغ قياسية، كل هذا من أموال الشعب اللبناني، وبطرق ملتوية، أبرزها التعاقد مع أحد مستشاريه المعروفين من الجميع، ليؤمّن من خلاله عقداً مقطوعاً بالتراضي للدفع لمعظم هؤلاء المستشارين، فيما يتقاضى البعض الآخر من الصناديق والمؤسسات التي يمارس عليها باسيل الضغط للدفع.
وأردف قباني قائلاً، إذا لم تستحِ فاصنع ما شئت، إن باسيل لم يسبقه وزير في العالم في مجال تفريغ الوزارات.
أمّا في ما يتعلق بكلام عون، فأوضح قباني إن الحسابات التي أوردها، أوحى له بها من ليس بالمهنة خبيراً، ربما كان محاسب الدكنجي المجاور للرابية، فالرئيس الشهيد رفيق الحريري أنفق 1،4 مليار دولار، أنشأ بقيمتها 4 مصانع كبيرة، هي: دير عمّار، الزهراني، صور وبعلبك، مضافاً اليها صيانة المعامل الأخرى ولا سيما المائية منها، كما أنه أزال أضرار الحرب، وأقام الشبكة المتكاملة التي لا زالت متوقفة الى اليوم في المنصورية، لتصل الكهرباء في عهده في العام 1996 الى 24 على 24 ساعة يومياً، وعندما اعتدت اسرائيل في ذلك العام ودمرت جزءاً مهماً من البنية التحتية للكهرباء، استطاع إعادة بنائها وإعادة الكهرباء الى ما كانت عليه في حزيران (يونيو) 1997، أي 24 على 24 ساعة في اليوم، هذا هو رفيق الحريري وانجازاته رغم عين الحسود.
انجازات رفيق الحريري الكهربائية
يشير خبير كهربائي، الى أن الرئيس الشهيد كان يتبع سياسة الصمت بوجه المهاترات السياسية التي كانت تهدف إلى إجهاض مشروع إعادة الاعمار والتطوير والتحديث. وقال إن من نتائج العرقلة المقصودة لمشروعه على صعيد الكهرباء، انهيار القطاع، بالإضافة الى ضياع فرص التطوير والتحديث، وحلول الأعطال والتقنين مكانها، والمحصلة تحويل القطاع من رابح إلى خاسر وزيادة العجز الذي يرهق خزينة الدولة يومياً. ولفت الى ان تحويلات الخزينة الى المؤسسة وتكلفتها الناتجة عن تزايد الدين العام بلغت 25431 مليار ليرة منذ العام 1982 حتى العام 2008، أي ما يعادل نسبة ثلث الدين العام بنهاية العام 2008 ، اضافة الى خسائر في الاقتصاد الوطني قدرت ب 2,1 ملياري دولار عام 2008. واوضح ان العراقيل التي وضعت بوجه تنفيذ ما تبقى من مكونات مشروع الرئيس الشهيد الذي وضعه عام 1995 لقطاع الكهرباء، تحديداً عندما كان خارج الحكم بين الاعوام 1998 و2000، ادت الى كارثة حلت بهذا القطاع وأدت الى تقنين حاد في التيار الكهربائي استمر حتى يومنا هذا.
ومن بين هذه المكونات، بسحب الخبير: إضافة أكثر من 700 ميغاواط من الانتاج بحلول عام 2001، إشراك القطاع الخاص في انتاج وتوزيع الطاقة بحلول عام 2001، انشاء المركز الوطني للتحكم بشبكة الكهرباء، انشاء المحطة البحرية للغاز المسيل ،(Liquefied Natural Gas) وغيرها الكثير من المتطلبات التي يمكن أن تضفي على قطاع الكهرباء، العصرنة مع كل جديد وقابلية التطوير كلما جد جديد على صعيد الكهرباء.
معلوم ان قطاع الكهرباء في لبنان قبل تولي الرئيس الشهيد رفيق الحريري، أول حكومة له عام 1992 كان يعاني انهياراً شبه كامل، من جراء أعوام الحرب المشؤومة، حيث بلغت الخسائر الفنية على شبكات النقل والتوزيع، وغير الفنية بفعل التعديات على الشبكة وسرقة التيار الكهربائي في جميع المناطق دون استثناء، نحو 60% من تكاليف انتاج الطاقة، فيما لا تزيد هذه الخسارات في البلدان المتقدمة عن 12% في أسوأ الأحوال.
ونظراً للحاجة الملحة للطاقة الكهربائية، لم يتأخر الرئيس الشهيد كثيراً في إنقاذ هذا القطاع، وذلك من خلال وضع خطة متكاملة لتأهيل جميع مكوناته من انتاج ونقل وتوزيع، خصوصاً وأن تأهيل القطاع لا يتطلب تنفيذه وقتاً طويلاً، مقارنة مع الوقت اللازم لبناء معامل انتاج ومحطات تحويل وغيرها من مكونات تجهيز قطاع الكهرباء، الذي وضعه لاحقاً عام 1995.
ولفت الخبير الى أنه تم تنفيذ أشغال إعادة تأهيل معامل الإنتاج الكهربائية الحرارية والمائية، وتأهيل شبكات نقل الطاقة وشبكات التوزيع، بتكلفة إجمالية بلغت 376 مليون دولاراً. وقال ان خطة التأهيل هذه كانت ضمن مشروع متكامل لدعم القطاع وايجاد مؤسسة كهرباء تستطيع انتاج الكهرباء بشكل مستمر، لتغطي جميع الاراضي اللبنانية ولتعزيز الاقتصاد الوطني بأكمله.
وقد بلغت قدرات معامل الانتاج المجهزة اسمياً، عندما بدأ الرئيس الشهيد مشروعه لتأهيل قطاع الكهرباء عام 1993 1459,3 ميغاواط.
واوضح الخبير أن مرحلة التأهيل شهدت زيادة قدرات الانتاج الى نحو 1100 ميغاواط اي زيادة 50 في المئة عما كان قبل مرحلة التأهيل، حيث أن واقع الاستثمار خلال سنوات الحرب، لم يسمح بتأمين الحد الأدنى من ضرورات الصيانة الدورية والآنية، كما أن استمرار تعرض الشبكة لحالات القطع، ترك آثاره في آلات الكهرباء نفسها، فقد عمل بعض الآلات أكثر من 40 ألف ساعة، دون أية صيانة دورية.
وقد أُعيد تأهيل وحدتي إنتاج في معمل إنتاج الطاقة المائية والكهربائية في مركبا، تبلغ قدرة إنتاج كل واحدة منهما 17 ميغاواط، وبلغت تكاليف إعادة تأهيلهما 5.3 ملايين دولار.
وفي أوائل العام 1996 وبعد اعادة تأهيل قطاع الكهرباء، استطاعت مؤسسة كهرياء لبنان أن تؤمن التغذية بالتيار الكهربائي على مدار الساعه، في بيروت تحديداً، حيث أقنعت الدولة أصحاب المولدات الخاصة، بالتوقف عن استعمال هذه المولدات بعد تحسين أوضاع الكهرباء.
وتنفيذاً لخطة الرئيس الشهيد في تطوير المرافق والمؤسسات العامة وتفعيل آلية عملها وقدراتها الإنتاجية والتشغيلية، وتحديداً في اطار خطة اصلاح قطاع الكهرباء، والتي كان من المفترض تنفيذها عام 1998، بدأت حكومة الرئيس فؤاد السنيورة في العام 2007 وبالتعاون مع وزارة الطاقة والمياه، وزارة المال، مؤسسة كهرباء لبنان، المجلس الأعلى للخصخصة، ومجلس الإنماء والاعمار الى تنفيذ هذه الخطة ضمن قانون تنظيم قطاع الكهرباء رقم 462 لجهة إعادة هيكلة قطاع الكهرباء وتشركة مؤسسة كهرباء لبنان وإمكانية تخصيص بعض أجزائها، في المستقبل، مما يربط خطط تطوير هذا القطاع، على المديين المتوسط والبعيد، بالسياسة العامة التي ستنتهجها الحكومة وبالأجزاء التي ستبقى ضمن حدود مسؤولياتها، بعد عملية الخصخصة المرتقبة. لكن ذلك لم يمنع من العمل على الاستمرار بتطوير وضعية الإدارة والمنشآت وصيانتها.
وبدأ تنفيذ المراحل الأولى من هذه الخطة عبر اجراء مناقصة دولية بتمويل من كل من البنك الدولي، بواسطة المؤسسة الدولية للتنمية والوكالة الفرنسية للتنمية (AFD) لاختيار استشاريين متخصصين من ذوي الخبرات العالية في مجال خصخصة قطاع الكهرباء، لتقديم مساعدة تقنية لكل من وزارة الطاقة والمياه، مؤسسة كهرباء لبنان والمجلس الأعلى للخصخصة.
مرحلة الرئيس سعد الحريري.. كهربائياً
من المثير للضحك ألا يتنبّه الجنرال وصهره، أنّ ورقة سياسة قطاع الكهرباء، التي يتبجحان بها ما هي إلا نتاج حكومة الرئيس سعد الحريري، التي أقرتها في حزيران (يونيو) 2010، ورغم ذلك لم يظهر لأن أداء الكهرباء خلال العامين المنصرمين كان الأسوأ، بدليل ارتفاع أرقام عدد مولدات الكهرباء الخاصة التي قارب عددها نحو457 ألف مولد، لتنتهي مهزلة القطاع بفائض هدر مالي، تعززه الوقائع اليومية والسجلات القائمة التي تعتري ملف البواخر وملف التقنين الشامل، حيث أنّ الطرقات لم تخلُ يوماً من التظاهرات المنددة بسياسات باسيل، وتفقم الوضع الانتاجي للكهرباء، بدليل أن كل كلام باسيل لم يضف ميغاوات واحدا للكهرباء بل شهدنا تراجعاً انحدارياً، لن تنفعه معه باخرتان لإقالة القطاع من عثراته.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.