نقل وزير الاتصالات نقولا صحناوي، مآثر الاصلاح والتغيير الى وزارته، كما هي العادة التي درج عليها وزراء التيار العوني في كل الوزارات التي يشغلونها، وكأنّما باتت الوزارات سبيلاً أو طريقاً ممهدة للانتخابات النيابية المقبلة.
فبالامس، قرر صحناوي ان يعلن انشاء مؤسسة التنمية البلدية مهمتها تمويل مشاريع تنموية مقدمة من قبل بلدية أو مجموعة بلديات، يكون تمويلها بنسبة 50 % من الأموال المتراكمة والمستحقة سنوياً من عائدات مكالمات الهاتف الخلوي. وهو امر لا يدخل ضمن صلاحيات وزير الاتصالات بل وزارة الداخلية والبلديات المنوط بها هذه المهمة. كما تتعارض مع تصريحات ادلى بها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي اول من امس عندما التقى وزير الداخلية والبلديات مروان شربل حين اشار الى انه قام بتشكيل لجنة من الوزارة ومن رؤساء بعض البلديات لبحث المواضيع المتعلقة بالصندوق البلدي المستقل، واننا سنسعى الى اجراء التوزيعات السنوية في اوقاتها المحددة، وسنسعى لتوزيع الاموال العائدة للبلديات من الهاتف الخلوي في أسرع وقت ممكن ووفق الاصول المحددة في المرسوم 1917.
فكيف يمكن لوزير أن يخرق القانون، ويتجاهل وزارتي المالية والداخلية والبلديات. فوفق القانون، يجب على وزارة الاتصالات ان ترسل عائدات الهاتف الخلوي الى وزارة المالية، فيما تقوم وزارة الداخلية، وبعد تلقيها كتابا من وزارة المالية، بتحضير لائحة لتوزيع المبالغ.
معلوم أنّ صحناوي الذي فتح بالأمس على حسابه عبر هذا المشروع، لم يستطع في الأصل أن يمسك بالشق المهم في وزارته، مع تراجع الاتصالات الخلوية والثابتة في عهده وبشكل جليّ، بالإضافة الى الشبهات التي تحوم حول الصفقات والتلزيمات التي تبرمها المديرية العامة للانشاء والتجهيز، خصوصاً وأنّ أعلى هيئة رقابية (هيئة التفتيش الهندسي) قد حددت هذه المخالفات، يضاف اليها ملحمة من المخالفات الادارية والقانونية في التلزيمات التي دحضها ديوان المحاسبة.
وفي تعليقها على اعلان صحناوي، قالت وزيرة المال السابقة ريّا الحسن، في تصريح لـالمستقبل إنّ ما أعلنه وزير الاتصالات يشكل خرقاً فاضحاً للقانون وللصلاحيات التي على الوزير أن يمتثل لها. أضافت ليس لوزير الاتصالات أن يحدد كيف تذهب الأموال، إنما عليه أن يرسل هذه العائدات الى وزارة المالية، وهنا تنتهي مهمته. وأشارت الحسن الى أنّ وزير الداخلية يأخذ هذه الأموال وفقاً لما ينص عليه المرسوم 1917، ويوزعها على البلديات حسب الأصول القانونية.
وكان من المفترض على وزير الداخلية مروان شربل أن يحضّر مشروع قانون لمعرفة على أي أساس توزع هذه العائدات المالية، خصوصاً وأن لا نطاق جغرافيا محددا لاستعمال الخلوي في المناطق.
وأعربت الحسن عن أسفها، لعدم سماع رأي وزير الداخلية على هذا الأمر الذي يدخل من ضمن اختصاصه، لأن ليس لوزير الاتصالات صلاحية التوزيع على البلديات.
وأبدت خشيتها من اجراء صحناوي سيما وان البلاد لا تبعد مسافة أكثر من أشهر عن الانتخابات، واختراع هذا الصندوق باتت معالمه واضحة لجهة استخدام هذه الأموال في الحملات الانتخابية والسياسية للتيار العوني. وقالت إن الأمر بات واضحاً منذ احتجاز أموال البلديات في عهد الوزير شربل نحاس واستكمالاً مع صحناوي الذي طالعنا بمشروع القانون هذا، فهناك نحو 1200 مليار دولار للصندوق البلدي المستقل، وإذا زدنا عليها الأموال المحوّلة كل شهر لمصلحة هذا الصندوق فهي لن تقل عن 1,5 مليار دولار حتى نهاية العام الجاري. وأكدت أنه لا يمكن القبول بمثل هذا المشروع الذي يضع كل هذه الأموال بيد التيار الوطني الحر، فيوزعها على البلديات التي يشاء، لافتة الى أن المشروع ستتم مواجهته من الأطراف السياسية الموجودة في البلد وفي مجلس النواب.
الهرطقة القانونية...وتبرير صحناوي لها
وكان صحناوي اعلن بالامس انه سيرسل مشروع قانون إلى مجلس الوزراء لتوضيح النصوص القانونية، واعتماد جدول توزيع الصندوق البلدي المستقل لدفع الأموال المتراكمة ولتوزيع المبالغ المحصلة من تاريخ صدور القانون وصاعداً. كما اعلن إنشاء مؤسسة التنمية البلدية، مهمتها تمويل مشاريع تنموية مقدمة من قبل بلدية أو مجموعة بلديات على ان تكون نسبة التوزيع من الأموال المتراكمة والأموال المستحقة سنويا على الشكل الآتي:
-50% من الأموال المتراكمة مباشرة إلى البلديات.
أ- بدفعات 120 مليون دولار فصلياً.
ب- و70 مليون دولار سنويا تقريبا من الأموال المحصلة سنوياً.
-50% من الأموال المتراكمة والمستحقة سنويا من خلال مؤسسة التنمية البلدية.
وقال صحناوي ان نص القانون الحالي ما زال غامضا في كيفية توزيع الاموال لذلك وضعنا مشروع القانون هذا لتوضيح ما هو غامض او ملتبس، بغية ان تحصل البلديات على حقوقها من عائدات الخليوي.
نصوص قانونية
لابد من الاشارة الى النصوص القانونية التي ترعى توزيع عائدات الهاتف الخلوي. فقد نصت المادة (96) من قانون الرسوم البلدية رقم 60/88 تاريخ 12 آب 1988 على ما يلي: يفرض على المشتركين بالهاتف لحساب البلدية التي يقع في نطاقها الاشتراك علاوة معدلها 10% عشرة بالمائة من قيمة أجور المخابرات وبدلات الاشتراك. وتفرض العلاوة نفسها على المشتركين خارج النطاق البلدي لحساب جميع البلديات.
تستوفي إدارة الهاتف العلاة المذكورة وتؤدي حاصلها مرة كل ثلاثة أشهر إلى البلدية، التي تقع ضمن نطاقها الاشتراكات أو إلى الصندوق البلدي المستقل للاشتراكات الواقعة خارج النطاق البلدي.
-كما نصت الفقرة الثانية من المادة 55 من قانون الضريبة على القيمة المضافة رقم 379/2001 تاريخ 14/12/2001 على ما حرفيته:
تلغى ايضاً اعتباراً من تاريخ نفاذ هذا القانون، الرسوم البلدية المفروضة بموجب المواد 96، 97 و98 من القانون رقم 60/88 تاريخ 12/8/1988 على استهلاك الماء والكهرباء والاتصالات السلكية واللاسلكية، وتستبدل هذه الرسوم بالضريبة على القيمة المضافة التي تحصل لصالح البلدية التي تقع ضمن نطاقها الاشتراكات.
تتولى الادارة المختصة فرض الضريبة على المشتركين وتستوفيها منهم على أن تؤدي حاصلها بعد حسم الضريبة المدفوعة على مشترياتها مرة كل ثلاثة أشهر الى كل بلدية معنية، بنسبة حصتها من الاشتراكات، أو الى الصندوق البلدي المستقل في ما يعود للاشتراكات الواقعة خارج النطاق البلدي.
أما بالنسبة للاشخاص الذين يقدمون خدمات الاتصالات والمياه والكهرباء بموجب عقود موقعة مع الدولة، فان عليهم ان يحصلوا الضريبة عن هذه الخدمات ويؤدوا الى الادارة المختصة الفرق بين الضريبة المحصلة والضريبة المدفوعة على مشترياتهم.
تحدد دقائق تطبيق هذه المادة بموجب مرسوم يتخذ بناء على اقتراح وزير المالية.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.