8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

الحكومة تحارب نفسها .. وحزب الله يدافع عن وزير التعتيم

بدت حكومة الرئيس نجيب ميقاتي على أبواب عامها الثاني كمن ينتظر رصاصة الرحمة، في ظل ما أصابها ويصيبها من هزات صدّعت بنيانها، بدءاً من الخلاف على تجديد بروتوكول التعاون معها، مروراً بمهزلة تصحيح الأجور، وصولاً إلى أزمة الكهرباء وفضيحة ليلة المازوت الأحمر، وليس انتهاءً بالموازنة المؤجلة إلى أجل غير مسمى، أو بالتعيينات الموضوعة في ثلاجة الإنتظار إلى حين إنضاج التوافق السياسي بشأنها.
في ملف الكهرباء المتفاقم، أظهرت المواقف المتباينة لوزراء حكومة ميقاتي، عمق الانقسام بين أركانها، ووصلت إلى حد إتهام وزير الطاقة والمياه جبران باسيل وزعيمه النائب ميشال عون بالكذب، خصوصاً وان عون اتهم الحكومة بعرقلة مشاريع الصهر، الأمر الذي نفاه وزير البيئة ناظم الخوري، وقال لا أرى عوائق داخل الحكومة ورئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، هو أكثر من يسهل تنفيذ الخطة.
وبإزاء التعثر الذي يتخبط به باسيل والوزراء العونيون ومعهم النائب عون الذي هدد بالنزول الى الشارع من دون أن يعرف أحد ضد من، انبرى وزير السياحة فادي عبود للدفاع، عن زميله في تكتل الاصلاح والتغيير. وقال ان تحميل وزارة الطاقة المسؤولية غير عادل وغير منطقي، متهماً مجلس الوزراء بـتعطيل المشاريع.
حزب الله من جهته، تناسى الواقع الشعبي في مناطق نفوذه وكيف تسقى الكهرباء بـالقطارة، فأصدر بياناً حمّل فيه الحكومات المتعاقبة مسؤولية ما يحصل على صعيد أزمة الكهرباء، وهو ما يدعو، بحسب أوساط معنية لـالمستقبل، الى السخرية حيث تناسى الحزب أن طاقم وزراء الطاقة منذ تسلم الحكومات المتعاقبة دفة الحكم، لم يكن يضم إلا مكونات التحالف الأكثري الجديد الذي يقوده الآن حزب الله!.
استجرار البواخر
ورغم اتهامه من قبل النائب نبيل نقولا بأنه زعيم طائفي ولا يريد من تكتل الاصلاح والتغيير وزيراً ناجحاً، أراد الرئيس ميقاتي السير بين النقاط، لوقف التدهور الحكومي المتشظي مع كل ملف، من خلال إعادة طرح موضوع استجرار الكهرباء بواسطة البواخر، الأمر الذي اعتبره خبراء غير منسجم مع مواقف ميقاتي المالية، بل ويخالفها ولا سيما مع وعوده بوقف العجز عند حدود ال7% من الناتج المحلي.
وبحسب أوساط مطلعة تحدثت لـالمستقبل، فإنه من غير المجدي على الاطلاق الإستئجار أو الإستجرار بتكلفة تفوق أضعافاً عدة الشطور الدنيا لمبيع الكيلوات ساعة، والتي لم تتغير في لبنان منذ أواسط التسعينات. فالانتاج في لبنان لا زال يحتسب سعر البرميل على أساس يقل عن 20 دولاراً لبرميل النفط، وهو ما يتسبب بخسارة فادحة لمؤسسة الكهرباء وخزينة الدولة، بحيث لن يقل العجز في موازنة المؤسسة خلال العام الجاري عن ملياري دولار، مما يشل أي نية لدى المستثمرين في هذا القطاع، ويزيد التخوف من عجز المؤسسة عن دفع فارق التكلفة.
وفيما وضعت الأوساط عينها موقف ميقاتي في خانة الهروب بالأزمة الى الأمام وليس حلها، سخرت وزيرة المال السابقة ريّا الحسن، في اتصال مع المستقبل، من إعادة طرح موضوع استجرار الطاقة بواسطة البواخر، وقالت إن هذا الموضوع طرح خلال حكومة الرئيس سعد الحريري، وتبيّن أنه غير عملي بسبب التكلفة العالية له، رغم أنّ الوضع المالي في تلك الفترة كان أفضل من اليوم بكثير، إن لجهة النمو الاقتصادي الذي تراجع مع بداية الحكومة الحالية، أو لجهة الارتفاع المتصاعد لسعر النفط مع التوترات التي تشهدها المنطقة.
وأضافت: كيف يمكن استجرار بواخر وبتكلفة لا تقل عن 300 مليون دولار، مع التزام رئيس الحكومة بعجز لا يزيد عن 7% من الناتج المحلي للعام الجاري، هل المطلوب أن تكون هذه العملية غير شفافة. مشيرةً الى أن المسألة لا تتعلق بالكهرباء فقط بل بكل الملفات التي تديرها وزارة الطاقة، والتي تطلع ريحتها يوماً بعد يوم، من المازوت الى المياه وصولاً الى الكهرباء، وهناك اليوم شكوك في أداء وزير الطاقة ومستشاريه. واستهجنت تهديدات النائب عون، وقالت يبدو أنها آخر معركة لهم، ولم يعد لهم من مبرر إزاء هذا الفشل سوى الهروب الى الأمام والنزول الى الشارع.
وصفقة المازوت
أما في فضيحة باسيل الثانية، أي المازوت الأحمر، فقد طرأ تطور جديد مع مباشرة ديوان المحاسبة برئاسة رئيسه القاضي عوني رمضان وفي حضور المدعي العام القاضي بسام وهبي، أمس، استجواب عدد من المديرين العامين في منشآت النفط في كل من الزهراني وطرابلس، خصوصاً بعد فقدان ما قيمته 15 مليون دولار، وإخفاء المادة المذكورة ومن ثم إغراق السوق بها، خصوصاً في الشمال.
واستجواب القاضي رمضان لعدد من المدراء العامين المعنيين في الملف المذكور، جاء بعد تلقيه إخباراً من النائب محمد الحجار.
وقال وزير الاقتصاد والتجارة نقولا نحاس سننتظر التحقيق في موضوع المازوت الأحمر، وسنكون جديين الى النهاية لمعرفة ما حصل، واكد أنه إذا كان من صلاحياتي المحاسبة، فسأقوم بمحاسبة من قام بهذا الأمر.
سجال النأي بالنفس
ولا تقف تناقضات الحكومة عند هذا الحد، بل تبرز أيضاً في الخلاف على ما تسميه سياسة النأي بالنفس، إذ استمر السجال بين جبهة النضال الوطني التي يرأسها النائب وليد جنبلاط ووزير الخارجية والمغتربين عدنان منصور على خلفية إنتقاد جنبلاط لمواقف منصور من المبادرة العربية الجديدة بشأن الأزمة السورية، والتي أتت بعكس سياسة الحكومة.
جديد السجال موقف لافت لوزير الشؤون الإجتماعية وائل أبو فاعور في وجه زميله الوزير منصور، إذ لفت إلى أن موقف لبنان الذي تمّ التوافق عليه في الحكومة اللبنانية، والذي تمّ التعبير عنه في أكثر من مناسبة، هو النأي بلبنان عن الأحداث السورية أمنياً وسياسياً، مشدداً على أن موقف الوزير منصور في أيّ منتدى وفي أي إجتماع أو مؤتمر يجب أن يلتزم بهذا الاتفاق، وإنّ أي آراء أو إجتهادات أخرى لا تعبّر عن رأي الحكومة، بل تندرج ضمن سياق الموقف الشخصي (..) لكنها لا تُلزِم لبنان ولا حكومته، مع تأكيد موقف لبنان الثابت في استنكار استباحة الدماء يومياً في سوريا.
مجلس الوزراء
ومساءً عقد مجلس الوزراء جلسة شهدت نقاشاً حاداً بين وزير العمل شربل نحاس ووزير الداخلية مروان شربل عندما دخل الوزراء في مناقشة بند تطويع الدرك، حيث فاجأ نحاس الوزراء بطرح طلب إقالة المدير العام لقوى الأمن الداخلي أشرف ريفي من منصبه، وتوجه إلى شربل بالسؤال لماذا لم تتم معاقبته على خلفية الشبكة الثالثة من الخليوي والطابق الثاني في وزارة الاتصالات؟.
وبعد أخذ ورد، احتدّ النقاش، ووصل إلى حدّ أن همّ شربل بمغادرة القاعة ولكن الرئيس ميقاتي والوزراء تدخلوا وأعادوه الى متابعة الجلسة.
يشار إلى ان مجلس الوزراء وافق على رفع عدد المنوي تطويعهم من 4 آلاف الى 6 آلاف دركي اعتباراً من تموز.
زيارة بلمار
وفيما برزت أمس لقاءات المدعي العام في المحكمة الخاصة بلبنان دانيال بلمار مع المسؤولين اللبنانيين، علمت المستقبل من مصادر ديبلوماسية مطلعة أن هذه الزيارة الوداعية هي مناسبة لوضع المسؤولين في صورة التطور الذي لمسه من خلال التحقيقات وصدور القرارات الاتهامية، في قضية إغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري. وفي المقابل، فإن ما يهم بلمار هو الإستماع إلى الموقف اللبناني بشأن التطور في عمل المحكمة، لا سيما في ما يخص تسليم المتهمين الأربعة، في ظل توقع بدء المحاكمة الغيابية خلال سنة 2012، إذا تم الإنتظار لفترة ليست بمحدودة ولم يتم تسليمهم.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00