28 حزيران 2020 | 08:03

أخبار لبنان

‏"النهار": "حزب الله" يورّط القضاء بقرار يتّسم بالخفّة!‏

كتبت "النهار": الحكم الذي أصدره قاضي الأمور المستعجلة في صور يشكّل اول محاولة خطيرة ‏من جهة "حزب الله" لتوريط القضاء في صراع خارجي مع اميركا من جهة ومحاولة خطيرة ‏جدا ايضا لتكميم الاعلام والصحافة، وهو ايضا رسالة تهديد ضمنية للخارجية لحملها على ‏مواجهة السفارة الاميركية ، الامر انكشف من خلال تأييد تجمع المحامين في الحزب قرار ‏القاضي محمد مازح، وتصريح للنائب ابرهيم الموسوي بضرورة اتخاذ تدابير بحق السفيرة ‏الاميركية دوروتي شيا التي تتدخل في الشؤون الداخلية للبنان وتهدد فريقا لبنانيا (حزب الله) . ‏لكن الجانب الإيجابي من هذه القضية تمثل في الرفض الفوري للحكومة عبر وزارة الاعلام ‏لخطوة القاضي كما الرفض السياسي والإعلامي الواسع لأي مس بحرية الإعلام تحت اي شعار. ‏يشار الى أن الحكم يخالف الاتفاقات والبروتوكولات الدولية الناظمة للعلاقات الديبلوماسية ‏وتجاوزا لعمل الخارجية اللبنانية التي سيتحرك وزيرها ناصيف حتي الاثنين للقيام بما يلزم وفق ‏القانون‎.‎

واذا كان القاضي مازح حاول ان يزيل الصبغة السياسية عن قراره المعجل في يوم عطلة، فان ‏مقدمتي اخبار قناتي "المنار" (حزب الله) و"او تي في" (التيار الوطني الحر)، اكدتا بما لا يقبل ‏الشك ان القرار سياسي بامتياز. وقد ادى القرار القضائي الى انقسام سياسي حاد في البلاد بعد ‏ايام عاى كلام وزير الخارجية السوري وليد المعلم عن لبنان دون التجرؤ على الرد عليه من ‏الذين يطالبون بملاحقة السفيرة الاميركية. واذا كانت واشنطن قادرة على الدفاع عن سفيرتها في ‏لبنان عبر ديبلوماسيتها الخارجية، فان السفيرة شيا لم تصمت بل ردت رافضة التعرض لحرية ‏التعبير وللحريات العامة. والاكثر خطورة في القرار هو تعرضه لحرية الاعلام في لبنان في ‏تجاوز فاضح لصلاحية قاضي الامور المستعجلة وللقضاء عموما‎.‎

وقد علقت السفيرة معتبرة في حديث لـ"النهار" أن مواقفها أو مواقف وزير الخارجية الأميركية ‏ربما تكون قد أزعجت بعض الأطراف، داعية الى "نقاش حضاري وحرّ والى الامتناع عن ‏التهديدات‎".‎

ورداً على سؤال "النهار" حول إمكانية وجود خلفية سياسية وراء القرار سيّما مع امتعاض بعض ‏الأطراف في الداخل، أجابت شيا "أحيلكم إلى الأطراف التي تقدّمت بالشكوى أو إلى القاضي الذي ‏أصدر القرار لسؤالهم ما إذا كانت هناك دوافع سياسية. في رأيي، إنه أمر مؤسف ويوجّه رسالة ‏مخيفة عن حرية التعبير. لكن لحسن الحظ، علمت من الحكومة اللبنانية أنه يُتوقّع القيام بخطوة ما ‏في هذا الصدد، وأعتقد أنه ستتم العودة عن القرار‎".‎

ورأت أن "الأهم هو أن تركّز السلطات على الأزمة التي يعاني منها الاقتصاد اللبناني حالياً، ‏والأهم أيضاً هو أن يتمكن الشعب اللبناني من ممارسة حرية التعبير‎".‎

واعتبرت أنه "ربما أزعجت بعض المواقف التي صدرت عني أو عن وزير الخارجية الأميركي ‏أو مساعده، بعض الأشخاص، لكنني أدعو إلى نقاش حضاري وإلى الامتناع عن إطلاق ‏التهديدات والتحذيرات‎".‎

واثار القرار استنكارا في صفوف الديبلوماسية اللبنانية التي شدد عدد من اعضائها على ضرورة ‏التزام لبنان باتفاقية فيينا الديبلوماسية التي تمثل قاعدة التعامل مع ديبلوماسيي البلدان المعتمدة. ‏كما عبرّ عدد من رجال القانون عن بالغ استيائهم من القرار كونه يناقض احكام القانون الدولي ‏واصول المحاكمات‎.‎

وزيرة الإعلام عبد الصمد التي كانت اول المستنكرين قالت انه لا يحقّ للقاضي قانوناً أن يصدر ‏قراراً يمنع الإعلام من نقل تصريحات وهذا الأمر مكرّس في قانون المرئي والمسموع وحرية ‏الإعلام مصانة في القوانين وأي خرق مفترض بوزارة الإعلام هي التي تتحرك وتتخذ ‏القرارات. واعتبرت ان قرار القاضي مازح بحق الإعلام استباقي وهو غير مقبول‎.‎

وصرح الرئيس نجيب ميقاتي بالاتي: مستغرب جدا قرار قاضي الأمور المستعجلة في صور ‏بمنع السفيرة الأميركية من التصاريح الإعلامية ومنع وسائل الإعلام من استصراحها ويشكل ‏تجاوزا للدستور وتعديا على دور وزارة الخارجية وانتهاكا للمعاهدات الدولية واساءة للبنان ‏وللحرية الاعلامية والاخطر انه يقدم نموذجا واضحا لوضع القضاء‎.‎

وصرح المستشار الديبلوماسي للرئيس سعد الحريري باسم الشاب: "مثير للعجب والريبة ما صدر ‏عن قاضي الأمور المستعجلة في قضاء صور بشأن منع السفيرة الأميركية دوروثي شيا من ‏التصريح ومنع وسائل الإعلام من مقابلتها ونشر تصريحاتها. إنها مخالفة للدستور وخروج عن ‏الأعراف وسابقة خطيرة على لبنان وعلاقاته الدولية. هذه الخفة لا تشبه بلدنا المعروف بقضائه ‏الرصين وحرياته الإعلامية‎!".‎

وغرد الوزير السابق كميل أبو سليمان، عبر حسابه على "تويتر": "كان لبنان بغنى عن هذه ‏السقطة القضائية المتمثلة بقرار قاضي الأمور المستعجلة في صور. اتفاقية فيينا للعلاقات ‏الديبلوماسية تنص على أن الديبلوماسيين يتمتعون بحصانة جزائية ومدنية وإدارية إلا في حالات ‏محددة لا تنطبق هنا. إن كان القاضي لا يعلم بمضمون الاتفاقية مصيبة وإن كان يعلم فالمصيبة ‏أكبر‎".‎

واكد نقيب الصحافة عوني الكعكي "أن النقابة ترفض رفضاً قاطعاً اي قرار يقمع الحريات"، ‏لافتاً إلى "أن لبنان بلد الحريات، ويتميز عن كل العالم العربي ويتباهى بالحرية التي يملكها والتي ‏دفعنا ثمنها غالياً"، موضحاً "ان شهداء كبار ذهبوا في سبيل هذه الكلمة، ولسنا مستعدين، من ‏اجل قاض خطر على باله ان يمنع هذه الحرية، والتي ليست في الاصل من اختصاصه، للتنازل ‏عن حرية التعبير وهي بمثابة الاوكسيجين الذي نتنفسه وبدونه لا حياة للصحافة‎".‎

وشدد الكعكي على "ان هذا القرار هو اولاً من اختصاص محكمة المطبوعات، وثانيا إذا كان ‏هناك من شكوى فيجب أن تذهب الى وزارة الخارجية، ووزير الخارجية، يتصرّف، في حال ‏وجد أن هناك من ضرورة للتدخل ويعالج المواضيع" وختم: "لا دخل للقضاء في امور لا تعنيه، ‏نرفض اي تدخل من اي قضاء كان غير محكمة المطبوعات، اما ان يأتي قاض ويقرر فلا هو ‏ولا غيره يحق له ذلك ولا نقبل، هذا امر خطير‎".‎

وكان قاضي الأمور المستعجلة في صور محمد مازح اصدر القرار بـ "منع أي وسيلة إعلامية ‏لبنانية أو أجنبية تعمل على الأراضي اللبنانية، سواء كانت مرئية أم مسموعة أم مكتوبة أم ‏ألكترونية، من إجراء أي مقابلة مع السفيرة الأميركية (دوروثي شيا) أو إجراء أي حديث معها ‏لمدة سنة، تحت طائلة وقف الوسيلة الإعلامية المعنية، عن العمل لمدة مماثلة، في حال عدم ‏التقيد بهذا الأمر، وتحت طائلة إلزام الوسيلة الإعلامية المعنية بدفع مبلغ مائتي ألف دولار ‏أميركي كغرامة إكراهية في عدم الالتزام بمندرجات هذا الأمر‎.‎


النهار

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

28 حزيران 2020 08:03