أعرب رئيس الجمهورية ميشال سليمان عن تفاؤله بشأن المرحلة المقبلة في لبنان، خصوصاً بعد تأليف حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، مؤكداً أن ميقاتي اختير لتجنب أي اضطراب في ظل الأوضاع التي تشهدها المنطقة، وهو أمر مهم جداً لنا في لبنان. وأشار الى أنه عندما سقطت الحكومة السابقة (حكومة الرئيس سعد الحريري) لم تكن هناك اضطرابات، وهذه المنطقة تتحرك الآن من أجل الاتجاه نحو الديموقراطية، وبقاء الرؤساء فيها منوط بالديموقراطية وتطبيق مبدأ تداول السلطة، وهذا تغيير مهم، معتبراً أنه بفضل الديموقراطية التي نعيشها، يبقى لبنان أكثر أمناً من البلدان التي تشهد هذه التحركات.
ورد على مسألة الميثاقية في توقيع مرسوم تشكيل الحكومة، بالقول: أنا دستوري، وعندما قلت بأنني لن أوقع على مرسوم تشكيل حكومة غير ميثاقية كنت أعني ما اقول، إذ كنت أدعو الى قيام حكومة مشتركة لكل القوى السياسية الموجودة. المعارضة الحالية ربما ارتأت أن موقعها في المعارضة أكثر ربحية، لذلك قلت لا أوقع. وعندما جاء فريق 14 آذار وعرضنا عليه برنامجاً للمشاركة، فوجئنا بأن قراره كان بعدم المشاركة، وهذا حقه في أن يعارض للتحضير للانتخابات. وتم التوقيع على المرسوم بعد رفض المشاركة. ولفت الى أننا سنشرك المغتربين في الانتخابات، وهذا ما ورد في البيان الوزاري. وفي ما يتعلق بمسألة تقوية الجيش وتسليحه، أوردنا فقرة مقتضبة في البيان الوزاري، نظراً الى الظروف.
وقال سليمان خلال استقباله في قصر بعبدا امس وفد جمعية الاعلاميين الاقتصاديين برئاسة بهيج ابي غانم،
على مدى ثلاثة أرباع الساعة: ان للاعلاميين الاقتصاديين تأثيرا كبيرا في الوضع الاقتصادي، على ان يكون الاعلام الاقتصادي اعلاما يستطيع المساعدة من جهة والمحاسبة من جهة ثانية، ولكن ليس على قاعدة المحاسبة الفضائحية التي تهدف الى التشهير بقدر ما تكون لمصلحة المواطن والاقتصاد في حد ذاته.
ورأى أن الاعلام اليوم في متناول الجميع وهو متشعب ومتاح، إلا انه مفيد وخطير في آن، فاليوم تصل المعلومات بسرعة كبيرة، منها المعلومة المصادر والمجهولة، والخطورة في تلك المجهولة، موضحاً اننا نعيش اليوم مجريات خطيرة في بعض الدول العربية، والموضوع متعلق بإرساء الديموقراطية وتداول السلطة.
وشدد على وجوب أن تكون السياسية منفصلة عن الاقتصاد، بمعنى أن تكون السياسة في خدمة الاقتصاد، وهذا الأمر يحتاج الى إدراك من جميع الناس، وهو ليس ملكاً لأحد من المؤسسات ولا الحكومة ولا الأفراد، بل هو ملكٌ للناس. مثلاً موضوع النفط في لبنان سيكون ملكاً للأحفاد ويجب أن يتعاون الجميع في سبيل تحقيق الأهداف الاقتصادية، معتبراً أنه علينا ان نخرج في أقرب فرصة ممكنة بالإجراءات القانونية التي تحفظ حقوقنا وثرواتنا، كي نورث اولادنا واحفادنا ثروة تحفزهم على البقاء في الوطن بدل توريثهم الديون الباهظة التي تدفع بهم الى الهجرة.
أضاف: نحن في القصر الجمهوري نقرأ يومياً كل المقالات الاقتصادية، وما يلفت نظرنا نأخذ منه فقرات، وخصوصاً في ما يتعلق بموضوع التقصير في الوزارات، ونوزعه على الوزراء المعنيين، ونقيّمه تنويهاً أو تقصيراً. لذلك نحن نعطي عناية لكل المعلومات.
ورأى أن للإعلاميين الاقتصاديين تأثيراً كبيراً في الوضع الاقتصادي نظراً الى انتشار الاعلام وسرعته، وبامكانه المحاسبة لمصلحة المواطن، وقد يتلازم الأمر مع وجود فضيحة حول موضوع اقتصادي معين، ويجب ألا يكون الهدف هو التشهير، وعلى الاعلاميين أن يكونوا أمينين من أجل مصلحة الناس والدولة في آن.
وأكد أن لبنان استطاع أن يبرهن خلال الأزمة المالية العالمية أن لديه اقتصاداً مرناً بفعل المواطن اللبناني وطريقة تربيته في هذا الاطار والاستثمار في الخارج، يشكل عاملاً للنمو المستدام، مشيراً الى أن الشركات الكبرى تجول بموظفيها على القارات لاكتساب الخبرات من خلال فهم ثقافة الشعوب وطريقة أدائها الاقتصادي ومعرفة تطلعات الناس، لكن المواطن اللبناني يولد وعنده هذه الميزة والقدرة على معرفة طبائع الناس، وهذا يعود الى الانتشار اللبناني الكبير في المغتربات. لذلك فإن الاقتصاد اللبناني ينجح على المستوى الافرادي، وما ينقصه هو العمل الجماعي المشترك، الذي بامكانه أن يزيد من وتيرة تطوره.
وقال: الآن انتهت نظرية القائد الملهم والنابغة، وأعتقد أن آخرهم كان البابا يوحنا بولس الثاني، والرئيس الكوبي الأسبق فيدال كاسترو. تغير الوضع الآن، وأصبحت القيمة للعمل الجماعي أي العمل كفريق واحد، وهذا من شأنه إعطاء أي عمل قيمة مضافة. فمقولة بأن القائد هو القوي والجميع ضعفاء انتهت، الآن هناك فريق عمل قوي والقائد يكون من ضمنه قوياً من خلال المعلومات التي يمده بها هذا الفريق، وهذا أيضاً ينطبق على الحكومات.
أضاف: نحن الآن نتكلم عن تنظيم وخصوصاً في ظل الواقع الذي نعيشه. يجب تنظيم عمل الفريق ولا سيما في الموضوع الاقتصادي، إذ يجب أن نتفق في الموضوعات الاقتصادية بعيداً من السياسة والاحتكام اليها، وأحب أن أعيد التأكيد أن اقتصادنا مرن ولذلك نجا من الأزمة المالية العالمية.
وأشار الى أن أمورنا الآن في تحسن مع تشكيل الحكومة وبعد المرحلة التي قطعناها، وما يحصل من أوضاع على صعيد المنطقة، نحن بمنأى عنه. الآن لدينا رئيس حكومة وسطي وقد اختير لتجنب أي اضطراب، وهو أمر مهم جداً لنا في لبنان، لافتاً الى أنه عندما سقطت الحكومة السابقة لم تكن هناك اضطرابات، وهذه المنطقة تتحرك الآن من أجل الاتجاه نحو الديموقراطية، وبقاء الرؤساء فيها منوط بالديموقراطية وتطبيق مبدأ تداول السلطة، وهذا تغيير مهم، وأنا لا أقصد بلداً بعينه، ونحن بفضل الديموقراطية التي نعيشها، يبقى لبنان أفضل أمناً من البلدان التي تشهد هذه التحركات، إلأ أن هذا لا يكفي بل يجب أن نرتقي بهذه الديموقراطية، من خلال الممارسة ورسم معالم جديدة لها من خلال الحوار الذي دعوت إليه قبل يومين بين الأديان والثقافات، ومشاركة المغتربين في الانتخابات.
وأعلن أن الحوار هو المطلوب ويجب تفعيل الممارسة الديموقراطية، ولذلك يجب أن نحافظ على مبدأ الميثاقة في الدولة، وهو ممكن بالغاء النظام الطائفي الانتخابي وليس الطوائف، وهذا يكون بقانون انتخابي قائم على النسبية، وهذا الأمر قد لا يعجب أمراء الطوائف. والغنى موجود في الطوائف وثقافة الأديان، وهو غنى للبنان، وعلينا المحافظة على الطوائف.
وتطرق الى المشهد الاقتصادي في لبنان اليوم، فأشار الى التعيينات الجزئية التي وقعها مجلس الوزراء، معتبراً أن ذلك من شأنه المساهمة في العافية الاقتصادية. ونوه باعادة تعيين رياض سلامة حاكماً لمصرف لبنان المركزي، مؤكداً أن تعيينه ليس لأنه لا يوجد من هو أكفأ منه، بل لأنه أثبت قدرته على القيادة النقدية خلال الأزمات، وعلاقاته مع القطاع المصرفي والتي أثبتت أنها تعمل كفريق ناجح ينبغي تشجيعه.
وعزا الأوضاع الاقتصادية المتراجعة ومن ضمنها السياحة، الى الأوضاع التي تمر بها المنطقة، فسوريا أصبحت حلقة مقطوعة في مجال التواصل بين لبنان والبلدان العربية التي يأتي من خلالها السياح الى بلدنا، مذكراً بأن الوضع الاقتصادي هو من ضمن وضع اقتصادي عام في المنطقة. وأمل في انفراج الأوضاع بعد شهر رمضان المبارك ولا سيما على الصعيد السياحي، معتبراً أن ذلك يعتمد على مصادر التنويع السياحية. ووصف الوضع الأمني في لبنان بأنه مستقر، مشدداً على ذلك. وتمنى استقرار الأوضاع السياسية لأن الاستقرار السياسي مهم.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.