بات من شبه المعلوم أن حكومة اللون الواحد، ستكون نسبة استحواذها على المواضيع السياسية أكثر من المواضيع الاقتصادية بكثير، ومع اشتداد وطأة الفقر بسبب التضخم وارتفاع الأسعار وتراجع القدرة الشرائية، بات واضحاً أن الحكومة الميقاتية عصا سحرية لانقاذ البلاد من الاقتصاد المتعثر، خصوصاً وأنها بدأت منذ لحظة تشكيلها بالكيد فيما المواطن يئن من مجموعة ملفات ضاغطة، لا يبدأ أولها بلقمته المعيشية ولا ينتهي آخرها عند موضوع الكهرباء الملح الآن، نظراً لدخول لبنان الى فصل الذروة، فيما وزير الطاقة والمياه القديم-الجديد جبران باسيل قد أعرب عن تشاؤمه حيال الوضع الكارثي للكهرباء، فعلى من يقرأ باسيل مرثياته؟ للمواطن الذي يدفع فاتورتين للكهرباء (رسمية ولمافيا المولدات)، أم للدولة التي أقرت خطته في حزيران (يونيو) 2009؟، الوزير يشكو قطاعه ويرثيه، فهل هذه مزايدة أم ضربة معلم استباقية.
ماذا في وضع الكهرباء اليوم؟
1,8 مليار دولار، ستنفقها الخزينة اللبنانية على الكهرباء، ومثلها سينفق اللبنانيون على مولدات الكهرباء الخاصة، هذه كله في العام 2011، على أن جبران باسيل وزير الطاقة والمياه، كان قد بشّر خلال الحكومة التي انقلب عليها، مآل القطاع المتدثر بنقص الانتاج بفعل ضعف قدرة المعامل، وكذلك شح الامدادات على صعيد الكهرباء السورية (180 ميغاوات)، ونقص الغاز الطبيعي الآتي من مصر، في حين أن الانجازات الورقية للوزير القديم-الجديد، منذ حكومة الرئيس سعد الحريري وصولاً الى الحكومة الميقاتية لم تضف اي ميغاوات الى 1450 الموجودة والتي يجب رفعها الى نحو 2500 ميغاوات في فصل الذروة، وعليه فإن تقريش كلام باسيل حول الكهرباء سيكون من جيوب اللبنانيين، الذين سيتعاملون مع فاتورتين، للحؤول دون العيش في الظلمة فاعتبروا يا أولي الأبصار.
يتفق اللبنانيون أن خطط باسيل لإقالة القطاع من حالة الترهل، زبدٌ بخلاف تحرير الانتاج فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض، إذ أن باسيل أتى على توصيف وتشخيص مشكلة الكهرباء مثله مثل الوزراء الذين سبقوه، وفي حين أقرت حكومة الرئيس سعد الحريري الخطة لانقاذ الكهرباء وفقاً لقانون برنامج محدد ب4 سنوات، إلا أن باسيل وللأسف أدخل الكهرباء في خضم الصراع السياسي، فدشن مرحلة من شد الكباش بينه وبين وزيرة المال السابقة ريّا الحسن، لم تقف عند الكهرباء وإنما تعدتها الى كل المواضيع المتشابكة بين الوزارتين.
تقول مصادر مطلعة، إن أوضاع الكهرباء في لبنان مستقرة سلباً، بمعنى أن عجز الكهرباء لا يقل اليوم عن 1000 ميغاوات، لافتةً وبشيء من السخرية الى أن عدم مجيء السياح سبب من أسباب الاستقرار السلبي ربّ ضارة نافعة، لأن أي زيادة في أعداد السياح ستفاقم الوضع كهربائياً، ليصبح العجز نحو 1500 ميغاوات.
الى الآن لا حلول تؤكد هذه المصادر، وتقول لا معامل تنتج بكامل طاقتها...وأي اتجاه لبناء معامل جديدة سيأخذ مدى زمني يراوح بين 3 الى 5 سنوات، وهذا الأمر ليس مستجداً الوزير يعرفه وكذلك الوزراء الذين تعاقبوا قبله، نفس الخطط تتكرر لكن بتواقيع وزارية مختلفة، والكهرباء الى الوراء در. كان الوزير باسيل قد وعد باستجرار الكهرباء من بواخر تركية خلال الصيف الماضي لسد النقص، إلا أن ذلك بقي حبراً على ورق.
وتشير هذه المصادر الى أنه لا امكانية خلال هذا الصيف لاستجرار المزيد من الكهرباء من سوريا، التي تعطي لبنان نحو 150 ميغاوات بموجب اتفاق بين البلدين، بسبب ألأوضاع التي تمر بها سوريا أمنياً، وهناك 150 ميغاوات مماثلة من مصر، لا يمكن زيادتها بسبب الجزيرة في منطقة المنصورية، حيث لم تكتمل شبكة ال220 ميغاوات، الأمر الذي يحول دون زيادة الطاقة التي تستجر عبر محطة كسارة، لأن عدم اكمال الشبكة في المنصورية يقف حائلاً دون اكمال دورة الكهرباء على كامل الشبكة اللبنانية.
تستدرك هذه المصادر الى أن أزمة أخرى تطرق أبواب الكهرباء، وهي تناقص الكادر البشري في مؤسسة كهرباء لبنان، الذي يصل الى نحو 2000 شخص من أصل 5200 شخص يعملون في المؤسسة، وتقول أنه من الآن وحتى السنوات الأربع المقبلة لن يكون من يدير المؤسسة، حيث تصل القوة البشرية العاملة في هذه المؤسسة الى المستوى صفر.
حل...قديم
تؤكد هذه المصادر الى أن حل أزمة الكهرباء يتطلب رفع التعرفة، إذ أن المواطن اللبناني يدفع اليوم فاتورتين، أو ما يعادل 100 دولار شهرياً، 40% منها للدولة أما 60% فهي لأصحاب مولدات الكهرباء الخاصة، فما الذي يمنع الدولة من أن يكون كامل المبلغ لخزينتها شرط أن يأخذ المواطن الكهرباء 24 على 24 ساعة؟.
وتضيف أن هذا الأمر يعرفه باسيل وهو ليس بجديد، إلا أنه لم يحرك ساكناً إزاء هذا الأمر، لافتة الى أن تعرفة الكهرباء للمشتركين موضوعة على أساس سعر البرميل 20 دولاراً فيما يصل اليوم الى 100 دولار، وهذا هو السبب الدائم للعجز على مستوى موازنات مؤسسة الكهرباء، عبر سحب السلف لسد العجز.
وسخرت هذه المصادر من ارتفاع نسب الجباية للطاقة المفوترة التي تبلغ أكثر من 90%، فيما تبلغ نسبة الهدر الفني وغير الفني بين 35 و40% من الطاقة المنتجة، وتسأل عما فعله باسيل منذ مجيئه الى الوزارة.
وتلخص هذه المصادر وضع الكهرباء الآن بأنه الى الوراء ولم يتقدم أي خطوة منذ اعتلاء باسيل سدة وزارة الطاقة، وتقول كل كلام باسيل لم يضف ميغاوات واحدا الى الطاقة التي تنتجها المعامل.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.