يسأل كثيرٌ من الناس، ما إذا كان بامكان الحكومة الميقاتية، أن تقيل الاقتصاد الوطني من عثراته، في ظل المؤشرات السلبية لكامل القطاعات الانتاجية والخدماتية، خصوصاً وأن الأكثرية الجديدة التي أتت بهذه الحكومة، هي نفسها التي أوقعت البلاد في شرّ الفراغ السياسي، الذي لامسه المواطن اللبناني عن قرب من خلال تراجع قدرته الشرائية إزاء التضخم وارتفاع معدلات أسعار السلع الاستهلاكية والغذائية، فيما كانت مؤسسات كثيرة تعيش حالةً من الجمود أو كانت على شفا حفرة من الافلاس والاقفال، ويمكن الاستدلال على ذلك من خلال واقع القطاع السياحي، الذي تراجع فيه نمو مؤسساته الى مستويات خطيرة.
وإذ ترافق تشكيل الحكومة الجديدة مع ضعف مناعة للثقة الممنوحة لها داخلياً وخارجياً، مع مناخ سياسي قاتم يلف المنطقة، فإن هذه الحكومة لن تخرقَ الأرض ولن تبلغ الجبال طولاً، أقله على المستوى السياحي، الذي يلعب فيه معيار الثقة دوراً كبيراً لجهة الاحجام أو الاقبال الى هذا البلد، مع الأجواء المسمومة التي أنتجتها حرب باب التبانة-بعل محسن خلال الأسبوع الماضي، ومع ارتفاع حدة الخطاب الكيدي لأركان في الحكومة، تناسوا ما يعانيه الشعب اللبناني منذ 12 كانون الثاني (يناير) الى اليوم على المستوى الاقتصادي والاجتماعي.
ويمكن الاستدلال على تراجع المؤشر السياحي من خلال تراجع مداخيل القطاع مالياً بنسبة 40% خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الجاري، نتيجة لضعف الاقبال السياحي الى لبنان، حيث تراجع عدد الوافدين خلال هذه الأشهر 18،63% بالمقارنة مع الأشهر المماثلة من العام 2010، و4،66% بالمقارنة مع الأشهر المماثلة من 2009. على أن الانفاق السياحي في لبنان لا يزال محصوراً بنسبة 85% في العاصمة، وهو ما يتطلب قراءة متأنية من وزارة السياحة، لوضع خطة عاجلة لانماء سياحي متوازن في كافة المناطق اللبنانية دون استثناء، والسؤال هل بامكان الشمال الذي أخذ حصة وازنة من تشكيلة الحكومة الجديدة، أن تكون حصته وازنة أيضاً من الانفاق السياحي ومن مجيء السياح الى مناطق الاصطياف والسياحة التي تذروها الرياح، ولا تلوي على السياحة بشيء.
وهو حال سائر مناطق الأطراف التي لا تحظى بأكثر من 1% من الانفاق السياحي، وهذا المؤشر له دلالته، التي يجدر التوقف عندها، لتستعيد كافة المناطق لياقتها السياحية.
أيار يتراجع 29%
وبالأرقام فقد بلغ عدد الوافدين في أيار (مايو) الماضي نحو 120,764 زائراً، متراجعاً بنسبة 29,05% عن أيار 2010 حين بلغ عدد السياح 170,232 زائرا، كما سجل تراجع في عدد الوافدين من الدول العربية بنسبة 38،30% فبلغ 37,662 زائراً في أيار 2011 مقارنة مع أيار 2010 حيث بلغ عدد الوافدين 61,044 ألف زائر.
وبلغ عدد الوافدين للأشهر الخمسة الأولى من العام الجاري 569,298 زائرا، في حين بلغ خلال الأشهر المماثلة من 2010 نحو 732,855 زائرا، وفي الأشهر الخمسة الأولى من 2009 نحو 569,724 زائرا.
وقال رئيس نقابات أصحاب الفنادق ورئيس الاتحادات السياحية بيار الأشقر، إن الوضع السياحي بدأ يتحسن مع تشكيل الحكومة، وأشار الى أن نسبة الاشغال الفندقي ارتفعت الى 77% بعدما كان الفراغ الحكومي قد وضع هذه المؤشرات أرضاً.
إلا أن الأشقر الذي يفضل التحدث عن وضع القطاع الى ما بعد البيان الوزاري ونيل الحكومة الميقاتية الثقة، قال إن الوضع السياحي في لبنان لا يمكن الاشارة اليه بمعزل عن الأحداث السياسية التي تعصف بالمنطقة لأننا لا نعيش في جزيرة وحدنا، وبالتالي فإن لبنان تأثر بانخفاض عدد السياح الآتين من الأردن، الذين يبلغ تعدادهم في مثل هذا الموسم نحو 28 ألف زائر شهرياً وفي الأشهر العادية نحو 18 ألف زائر، إلا أنهم انخفضوا كثيراً، بسبب الأحداث التي تعصف في سوريا وبسبب الاجراءات التي تتخذها السلطات السورية عند الحدود ولا سيما في درعا، حيث هناك إجراءات مشددة لجهة الأعمار وغير ذلك، وهو ما يعوق الانسياب السياحي من الأردن نحو لبنان براً. وقال الأشقر إن هذا مدار بحث مع وزيري السياحة والنقل، فادي عبود وغازي العريضي، لإمكان استخدام الطيران العارض Charter flights لنقل السياح الأردنيين الى لبنان وبأسعار غير مكلفة.
وتظهر أرقام وزارة السياحة اللبنانية تراجع عدد السياح الأردنيين الى نحو 8,000 سائح خلال أيار (مايو) الماضي.
وحول التوقعات بشأن الاستثمارات السياحية خلال الفترة المتبقية من العام الجاري، ربط الأشقر ذلك بالثقة التي تستطيع أن تحصل عليها الحكومة في الداخل ومن المجتمع الدولي، وقال إن الأمر لا يتعلق فقط بالحكومة وإنما أيضاً هو بايجاد مناخ محفز للاستثمارات وهذا منوط بعمليتي الاستقرار السياسي والأمني والداخلي في البلد.
الانفاق السياحي
يتوقع تقرير ماستر كارد ان تحتل بيروت المركز التاسع في المنطقة لجهة عدد السياح خلال العام 2011، والذي من المتوقع ان يصل الى 1,7 مليون سائح أجنبي. كما يتوقع أن تأتي بيروت في المركز الثاني في ما خص إنفاق السياح المرتقب بلوغه 6,5 مليارات دولار للعام الجاري.
وتظهر أرقام الانفاق السياحي في أيار (مايو) 2011، الصادر عن غلوبل بلو (غلوبل ريفند سابقا)، نمواً في هذا الانفاق نسبته 3% مقارنة مع الشهر نفسه من العام 2010، إلا انه يلاحظ تراجع كبير في نمو المشتريات من سنة الى الآن وخصوصاً العائدة للدول الخليجية، ويلاحظ أيضاً تمركز الانفاق السياحي في بيروت إذ لا تزال تستحوذ على 85% من انفاق السياح.
وتظهر الأرقام الآتي:
تطلعات حسب دولة السكن
1-توزع الانفاق حسب دولة السكن: الامارات 12%، الكويت 9%، مصر 6%، سوريا 8%، السعودية 20%، دول اخرى 45%.
2- نمو الانفاق من سنة الى الآن: سوريا -1%، مصر -27%، السعودية -10%، الاردن -16%، قطر -5%، الكويت -5%، الامارات 9%، فرنسا 4%، دول أخرى 3%.
والاحصاءات الآتية تعبر عن مشتريات السياح بعد خصم الضريبة المضافة، وتعطي صورة واضحة عن الميول الشرائية لهم، حيث تراجعت نسبة الشراء -3%.
3- نمو عدد معاملات الشراء (الريفند ) من سنة الى الآن: سوريا 3%، نيجيريا 32%، مصر -28%، السعودية -16%، الامارات 4%، الكويت -25%، الاردن -13%، فرنسا 11%، قطر -11%، الولايات المتحدة 29%، دول اخرى -3%.
4-نمو معدل الانفاق من سنة الى الآن: قطر 7%، سوريا -4%، الولايات المتحدة 7%، فرنسا -6%، السعودية 7%، الامارات 5%، مصر 2%، الاردن -3%، نيجيريا 1%، الكويت 26%، دول اخرى 6%.
تطلعات حسب الفئات :
1- توزيع الانفاق حسب الفئات: الموضة والثياب 70%، الساعات 10%، مستلزمات البيوت والحدائق 4%، العطور والتجميل 5%، الهدايا 3%، الالكترونيات 2%.
2- نمو الانفاق من سنة الى الآن: الالكترونيات -1%، الهدايا -5%، الموضة والثياب 6%، الساعات -9%، العطور والتجميل 11%، مستلزمات الحدائق والبيوت -8%، التجهيزات المنزلية -3%، الهدايا 23-%.
تطلعات حسب المناطق:
1- توزع الانفاق من سنة الى الآن بحسب المناطق: بيروت 85%، بعبدا 1%، المتن 11%، كسروان 2%، مناطق التسوق.
2- نمو الانفاق من سنة الى الآن: المتن -9%، كسروان -21%، بيروت 6%، بعبدا -33%، مناطق التسوق 3%.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.