8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

المنطقة أكبر مستورد وفجوة الحبوب 85 مليون طن

ليس سراً أن حركة الاحتجاجات الشعبية التي تشهدها البلاد العربية، خرجت من بابين، الأول يرمي الى تغيير الأنظمة، أما الباب الثاني فذو ارتباط وثيق الصلة بمسألة فشل نتائج التحديث الاقتصادي، والتي لم تؤدِ الى تنمية بشرية وعدالة اجتماعية وشراكة سياسية.
ويرى مدير قسم الشرق الأدنى وشمال أفريقيا، في الصندوق الدولي للتنمية الزراعية ايفاد نديم خوري، الذي يزور لبنان الآن، أن جزءاً من التظاهرات وحركة الاحتجاجات التي تشهدها البلدان العربية، مرده الى مسألة الأمن الغذائي المتفاقم في هذه الدول، خصوصاً أنه لا يوجد بلد عربي واحد لديه الاكتفاء الذاتي من مسألة الغذاء. ويشير الى أن المنطقة العربية هي أكبر أقاليم المستوردة في العالم، إذ يبلغ النقص لديها من الحبوب نحو 58،2 مليون طن متري.
ويشير تقرير لايفاد الى أنه يتعين على البلدان العربية، أن تتخذ اجراءات على وجه السرعة من أجل تحسين ألأمن الغذائي، حيث تشير التوقعات الخاصة بالتوازن الغذائي في الاقليم الى زيادة الاعتماد على الوادات بنحو 64% خلال السنوات العشرين المقبلة.
ويقترح التقرير 3 استراتيجيات مهمة يمكنها أن تكون مجتمعة بمثابة ركائز تساعد على مواجهة الزيادة المفاجئة في الأسعار في المستقبل:
1-دعم شبكات السلامة وألأمان وتمكين الأفراد من الحصول بصورة أفضل على خدمات تنظيم الأسرة وتعزيز التعليم.
2-دعم الموارد الغذائية التي توفرها الزراعة المحلية من خلال مواجهة النمو المتباطئ في الانتاجية عن طريق زيادة الاستثمار في مجالي البحوث والتنمية.
3-الحد من التعرض لتقلبات السوق من خلال تحسين فاعلية سلسلة الموارد الغذائية والاستخدام الفعال للأدوات المالية من أجل التحوط للمخاطر.
وإذ يربط خوري ما بين التنمية عموماً والزراعة تحديداً بإشاعة الديمقراطية، يشير الى أنّ الناس لا تريد حرية وديمقراطية، دون أمن غذائي، ويوضح أن البلدان العربية اهملت القطاع الزراعي والتنمية الريفية في الفترة السابقة، إلا أنه بعد الثورات في بعض هذه البلدان أعيد تظهير الموضوع كواحد من الأولويات، فتونس بعد الانقلاب على الرئيس زين العابدين بن علي، أنشأت وزارة تنمية زراعية جهوية، لتنمية الريف ومساعدته اقتصادياً، وهذا يعطي مثلاً لما تختزنه الثورات العربية من دفع الموضوع الزراعي الى الأمام والحد من نسبة البطالة.
ويؤكد خوري أن دور ايفاد هدفه تقديم قروض ميسرة ومنح بنسبة أقل، لتنمية مناطق الريف ومساعدة الفلاحين للاستثمار في أرضهم، وايصال صوت الفلاح والمواطن الريفي الى آذان المسؤولين، لتكوين رأي يكون جزءاً من عملية الانماء في الدول العربية، وقال إنه بعد الثورات التي تشهدها بعض من هذه الدول أصبح صوت الفلاح مسموعاً أكثر من ذي قبل، بل أصبحت هناك أفكار مشتركة هدفها خلق شراكة ما بين المواطن والدولة للاستثمار.
وإذ لا ينفي الصلة بين التنمية والسياسة، يلفت خوري الى أن ايفاد لا تتدخل في السياسة بقدر ما تهدف الى تقديم خدمات وحلول للمشكلات الزراعية في البلدان العربية، للحد من الفقر ومساعدة هؤلاء في اتخاذ القرار، وكذلك المساعدة في وضع استراتيجيات مبتكرة تشجع القطاع الخاص على الاستثمار في البحوث الزراعية، والاستثمار في سبل العيش في المناطق الريفية لتعزيز الأمن الغذائي وتحسين رفاهية المزارع.
ولفت الى أن التشابك السياسي والأمني القائم الآن في الدول العربية، لا يشكل معوقاً كبيراً تجاه المساعدات التي تقدمها ايفاد، وقال نحن جزء من الحل في أي بلد ولا سيما بالنسبة للقطاع الزراعي، لايجاد أمن غذائي في هذه الدول وبايجاد نوع من المساواة بين المناطق داخل الدولة، وأشار الى أن مؤتمر اسكوا سيتطرق الى ربط التظاهرات الحاصلة في المدن العربية وارتباطها بالريف، فنسبة البطالة بين الخريجين الجامعيين هي أعلى من النسبة عند الذين لا يحملون شهادات عالية (تونس مثلاً)، وعليه فإن المساعدات التي تقدمها ايفاد لا تقتصر على مسألة القروض والمنح المادية، وإنما أيضاً على ايجاد أسواق محلية للانتاج في البلدان العربية، وكذلك حث الدول على تكبير موازاناتها المخصصة للزراعة والأرياف.
وقال إن هدف الزيارة الى لبنان، للاطلاع على المشروع الممول من ايفاد والبالغة تكلفته 16 مليون دولار، منها مليونا دولار منحة من ايفاد واسبانيا و4،5 ملايين كقرض ميسر من ايفاد، وهو مخصص لانشاء برك مائية في المناطق النائية، للمساعدة في ري الأراضي واطفاء الحرائق، وأكد أن ايفاد تهتم بأصحاب الحيازات الزراعية الصغيرة، وبالجمعيات الزراعية، إلا أن ذلك يتم عبر الأطر الرسمية، أي من خلال الوزارة المعنية وهي وزارة الزراعة في لبنان، إلا أن ايفاد تشرف على المشاريع التي تمولها لضمان الشفافية من خلال إرسال مراقبين، وإن لم يكن لديها مكتب تمثيلي في لبنان. وقال إنه بعد اقامة المشروع تجري إدارة المؤسسة تقويماً للمشروع المنفذ والذي يمتد على فترة زمنية 6 سنوات كما أن الصندوق يجري تقويماً كلياً لكافة المشاريع في دولة معينة، ليرى مدى الافادة المحققة، وقد لجأت المؤسسة الى تغيير الكثير من النظم والقواعد في إحدى البلدان بعدما تبين أن الجدوى المرتجاة كانت أقل من المبتغى.
وأكد أن ايفاد قدمت دراسة الى وزارة الزراعة اللبنانية، لاعادة العمل ببنك التسليف الزراعي. وتشكل الزراعة في لبنان نحو 6،5% من حجم الناتج المحلي. وأكد خوري أن حجم القروض التي تقدمها هذه المؤسسة الدولية يبلغ نحو مليار دولار سنوياً بفوائد مخفضة على أمد طويل، وهناك نحو 3،5 مليارات دولار للفترة الممتدة من 2010 و2012، تستحوذ منها الدول العربية على ما نسبته 14% من بين الدول المستفيدة (36 دولة) من قروض ومنح ايفاد أي ما معدله 100 مليون دولار سنوياً. ويستفيد من هذه المساعدات نحو 36،6 مليون شخص، خصوصاً المزارعين في الأرياف. وقال إن جزءاً من المساعدات يكون على شكل منح بحسب الدولة ووضعها الاقتصادي (كالسودان مثلاً).

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00