8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

المؤتمر العربي الـ7 لمنظمة التجارة الدولية في بيروت: حركة الاحتجاجات العربية سببها فشل نتائج التحديث الاقتصادي

خيّمت الأجواء السياسية وحركة الاحتجاجات الشعبية التي تشهدها البلدان العربية، على أجواء المؤتمر العربي ال7 لمنظمة التجارة الدولية (WTO) منظمة التجارة العالمية- الفرص والتحديات: اهتمامات الدول العربية في بيت الأمم المتحدة في بيروت.
ففيما يهدف المؤتمر الى عرض مواقف الدول العربية من القضايا الرئيسية المعروضة في مفاوضات برنامج عمل الدوحة، وتبادل وجهات النظر حولها، وتعزيز فرص تعزيز قدرات الدول العربية في النظام التجاري الدولي، لم تسلم هذه الدول من نقد الخبراء وخصوصاً في ما يتعلق بمسألة التحديث الاقتصادي فيها، والتي لم تؤدِ الى تنمية بشرية وعدالة اجتماعية وشراكة سياسية. وقالت وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة والأمينة التنفيذية لإسكوا ريما خلف إن المنطقة العربية تقف عند منعطف حقيقي، بعد أن شهدت حركات شعبية مميزة عبّرت عن رفضها لنتائج التحديث الاقتصادي، التي لم تؤد الى تنمية بشرية وعدالة اجتماعية وشراكة سياسية، فيما أكد راعي المؤتمر وزير الاقتصاد والتجارة في حكومة تصريف الأعمال محمد الصفدي أن المسائل الاقتصادية والتجارية فرضت نفسها كمحرك أساسي للتغييرات الحاصلة، فدفعت الدول بموضوع الاصلاحات الى الواجهة تماشياً مع تطلعات الشعوب نحو المزيد من الحريات السياسية، وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
على أن الصفدي تحدث أيضاً عن المعوقات التي تواجه مسألة انضمام لبنان الى WTO ومنها السياسية والأمنية والأهم أن لبنان ينتظر من مجلس النواب إقرار مجموعة من القوانين الأساسية التي أرسلت إليه، وهي ضرورية لاستكمال عملية الانضمام.
على أنه في الجانب التقني لمسألة انضمام لبنان فإن مدير قسم التحليل الاقتصادي في اسكوا سيمون نعيمة يرى أنه على لبنان أن يتخذ إجراءات بحيث يتماشى نظام التجارة الخارجية مع منظمة التجارة.
فقد رعى الوزير الصفدي أمس، افتتاح مؤتمر منظمة التجارة العالمية- الفرص والتحديات: اهتمامات الدول العربية، الذي نظمته المنظمة العربية للتنمية الإدارية في جامعة الدول العربية بالتعاون مع وزارة الاقتصاد والتجارة في لبنان والإسكوا.
وشهد الافتتاح كلمات لكل من الصفدي، ووكيلة الأمين العام للأمم المتحدة والأمينة التنفيذية للإسكوا ريما خلف ألقاها بالنيابة عنها القائم بأعمال الإسكوا يوسف نصير، ومستشار المنظمة العربية للتنمية الإدارية بسمان الفيصل، ومدير عام منظمة التجارة الدولية باسكال لامي ألقاها بالنيابة عنه رئيس قسم التجارة في الخدمات عبد الحميد ممدوح.
وفي كلمته أشار الصفدي، الى التئام المؤتمر في ظل ظروف سياسية تمر بها الدول العربية. وأعرب عن أسفه لكون التجارة البينية العربية لا تزال دون طموحاتنا، ولعدم التقدم بموضوع تحرير تجارة الخدمات بين الدول العربية. وقال إن انخراط لبنان في عملية الانضمام الى WTO شكل حافزاً لنا لإجراء مراجعة شاملة للسياسات التجارية المعتمدة، لزيادة القدرة التنافسية للاقتصاد الوطني. وأشار الى أنه منذ 1999 بدأت تدرجاً عملية تعديل الانظمة والقوانين بما يتلاءم مع اتفاقات المنظمة بالإضافة الى التقدم الكبير في المفاوضات الثنائية، وأوضح أن لبنان ينتظر من مجلس النواب إقرار مجموعة من القوانين الأساسية التي أرسلت إليه، وهي ضرورية لاستكمال عملية الانضمام.
وعرض الصفدي مسألة إلغاء المعوقات وتحسين المناخ الاستثماري وربط النمو بالتنمية، وقال وضعنا البنية التشريعية وحددنا المواقع الجغرافية لانشاء المناطق الاقتصادية، وأولها المنطقة الاقتصادية في طرابلس-شمال لبنان، كما انطلقت في مجلس الوزراء عملية التحضير لانشاء سكة حديد عصرية تربط شمال لبنان بجنوبه على امتداد الساحل..، كما ساهمنا بانشاء حاضنات الأعمال وهي موزعة على جميع المناطق.
وإذ ربط تأخر لبنان بالدخول الى منظمة التجارة بالظروف السياسية والأمنية، لفت الصفدي الى الأعمال التي تقوم بها وزارة الاقتصاد على هذا الصعيد. ورأى أن استقرار دول المنطقة يتوقف الى حد بعيد على نجاح تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية بشكل شامل، معرباً عن تفاؤله بمستقبل التعاون الاقليمي، في أعقاب الاتفاق الموقع بين الأردن وسوريا ولبنان وتركيا، بحيث يجري التحضير الآن لاقامة سوق مشتركة تشكل همزة وصل بين العمق العربي ودول غرب المتوسط.
ومن جهته، أعرب نصير عن اعتقاده، أنه من خلال انضمام الدول العربية الى منظمة التجارة العالمية، ترتقي البلدان العربية بأنظمتها التجارية الى منظومة تعنى بالقواعد التجارية بين الدول على المستوى العالمي، بما في ذلك إجراء الاتفاقات وابرام الاتفاقات وفض النزاعات وتحرير التجارة وإزالة العوائق، لافتاً الى انضمام 10 بلدان عربية الى منظمة التجارة الدولية، هي: البحرين، مصر، الأردن، الكويت، المغرب، عُمان، قطر، السعودية، الامارات وتونس. فيما هناك 7 بلدان في مراحل مختلفة من مفاوضات الانضمام، هي: لبنان، الجزائر، العراق، ليبيا، السودان، سوريا واليمن. وأوضح أن نسبة التجارة البينية الى التجارة العربية البينية الاجمالية لم تسجل زيادة ملحوظة خلال الأعوام الـ5 الماضية حيث راوحت بين 10 و10,7%، علماً أن التبادل التجاري البيني يشكل حاجة لنمو التجارة على المستوى الاقليمي، لافتاً الى أن لقاء اسكوا هدفه مناقشة قضايا تسهيل وتبسيط الاجراءات وإزالة العوائق الجمركية وغير الجمركية، لتعزيز التجارة البينية بين الدول العربية. وأشار الى التقدم السريع لقطاع الخدمات في الدول العربية، بيد أن التحدي يكمن في كيفية قياسه، خصوصاً وأنه قطاع غير ملموس. وقال بات واضحاً أن السياسات الاقتصادية التقليدية والسعي الى الاندماج السريع في العولمة الاقتصادية لم تؤمن هذه الحاجات والمتطلبات. وشدد على حاجة الدول العربية لضرورة النظر بالاستراتيجيات الاقتصادية والتجارية المطبقة، وإعادة توجيه دور التجارة الخارجية والبينية لتؤسس لعملية تنموية تستجيب لمتطلبات الشعوب العربية وحقوقها، لتسهم في بناء مجتمعات أكثر عدالة. وهذا ما يمكنها من لعب دور مفصلي لإعادة تصويب سياسات العولمية الاقتصادية وتحرير التجارة، وتأسيس تسهم في إعادة هيكلة النظام العالمي ليصبح أكثر توازناً وعدالة. ودعا الدول غير المنضوية الى الآن في الـWTO الى تحديد أهدافها الاقتصادية، والافادة من خبرات الدول الأعضاء فيها، لتتمكن مجتمعة من التفاوض بشكل يمكنها تحقيق أكثر مما تحققه على مستوى فردي. وأمل الفيصل في أن يسهم المؤتمر، بوضع آلية للتشاور والتنسيق بين المجموعة العربية في مفاوضات التجارة العالمية، تعزيز دور الاتفاقات الثنائية والاقليمية العربية لمواكبة المواضيع المستجدة في النظام التجاري الدولي، توفير تطبيق منهجي لقواعد التجارة العالمية، في ظل مفهوم الالتزامات المتوازنة والحفاظ على الحقوق المشروعة للدول العربية وتمكينها من مواجهة تداعيات الأزمة المالية العالمية بأقل الأضرار.
وشدد على ضرورة انهاء مفاوضات جولة الدوحة قريباً، وهو ما يتطلب اتخاذ تدابير لمواجهة الصعوبات، ويعني ذلك تحقيق تقدم ملموس لحسم أي نزاع بين الاقتصادات الكبرى وتلك الصاعدة، وخصوصاً في الملفات الزراعية والخدمية وولوج الأسواق والسعي الى الغاء الرسوم الجمركية على عدد كبير من المنتجات، والحد من الدعم الحكومي للمزارعين، ومعالجة مشكلة الحمائية التجارية التي لجأ اليها الكثير من الدول إبان الأزمة العالمية. أما ممدوح فأشار إلى أهمية انعقاد هذا المؤتمر بالنسبة للمنطقة بوجه عام وللدوحة بوجه خاص، مضيفاً أنه مع ازدياد توسّع موضوعات التجارة الدولية، تعمل المنظمة على زيادة الاهتمام بالدول العربية وتوفير الدعم المتواصل للأعضاء. وأكّد أن دور المنظمة يتسّم بتعددية جوانبه من وضع الاتفاقيات وحل النزاعات وتقديم الدعم الفني اللازم للأعضاء. وفي الجلسة الأولى تحدث ممدوح، عن المعوقات التي أدت الى تعثر مفاوضات الدوحة، وتناول بالتفصيل المسار الذي اتخذته المفاوضات خلال السنوات العشر الماضية، معيداً التعريف بمنظمة التجارة العالمية والأجندة التي تحملها لتعميق موضوع التجارة الدولية، والتي اتسعت مع البدء بمفاوضات الدوحة. وقال إن إعلان الدوحة 2001 كان طموحاً وغير واقعي بحسب بعض الخبراء. ولفت الى أن العراقيل التي تواجه المفاوضات تتعلق بمسألة تحرير بعض السلع غير الغذائية للنفاذ الى الأسواق وكذلك بعض المواضيع التي تعود للدول النامية. وقال إن الدول الحديثة التي تنوي الانضمام الى WTO تتعرض لضغوط أكثر من الدول الأعضاء وهو واقع غير عادي ولا سيما في عالم لا تسوده العدالة، ولفت الى أن الدولة الحديثة مطلوب منها إرضاء الدولة العضو، بالإضافة الى الالتزامات الملقاة على عاتقها. وأكدت أن قوة النظام في WTO أقوى منه في موضوع فتح الأسواق، لافتاً الى أن المشكلة تكمن أيضاً في كثرة الدول المتفاوضة في الدوحة والبالغ تعدادها 153 دولة، وهو ما يخلق مجموعة من الأفكار والآراء المتعددة، وهو ما يصعّب الوصول الى اتفاقات بالإضافة الى الأزمة الاقتصادية العالمية التي خلفت مجموعة من العوامل الاقتصادية في بعض البلدان، ومنها زيادة نسبة البطالة، فلم تعد هذه الدول ترغب في تحرير الخدمات، بالإضافة الى غياب الارادة السياسية لتحقيق تقدم في المفاوضات. وقال إننا نحتاج الى نظرة واقعية للأمور والى أمان فكري.أما الخبير سيمون نعمة فتطرق الى تقويم اتجاهات السياسة التجارية وتأثيرها في الأداء الاقتصادي في اسكوا، لافتاً الى أن التبادل التجاري خلال العقدين الأخيرين بين دول اسكوا لا يزال ضعيفاً ولا يتجاوز 11%، وهذا معدل ضئيل مقارنة بمناطق أخرى من العالم، وهي لا تزال في المؤخرة لجهة التكامل الاقتصادي أما نسبة التجارة الى الناتج المحلي والاجمالي في هذه الدول فمرتفعة وتبلغ 76%، وتواجه التجارة تحديات كثيرة، خصوصاً في الدول غير النفطية، تتمثل بارتفاع الى 15% أو أكثر. وأشار الى التحديات المزمنة على صعيد دول اسكوا بالنسبة لمسألة النمو الاقتصادي وهيكلية الناتج المحلي، ومنها: نظام غير مجد في قطاع الخدمات العامة، بنى تحتية ضعيفة، انتاج منخفض وعدم اعتماد مواصفات الجودة ولا سيما في قطاعي الخدمات والصناعة. ودعا نعمة الى تفعيل وتحديث قوانين الاستثمار، تأسيس لجان وطنية لمتابعة مشاريع الاستثمار، والاكثار من مناطق التجارة الحرة، وخلق مزيد من فرص التجارة والاستثمار.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00