8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

أزمة الكهرباء ستتفاقم والعجز المتوقع صيفاً 1700 ميغاوات

خانت الكهرباء جبران باسيل وزير الطاقة والمياه المستقيل ثلاث مرات، في بداية كلمته خلال عرضه وتوقيعه كتاب أعمال وزارته للعام 2010 سنة التخطيط والاستراتيجيات، في قصر المؤتمرات، انقطاع التيار الكهربائي لم يكن مقصوداً ولم يكن طارئاً، بل كان شاهداً على تلك الانجازات التي لم يسلم منها اللبنانيون، إذ إن المواطن لا يزال يدفع فاتورتين للكهرباء ومثليها للمياه وأضعافها للمشتقات النفطية، لأكثر من مرة صفّق الجمهور حين انقطع التيار الكهربائي، فرحاً بالانجازات التي لم تتحقق إلا على الورق، أم سخريةً من إنكار التقدم الذي يزعمه معالي الوزير ثلاث مرات، قبل مشهدية الإعجاز الذي تحقق على يده ويد فريقه.
المفارقة أن الوزير تحدث شعراً، بحضور نواب تكتل الإصلاح والتغيير وعلى رأسهم النائب ميشال عون، وعدد من أعضاء البلديات والمعنيين بقطاع الطاقة في لبنان، وقد استخدم معاليه أفعل التفضيل وكل مصطلحات الأنا، وهو ما يجافي الحقيقة والوقائع الميدانية، متجاهلاً بالدرجة الأولى ما تحقق على يد من سبقوه الى سدة وزارة الطاقة والمياه، رغم أنهم من مدرسة سياسية واحدة، ناسباً إليه بالدرجة الثانية أفعالاً كان قد بدأها غيره.
فحين يقول الوزير نحن رأينا فيها (أي وزارة الطاقة والمياه) منطلقاً للتغيير وتطلعنا إلى الضوء بدل العتمة وإلى الفائض بدل الناقص وإلى البنزين برتقالياً بدل أسود. حاولوا إخراجنا فدخلنا الطاقة لنحوّلها طاقات لكل اللبنانيين ومن هذه الطاقة تطلّعنا إلى كل ألوانهم لنتبصر في أفق طاقاتهم. دخلناها بمستشار واحد ومكاتب فارغة لنقصٍ في مواردها وها هم الآن يزيدون عن الأربعة والأربعين يملأونها نشاطاً وعملاً.
تقول الحقيقة شيئاً آخر، وهو أن لبنان مقبل على أزمة كهرباء حين يشتد موسم الحرّ، إذ إن الطلب يفوق قدرة المعامل بـ1700 ميغاوات وأكثر، فالانتاج اليوم لا يزيد على 1300 ميغاوات، والتقنين ما زال قائماً اليوم فكيف عندما يبدأ فصل الصيف والاصطياف، وتشير مصادر بقطاع الكهرباء الى أن شيئاً لم يتقدم على صعيد أوضاع القطاع، فالمعامل ترثي نفسها، والاستجرار مرة يكون موجوداً وفي أخرى يختفي، وشبكات النقل على حالها، أما خطة الكهرباء التي وضعت فهي تجميع لما قبلها من خطط على مدى 15 أو 10 سنوات، العبرة في التنفيذ وفي التطبيق، لأن الحلول باتت معلومة.
وبالعودة الى قائمة المحتويات التي تضمنها كتاب أعمال وزارة الطاقة والمياه 2010- سنة التخطيط والاستراتيجيات، فقد أعاد وزير الطاقة وفريق عمله نشر ورقة سياسة قطاع الكهرباء، مضافاً إليه فصل خاص بالانجازات التي تحققت على صعيد الورقة، يعرض فيه مسألة استئجار البواخر، التي لم تتحقق في الأصل فهل هذا انجاز؟، ليعرض بعدها مسألة استجرار الطاقة من تركيا ومن إيران، فأين ما تحقق وما أنجز؟، ويعرض أيضاً موضوع زيادة القدرة الانتاجية 1500 ميغاوات، فهل أصبحت الفكرة إنجازاً؟، وفي عرض الانجازات أيضاً موضوع زيادة انتاج الطاقة المائية ومزارع الرياح والانتاج من النفايات، وفي هذا الإطار يجدر التذكير بأن كل فكرة لا تطابق أو تسقط على أرض الواقع تبقى مجرد أفكار حتى تطبق، فما هو هذا الانجاز الذي أحرزته الوزارة في عهد معالي الوزير باسيل؟ أليست هذه المسائل برمتها قد طرحت قبل سنوات من عهده. وتجدر الاشارة الى ان العجز المتوقع للعام الجاري في الكهرباء 1,7 مليار دولار.
ويتطرق الكتاب للانجازات المحققة على صعيد النقل الكهربائي، ومنها موضوع خط المنصورية وقد رأينا بأم العين ما تحقق قبل شهر، حين اندلعت التظاهرات المنددة بإجراءات معاليه. أما مركز التحكم الوطني فانجاز ما تحقق ريعه يعود للانماء والاعمار أي قبل مجيء الوزير وفريق عمله ال44 مستشاراً، وفي موضوع التوزيع الذي يتطرق فيه الى مقدمي الخدمات والامتيازات وفشل المحادثات فيها، فهل هذا انجاز؟.
اللافت أن الكتاب يتطرق الى مصادر الطاقة، ومنها محطة استقبال الغاز السائل (LNG)، وخط الغاز الساحلي، وبالعودة الى أرشيف العام 1995 ستعثر الوزارة على الدراسات التي حصلت والعراقيل السياسية التي أطاحت هذا المشروع، ويقول خبير في مجال قطاع الكهرباء، إن وزارة الطاقة والمياه كانت قد وضعت في حزيران (يونيو) 1998 تقريراً تقويمياً بغية تحويل كافة معامل انتاج الطاقة الكهربائية الموجودة على الشاطئ اللبناني (بداوي، حريشة، ذوق، جية، والزهراني) على الغاز الطبيعي، بدلاً من الفيول والغاز أويل (المازوت). وقد بين التقرير الخطوات المتعددة لإنشاء المحطة البحرية للغاز الطبيعي (Regasification Terminal and Storage Tanks) . وبينت دراسة للجدوى الاقتصادية أجرتها شركة اينيل (Enel) الايطالية في كانون الأول (ديسمبر) 1997 أن الموقع الأمثل لإقامة لمحطة البحرية في منطقة البترون، كذلك خيارات مسار أنابيب الغاز الطبيعي براً وبحراً بعد تحويله من غاز سائل الى غاز طبيعي من المحطة البحرية المفترضة في منطقة البترون الى معامل الانتاج الواقعة على البحر. كذلك بين التقرير انه في العام 1997 تم استدعاء شركات أخرى لدراسة الجدوى الاقتصادية، لانشاء المحطة البحرية للغاز الطبيعي واستيراد الغاز السائل عبر البحر كذلك انشاء انابيب الغاز. ومن بين هذه الشركات بران اند روت(Brown & Root) الأميركية، بختيل (Bechtel)الأميركية، وشركة دوك انجينيرنغ اند سيرفيسز(Duke Engineering & Services) الأميركية.
وفي مسألة ترشيد الطاقة فالسؤال يمكن وضعه وبلا حرج في المصاريف التي تخرج من الخزينة لدعم القطاع، والتي باتت تشكل استنزافاً لا يتوقف عند حدود.
يتحدث الكتاب عن انجازات على صعيد تعرفة المولدات الكهربائية الخاصة، وخفضها بطريقة تفيد المواطن، فالسؤال الذي يطرح في هذا المجال، هل أصبحت هذه المولدات شرعية؟، وهل حققت وزارة الطاقة تسعيرة عادلة للمواطن؟، الجواب هو أنه رغم لا شرعية المولدات فإن التسعيرة العادلة لم تتحقق، فكيف يصح وصفها انجازاً؟، ويمكن لمعالي الوزير وفريقه أن يسأل المواطن كيف ينوء من حمل الفاتورتين الرسمية والخاصة.
أما على صعيد القطاع المائي، فقد أعاد الكتاب نشر الاستراتيجية لقطاع المياه، وخطة الصرف الصحي، وبالتالي فإن هذه الخطط برمتها موجودة في مجلس الانماء والاعمار، وهي تنفذ وفقاً لجدول زمني، ولا يمكن أن يحتسب ما أنجز في خانة منجزات وزارة الطاقة، إذ لا يزال اللبناني يشتري المياه الصالحة للشرب رغم الوفرة المائية في لبنان.
وإذ يعد إنجاز قانون الموارد البترولية من الانجازات التي تحققت خلال تولي الوزير باسيل لوزارة الطاقة، فإن القانون المذكور، كان مع بداية 2007 حين وقع لبنان، اتفاقاً مع النروج النفط من أجل التنمية في كانون الثاني (يناير) 2007، وبموجبه عمل النروجيون على وضع مسودة مشروع للتنقيب، وكذلك المراسيم واتفاقات تقاسم الانتاج.
وإذا كانت هذه الانجازات التي أتت وبحسب الكتاب، عبارة عن دراسات واستراتيجيات وتخطيط، فإن تكرار إطلاقها مرة بعد أخرى، على طريقة الأمر لي، يأتي في وقت بات فيه اللبنانيون بحاجة الى أفعال يمكن تقرشيها، لا أن تضاف الى جملة كبيرة من الدراسات، فمن المعروف أن هذه القطاعات بحاجة الى الإصلاح ولا شيء جديداً بالنسبة الى الناس، حكومات عدة حاولت إصلاحها، إلا أن كل حكومة كانت تضع خطة، وتنتهي الحكومة قبل أن تنفذ الخطة، فإصلاح القطاعات التي أوردها كتاب وزارة الطاقة يحتاج سنوات عدة، بينما معدل عمر الحكومات في لبنان هو سنة ونصف السنة، لذا يجب أن تكون هناك استمرارية في الخطة التي توضع موضع التنفيذ، وهذا أهم عامل لإصلاح القطاعات، لذلك يجب وضع خطة والسير بها الى آخر المشوار، وعليه يجب أن تيمم السياسة وجهها شطر الإصلاح الفعلي.
ومن هنا، ومن باب الإنصاف للوزير باسيل، فإن الاستراتيجية التي وضعها للقطاعات سيسير بها الى ما لا نهاية، ذلك أن كرسي وزارة الطاقة سيكون من نصيبه سواء تشكلت حكومة الرئيس المكلف نجيب ميقاتي أم أي حكومة أخرى، ذلك أنه سيكون راعياً لمؤتمر الطاقة الذي سيعقد في أيلول (سبتمبر) 2011 في فندق الحبتور، أي بعد بعد 5 أشهر من الآن بصفته وزيراً للطاقة والمياه!!.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00